الإثنين 9 سبتمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

إهمال الآباء يضع أطفالاً على «مشارف الموت»

إهمال الآباء يضع أطفالاً على «مشارف الموت»
5 أغسطس 2024 01:07

سعيد أحمد وهدى الطنيجي (أبوظبي) 
حذر خبراء ومسؤولون  من خطورة ترك الأطفال بمفردهم داخل المركبة، مما يعرض حياتهم للخطر، خصوصاً في فترة الصيف، التي تشهد ارتفاعاً في درجات الحرارة، حيث ينقص الأكسجين لديهم ويؤدي إلى اختناقهم ووفاتهم على الفور. كما حذروا أولياء أمور الطلبة من خطورة التعاقد مع سائقين «غير مرخص» لهم بنقل الأبناء من وإلى المدارس، لما ينطوي عليه ذلك من مخاطر جسيمة على حياة أبنائهم، نظراً لجهلهم بإجراءات السلامة التي تفرضها السلطات المختصة، وهو ما يعرض سلامة أبنائهم للخطر.
وجاءت حادثة وفاة طفل آسيوي يبلغ من العمر 7 سنوات في مركبة بالشارقة الثلاثاء الماضي، لتفتح الباب أمام أولياء الأمور لإعادة النظر في اختيار والتعاقد مع سائقين مرخصين ومؤهلين من الجهات المختصة، أو نقلهم في الحافلات المدرسية الآمنة، مع ضرورة مراقبة الأبناء أثناء ذهابهم وعودتهم من المدرسة، وعدم تركهم بمفردهم في المركبة.
وتبين من خلال التحقيق في الحادثة، أن أحد أولياء الأمور من الجنسية الآسيوية تعاقد مع إحدى السائقات لنقل أبنائه إلى المدرسة، وعند وصولهم، نزل الجميع باستثناء طفل يبلغ من العمر 7 سنوات، حيث أوقفت السائقة المركبة بجوار المدرسة وأوصدتها من دون التأكد من خلوها، وذهبت مع زوجها، وعند موعد خروج الطلبة وجدت الطفل قد فارق الحياة داخل المركبة.
ويلجأ بعض أولياء الأمور إلى التعاقد مع سائقين من جنسيات مختلفة غير مرخصين، لفترة مؤقتة، لنقل أبنائهم من وإلى المدارس، بحجة إنهم الأرخص في أسعار النقل، خصوصاً إن عدداً من المدارس تفرض رسوماً كبيرة على المواصلات، ولا يستطيع ولي الأمر تحملها، مما يجعله بالبحث عن بدائل أخرى تخفف عليه الأعباء المادية، ولكن قد يعرض حياة أبنائه للخطر من دون أن يدرك ذلك، من خلال التعاقد مع السائقين غير المرخصين.
وقالت القيادة العامة لشرطة الشارقة، إن الحافلات المدرسية المخصصة لنقل الأطفال، تتوافر بها كافة وسائل الأمن والسلامة، وتخضع لمتابعة مستمرة من الجهات المسؤولة، كما إن قيام ولي الأمر بنفسه بنقل أبنائه إلى المدرسة، فهو أحرص على توفير العناية الكاملة وتوفير أقصى درجات الأمان لهم.

نقل آمن
وأكد العميد أحمد الصم النقبي، رئيس فريق التوعية والسلامة المرورية في مجلس المرور الاتحادي بوزارة الداخلية، على ضرورة الاستعانة بحافلات النقل المدرسي التي تخصصها الجهات المعنية في وزارة التربية والتعليم لنقل الأبناء الطلبة من وإلى المدرسة والمنزل، والتي تخضع لعدد من إجراءات الأمن والسلامة للحفاظ على أرواحهم أثناء عملية النقل.
وقال النقبي، إن الحافلات المدرسية التي خصصتها الجهات المعنية، هدفها إيجاد عملية نقل آمنة، مزودة بتقنيات ذكية وأجهزة متطورة لرفع مستوى السلامة، فضلاً عن الرقابة والمتابعة المستمرة الموجهة إليها، لرصد سلوكيات السائقين وغيرها من الظواهر التي قد تقع طوال مسار عملية النقل التي تقوم بها الحافلة، حيث يمكن الانتباه بكل سهولة تامة في حال وقوع أي حادث يذكر، نتيجة لارتباطها بكاميرات مراقبة وتتبع وارتباطها بغرفة تحكم وغيرها من المميزات، ما يضمن أكبر قدر ممكن من سلامة الطلاب وأمنهم في رحلتهم من وإلى المدرسة. 
وأضاف أن حافلات النقل المدرسي تخضع كذلك إلى الصيانة الدورية الشاملة وتزويدها بالمشرفين الذين يعملون على التحقق التام من كافة الطلبة طوال الرحلة المدرسية وإنزالهم وتوصيلهم إلى باب منازلهم، وعدم تركهم بمفردهم، وغيرها من اشتراطات وإجراءات السلامة التي يقومون بها بعد خضوعهم إلى سلسلة متواصلة من الدورات والورش التدريبية المتخصصة. 
غير قانوني 
وأشار العميد أحمد الصم النقبي إلى أن الاستعانة بالسائقين غير المرخصين، قد يشكل خطراً كبيراً على الطلبة، حيث يمكن أن يعمل بعض منهم خارج النظام القانوني لنقل الطلبة، وتقديم خدمات النقل بدون الامتثال للقوانين والمعايير المتبعة، ولا يخضعون إلى الرقابة المستمرة الموجهة إليهم من قبل الجهات الرسمية، وقد يكون همهم الأكبر الربح المادي، وقد يتجهون إلى مخالفة أنظمة وقواعد السير والمرور، منها السرعة الزائدة، إضافة إلى عدد ركاب أكثر عن المسموح، وغيرها من المخالفات والسلوكيات الخاطئة.
وقال إن مركبات السائقين غير المرخصين، لا تقدم خدمات تضمن سلامة الطلبة، منها عدم اكتراث السائقين بعملية إنزال الطلبة ومساعدتهم على عبور الشارع وتركهم بمفردهم، مؤكداً على أن أبناءنا أمانة لابد من الحفاظ عليهم من أي مخاطر قد تحيط بهم، من خلال عدم استخدام هذا النوع من وسائل النقل غير النظامي، حيث تفتقر هذه الوسائل إلى احتياطات الأمان لذا وجب التوجه إلى مقدمي خدمات النقل المدرسي من قبل الجهات المعنية أو أن يحرص ولي الأمر على نقل أبنائه الطلبة. 
ودعا العميد أحمد الصم النقبي، إلى ضرورة عدم الاستعانة بمثل هؤلاء السائقين غير المرخصين وبشركات نقل غير معتمدة ممن تجهل إجراءات السلامة والحفاظ على الطلاب، وممن لا تخضع مركباتهم للمتابعة والرقابة، والتحقق من سلامتها وسلامة كافة أجزائها، وعدم إخضاعها للصيانة الشاملة الدورية، والتي تفتقر إلى الوسائل الآمنة، وقد يكونون غير حاصلين على رخصة القيادة التي تكسبهم الخبرة الكافية. 
توعية للحد من الإصابات
أطلق مركز أبوظبي للصحة العامة بالشراكة مع هيئة أبوظبي للطفولة المبكرة «دليل سلامة الأطفال في المركبات»، وذلك تزامناً مع اليوم العالمي للطفل الإماراتي، لزيادة وعيهم بالمخاطر التي تواجه الأطفال في المركبات والطرق المناسبة لتجنبها، وتقدم إرشادات دقيقة تتناسب مع عمر الأطفال، مدعومة بأحدث الأدلة العلمية وأفضل الممارسات العالمية، وزياد الوعي بالتطور المعرفي والنفسي الشامل للطفل، الأمر الذي يسهم في تنفيذ استراتيجيات متعددة تمنع حدوث إصابات للأطفال وتزيد من نسبة الوعي بين الآباء والأمهات ومقدمي الرعاية. 
ويقدم الدليل توعية للحد من الإصابات التي تحدث للأطفال داخل المركبات وحولها، وتسليط الضوء على التوصيات والتشريعات المتعلقة بها مع التركيز بشكل خاص على استخدام المقاعد المخصصة لسلامة الأطفال في المركبات والتشريعات ذات الصلة وسلوك السائق ووعيه بالمخاطر المترتبة على عدم الالتزام بهذه التشريعات.

تلف الدماغ
وقالت الدكتورة منى سماحة، أخصائية طب الأطفال، إن الأطفال المحاصرين في السيارة بمفردهم، قد يموتون نتيجة تلف الدماغ وأعضاء الجسم الأخرى، بسبب ارتفاع درجات الحرارة داخل المركبة، لافتة إلى أن درجة حرارة جسم الطفل ترتفع بسرعة كبيرة عند تركه في السيارة.
وأوضحت أن ارتفاع الحرارة هي الخطر الكبير على الأطفال، حيث يمكن أن تصل درجة الحرارة داخل السيارة إلى 20 درجة فهرنهايت خلال 10 دقائق فقط، وخلال ساعة واحدة تصل إلى 40 درجة، حتى لو لم يكن الجو حاراً في الخارج، مشيرة إلى إن ترك النوافذ مفتوحة قليلاً لا يمنع من ارتفاع درجة الحرارة إلى مستوى خطير. ودعت أولياء الأمور إلى ضرورة الانتباه إلى أبنائهم وعدم تركهم بمفردهم داخل السيارة، والتأكد من خلوها عند النزول، ومراقبة الأطفال وإلزامهم بالجلوس في مقاعدهم، حفاظاً على سلامتهم.
القانون الإماراتي يكفل حماية الطفل
كفل القانون الإماراتي للأطفال حق الحماية والرعاية من قبل القائمين عليهم، وشدد العقوبة على كل من عرض طفله للإهمال والخطر، ومن ذلك ترك الطفل بمفرده داخل المركبة ونسيانه، وفقاً للمادة رقم (350) من قانون العقوبات الاتحادي، التي نصت على أن (يعاقب بالحبس أو بالغرامة التي لا تزيد على 10 آلاف درهم، من عرض للخطر طفلاً لم يتم السبع سنوات، وكان ذلك في مكان معمور بالناس، سواء أكان ذلك بنفسه أم بوساطة غيره)، إضافة إلى قانون حماية الطفل المعروف باسم «وديمة»، الذي شدد عقوبة الإهمال والضرر بسلامة الطفل، بالحبس والغرامة التي لا تقل عن 5 آلاف درهم، حيث إن ترك الأطفال بمفردهم داخل المركبة يعرضهم لخطر الاختناق والوفاة، خصوصاً في ظل ارتفاع درجات الحرارة، كما يعد الترك صورة من صور الإهمال التي يعاقب عليها قانون الطفل الذي كفل الحماية للأطفال وسلامتهم الجسدية والنفسية من قبل الوالدين.
تلاحم وترابط أسري
قال المواطن عبيد إبراهيم آل علي، إنه يحرص يومياً على توصيل أبنائه إلى المدرسة وإعادتهم إلى البيت، رغم ظروف العمل، لافتاً إلى أن توصيل أبنائه يشعره بالراحة النفسية ويكون مطمئناً عليهم، وفي حال انشغاله تقوم زوجته بتوصيلهم.
وأضاف أن وجود الأب مع أبنائه أثناء ذهابهم إلى المدرسة، يفرحهم ويسعدهم، ويزيد من التلاحم والترابط الأسري، وينشئ جيلاً متماسكاً متعلماً محافظاً على العادات والتقاليد، يخدم وطنه ويسهم في مسيرته، وينقل الصورة المشرفة لأسرته ومجتمعه.
وقال المواطن ناصر جمعة، إنه يومياً ينقل أبناءه من البيت إلى المدرسة والعكس، منذ صغرهم وسيستمر بتوصيلهم إلى أن يتخرجوا من الثانوية، ولن يعتمد على السائقين، وذلك حرصاً منه على أبنائه، لافتاً إلى إن وجوده مع أبنائه، يدفعهم إلى مزيد من الاجتهاد في الدراسة وتحقيق نتائج عالية، كما يشعرهم بالأمان والطمأنينة.
وأشار إلى أنه يجب على أولياء الأمور عدم الاعتماد على السائقين في توصيل أبنائهم إلى المدارس، مشيراً إلى أنه في بعض الأحيان يقع الإهمال من السائق أو العاملة المساعدة في مراقبة الأبناء، ويتعرضون للخطر أثناء صعودهم ونزولهم من المركبة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©