السبت 23 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

الإمارات وإندونيسيا.. علاقات راسخة تستشرف المستقبل

الإمارات وإندونيسيا.. علاقات راسخة تستشرف المستقبل
16 يوليو 2024 01:21

سعيد أحمد (أبوظبي) 
تتميز العلاقات بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية إندونيسيا بروابط تاريخية عميقة وقوية، وتتنوع علاقات البلدين بين السياسية والاقتصادية والثقافية، حيث تأسست العلاقات الدبلوماسية الرسمية مع جمهورية إندونيسيا في عام 1976، وافتتحت السفارة الإندونيسية بأبوظبي في 28 أكتوبر 1978، وفي فبراير 2003 افتتحت القنصلية العامة لجاكرتا في دبي، كما تم افتتاح مكتب تجاري في فبراير 2003، ومكتب للترويج الاستثماري في 2010.
وتطورت العلاقات الإماراتية الإندونيسية، وشهدت افتتاح سفارة دولة الإمارات بجاكرتا في 10 يونيو 1991، ومكتب الخدمات القنصلية بجاكرتا في أغسطس 2014، والملحقية العسكرية في أبريل 2019، كما افتتح مكتب الهلال الأحمر الإماراتي في جاكرتا عام 1997. 
وعلى مدار 5 عقود، تواصلت الزيارات المتبادلة بين قيادات البلدين، وقد شكَّلت زيارة الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، إلى إندونيسيا في مايو 1990 نقطة تحول فارقة في تاريخ العلاقات الإماراتية الإندونيسية، فيما شكَّلت زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، إلى إندونيسيا في 24 يوليو 2019 حدثاً تاريخياً، حيث ساهمت الزيارة في تعزيز العلاقات الاستراتيجية، كما حرص رؤساء إندونيسيا على زيارة الإمارات بهدف تقوية العلاقات بين البلدين، وفي هذا الإطار جاءت زيارة الرئيس الإندونيسي الأسبق، سوسيلو بامبانغ يوديونو، إلى الإمارات في أبريل 2006، كما أجرى فخامة الرئيس الإندونيسي، جوكو ويدودو، زيارات عدة للإمارات. 
منارات التسامح 
وتشكِّل الإمارات وإندونيسيا نموذجين ملهمين لنشر قيم ومفاهيم التسامح والتعايش الإنساني، حيث نجحت إندونيسيا في صهر التعدد العرقي واللغوي والديني الناتج عن طبيعة الجمهورية، التي تتشكل من أرخبيل يضم أكثر من 17 ألف جزيرة يتحدث سكانها بأكثر من 700 لغة، وتحويله إلى فرص تخدم أهدافها التنموية، وهو النموذج الذي قدمته الإمارات عبر احتواء أكثر من 200 جنسية على أرضها، تتوافر لهم الحقوق والواجبات كافة التي تكفل تعايشهم بسلام، لتتحول الإمارات إلى إحدى أهم منارات التسامح في المنطقة عبر استضافة العديد من المناسبات والمؤتمرات، وإطلاق العديد من المبادرات المرتبطة بتعزيز ونشر مفهوم التسامح في العالم. واتفقت دولة الإمارات وجمهورية إندونيسيا على أهمية نشر مفهوم التسامح منذ وقت مبكر، حيث أصدرتا في 2015 بياناً مشتركاً في اختتام زيارة لفخامة الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو لدولة الإمارات، أكدا خلاله أن تحقيق السلام والأمن والاستقرار في العالم يتطلب نشر الصورة الصحيحة عن الإسلام، وتشجيع الحوار بين الأديان لجميع الشعوب المختلفة الأعراق والثقافات والأديان. 

توثيق العلاقات 
وفي أكتوبر 2020، وجَّه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، ببناء مسجد في أبوظبي يحمل اسم فخامة الرئيس جوكو ويدودو، رئيس جمهورية إندونيسيا الصديقة، وإطلاق اسم فخامته على شارع المعارض، «تقديراً لصداقة الرئيس الإندونيسي المتينة مع دولة الإمارات، ولجهوده في توثيق العلاقات الثنائية بين البلدين في مجالات عديدة»، ودشَّن سمو الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، شارع الرئيس جوكو ويدودو، تزامناً مع الذكرى السنوية لتولي فخامة جوكو ويدودو رئاسة الجمهورية، وفي ديسمبر 2023 افتتحت الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة جامع الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو في منطقة السفارات بمدينة أبوظبي الذي يتسع لـ2500 مصلٍ ومصلية. 

جامع الشيخ زايد الكبير 
خلال زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، إندونيسيا في 14 نوفمبر 2022، افتتح سموه جامع الشيخ زايد الكبير في مدينة سولو في جمهورية إندونيسيا، يرافقه فخامة جوكو ويدودو، رئيس إندونيسيا، ومنذ بداية تشييد جامع الشيخ زايد الكبير في سولو في مايو 2021، حرصت فرق العمل على إظهار هذه التحفة بأبهى صورة، حيث تبلغ مساحته الكلية 27,492 متراً مربعاً، وتبلغ مساحة المبنى 8441.28 متر مربع، ويحتوي على 56 قبة و4 مآذن، بجانب 32 عموداً في منطقة الصلاة الرئيسية، وتعد تسمية الجامع باسم المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، استكمالاً لمسيرته العطرة وإرثه ونهجه الحكيم في نشر قيم الإنسانية والتسامح، إلى جانب تعزيز العلاقات الإماراتية الإندونيسية، التي أرسى قواعدها المغفور له الشيخ زايد منذ قيام الاتحاد، وشكَّلت انطلاقة للعلاقات المتينة بين البلدين. ويعد تصميم الجامع علامة فارقة في خريطة المدينة بعد افتتاحه في نوفمبر 2022، حيث يعد نسخة مماثلة لجامع الشيخ زايد الكبير في أبوظبي، ويستوعب 10 آلاف مصلٍ، وتشكل أروقة الجامع لوحة فنية، وتمت مراعاة إضافة الزخارف الإندونيسية التقليدية إلى جانب جمالية الثريات والإضاءات داخل وخارج الجامع، كما يتميز التصميم بالمزج بين الثقافة العربية والجاوية، وتعكس مدى إبداع وروعة التصميم، ويعتبر مركزاً للعديد من الأنشطة الثقافية والاجتماعية التي تخدم المجتمع المحلي. وأصبح هذا المشروع الضخم، وجهة من الوجهات الرئيسية لزيارة المدينة، والذي يعد أيقونة استثنائية، بما يحمله من دلالات تعبر عن عمق العلاقات التي تجمع البلدين والرسائل المشتركة التي يحملانها لإبراز الصورة الصحيحة والسمحة للدين الحنيف وقيمه الإنسانية، وتحث على التعايش والتآخي والتعاون والبناء.

تعزيز التعليم
شهدت العلاقات الإماراتية والإندونيسية، وضع حجر الأساس لكلية محمد بن زايد للدراسات المستقبلية في يوجياكارت بجزيرة جاوا الإندونيسية في فبراير الماضي، والتي يتم إنشاؤها بالتعاون بين جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية وجامعة نهضة العلماء في إندونيسيا.
ويأتي إنشاء الكلية ضمن جهود جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، لتعزيز فرص التعليم العالي في مجال الدراسات المستقبلية والعلوم الإنسانية وغيرها من العلوم، وإدماج منظومة القيم الحضارية المتمثلة في التسامح والتعايش واحترام الآخر والاستدامة والحفاظ على الطبيعة وحماية البيئة في نطاق الدراسات المستقبلية، ودعم مسيرة التنمية والتطوير والبحث العلمي لدى الجامعتين وتوثيق الروابط العلمية والثقافية بينهما.
وتمكنت رؤية قيادة البلدين الصديقين من فتح آفاق جديدة، وإطلاق مبادرات ابتكارية مشتركة لتنفيذ مشروعات تنموية مستدامة تدعم الخطط التنموية والاقتصادية والاجتماعية عبر استدامة الموارد الطبيعية، والتوظيف النوعي للقدرات والخبرات والتقنيات التي يتمتع بها البلدان، في قطاعات جديدة مثل الطاقة المتجددة، والصحة، والأمن الغذائي، والبيئة، والألمنيوم، والصناعات الاستراتيجية، والتعليم، والشؤون الدينية. 

تنمية القرم
أعلنت دولة الإمارات في مايو الماضي، وضع حجر الأساس لمشروع «مركز محمد بن زايد – جوكو ويدودو» لأبحاث القرم، بالتعاون مع جمهورية إندونيسيا في جزيرة بالي الإندونيسية، الذي جاء ثمرة التزام دولة الإمارات بتقديم 10 ملايين دولار لتعزيز الجهود العالمية لتنمية القرم. ويهدف المشروع إلى تعزيز الجهود العالمية لتنمية القرم، التي تعد أحد أهم الحلول الحيوية القائمة على الطبيعة في مواجهة التغيرات المناخية وحماية النظم البيئية الساحلية. ويمثل مركز «محمد بن زايد - جوكو ويدودو» أحد أهم إسهامات دولة الإمارات في تعزيز الاستدامة المناخية والبيئية في العالم وحماية كوكب الأرض من آثار التغيرات المناخية، كما أنه يجسد متانة الشراكة الاستراتيجية بين الإمارات وإندونيسيا في العديد من المجالات الحيوية، وأهمها دفع منظومة التنمية المستدامة وتوحيد الجهود لخلق مستقبل مستدام للدولتين. ويقام مركز «محمد بن زايد - جوكو ويدودو» على مساحة 2.5 هكتار، حيث ستتوفر البنى التحتية الداعمة، بما في ذلك الطرق والكهرباء والمياه، وسيكون داخل متنزه الغابات الكبرى «نغوراه راي» في مقاطعة بالي الإندونيسية، وهو متنزه يتميز بتنوعه البيولوجي الفريد، ويمتد على مساحة 1.158.44 هكتار من نظم أشجار القرم البيئية حول خليج بينوا. ويستهدف مركز «محمد بن زايد - جوكو ويدودو» إلى إجراء مزيدٍ من الأبحاث في زراعة أشجار القرم، وتعزيز دورها بوصفها خزانات طبيعية للكربون ومواجهة التغيرات المناخية، وتعزيز البيئات الطبيعية الساحلية، وازدهار التنوع البيولوجي، كما سيعمل المركز على تعزيز تبادل المعرفة في مجال تنمية أشجار القرم مع مختلف الدول من أجل تعويض خسارة العالم من هذا النوع المهم من الأشجار للنظم البيئية. 
حماية المحيطات
وقَّعت وزارة التغير المناخي والبيئة، مذكرة تفاهم مع وزارة الشؤون البحرية والاستثمار في جمهورية إندونيسيا، لمساعدة الجانب الإندونيسي في الحد من تسرب النفايات البلاستيكية إلى المحيطات. وتأتي مذكرة التفاهم استكمالاً لجهود التعاون بين البلدين في تبني حلول قائمة على الطبيعة لمكافحة تحديات التغير المناخي، بما في ذلك «تحالف القرم من أجل المناخ» و«المركز الدولي لأبحاث القرم». وتتضمن الاتفاقية إطاراً للتعاون بين الإمارات وإندونيسيا لمعالجة التحدي البيئي الملح لتسرب النفايات البلاستيكية إلى المحيطات حول إندونيسيا، حيث تم الإعلان خلال الاتفاقية عن إطلاق مؤسسة «الأنهار النظيفة»، وهي منظمة غير ربحية عالمية تهدف إلى مواجهة تحدي التلوث البلاستيكي النهري، ويقع مقرها في أبوظبي، وستقوم بدورها كشريك تنفيذي رسمي لمذكرة التفاهم. وحققت الإمارات وإندونيسيا تقدماً ملموساً في نشر الحلول القائمة على الطبيعة لمكافحة ظاهرة التغير المناخي، ويعد التعاون في إطلاق «تحالف القرم من أجل المناخ» والمركز الدولي لأبحاث القرم نموذجاً يحتذى به للشراكة البيئية بين البلدين.

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©