طه حسيب (أبوظبي)
تحتفل «الاتحاد» اليوم بذكرى صدورها الخامسة والخمسين، وتواصل كل يوم رسالتها التوعوية، راصدةً إنجازات الوطن في المجالات كافة، لتواكب رؤى القيادة الرشيدة في التنمية والتطور والازدهار والعمل الدؤوب من أجل رفعة هذا الوطن، وترسيخ ريادته في المنطقة والعالم. صدرت «الاتحاد» في 20 أكتوبر 1969، وهي أول صحيفة عربية في دولة الإمارات العربية المتحدة، وعلى مدار 55 عاماً تؤكد حضورها بقدرتها المتواصلة على تقديم خدمة إخبارية تراعي المسؤولية المهنية، من خلال المصداقية والدقة والمسؤولية الوطنية. ونجحت «الاتحاد» في مواكبة الطفرة التقنية في منصاتها الرقمية لتعزز قدرتها على توصيل رسالة الوعي والتنوير لقرائها وجمهورها.
وفي ذكرى صدورها، دأبت «الاتحاد» على حشد المفكرين والباحثين المتخصصين وقادة الرأي، لتسليط الضوء على قضية جوهرية راهنة تهم مجتمعنا، تضعها «الاتحاد» تحت مجهر التحليل في «منتدى الاتحاد السنوي»، الذي ينطلق غداً تحت عنوان «الذكاء الاصطناعي.. قاطرة التنمية المستدامة».
«الذكاء الاصطناعي».. لماذا؟
واختار «مركز الاتحاد للأخبار» موضوع الذكاء الاصطناعي ليكون محور البحث والتحليل في النسخة التاسعة عشرة من منتدى الاتحاد، ليواكب الخطوات غير المسبوقة التي اتخذتها الإمارات في هذا المجال الواعد، خطوات شاملة تضمنت استراتيجيات ومؤسسات وهيئات تعليمية وأكاديمية ومبادرات عملية في إنتاج تطبيقات وبرامج في الذكاء الاصطناعي التوليدي تفوقت فيها على الشركات العالمية الكبرى، كما نجحت الإمارات في التعاون مع عمالقة التكنولوجيا من أجل الاستثمار في تطبيقات الذكاء الاصطناعي.
ويأتي الاهتمام بالذكاء الاصطناعي في إطار الاتجاه نحو اقتصاد المعرفة، وتنويع مصادر الدخل، وتفعيل مسارات جديدة للاستثمار في البيانات، بما يحقق التنمية المستدامة، ذلك لأن حجم سوق الذكاء الاصطناعي بلغ 65 مليار دولار في 2020، ومن المتوقع أن يصل إلى 15 تريليون دولار بحلول عام 2030.
دعم مسارات التنمية المستدامة
ويسلط المنتدى في نسخته التاسعة عشرة الضوء على الآفاق الجديدة للذكاء الاصطناعي، ودوره المنشود في دعم مسارات التنمية المستدامة، ويتطرق المنتدى في سجالاته إلى التحديات التنظيمية المرتبطة بهذا المجال الواعد.
والاهتمام بالذكاء الاصطناعي، وما يتعلق به من تقنيات متقدمة ينطلق من رؤية الإمارات للمستقبل وسعيها المتواصل للتميز في التنمية المستدامة. ويفتح المنتدى نافذة على قراءة فرص وتحديات «الذكاء الاصطناعي»، خاصة في ظل جهود الدولة، ومبادراتها في قطاع تتنامى فوائده كل يوم.
ويأتي الاهتمام بتقنيات الذكاء الاصطناعي مواكباً لجهود الإمارات في تسريع التحول الرقمي بعدما أصبحت من الدول الفاعلة والسباقة في ابتكار الحلول القائمة على التكنولوجيا، حيث تسعى الإمارات إلى زيادة نسبة مساهمة الاقتصاد الرقمي في الناتج المحلي الإجمالي إلى 20% بحلول عام 2031.
الذكاء الاصطناعي .. ريادة إماراتية
بخطوات غير مسبوقة، تحقق الإمارات ريادتها في الذكاء الاصطناعي لتحسين جودة الحياة، وتسريع التنمية المستدامة، كي تصنع المستقبل بدلاً من انتظاره، وتشارك مع العالم في صياغة واقعه الرقمي على أسس من المسؤولية الأخلاقية تضمن مستقبلاً أفضل للبشرية.
وبرؤية ثاقبة وخطوات عملية ناجزة واستثمارات كبرى مع عمالقة التكنولوجيا، رسخت الإمارات مكانتها في مجالات الذكاء الاصطناعي، كي تصبح البلد الأكثر استعداداً له في العالم، ونجحت الإمارات في ترجمة استراتيجياتها في هذا القطاع إلى خطوات عملية ومؤسسات، ما جعلها الأولى عربياً وخليجياً والـ 28 عالمياً في مؤشر الذكاء الاصطناعي العالمي.
ففي أكتوبر 2017، أطلقت الإمارات استراتيجيتها للذكاء الاصطناعي، من أجل تحقيق أهداف مئوية الإمارات 2071 بأن تكون حكومة الإمارات الأولى في العالم في استثمار الذكاء الاصطناعي بمختلف قطاعاتها الحيوية. والاعتماد عليه في الخدمات وتحليل البيانات بمعدل 100% بحلول عام 2031، وتهدف استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي إلى الارتقاء بالأداء الحكومي، وتسريع الإنجاز، وخلق بيئات عمل مبتكرة.
وتؤكد رؤية الإمارات 2031 على التنوع الاقتصادي والابتكار التكنولوجي وتنمية رأس المال البشري، وضمن هذا الإطار تهدف الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي 2031 إلى جعل الدولة رائدة عالمياً في هذا المجال بدمج الذكاء الاصطناعي في قطاعات رئيسية مثل الخدمات اللوجستية والرعاية الصحية والتصنيع. وسيلعب الذكاء الاصطناعي والروبوتات دوراً رئيسياً في تعزيز مكانة الإمارات كقائدة عالمية في الصناعات القائمة على المعرفة، مما يساهم في رؤية الدولة طويلة الأجل لتصبح مركزاً للابتكار.
وللمرة الأولى في المنطقة، تم تعيين وزير دولة للذكاء الاصطناعي، وفي عام 2018 تم تشكيل «مجلس الإمارات للذكاء الاصطناعي والبلوك تشين»، لتنطلق مرحلة جديدة، هدفها تعظيم الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في الخدمات، وتحليل البيانات والبنية التحتية المستقبلية.
وفي عام 2019، انطلقت جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، من أجل ترسيخ مكانة أبوظبي قطباً من أقطاب مجتمع الذكاء الاصطناعي الدولي.
وإيماناً بأهمية الريادة التكنولوجية في بناء اقتصاد المستقبل، أصدر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، في 22 يناير 2024، قانوناً بإنشاء مجلس الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدِّمة، ليضع خططاً وبرامج تمويلية واستثمارية وبحثية مع شركاء محليين وعالميين لتعزيز مكانة أبوظبي في مجال التكنولوجيا المتقدِّمة، وسيكون المجلس مسؤولاً عن تطوير وتنفيذ السياسات والاستراتيجيات المرتبطة بتقنيات واستثمارات وأبحاث الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدِّمة في أبوظبي.
يأتي إنشاء المجلس إيماناً بأهمية الريادة التكنولوجية في بناء اقتصاد المستقبل، كما يأتي مكمِّلاً لاستراتيجية أبوظبي الهادفة إلى جعل الإمارة مركزاً جاذباً للاستثمارات والشراكات والكفاءات المتميزة في القطاع. وسيضع المجلس خططاً وبرامج تمويلية واستثمارية وبحثية مع شركاء محليين وعالميين، لتعزيز مكانة أبوظبي في مجال الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدِّمة.
ويجسد صدور القانون بتأسيس مجلس الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدِّمة، رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وتوجيهات سموه الرشيدة بضرورة الاهتمام بقطاعات المستقبل والتكنولوجيا المتقدِّمة، وسيسهم المجلس في تعزيز سياسة التنويع الاقتصادي، بما يعزز جاهزيتها لاقتصاد ما بعد النفط.
وفي 11 مارس الماضي، أعلن مجلس الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدِّمة تأسيس شركة الاستثمار التكنولوجي «إم جي إكس»، بالتعاون مع «مبادلة» و«جي 42» كشركاء مؤسسين، وهي شركة استثمار تكنولوجي، تهدف لتمكين وتطوير وتوظيف التكنولوجيا الرائدة؛ بهدف تحسين حياة الأجيال الحالية والمستقبلية، وتسريع تطوير واعتماد الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة، من خلال الدخول في شراكات في دولة الإمارات والعالم.
وفي أبريل 2024، دشنت مجموعة 42 الإماراتية المتخصصة في تطبيقات الذكاء الاصطناعي شراكتها مع «مايكروسوفت» بشأن الاستخدام الآمن والمسؤول للتكنولوجيا. وفي سبتمبر الماضي، أسست «جي 42» و«مايكروسوفت» مركزين بأبوظبي ضمن ما وصفتاه بـ «المبادرات المسؤولة» في المجال.
وتتنوع مؤشرات ريادة الإمارات في الذكاء الاصطناعي، فبالإضافة إلى الاستراتيجيات والمبادرات، تأتي الفعاليات، ومن أحدثها وللمرة الأولى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، استضافت أبوظبي، خلال الفترة من 14 إلى 18 أكتوبر الجاري، النسخة الـ 36 من المؤتمر الدولي للروبوتات والأنظمة الذكية «آيروس 2024»، الذي نظمته جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا، تحت عنوان «روبوتات للتطوير المستدام»، وقدمت خلاله 23 ابتكاراً جديداً في مجال الروبوتات والأنظمة الذكية وتكنولوجيا الطائرات من دون طيار، ما يؤكد مكانتها مؤسسة أكاديمية سبّاقة في النهوض بمجال الأتمتة والتكنولوجيا.
الذكاء الاصطناعي والتنمية المستدامة
تحت عنوان «الذكاء الاصطناعي.. قاطرة التنمية المستدامة»، تستشرف النسخة التاسعة عشرة من «منتدى الاتحاد» دور «الذكاء الاصطناعي» في اقتصاد المعرفة. وأصبح المنتدى منصة لقادة الرأي والخبراء يعزز عبر أجندة فعالياته والقضايا التي يسلط الضوء عليها، رسالة «الاتحاد» ودورها التنويري.
وبحضور نخبة من المفكرين والكُتّاب والباحثين الإماراتيين والعرب والأجانب، يهدف المنتدى إلى تحفيز البحث والتحليل حول دور «الذكاء الاصطناعي» في تحسين جودة الحياة، وتقديم قراءة للتحديات المرتبطة بهذا القطاع الواعد، وطرح سجال حول آليات تقنينه وضبطه، ووضع الأطر التنظيمية التي تُعزّز فوائده وتقلل مخاطره.
المحاور الرئيسة
من خلال 9 أوراق عمل، وعلى مدار 3 جلسات، يناقش المنتدى محاور رئيسة، أهمها: خطوات الإمارات الريادية في الذكاء الاصطناعي، ومبادرات الإمارات في تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي، والدور المأمول من هذه التطبيقات في تحسين جودة الحياة. وتتضمن محاور المنتدى التحديات التي تواجه الذكاء الاصطناعي، خاصة في مسألة الحوكمة أملاً في ذكاء اصطناعي مسؤول يراعي الأطر القانونية، ويصبح قوة دافعة للتنمية والازدهار، بما يستوجب بنى تشريعية جديدة ومبتكرة تواكب الطفرة التقنية الهائلة. وتناقش فعاليات المنتدى الذكاء الاصطناعي كمحفز للنمو الاقتصادي.
ويخصص المنتدى حلقة نقاشية عن تأثير الذكاء الاصطناعي على الإعلام، وكيف يستفيد من الطفرة التقنية في التحقق من دقة المعلومات، ومكافحة التزييف العميق، واستثمار الوقت والجهد في محتوى إبداعي يعزز قدرة المؤسسات الإعلامية على تلبية احتياجات الجمهور.
ويطرح المشاركون رؤاهم حول دور الذكاء الاصطناعي كمحرك لتطوير التعليم وتغيير احتياجات سوق العمل، ويتساءلون حول كيفية الاستثمار في البيانات عبر تطبيقات الذكاء الاصطناعي.
عضوية «عملية هيروشيما للذكاء الاصطناعي»
في مايو الماضي، انضمت الإمارات إلى مجموعة «عملية هيروشيما للذكاء الاصطناعي»، وفي خطوة تؤكد مكانتها في عالم الذكاء الاصطناعي، لتصبح أول دولة عربية تشارك في هذه المجموعة المتخصصة في صياغة مبادئ توجيهية لمطوري الذكاء الاصطناعي التوليدي، والتي تضم: الولايات المتحدة، وكندا، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، والمملكة المتحدة والهند، وسنغافورة.
وكانت مجموعة السبع الصناعية قد دشنت هذه المجموعة في مايو 2023، لتمثِّل هذه المبادرة أول جهد دولي في العالم يهدف إلى وضع إطار شامل وقواعد دولية لحوكمة الذكاء الاصطناعي، وعضوية الإمارات في هذه المجموعة تعد شهادة تميز تؤكد حضورها الدولي في قطاع الذكاء الاصطناعي.
المشاركون
بمشاركة خبراء وباحثين في التقنيات المتقدمة، يناقش المنتدى الذكاء الاصطناعي، وتحسين جودة الحياة، ويرصد تحديات الحوكمة والأطر التشريعية القادرة على ضبط الأتمتة، وتطرح أوراق العمل تأثير الذكاء الاصطناعي على الإعلام، ودوره في تحفيز الاقتصاد، وتطوير التعليم وسوق العمل.
ويشارك في المنتدى د. محمد الكويتي، رئيس مجلس الأمن السيبراني لحكومة دولة الإمارات، ود. جواو ليما، مستشار الذكاء الاصطناعي في مجلس الأعيان البرازيلي، ود. سعيد الظاهري، مدير مركز الدراسات المستقبلية في جامعة دبي، ود. ابتسام المزروعي، رئيسة مجلس إدارة مبادرة الأمم المتحدة «الذكاء الاصطناعي من أجل التأثير الإيجابي»، مستشارة الذكاء الاصطناعي في الاتحاد الدولي للاتصالات في سويسرا، ود. جمال الصوالحي، أستاذ مساعد الهندسة الكهربائية - جامعة خليفة، والبروفسور سامي حدادين، نائب الرئيس للأبحاث، أستاذ الروبوتات بجامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، ود. أحمد الشعيبي، المدير التنفيذي لقطاع التعليم العالي في دائرة التعليم والمعرفة - أبوظبي، ود. تيج سيان أودونوفان، كبير العلماء بجامعة هيريوت وات، وسلطان الربيعي، رئيس معهد تريندز الدولي للتدريب.
ويتضمن المنتدى فعاليات جانبية، تشمل حلقة نقاشية حول الذكاء الاصطناعي، وسوق العمل الجديد، بمشاركة طلبة جامعات وشباب باحثين، وحلقة حول تأثير الذكاء الاصطناعي على الإعلام، فيما يقام على هامش المنتدى معرض لتطبيقات متنوعة لتقنيات الذكاء الاصطناعي.
منتدى الاتحاد..19 عاماً من التحليل الاستراتيجي
دأبت «الاتحاد» منذ 2006 على عقد منتدى سنوي تختار له موضوعاً محورياً، واستهلت الصحيفة أول منتدياتها بموضوع «تأثير المشروع النووي الإيراني على المنطقة»
منتدى الاتحاد الثاني (2007)
سلط الضوء على «تحديات الثقافة العربية في عصر العولمة»
منتدى الاتحاد الثالث (2008)
كان عنوانه «الدين والمجتمع في العالم العربي».
منتدى الاتحاد الرابع 2009
دارت سجالاته حول «الصحافة العربية.. الواقع والطموح».
منتدى الاتحاد الخامس (2010)
جاءت فعاليته تحت عنوان «العرب ودول الجوار».
منتدى الاتحاد السادس (2011)
قدم قراءة لمتغيرات حادة في المنطقة وجاء تحت عنوان «العالم العربي..إلى أين؟».
منتدى الاتحاد السابع (2012)
ناقش المشاركون فيه «المشهد العربي ومسارات التحول».
منتدى الاتحاد الثامن (2013)
حللت جلساته «مستقبل الدولة الوطنية في العالم العربي»
منتدى الاتحاد التاسع (2014)
«الإرهاب من جديد.. آليات المواجهة».
منتدى الاتحاد العاشر (2015)
«اليمن: الانقلاب الحوثي والرد الخليجي».
منتدى الاتحاد الحادي عشر (2016)
وخصص فعالياته لموضوع: «العرب بعد مائة عام على سايكس بيكو».
منتدى الاتحاد الثاني عشر (2017)،
وسلط الضوء على «مجلس التعاون الخليجي.. ومكافحة الإرهاب».
منتدى الاتحاد الثالث عشر (2018)
«صورة الإمارات في الإعلام».
منتدى الاتحاد الرابع عشر (2019)
جاء تحت عنوان «الأخوّة الإنسانية.. رؤية الإمارات لعالم متسامح»
منتدى الاتحاد الخامس عشر (2020)
«الإمارات.. رسالة سلام».
منتدى الاتحاد السادس عشر (2021)
جاء تحت عنوان «التنمية الاقتصادية.. قاطرة الاستقرار والإسهام الحضاري».
منتدى الاتحاد السابع عشر (2022)
سلط الضوء على «الإمارات.. واقتصاد المعرفة».
منتدى الاتحاد الثامن عشر (2023)
خصص فعالياته لمؤتمر المناخ: «كوب 28.. رسالة الإمارات لإنقاذ الكوكب».