أبوظبي (الاتحاد)
نجح برنامج الشيخ زايد لإطلاق الصقور في إطلاق 63 صقراً، خلال العام الجاري، في دورته التاريخية الثلاثين، منها 38 صقر شاهين، و25 صقراً حراً، تحت إشراف لجنة الغابات والحياة البرية التابعة لوزارة الزراعة في جمهورية كازاخستان.
وتم الإطلاق ضمن نطاق هجرة هذه الصقور، والتي تضم منطقة واسعة تشمل أجزاءً من كازاخستان وروسيا والصين ومنغوليا والبلدان المجاورة، حيث تتميز طبيعة هذه المناطق بالجبال الوعرة والسهول الشاسعة التي تحتوي على موائل مثالية تزخر بالفرائس التي تتغذّى عليها الصقور.
وبعد نجاح الإطلاق الثلاثين لبرنامج الشيخ زايد لإطلاق الصقور، خلال شهر مايو 2024، بلغ عدد الصقور التي أعادها البرنامج إلى الطبيعة 2274 صقراً من نوعَي الحر والشاهين اللذين يتعرضان لضغوط بيئية خلال الثلاثين سنة الماضية.
وأسس المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، البرنامج في عام 1995، والذي استمر سنوياً من دون انقطاع تحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وبمتابعة سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، ممثِّل الحاكم في منطقة الظفرة، رئيس مجلس إدارة هيئة البيئة – أبوظبي.
وتُشرف هيئة البيئة- أبوظبي على تنفيذ البرنامج بشراكة مع الصندوق الدولي للحفاظ على الحبَّارى ومستشفى أبوظبي للصقور، وبدعم من مكتب مستشار الشؤون الخاصة - ديوان الرئاسة، وسفارة دولة الإمارات العربية المتحدة في جمهورية كازاخستان.
وقال معالي محمد أحمد البواردي، نائب رئيس مجلس إدارة هيئة البيئة - أبوظبي نائب رئيس مجلس إدارة الصندوق الدولي للحفاظ على الحبارى: «تواصل أبوظبي خاصة ودولة الإمارات العربية المتحدة عامة الريادة في المحافظة على الطبيعة وحماية أنواع الحياة الفطرية، ولا سيما الجهود المشهود لها عالمياً للحفاظ على الصقور والحبارى، وغيرها من أنواع الحياة البرية ذات الأهمية البيئية والثقافية والتاريخية، وذلك لزيادة الفرص المتاحة لها للتغلُّب على المخاطر التي تهدِّد بقاءها وازدهارها في البرية، سعياً وراء استدامة التراث التاريخي للصيد بالصقور».
وعاد البواردي بذاكرته إلى تأسيس البرنامج قبل ثلاثين عاماً ماضية، مشيراً إلى أنه على الرغم من سهولة الاحتفاظ بالصقور على مدار العام في الآونة الأخيرة بفضل التقدم العلمي وتحسن الظروف الاقتصادية، فقد كان الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (طيب الله ثراه) متمسكاً بتقليد الآباء والأجداد بإطلاق الصقور البرية بعد انتهاء موسم الصيد، إيمانا منه بأهمية هذا التقليد في المحافظة على هذه الأنواع وحمايتها من الانقراض.
ولم يكتفِ الشيخ زايد، رحمه الله، بإحياء هذا التقليد المستدام، بل بادر بتأسيس برنامج مؤسسي لإطلاق الصقور منذ ثلاثين عاماً ماضية، لا يقتصر على إعادة الصقور البرية إلى مواطنه النائية في كازاخستان والصين وروسيا وغيرها من مناطق الهجرة والتكاثر، وإنما يشمل دوره أيضاً إعادة تأهيلها للتكيف مع البرية، وإجراء الدراسات والأبحاث العلمية لمعرفة خصائصها البيولوجية ومواطنها ومسارات هجراتها.
وأشار البواردي إلى أنه بالإضافة إلى استمرار برنامج الشيخ زايد لإطلاق الصقور سنوياً دون انقطاع، تتواصل بتوفيق الله، مبادرات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، لحماية الحياة البرية والمساعدة في المحافظة على التوازن الطبيعي للأرض، والتي شملت في هذا المضمار على سبيل المثال لا الحصر، تخفيف آثار الصعق الكهربائي على الصقور، وغيرها من الطيور الجارحة في منغوليا، حيث تم تخفيف خطر الصعق على 27000 عمود كهرباء، ما ساعد في إنقاذ ما يقدر بنحو 18000 طائر جارح سنوياً، منها ما يقرب من 4000 صقر حر مهدد بالصعق الكهربائي.
كما تم إنشاء 5000 عش اصطناعي للصقور في منغوليا، وتشير التقديرات إلى مساهمة هذه الأعشاش في إنتاج 25000 فرخاً من صقور الحر، خلال 15 سنة، ما يعزز أعدادها في البرية. كما يتم تنفيذ مشروع مشترك في بلغاريا مع منظمة البلقان الأخضر لمساعدة صقور الحر على التكاثر في أعشاش اصطناعية تشكل منصات إطلاق تلقائي لها ضمن موائلها الطبيعية، وذلك بهدف استعادة مجموعتها المتدهورة في جنوب البلقان منذ نهاية القرن الماضي. وعلى صعيد متصل، يتعاون صندوق محمد بن زايد للمحافظة على الطيور الجارحة مع صندوق الشاهين في الولايات المتحدة الأميركية لتقييم آثار التغير المناخي على الطيور الجارحة القطبية، بما في ذلك تقدير معدلات البقاء وأولويات الحماية لصقر الجير في أميركا الشمالية. كما يتواصل العمل مع شركاء آخرين من مختلف أنحاء العالم لتطوير مشاريع جديدة لتحقيق نتائج استراتيجية شاملة وتطوير القدرات المحلية في أبحاث الطيور الجارحة وطرق الحفاظ عليها.
وأشاد معالي البواردي بالشراكة الناجحة التي ساعدت في نجاح برنامج الشيخ زايد، وعبَّر عن خالص شكره للسلطات الكازاخستانية التي أسهمت بجهود كبيرة في تسهيل عمل الفريق المشترك لتنفيذ هذا البرنامج لتعزيز جهود أبوظبي للحفاظ على أنواع الصقور المعرضة للمخاطر، ودعم مبادئ الاستدامة البيئية وحماية التنوُّع البيولوجي والمحافظة على الأنواع المهمّة للتراث الإنساني وزيادة قدرتها على مواجهة مخاطر عديدة متمثّلة في توسُّع الأنشطة البشرية على حساب مواطن الحياة البرية والتغيُّر المناخي، وغيرها من العوامل الطبيعية والبشرية.
فحوص بيطرية
جميع صقور برنامج الشيخ زايد لإطلاق الصقور خضعت لمجموعة متكاملة من الفحوص البيطرية والتدريبات المكثفة، وبالإضافة إلى الحلقات التعريفية المعتادة، فقد تم زرع شرائح إلكترونية لجميع الصقور، وتم تزويد عينة تمثيلية من 10 صقور (5 صقور من كل نوع) بأجهزة تتبُّع متصلة بالأقمار الصناعية تعمل بطارياتها بالطاقة الشمسية، لرصد معدلات البقاء والانتشار ومسارات الهجرة، وجمع البيانات العلمية التي تُستخدَم لتطوير طرق التأهيل والتدريب والإطلاق، واختيار المواقع الملائمة للصقور.