الجمعة 22 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

«هندسة  الأوامر».. ثنائية الإبداع بين الإنسان و«تشات جي بي تي»

«هندسة  الأوامر».. ثنائية الإبداع بين الإنسان و«تشات جي بي تي»
18 أغسطس 2024 01:20

دينا جوني (دبي) 
لم تعد البرمجة لغة العارفين بأدوات الذكاء الاصطناعي وعلوم الكومبيوتر فقط، فمع انتشار تطبيق «تشات جي بي تي» وغيره من البرامج، ظهرت لغة برمجية جديدة بمتناول جميع أفراد المجتمع على تنوّع أعمارهم وخلفياتهم التعليمية والمهارية هي «هندسة الأوامر».
من خلالها يمكن للمستخدم أن يصدر أمراً مكتوباً في أي قطاع علمي أو أدبي أو فني أو تاريخي، لـ«تشات جي بي تي» أو أي برنامج ذكاء اصطناعي آخر مفتوح المصدر، فيجد الجواب أو الخلاصة المقترحة أمامه خلال ثوانٍ.
خبراء الذكاء الاصطناعي أكدوا لـ «الاتحاد» أن المستقبل للأفراد الضليعين في «هندسة الأوامر» الذي سيصبح مهارة لها تقنياتها وفنونها، والتي كلما كانت أكثر جودة ودقة، كلما كان المُخرج من الذكاء الاصطناعي أكثر إبداعاً، معتبرين في الوقت نفسه أن العملية الإبداعية التي كان محورها الإنسان في السابق، أصبح اليوم مساعداً وشريكاً للذكاء الاصطناعي في إنتاجها. 
وقال عبد الرحمن المحمود من مكتب الذكاء الاصطناعي في دبي، إن الاستخدام السطحي لأدوات الذكاء الاصطناعي اليوم يعدّ أمراً سهلاً مع تنوع البرامج المتطورة، لكن التميّز يكمن في كيفية استخدام لغة الذكاء الاصطناعي بطريقة إبداعية تغيّر تماماً في جودة النتائج المرجوة في مختلف المهن والقطاعات والأعمال.
وأكد أن ما يتبيّن لنا بوضوح اليوم، أن التطبيق الذكي الذي كان يستهلك من المبرمج على سبيل المثال حوالي ستة شهور لبنائه وتشغيله، أصبح بالإمكان اليوم إنجازه في عشر دقائق مدعماً بصور ورسوم بيانية جميلة. 
ولفت  إلى أن الإلمام بالتكنولوجيا والتقنيات الحديثة يساعد في الاستخدام المتقدّم للذكاء الاصطناعي، إلا أن تمتع المستخدم بالإبداع والتفكير النقدي يحدث فارقاً كبيراً في كيفية تجاوب الذكاء الاصطناعي مع الطلب لتقديم مُخرج مميز. 
مخرجات أفضل
وقال المحمود: إن الذكاء الاصطناعي يقدّم أحياناً نتائج لا تلبي ما يتطلع إليه الفرد، وهنا تكمن المهارة في إعادة تحوير الأوامر وتوجيه الذكاء الاصطناعي لتقديم مخرجات أفضل.
وأشار إلى أن التحدي الدولي للذكاء الاصطناعي الذي أطلقته دبي قبل أيام هو توجه استباقي لما سيؤول إليه استخدام التكنولوجيا في المنزل والعمل والحياة اليومية في المستقبل، متوقعاً أن الإنسان سيعمل جنباً إلى جنب مع الذكاء الاصطناعي، ولفت إلى أن من نقاط قوة هذا «التحدي» جمع كل الأطراف من قطاعات التكنولوجيا والإبداع في مكان واحد لإظهار ما سينتج عن هذا التعاون بين الإنسان والآلة. 
ودعا المحمود إلى ضرورة تعلّم المفاهيم الأساسية للذكاء الاصطناعي وكيفية فهمه وتفسيره للمدخلات بما يتناسب مع النتيجة المقصودة، مؤكداً أنها تساهم في تسهيل وتسريع عملية الإبداع. 
الإصدار الأخير
من جانبه، قال سعيد خرباش المدير التنفيذي لقطاع الفنون والآداب في هيئة دبي للثقافة والفنون، إنه في الماضي كان الإنسان هو محور العملية الإبداعية والمنتج الوحيد لها، أما اليوم ومع تعلّم الآلة أصبح الإنسان مساعداً على عملية الإبداع ومشاركاً فاعلاً فيه.
ولفت إلي أن استخدام الإصدار الأخير من «تشات جي بي تي» يساعد في تطوير موهبة الأفراد وإبرازها، من خلال «هندسة الأوامر» التي أصبحت لغة برمجية قائمة بحدّ ذاتها وبمتناول الجميع. 
وأشار أن قوة المخرج أو المنتج من كتابة وصور ولوحات فنية تدل على قوة المدخل أي الأمر المكتوب ودقته، وبالتالي عدم السماح للآلة بالتذبذب في إعطاء النتائج الدقيقة المقصودة.
وأشار إلى أن المُخرج في جميع القطاعات الفنية والمهنية والتعليمية سيكون نمطياً ما لم يكن المدخل مختلفاً ومبتكراً ودقيقاً. وأشار أن العمل بين الإنسان والذكاء الاصطناعي عبر إعطاء الأوامر وتلقّي النتيجة ومن ثم البناء عليها لبناء أمر مطور إلى حين الوصول للنتيجة المرغوبة والمقصودة بالنسبة للمستخدم، هي أشبه بلعبة ثنائية إبداعية مستمرة. 

اليد العاملة
بدوره، قال سعيد الفلاسي من مكتب الذكاء الاصطناعي في دبي، إن الذكاء الاصطناعي لا يستبدل اليد العاملة، لكن الأفراد الخبيرين في هندسة الأوامر هي التي ستحل مكان العاملين في قطاعات مختلفة غير الضليعين بلغات الذكاء الاصطناعي. 
وقال: إن «هندسة الأوامر» هي مهارة جديدة لا بد من تعلّمها وتطويرها في المدارس والجامعات، وهي لغة التواصل مع الذكاء الاصطناعي وليست مجرد مهارة ثانوية. 
وأشار إلى  أن مكتب الذكاء الاصطناعي في العام الدراسي المقبل سينظم أسبوعاً لرفع الوعي بأهمية «هندسة الأوامر» والمنصات والتطبيقات الخاصة بالذكاء الاصطناعي في المدارس والجامعات. 
كما يعمل المكتب مع بعض حاضنات الأعمال للشركات المحلية لتقويتها في مجال الذكاء الاصطناعي. وأشار إلى أن «هندسة الأوامر» مهمة لتعزيز المهارات التي يمتلكها الفرد سواء في الفن أو الكتابة أو أي موهبة أخرى.

المناهج الدراسية
واقترح محمد البلوشي الذي شارك في التحدي الدولي للذكاء الاصطناعي إدخال «هندسة الأوامر» ضمن المناهج الدراسية وتعليم الطلبة أكثر الطرق إبداعاً في صياغة الأوامر للذكاء الاصطناعي و«تشات جي بي تي». وقال إنه أنجز قصة للأطفال باستخدام الذكاء الاصطناعي، إلا أن التحدي الذي واجهه في إصدار الصور والرسومات المرافقة للقصة، هي التي عرّفته على المهارات المطلوبة في استخدام «تشات جي بي تي»، والتي تمكّن من خلالها تقديم قصته إلى إحدى دور النشر. 

لغات البرمجة
أما ماجد المزروعي الذي درس الرياضيات وعلوم الكومبيوتر في أوريغون في الولايات المتحدة الأميركية، فقال إن لغات البرمجة أصبحت متاحة للجميع من خلال «هندسة الأوامر»، داعياً إلى ضرورة إعداد الطلبة المواطنين وتمكينهم من هندسة الأوامر. واعتبر أن مدرسة 42 في أبوظبي نموذجاً مشرّفاً وناجحاً جداً في هذا المجال. 
وقال: إن وزارة التربية والتعليم طرحت قبل سنوات منهج الذكاء الاصطناعي في المدارس الحكومية، والذي ساهم بشكل كبير في إعداد الطلبة للمستقبل، داعياً إلى ضرورة التخفيف من الوقت الذي يقضونه أمام الألعاب الإلكترونية واستكشاف بدلاً من ذلك تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي. 
واعتبر أن «تشات جي بي تي» اختصر لغات البرمجة وجعلها في متناول الجميع من خلال إعطاء الأوامر للآلة، مشيراً إلى أهمية التركيز على مسابقات البرمجة والذكاء الاصطناعي للطلبة في مختلف الأعمار. وأمل أن تنشئ دولة الإمارات منصة دائمة للتنافس في مجال «هندسة الأوامر» بمشاركة متقدمين من مختلف دول العالم.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©