حوار: حمد الكعبي
أكد صاحب السمو الشيخ حمد بن محمد الشرقي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الفجيرة، أن كل ما حققته وتحققه دولة الإمارات من تنمية شاملة كان ولا يزال انعكاساً لفكر المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه.
وشدد سموه على أن الأيام لن تزيد الإمارات والإماراتيين إلا اعتزازاً بهذا الفكر الذي سيظل شاهداً على كونه قائداً استثنائياً، كانت له نظرته المتعمقة والدقيقة في فلسفته في الحياة، وفي الحكم.
وفي حوار شامل، بمناسبة الذكرى الخمسين لتوليه حكم إمارة الفجيرة، قال صاحب السمو الشيخ حمد بن محمد الشرقي: «إن حاضر ومستقبل وشعب الإمارات في أيدٍ أمينة، في ظل قيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله».
ونوه في هذا الصدد إلى أن المتابع لخطى صاحب السمو رئيس الدولة، يدرك مدى عمق رؤيته وإصراره على العمل لاستكمال مجد الإمارات الذي أرساه الآباء المؤسسون، ويدرك أيضاً نظرة سموه العميقة والمعاصرة لقضايا المنطقة والعالم.
وألقى سموه الضوء على محطات في مسيرته الوطنية، منوهاً بأنه أول وزير للزراعة في الإمارات، وذكر في هذا الصدد أن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، نموذج مغاير لرؤساء الحكومات في العالم، ويلهم فريق عمله بأفكار ابتكارية متفردة، ما جعلنا نستطيع الجزم بأن لدينا حكومة سباقة ومؤهلة، تزخر بالكفاءات.
وأعرب عن ثقة سموه في أن أبناء الوطن، وبما يملكونه من مهارات وكفاءات وحرص وإرادة واعية لمتطلبات المستقبل وإصرارهم، قادرون على تحقيق الريادة والمكانة لوطنهم على خريطة الاقتصاد العالمي. ولفت سموه إلى أن الوحدة الوطنية والاستقرار هما ركيزتان راسختان تنطلق منهما الإمارات وترتكز عليهما جهود التنمية، وهو ما جعل من بلادنا بيئة خصبة للحراك الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والإنساني المستمر دون توقف أو تراجع.
وعن إمارة الفجيرة، قال سموه إن المشاريع الاستثمارية الضخمة التي تم تنفيذها في الإمارة، وتلك التي يجري تنفيذها حالياً، تشكل جزءاً رئيسياً من استراتيجية الدولة الهادفة إلى إنجاز شيء جديد كل يوم، ولا يزال أمامنا الكثير من العمل للإمارة وأهلها؛ لأن طموحاتنا كبيرة، وأهلنا يستحقون المزيد.
جمعتكم علاقة طيبة بالمغفور له الشيخ زايد، طيب الله ثراه.. كيف تصفون لنا المؤسس في بضعة سطور؟
من الصعب جداً أن تفي العبارات بحقّ قيمة وقامة مثل الشيخ زايد، طيب الله ثراه .. فهو يعني بالنسبة لي كل المعاني الجليلة والغالية. يعني الفكر والقلب والوجدان، عبق المحبة الراسخة.. كل اللحظات التاريخية المحفورة في الذاكرة.. لقد كان الرمز الشامخ، والحكمة، والبناء، وحب الناس.. لقد كان الصبر والحلم والصراحة والثقة بالله ثم بالنفس.. لقد كان الوفاء للوطن وأهله، والعمل لأجله.. وسيبقى روحاً خالدة في ذاكرة ووجدان الوطن، والقدوة والنموذج الخالد للقيادة الحكيمة والقيم النبيلة التي رسمت للدولة خريطة طريق تهتدي بها الأجيال، ولن تزيدنا الأيام إلا اعتزازاً بمواقفه ومبادراته التي ستظل شاهدة على كونه قائداً استثنائياً، كانت له نظرته المتعمقة والدقيقة في فلسفته في الحياة وفي الحكم. إن كل ما حققته وتحققه الإمارات من تنمية شاملة كان ولا يزال انعكاساً لفكر المغفور له الشيخ زايد وإصراره على النهوض والتمكين، والسير على طريق الازدهار والنماء.
ولذلك، فإنني أدعو من خلالكم أبناء الوطن جميعاً إلى مواصلة السير على نهجه، والعمل وفق حكمته ورؤاه، والتمسك بقيمه، وفي مقدِّمتها العزيمة والإرادة والانتماء للوطن، والولاء لقيادته. والحمد لله، الإمارات اليوم بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، تمضي على العهد، بينما إرث زايد بصمة إنسانية وتنموية تتناقلها الأجيال على مر العصور.
يشهد القاصي والداني بأن الآباء المؤسسين وضعوا القواعد القويّة لدولة أبهرت العالم بما حقّقته من نهضة حضارية شاملة، أصبحت اليوم في مصاف أرقى البلدان في العالم، من وجهة نظر سموكم.. كيف استطاعوا أن يضعوا الإمارات على طريق المستقبل؟
تعلمنا من التاريخ أنّ الحضارات لا تبنى إلا بأيدي رجال عظماء.. ولقد كان المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وإخوانه المؤسسون، رحمهم الله، أكبر مثال على ذلك؛ لأنهم كانوا عظماء في طموحاتهم، وفي عزمهم.. عظماء في همتهم. ولذلك، استطاعوا أن يضعوا الأسس القوية لدولة الاتحاد بكل مرتكزاتها الصلبة، ودشنوا أسرع مسيرة تنموية شهدها العالم، ونموذجاً وحدوياً ناجحاً بكل المقاييس. أما كيف استطاعوا أن يفعلوا ذلك؟ فأقول: بالروح الواحدة، والرؤية الواضحة، وصدق القصد، والعمل الجاد. لأنه إذا خلصت النية وتوحّد القصد يكون الإنجاز، ولذلك فإنه ليس من قبيل المبالغة أن نؤكد أن الآباء المؤسسين صنعوا تاريخاً جديداً في المنطقة، وغيّروا كثيراً من المفاهيم بإرادتهم الصلبة وإخلاصهم ورغبتهم الحقيقية في صنع دولة صارت الآن نموذجاً ملهماً للعديد من الدول. وهنا.. دعني أستذكر ما قاله الشيخ زايد: «الثروة الحقيقية ليست في الإمكانات المادية، بل في الرجال الذين يصنعون مستقبل أمتهم».
كيف ترون مستقبل الإمارات في ظل قيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان؟
في ظل قيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، فإن حاضر ومستقبل الإمارات وشعبها في أيدٍ أمينة.. فهو أشبه الناس بالشيخ زايد.. تربى في مدرسته ونهل من معينه، وهو اليوم يسير على نهجه، ليمضي بنا في مسيرة النجاح والإنجاز والازدهار وتعزيز مكانتنا ودفع مسيرتنا.
ولعلّ المتابع لخطى سموه، يدرك مدى عمق رؤيته وإصراره على العمل لاستكمال مجد الإمارات الذي أرساه الآباء المؤسسون، ويدرك أيضاً نظرة سموه العميقة والمعاصرة لقضايا المنطقة والعالم. ودعني أؤكد أنه في ظل القيادة الحكيمة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، فإن تطلعات دولة الإمارات للمستقبل بلا حدود، بينما طموحاتها لا سقف لها، كما أن السعي لتحقيق المزيد لن يتوقف.. وما يجعلنا واثقين من ذلك، هو أن سموه يطمح دائماً لأن تكون الإمارات دائماً في المقدمة.
أطلقت دولة الإمارات، خلال السنوات الماضية، العديد من الاستراتيجيات والخطط المستقبلية التي استهدفت الارتقاء بالقدرات الوطنية، لاسيما تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي والثورة الصناعية الرابعة والفضاء.. كما تضرب «مشاريع الخمسين»، للإمارات موعداً جديداً مع تحولات تنموية كبرى في القطاعات الحيوية كافة.. كيف ترون ذلك؟
لا شك في أن الإمارات تتخذ من إرث المؤسسين ورصيدها من الإنجازات والتجربة والخبرة والإصرار والعزيمة منطلقاً للمزيد نحو تبني رؤية متجددة للمستقبل تعزز مسيرتها التنموية في الخمسين المقبلة.. ومن هنا جاءت مشاريع الخمسين.. لأن بلادنا تريد الوصول بالتنمية الاجتماعية إلى أقصى درجاتها، وترسيخ مكانتها مركزاً للاقتصاد الحيوي الأسرع نمواً والأكثر استدامة.
اليوم.. الأولوية الكبرى للإمارات هي الاقتصاد المتنوع والمتين والمستدام الذي لا يعتمد على موارد تقليدية والذي يفتح آفاقاً واعدة تساهم في تعزيز وترسيخ مقوماتها وقدراتها ورؤيتها للتنمية في المستقبل، ويلبي طموحاتها في تبوّء المراكز المتقدمة حضارياً واقتصادياً.
وأرى أن «مشاريع الخمسين»، تعني وباختصار شديد أن الإمارات توظف إمكاناتها وقدراتها وبلورت رؤية اقتصادية شاملة تخدم التنمية وتؤمِّن حياة كريمة لأجيالها القادمة.
وكلنا ثقة بأن أبناء الوطن وبما يملكونه من مهارات وكفاءات وحرص وإرادة واعية لمتطلبات المستقبل وإصرارهم، قادرون على تحقيق الريادة والمكانة لوطنهم على خريطة الاقتصاد العالمي.
ربما لا يعرف البعض من أبناء هذا الجيل، أنكم أول وزير للزراعة في الإمارات.. والسؤال: حدثونا عن العمل الحكومي من وجهة نظركم؟ وكيف ترون منظومة العمل الحكومي في الإمارات؟
نعم، كنت أول وزير للزراعة والمياه في أول تشكيل لحكومة الإمارات، وشاهدت نماذج كثيرة لحكومات كثيرة في العالم.. ومن واقع تجربتي في العمل الحكومي، ومن واقع متابعتي الشخصية لأداء حكومتنا الرشيدة.. أستطيع القول إن العامل الحقيقي لتقدم الدول يكمن في الإدارة الجيدة لمقدّراتها، والانتقال من ميدان الأفكار إلى ميادين العمل ومن ثم الإنجاز.
وهنا، أود الإشارة إلى أن المولى عز وجلّ حبَانا بشخص استثنائي من طراز رفيع، هو صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، الذي لديه اعتقاد جازم بأن منظومة العمل الحكومي لا بد أن تبقى الأسرع والأكثر مرونة وقدرة على التكيف مع متغيرات المستقبل. ويستطيع أي شخص أن يلمس ذلك في شخصيته، ويشعر بأنه نموذج مغاير يؤمن بأن أيّ حلم قابل للتحقيق وألا شيء مستحيل، الأمر الذي جعله يلهم فريق عمله بأفكار ابتكارية متفردة. فنحن اليوم، والحمد لله، نستطيع الجزم بأن لدينا حكومة سباقة ومؤهلة، تزخر بالكفاءات المؤهلة التي تقود مسيرة التطوير، وتواصل البناء والتطوير، وصياغة استراتيجيات ذكية ومرنة تتماشى مع المعطيات والمتغيرات لكل مرحلة، على اختلاف طبيعتها وخصائصها.
إلى أي مدى ترون دور الإنسان الإماراتي في تحقيق أهداف الدولة حتى تصل إلى مئويتها الأولى؟
كما ذكرت لكم، فإن قيادتنا دائماً ما تطمح إلى المركز الأول، وهي تسعى إلى هذا الهدف وفق خطط منضبطة مدروسة ورؤى ثاقبة استشرافية استفادت من الماضي، وترتكز على الحاضر وتطمح إلى المستقبل.
أما الإنسان الإماراتي، فهو أغلى ما في الإمارات، وهو مصدر قوتها، ولقد كان ولا يزال غاية الدولة وقيادتها الرشيدة ومحور خططها الاقتصادية والتنموية، منذ تأسيس دولة الاتحاد، وهو النهج الذي تسير عليه بلادنا.
شهد عدد من الدول خلال الأعوام الماضية حالات ازدهار اقتصادي وتنموي، تلتها حالة أفول؛ الأمر الذي لم يحدث مع اقتصاد الإمارات عامة، برأي سموكم.. ما الذي منحنا القدرة على مواصلة النمو دون توقف؟
برأيي.. فإن قدرتنا الدائمة على مواصلة النمو نابعة من إيماننا بذاتنا وثقتنا في قدراتنا.. وذلك مردّه إلى أن لدينا قيادة رشيدة قادرة على التخطيط والإنجاز ضمن خطط شاملة، ووفق رؤى تستشرف المستقبل وتسعى لوضع بلادنا في مقدمة الأمم.
كما أن لدينا حكومة سباقة ومؤهلة، وتزخر بالكفاءات المؤهلة التي تقود مسيرة التطوير وتواصل البناء والتطوير وصياغة استراتيجيات ذكية ومرنة تتماشى مع المعطيات والمتغيرات لكل مرحلة على اختلاف طبيعتها وخصائصها.
كما أن وحدتنا الوطنية واستقرارنا، ركيزة راسخة تنطلق منها، وترتكز عليها جهود التنمية المستدامة في شتى المجالات، فقد ضربنا المثل في إعلاء قيم العدالة والمواطنة وحكم القانون وتدعيم أركان دولة المؤسسات التي ينعم فيها المواطن والمقيم بالأمن والأمان، وتتحقق فيها للجميع أجواء الطمأنينة وصون الحقوق في ظل حكم وسيادة القانون.. ومن هنا، فإن بلادنا بيئة خصبة للحراك الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والإنساني المستمر دون توقف أو تراجع.
شهدت إمارة الفجيرة، بفضل قيادتكم، قفزات تطويرية كبرى.. حدثونا عن ذلك، وعن رؤيتكم لمستقبل الإمارة؟
لا شك في أن المشاريع الاستثمارية الضخمة التي تم تنفيذها في الإمارة، وتلك التي يجري تنفيذها حالياً، تشكل جزءاً رئيسياً من استراتيجية الدولة الهادفة إلى إنجاز شيء جديد كل يوم، ولا يزال
أمامنا الكثير من العمل للفجيرة وأهلها، لأن طموحاتنا كبيرة، وأهلنا يستحقون المزيد. الإمارة خطت خطوات تنموية واجتماعية واقتصادية متسارعة خلال السنوات الماضية، وهي تتجه نحو ترسيخ كل هذه الخطوات، بينما المواطن كان ولا يزال أولوية، والأساس في تحويل الطموحات إلى واقع.
يتابع العالم تعاظم دور الفجيرة على صعيد المشروعات الحيوية والاستراتيجية وتعزيز مكانتها الاقتصادية، ومكانتها على خريطة الطاقة الإقليمية والدولية وتجارة النفط العالمية.. ما تعليقكم على ذلك؟
لا شك في أن إمارة الفجيرة تحظى بتاريخٍ حضاريّ عميق، وثروات طبيعية متنوعة، وموقع جغرافي مميّز، جعلها نقطة ربط بين الشرق والغرب في مجال الصناعات البترولية وأسواق الطاقة العالمية، فيما حرصت الدولة على الاستفادة من ذلك كله، وسخرت كل ما يلزم لتعزيز هذه المكانة.
والآن، ولله الحمد، الإمارة مركز عالمي لنقل وتخزين وتداول وتزويد وتصدير النفط ومشتقاته، ومركز عالمي للصناعات اللوجستية النفطية بامتياز، كما لا ننسى الوجود اللافت لأهم وكبريات شركات النفط والغاز والتعدين والخدمات اللوجستية في ميناء الفجيرة وهيئة المنطقة الحرة.
ونحن حريصون على المساهمة الفاعلة في مجال المنافذ البحرية عالمياً، بالإضافة إلى لعب دور قوي في دعم اقتصاد الدولة.
كيف تقضي يومكم في ديوان الحاكم؟ وهل تجد متسعاً من الوقت للأنجال والأحفاد؟
كالعادة، يومي يبدأ مبكراً، أطالع التقارير اليومية التي تردني من رؤساء الدوائر المحلية، وأتابع بنفسي شؤون الوطن والمواطنين.
أما الأولاد والأحفاد، فهم رغم كل المشاغل، فعادة ما ألتقيهم في الفترة المسائية.. أحاول أن أكون قريباً منهم.
كما أن أفكار الأحفاد تقربني أيضاً من التعرُّف على طموحات أبناء جيلهم وطموحاتهم.. لأني أرى المستقبل المشرق في عيونهم.