هالة الخياط (أبوظبي)
تشارك الإمارات العالم اليوم الاحتفاء بـ«باليوم العالمي للاجئين»، انطلاقاً من إيمانها الراسخ بضرورة التضامن مع الشعوب المنكوبة، التي تعرّضت لأزمات وكوارث وحروب، وتسبّبت باقتلاعهم من أراضيهم، وتشتيتهم إلى مناطق أخرى، فقدوا من بعدها استقرارهم المعيشي وأمنهم الإنساني بكل أشكاله.
وعرفت الإمارات بأنها من أكثر دول العالم أجمع دعماً للاجئين، واقترن اسمها دائماً بكونها سنداً لهم، فلم تبخل عليهم بشيء، وقدمت مبادراتها الإنسانية تجاههم، كما أنها أسهمت بتأمين المأوى والمأكل والمشرب والعمل للاجئين أينما كانوا وحلوا وارتحلوا.
وتنفذ الإمارات سلسلةً من المبادرات والبرامج الهادفة إلى التخفيف من معاناة اللاجئين، بالتنسيق مع مختلف الوكالات الحكومية، والمنظمات غير الحكومية، والشراكات الدولية، ما يعكس نهجاً شاملاً ومتعدد الأوجه للمساعدات الإنسانية.
وتُصنَّف الإمارات باستمرار بين أكبر الجهات المانحة للمساعدات الإنسانية الدولية، مع إسهامات كبيرة موجَّهة نحو برامج مساعدة اللاجئين، فعلى سبيل المثال تعهدت دولة الإمارات، في عام 2020، بمبلغ 50 مليون دولار، لدعم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في جهودها لتقديم المساعدات الحيوية للاجئين في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وأعلنت الإمارات في يونيو الماضي عن مساهمتها بمبلغ 20 مليون دولار أميركي (73.6 مليون درهم)، لدعم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى «الأونروا» التي تحرص على توفير التعليم، والرعاية الصحية، والخدمات الاجتماعية للاجئين الفلسطينيين، حيث يتم تمويل الوكالة بالكامل تقريباً من خلال مساهمات الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة.
كما أن الإمارات تقدم الدعم المالي بشكل مستمر للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، التي أكدت مراراً أن المساعدات التي تقدمها الإمارات تأتي على عدة أشكال كالمساعدات المباشرة أو المساعدات اللوجستية للمنظمات والجهات الدولية والإنسانية التي تعمل انطلاقاً من مكاتبها ومستودعاتها في الإمارات، واصفة الدولة بأنها «من الدول السباقة بالعالم في دعم جهود المفوضية، ومساعدة المحتاجين والنازحين واللاجئين».
وذكرت المفوضية أن الإمارات تضم أكبر عدد من المساعدات الفردية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث تستحوذ الإمارات بمفردها على 50% من المساعدات الفردية بالمنطقة المقدمة لدعم مشاريع ومبادرات المفوضية، مشيرة إلى وجود 20 ألف متبرع ملتزم بالتبرع للمفوضية في المنطقة.
وتضم الإمارات أكبر مستودع للمواد الإغاثية في العالم للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، وذلك في المدينة العالمية للخدمات الإنسانية في دبي، وهذا المستودع يمكّن المفوضية من الاستجابة السريعة خلال ساعات لمساعدة 240 ألف شخص في العالم، والذي تم توسيعه ليقدم المساعدات إلى 400 ألف شخص، بعد أن قدمت دبي الإنسانية مستودعات جديدة للمفوضية.
وتشير آخر الإحصائيات إلى أن حجم الدعم الذي قدمته الإمارات لبرامج المفوضية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بين عامي 2010 و2022 تجاوز مبلغ 300 مليون درهم.
مبادرات
وأطلقت دولة الإمارات العديد من مبادرات الإغاثة المستهدفة لمعالجة أزمات محددة، إذ تعهدت إبان أزمة اللاجئين السوريين، بتقديم أكثر من مليار دولار من المساعدات الإنسانية، وتوفير الغذاء والمأوى والرعاية الصحية والتعليم لملايين اللاجئين السوريين. وأدت هيئة الهلال الأحمر الإماراتي دوراً حاسماً في تقديم هذه الخدمات، وإنشاء مخيمات اللاجئين، وتنسيق جهود الإغاثة، بالتعاون مع الوكالات الدولية.
وقدمت دولة الإمارات على مدار السنوات الماضية ما يزيد على 2.1 مليار دولار من المساعدات لغوث اللاجئين السوريين سواء داخل سوريا أو في كل من الأردن ولبنان والعراق واليونان، من خلال توفير الغذاء والإيواء والرعاية الصحية وإنشاء المستشفيات الميدانية، وإنشاء المخيم الإماراتي- الأردني في منطقة مريجيب الفهود الأردنية ومخيمات مماثلة في إقليم كردستان العراق وفي اليونان، لتوفير سبل المعيشة والحماية والخدمات الاجتماعية المختلفة.
ومن خلال عملية «الفارس الشهم 2» التي وجه بها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، لتخفيف المعاناة عن الأصدقاء والأشقاء في سوريا وتركيا، في أعقاب الزلزال الذي ضرب البلدين في 6 فبراير الماضي، سطرت الإمارات ملحمة جديدة في مسيرتها الإنسانية.
وسيرت الإمارات في إطار عملية «الفارس الشهم 2» عشرات الطائرات والعديد من السفن التي حملت آلاف الأطنان من المساعدات المتنوعة، فضلاً عن تشييد المستشفيات الميدانية وتنفيذ مشاريع الإيواء وغيرها من الجهود التي خففت من معاناة المتضررين.
وتستمر جهود الدعم الإنساني لدولة الإمارات من خلال عملية «الفارس الشهم 3» التي وجه بها صاحب السمو رئيس الدولة منذ اندلاع التصعيد في غزة بعد أحداث 7 أكتوبر 2023. حيث تواصل دولة الإمارات نقل المساعدات الإنسانية لإغاثة المدنيين في قطاع غزة، وتقديم الدعم الإنساني والإغاثي لأهالي القطاع، ورعاية الجرحى والمرضى من خلال المستشفى الميداني الذي تم إنشاؤه وعلاج مئات المرضى والمصابين في المستشفيات الإماراتية، إلى جانب استمرار قوافل الخير والمساعدات الغذائية.
دعم السودان
وسارعت الإمارات منذ بداية الأحداث في السودان إلى إرسال الإمدادات والمساعدات الطبية والغذائية لإغاثة المدنيين المتضررين في هذا البلد الشقيق ودعم النازحين في دول الجوار، للمساهمة في التخفيف من حدة التداعيات الإنسانية للأزمة.
ونفذت الإمارات عمليات إجلاء لرعايا الدول المختلفة من السودان لا سيما الفئات الأكثر احتياجاً من المرضى والأطفال وكبار السن والنساء، والذين تضعهم الدولة على رأس أولوياتها، وذلك في إطار جهودها الإنسانية في تعزيز التضامن والتعاون الدوليين.
وخصصت دولة الإمارات، باعتبارها أحد المساهمين الرئيسين في المساعدات الإنسانية للسودان وأفريقيا، 70% من تعهدها الذي أعلنت عنه في أبريل الماضي خلال مشاركتها في اجتماعات المؤتمر الدولي الإنساني بشأن السودان، والبالغ 100 مليون دولار أميركي، إلى وكالات الأمم ومنظماتها الإنسانية والإغاثية، دعماً للجهود الإنسانية في السودان، وبما يضمن اتباع نهج شامل لمعالجة الأزمة الإنسانية والحد من تفاقم المجاعة في السودان، حيث يشمل النهج الذي تتبعه دولة الإمارات تقديم كافة أنواع المساعدات ولا سيما الغذائية والصحية وحماية النساء والأطفال وتوفير سبل العيش والمأوى في حالات الطوارئ، مما يؤكد التزامها بمعالجة مختلف جوانب الأزمة الإنسانية في السودان.
ودشنت دولة الإمارات منذ بداية الأزمة في السودان جسراً جوياً مع السودان وتشاد المجاورة بهدف تقديم كافة أشكال الدعم والمساندة للأشقاء السودانيين، وللتخفيف من حدة الظروف الإنسانية في السودان ودول الجوار.
وقدمت دولة الإمارات منذ بدء الأزمة 130 مليون دولار لدعم الاستجابة الإنسانية و9500 طن من الإمدادات الغذائية والطبية عبر تسيير 148 طائرة إمدادات إغاثية، إضافة إلى سفينة حملت على متنها نحو 1000 طن من المستلزمات الإغاثية العاجلة.
كما دعمت دولة الإمارات مخيمات اللاجئين السودانيين في أبشي وفي عدد من المناطق في تشاد. وبالإضافة إلى ذلك، تم تسيير طائرة مساعدات غذائية تحمل على متنها 100 طن إلى اللاجئين السودانيين في جنوب السودان من خلال برنامج الأغذية العالمي.
وإلى جانب المساعدات المادية، قدَّمت دولةُ الإمارات أيضاً مساعدةً مباشرة عبر استضافة اللاجئين، وقد وفرت الملاذَ للآلاف منهم، ما يضمن حصولهم على الخدمات الأساسية والفرص من أجل مستقبل أفضل. وفي عام2017 أعلنت الإمارات إنشاءَ مدينة الإمارات الإنسانية، وهي منشأة مخصصة لاستيعاب اللاجئين المنكوبين من العالم.
وعلاوة على ذلك اتبعت دولة الإمارات سياسات تقدمية لدعم إعادة توطين اللاجئين. وفي عام 2018 أصدرت قراراً تاريخياً بمنح تصاريح إقامة لمدة عام واحد للأشخاص القادمين من البلدان المتضررة من الحروب والكوارث، ما يمكنهم من العيش والعمل في الدولة، مع تلقي الدعم اللازم. وتؤكد هذه السياسة التزام الإمارات بتوفير ملاذ آمن للفارين من الصراعات والاضطهاد.
التعليم
وإدراكاً لأهمية التعليم وتمكين اللاجئين، استثمرت دولةُ الإمارات في العديد من البرامج التعليمية التي تهدف إلى توفير فرص التعلُّم للأطفال والشباب من اللاجئين.
وتهدف مبادرة صندوق «التعليم لا ينتظر» في دولة الإمارات، وهو مبادرة عالمية تم إطلاقها بالشراكة مع الأمم المتحدة، إلى ضمان حصول الأطفال اللاجئين على تعليم جيد، وقد استفاد من هذه المبادرة الآلاف من اللاجئين الشباب، إذ زودتهم بالمهارات والمعرفة اللازمتين لإعادة بناء حياتهم.
وإضافةً إلى ذلك، تعاونت دولة الإمارات مع المنظمات الدولية لدعم برامج التدريب المهني، وتوظيف اللاجئين. وتركز هذه المبادرات على تعزيز اعتماد اللاجئين على أنفسهم عن طريق تزويدهم بالمهارات القابلة للتسويق، وتسهيل اندماجهم في الاقتصادات المحلية.
ومن خلال تمكين اللاجئين عبر التعليم والتوظيف، لا تساعد دولة الإمارات اللاجئين على استعادة كرامتهم فحسب، بل تسهم في استقرار المجتمعات المضيفة، وتنميتها على المدى الطويل.
شراكات استراتيجية
تمتد جهود الإمارات لمساعدة اللاجئين إلى ما هو أبعد من المساعدات المالية، والمساعدة المباشرة، إذ تشارك بفاعلية في الدعوة العالمية لرفع مستوى الوعي بشأن أزمة اللاجئين، وتعزيز التعاون الدولي. وتشارك الإمارات بانتظام في المنتديات والمؤتمرات الدولية.
وعبر الشراكات الاستراتيجية مع المنظمات الدولية، مثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، تعمل دولة الإمارات على تعزيز فاعلية جهودها الإنسانية، وتضمن عمليات التعاون هذه تقديم المساعدات بكفاءة، وحصول اللاجئين على دعم شامل مصمَّم خصيصاً لتلبية احتياجاتهم.