هدى الطنيجي (أبوظبي)
العودة إلى حياة صحية طبيعية بعد فصل الشتاء والاستعداد لفصل الصيف مرحلة انتقالية مهمة للعديد من الأفراد، وخاصة مع ارتفاع درجات الحرارة وزيادة النشاطات الخارجية؛ ولذا فمن الضروري تبني نمط حياة صحي يتماشى مع التغيرات المناخية والموسمية.
يمكن تحقيق ذلك من خلال اتباع بعض النصائح الأساسية التي تساعد في الحفاظ على الصحة والنشاط طوال فصل الصيف، بالإضافة إلى الحذر من خطورة التعرض لضربات الشمس التي تحدث عند ارتفاع درجات الحرارة ونقص كمية السوائل في الجسم وغيرها، مع الانتباه لأعراضها لتتم معالجتها بشكل فوري.
الانتقال التدريجي
قالت محبوبة حسن، اختصاصية تغذية من المستشفى الكندي: من الضروري الانتقال تدريجياً من العادات الشتوية إلى العادات الصيفية، والتغييرات المفاجئة يمكن أن تؤدي إلى مشاكل في الهضم أو تقلبات في الوزن، ولذا فمن المهم إعادة جدولة الوجبات العادية (الإفطار، الغداء، العشاء) بكميات أصغر، ثم زيادتها تدريجياً لتتناسب مع نشاطات الصيف، مع اتباع نظام غذائي صحي يجب أن يشمل مزيجاً متوازناً من العناصر الغذائية الكبرى (الكربوهيدرات، البروتينات، والدهون) والعناصر الغذائية الصغرى (الفيتامينات والمعادن)، ولذا يجب تناول مجموعة متنوعة من الأطعمة الطبيعية، بما في ذلك الفواكه والخضراوات والحبوب الكاملة والبروتينات النباتية والدهون الصحية، لضمان التغذية الكافية وتلبية احتياجات الجسم في فصل الصيف.
الترطيب
أكدت محبوبة حسن، أن الترطيب السليم أمر أساسي للصحة العامة، فمع ارتفاع درجات الحرارة، يمكن أن يحدث الجفاف بسرعة، ولذا يجب شرب الكثير من الماء طوال اليوم لتلبية احتياجات جسمك وترطيبه، مما يسهم في دعم وظائف الجسم بشكل عام مع تجنب المشروبات الغازية والكحولية، والكافيين بكثرة؛ لأنها يمكن أن تزيد من جفاف الجسم. ويتعين الانتباه لحجم الأطعمة لتجنب الإفراط في تناول الطعام والحفاظ على وزن صحي واستخدام أطباق أصغر مع أهمية أن يكون الأكل مدروساً، مع الاستماع إلى إشارات الجوع والشبع في جسمك لتجنب الإفراط في الاستهلاك.
ونبهت إلى أهمية الحد من استهلاك الأطعمة المصنعة والمقلية والحلويات، التي غالباً ما تكون غنية بالدهون غير الصحية والسكريات والصوديوم، وبدلاً من ذلك، يتعين اختيار الأطعمة الطبيعية الكاملة كلما أمكن ذلك لتوفير العناصر الغذائية الضرورية والطاقة.
وإدراج النشاط البدني الدوري في الروتين اليومي أمر أساسي للحفاظ على الصحة العامة والرفاهية، مع محاولة الوصول إلى ما لا يقل عن 150 دقيقة من التمارين بشدة معتدلة، أو 75 دقيقة من التمارين الشديدة كل أسبوع، بالإضافة إلى أنشطة تقوية العضلات ليومين أو أكثر في الأسبوع. واختيار الأنشطة الصيفية مثل السباحة، وركوب الدراجات، أو المشي في الطبيعة. والتخطيط مسبقاً في الوجبات لضمان اتزانها؛ لأن ذلك يمكن أن يساعد في منع اتخاذ قرارات عشوائية بشأن الطعام، وتعزيز عادات الأكل الصحي، مع وضع مجموعة متنوعة من الأطعمة لتلبية احتياجاتك الغذائية.
الأكل المدروس
نصحت محبوبة حسن بالأكل المدروس عن طريق الانتباه إلى طعم وملمس ورائحة الطعام مع البطء في الأكل، والحرص على مضغ الطعام ببطء لتسهيل عملية الهضم والحرص على البقاء رفقة الأصدقاء وأفراد العائلة الذين يشجعون على تبني العادات الصحية، أو الانضمام إلى مجموعة متخصصة في الصحة والتغذية للبقاء متحفزاً ومسؤولاً، مؤكدة أيضاً أن النوم الكافي ضروري للصحة العامة والرفاهية والوصول إلى 7 إلى 9 ساعات من النوم الجيد في الليل لدعم الصحة البدنية والعقلية وتحسين الوظائف الإدراكية، وتنظيم الشهية والوزن، والبحث عن طرق صحية لإدارة الضغوطات، مثل ممارسة تقنيات الاسترخاء، وممارسة الهوايات، وقضاء وقت في الهواء الطلق، للمساهمة في التخلص من التوتر الذي يؤثر سلباً على الصحة وزيادة خطر الإصابة بأمراض مختلفة، من خلال دمج هذه الاستراتيجيات في حياة الفرد اليومية، وبذلك يمكن الحفاظ على نمط حياة صحي طوال العام، وخاصة خلال فصل الصيف. كما أن التغييرات الصغيرة والمستدامة مع مرور الوقت يمكن أن تؤدي إلى تحسينات كبيرة في الصحة والرفاهية العامة.
النصائح الهضمية
قال الدكتور فراس خالد محمود، اختصاصي بأمراض الجهاز الهضمي والمناظير: مع قدوم فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة، يجب شرب المزيد من الماء لتجنب الجفاف، ولكن من دون الإفراط لتجنب ما يسمى بالتسمم المائي، حيث حددت الدراسات كمية الماء المناسبة لكل شخص بناءً على وزنه، وتستثنى من ذلك المشروبات، مثل القهوة والشاي والمشروبات الغازية، ويتم حساب الحاجة اليومية للماء على النحو التالي:
- لأول 30 كجم من الوزن، يحتاج الفرد إلى 1750 مل.
- الوزن المتبقي يتم ضربه في 15 للحصول على المقدار المطلوب من الماء.
على سبيل المثال، شخص وزنه 70 كجم:
- لأول 30 كجم: 1750 مل ماء.
- الـ40 كجم المتبقية من الوزن يتم ضربها في 15 لتصبح 600 مل.
- المجموع يكون 2350 مل من الماء يومياً.
وذكر أنه بالنسبة إلى مرضى التهاب المعدة والقرحة المعدية والارتجاع المعدي المريئي، يجب الاعتدال في مقدار الوجبات، وعدم تناول الأطعمة التي تزيد من حموضة المعدة، مثل معجون الطماطم والطماطم المطبوخة، والأطعمة الحارة والحامضة، والخل والمخللات، والمشروبات الغازية، والبهارات، والمسكنات، مع تجنب النوم بعد الطعام مباشرة، وإلغاء العشاء المتأخر، وعدم شرب الماء أثناء تناول الطعام.
وبالنسبة للمرضى الملتزمين بحمية لإنقاص الوزن، يجب إلغاء العشاء المتأخر والمشي لمدة 45 دقيقة ثلاث مرات أسبوعياً، حيث أثبت العديد من الدراسات أن المشي لمدة 45 دقيقة ثلاث مرات أسبوعياً يساعد على حرق الدهون المتكدسة في البطن والأرداف، ويتعين الإكثار من تناول الخضراوات والفواكه لإعطاء شعور بالامتلاء والشبع المبكر.
ضربات الشمس
قال الدكتور جهاد المستريحي، استشاري طب الأطفال العام في مدينة الشيخ خليفة الطبية، شركة «صحة» التابعة لـ «بيورهيلث»، إن ضربات الشمس شائعة في حال التعرض لدرجات الحرارة المرتفعة أغلب الأوقات، أو خلال فترة الصيف والحرارة الشديدة في فترات النهار أو الجلوس في المركبة على فترات طويلة أو الإجهاد البدني الشديد، وهناك أعمار يمكن أن تكون هي الأكثر عرضة من غيرها وهم من فئة الأطفال وكبار السن فوق 65 عاماً، والأشخاص ممن لديهم أمراض مزمنة منها اضطراب القلب والكلى وأخرى ومن يتناولون أدوية للقلب والأعصاب.
وذكر أن أغلب الأشخاص الذين تعرضوا لضربات الشمس كانت درجة الحرارة حينها تصل 40 درجة مئوية، ولكن بوجود الجفاف وفقدان الجسم السوائل يمكن أن تحدث ضربات الشمس مع درجات حرارة الأقل من ذلك، ولكن هذه هي عادة الدرجة الأكثر التي قد يتعرض خلالها الشخص لضربات الشمس. والسبب الأساسي عدم تكيف الجسم مع درجة الحرارة وعدم تبريده، فأجسامنا مخلوقة بطريقة تحافظ على درجة حرارة ثابتة، فبوجود حرارة عالية يبدأ الجسم في تكييف نفسه، ويبدأ بتبريد نفسه من خلال التعرق وغيره من الطرق، ومع البرد يفرز حرارة للحفاظ على درجة حرارة ثابتة، وفي حال تعرض الجسم لفترات مطولة من الحرارة العالية وخاصة إذا صاحبها فقدان السوائل أو عدم تناول السوائل الكافية، أو وقوع إجهاد جسدي شديد، يبدأ الجسم في فقدان القدرة على التكيف والتبريد، بالتالي تبدأ الحرارة في الارتفاع وتصل إلى 40 درجة مئوية التي يتعرض خلالها لضربة الشمس.
وأضاف الدكتور جهاد المستريحي: إن عدم أخذ استراحة كافية أثناء الإجهاد الجسدي وممارسة الرياضة بالنسبة للرياضيين مما يسبب ارتفاع الحرارة، ولذلك على الشخص الذي يتعرض لدرجات حرارة عالية لفترات طويلة تناول كميات مناسبة من السوائل تساعده على تحفيض درجة حرارة الجسم.
أعراض ضربات الشمس
وتتمثل أعراض ضربات الشمس في ارتفاع درجة الحرارة واحمرار الجسد والجلد الناشف وصعوبة الكلام والتنفس وسرعة التنفس والتعرض للصداع، حيث لابد من الأخذ بهذا في عين الاعتبار، لأنها أعراض بأن الشخص بدأ يتعرض لضربة الشمس.
وأهم جانب يمكن القيام به في حال الاشتباه فيها بدايةً هو إبعاد المريض عن مصدر الحرارة وعن الشمس وتجهيزه، لنقله إلى المستشفى لأنه بحاجة إلى علاجات متقدمة، وعلى المحيطين التخفيف من الملابس الزائدة عليه والإبقاء على الخفيفة منها، والعمل على تبريد جسمه عبر سكب السوائل واستخدام الكمادات الباردة ومساعدته على شرب السوائل بكمية كبيرة.
وقد يتعرض البعض لانخفاض الضغط الأمر الذي يتطلب تمديده على الأرض ورفع رجله للأعلى بحيث يتدفق الدم إلى الأعضاء المهمة ومنها القلب والدماغ، ونقله بسرعة إلى المستشفى، فهو قد يكون بحاجة ماسة إلى فحوصات الدم والسوائل الوريدية وصور أشعة وغيرها، ولذا فإن قرار حظر العمل في الساعات التي تشهد خلالها درجات الحرارة ارتفاعاً ملحوظاً هو من أساسيات التعامل مع درجات الحرارة العالية في منطقة الخليج، مع ضرورة توعية الناس بأخذ الحيطة والحذر وتفادي التعرض لضربات الشمس من الأساس.