آمنة الكتبي (دبي)
سطرت دولة الإمارات العربية المتحدة في 25 سبتمبر 2019 فصلاً جديداً في تاريخ استكشاف الفضاء، حينما أصبح هزاع المنصوري أول رائد فضاء إماراتي وعربي يصل إلى محطة الفضاء الدولية، حيث مثلت هذه الرحلة إنجازاً بارزاً ليس فقط للإمارات ولكن للعالم العربي أجمع، وبعد مرور خمس سنوات على هذا الحدث التاريخي، تتطلع الإمارات لمستقبل أكثر إشراقاً في مجال الفضاء، حيث أسست هذا النجاح كحجر أساس لبرنامجها الطموح لاستكشاف الفضاء.
رحلة المنصوري
انطلقت مركبة «سويوز إم إس-15» من قاعدة بايكونور الفضائية في كازاخستان، حاملةً هزاع المنصوري مع فريق دولي من رواد الفضاء إلى محطة الفضاء الدولية، حيث لم تكن هذه الرحلة مجرد حدث، بل كانت جزءاً من جهود الإمارات لإثبات قدرتها على المشاركة في الإنجازات العلمية الكبرى.
شارك المنصوري، خلال وجوده في محطة الفضاء الدولية، في تنفيذ تجارب علمية متنوعة تركزت على تأثيرات بيئة الجاذبية الصغرى على جسم الإنسان، كما قدم تقارير علمية هامة، بالإضافة إلى مشاركته في التواصل المباشر مع الطلاب العرب لتوعيتهم بأهمية علوم الفضاء.
أهمية الإنجاز
تُعد رحلة هزاع المنصوري إلى محطة الفضاء الدولية نقطة تحول مهمة في مسيرة الإمارات العلمية والتكنولوجية، فقد أدت هذه الرحلة إلى تعزيز مكانة الإمارات على الخريطة الدولية كدولة تمتلك رؤية طموحة لاستكشاف الفضاء، كما مثلت الرحلة منصة لتعريف المجتمع العربي بالشؤون الفضائية وتعزيز الوعي العلمي لدى الشباب.
16 تجربة علمية
خلال مهمته التي استغرقت 8 أيام على متن محطة الفضاء الدولية، شارك هزاع المنصوري في أكثر من 16 تجربة علمية بالتعاون مع وكالات الفضاء العالمية، مثل «ناسا»، و«روسكوزموس»، و«وكالة الفضاء الأوروبية»، وركزت التجارب على دراسة تأثير بيئة الفضاء على جسم الإنسان، بما في ذلك التغيرات في الجهاز العصبي والقلب والأوعية الدموية. وكان لهذه التجارب أهمية كبيرة في تعزيز المعرفة البشرية حول تأثيرات العيش في بيئة فضائية على المدى الطويل، وتُعد هذه المعلومات حيوية لأي خطط مستقبلية تتعلق بالسفر إلى الكواكب الأخرى، كما تضمنت المهمة تجارب من مدارس دولة الإمارات، ضمن مبادرة العلوم في الفضاء، التي أطلقها مركز محمد بن راشد للفضاء، حيث شاركت في إجرائها على الأرض حوالي 16 مدرسة من الدولة بوجود رائد الفضاء الإماراتي هزاع المنصوري في المرحلة الأولى، وقد أجراها خلال فترة المهمة في بيئة منعدمة الجاذبية تقريباً على متن المحطة.
جلسات تواصل
أجرى المنصوري جلسات تواصل عدة عبر الفيديو وموجات اللاسلكي، حيث شارك في الجلسات عدد كبير من طلاب المدارس من مختلف إمارات الدولة. وكانت الجلسات فرصة للمشاركين لطرح العديد من الأسئلة المتنوعة التي أجاب عنها هزاع حول الحياة على متن محطة الفضاء الدولية، وفي إنجاز غير مسبوق، سجل رائد الفضاء الإماراتي، هزاع المنصوري، أول جولة تعريفية مصورة باللغة العربية لمحطة الفضاء الدولية، حيث شرح مكونات المحطة والأجهزة والمعدات الموجودة على متنها، إضافة إلى نبذة عن حياة رواد الفضاء اليومية على متن المحطة.
التأثير على الشباب
أحدثت رحلة المنصوري تأثيراً كبيراً على الشباب الإماراتي والعربي، فقد أصبح رمزاً للأمل والإلهام للكثيرين، خاصة في مجال العلوم والتكنولوجيا، كما شارك المنصوري في العديد من الفعاليات التعليمية والمحاضرات بعد عودته إلى الأرض، مؤكداً أهمية السعي وراء الطموحات والعمل الجاد لتحقيق الأهداف.
فيديوهات قصيرة
سجل «المنصوري» فيديوهات قصيرة عدة توثق الحياة على متن محطة الفضاء الدولية ومكوناتها، إضافة إلى الأنشطة التي يقوم بها رواد الفضاء، وتسجيل يومياته لمدة 15 دقيقة كل يوم، وأطلع رائد الفضاء الإماراتي زملاءه من رواد الفضاء الموجودين على متن المحطة على أبرز العادات والتقاليد الإماراتية، وقدم لهم 3 أطباق إماراتية، وقد تولت شركة «مختبر أطعمة الفضاء» الروسية تجهيز هذه الأكلات للفضاء، حيث يتم تحضير الأطعمة المخصصة لرواد الفضاء وفق متطلبات محددة لتوفير التغذية المتوازنة، وفي الوقت نفسه ضمان سهولة حملها وتخزينها واستخدامها في بيئة منعدمة الجاذبية تقريباً. وقرأ هزاع المنصوري قصتين للأطفال بعنوان «أمل وخليفة»، حيث يُعد أول رائد فضاء عربي يسجل قصصاً للأطفال على متن محطة الفضاء الدولية، في خطوة من شأنها إثارةُ شغف الأجيال الجديدة وإعطاؤهم الحافز على التميز المعرفي وإطلاعهم على مجال لم يعهدوه من قبل، والذي يعد من أهم المجالات التي تركز عليها دولة الإمارات في سعيها نحو المستقبل. وأرسل المنصوري عدداً من مقاطع الفيديو والصور، التي التقطها لكوكب الأرض، إضافة إلى صور التقطها للإمارات من الفضاء، وأظهرت الصور التي استقبلها فريق المحطة الأرضية في مركز محمد بن راشد للفضاء في دبي، عدداً من الدول العربية في شمال أفريقيا، ومصر، والمملكة العربية السعودية بما في ذلك مكة المكرمة.
تواصل يومي
خلال وجوده على متن محطة الفضاء الدولية، كان «المنصوري»، يتواصل مرتين يومياً مع المحطة الأرضية في مركز محمد بن راشد للفضاء في دبي، لمناقشة جدوله اليومي والمهام المكلف بها على متن محطة الفضاء الدولية. وتندرج مهمة أول رائد فضاء إماراتي إلى محطة الفضاء الدولية ضمن برنامج «الإمارات لرواد الفضاء» الذي يشرف عليه مركز محمد بن راشد للفضاء، ويُعد أول برنامج متكامل في المنطقة العربية يعمل على إعداد كوادر وطنية تشارك في رحلات الفضاء المأهولة للقيام بمهام علمية مختلفة، تصبح جزءاً من الأبحاث التي يقوم بها المجتمع العلمي الدولي من أجل ابتكار حلول للعديد من التحديات التي بدورها تساعد في تحسين حياة البشر على سطح الأرض.