إبراهيم سليم (أبوظبي)
اختتمت أمس الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة «ملتقى حجاج الإمارات.. معاً نروي محطات الحج الإيمانية» الذي نظمته بالتعاون مع مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، على مدى يومين بأبوظبي، وسط حضور كبير من الحجاج وأصحاب الحملات وأعضاء البعثة الرسمية ومكتب شؤون الحجاج، وتم التعريف بكل ما يتعلق بالحج وأركانه، بدءاً من المغادرة إلى الأراضي المقدسة حتى العودة، وثمن المشاركون بالملتقى جهود القيادة الرشيدة، ممثلة في صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، والعمل الدؤوب من أجل إسعاد الحجاج، والتيسير عليهم، وتوفير كل الإمكانات وأشكال الدعم لأداء الفريضة.
وتضمن الملتقى العديد الفعاليات والندوات والمحاضرات والورش التفاعلية ومقاطع مرئية تجسد رحلة الحج، بالإضافة إلى استعراض للأرشيف التاريخي والوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة في الحج، وجهود القيادة الرشيدة في خدمة الحجاج، وحضره عدد من أصحاب المعالي والسعادة والمسؤولين في «الهيئة»، وممثلون للجان المشاركة في بعثة الحج الرسمية، وأصحاب حملات الحج وحجاج الدولة لهذا الموسم 1445هـ - 2024م.
وتفصيلاً، افتتح المؤتمر بآيٍ من الذكر الحكيم ثم السلام الوطني، بعد ذلك قدم معالي العلامة عبدالله بن بيه كلمة أشاد فيها بجهود الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة في تنظيم هذا الملتقى، حيث قال: إنه مناسبة للتعرف على معاني هذه الرحلة المباركة ومقاصدها وأهدافها، مبيناً أن الحج شعيرة عظيمة تجسد قيم التسامح والمساواة، وتجاوز الخلافات المذهبية والعصبية بين جميع المسلمين على اختلاف أجناسهم ولغاتهم ومكانتهم المجتمعية، يجتمعون على هذه البقعة المباركة يشكلون لوحة إنسانية حضارية ونموذجاً رائعاً في التعاون والتكاتف والمودة تعكس جمال وعظمة الإسلام، كما ثمن جهود الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة في التطوير والارتقاء والابتكار الذي يشمل كل الجوانب الخدمية والتوعوية والتثقيفية.
وبين معاليه في كلمته فضائل الحجِّ- وارتباطَ هذه العبادةِ بالبيتِ الحرامِ، أوَّلِ بيتٍ وُضِعَ للنّاس، الذي رفعَ قواعدَهُ أبو الأنبياء إبراهيمُ وولدُه إسماعيلُ عليهما السّلام، وإنّ بينَ قلوبِ المؤمنين وأرواحِهم وبين بيتِ الله الحرامِ سرّاً لا يدركُ حقيقتَه إلا اللهُ، فحُبّ هذا البيتِ مركوزٌ في نفوسِهم، ومتجذّرٌ في قلوبِهِم، يدلّ عليه تعلّقُهم به واشتياقُهم إليهِ، إجابةً لدعوة أبيهم إبراهيم عليه السّلامُ إذْ قالَ: (فَاجْعَلْ أَفئِدَةً مّنَ النّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ).
وقال العلامة بن بيه: «يذكّرنا الحجُّ بهذا الارتباطِ الرّوحيّ بالبيتِ العتِيقِ، وما يشيرُ إليه -هذا البيتُ- من معاني الإيمان بالله، وما يقتضيه من التّخلّقِ بأخلاق الفضيلة، والتّمثّلِ للقيمِ النّبيلة، التي من أجلها بُعث الأنبياءُ والرّسُلُ الكرامِ، فكانت جوهرَ رسالاتِهمْ، وخلاصةَ دَعَوَاتِهمْ، التي عبّر عنها رسولنا الكريم، صلّى الله عليه وسلّمَ، بِقوله: «إِنّمَا بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأخلاقِ».
وعلى حجاج بيت الله في مكّةَ - ونحنُ نؤدّي مناسكَ الحجِّ- نتذكّرُ سيرةَ سيّدنا محمّد صلى الله عليه وسلّم، ونستحضر مراحلَ حياتِه، ومحطّاتِ سيرتِه، نستحضرُ شمائلَهُ وخِصالَهُ الخُلقيّةُ، نتذكّرُ صدقَه، ووفاءَهُ، وأمانتَهُ، وكرَمَهُ، ورَحْمَتهُ، وعطْفَهُ، وحِلْمَهُ، ولُطفَهُ، وَرِفقَهُ، وسماحتَهُ، وتسامُحَهُ، وإحسانَهُ، ومحبّتَه الخيرَ للنّاسِ أجمعِينَ.
وألقى الدكتور عمر الدرعي كلمة نقل عبرها للحضور ولحجاج الدولة تحيات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وأمنياته لهذا الملتقى ولحجاج الإمارات بالتوفيق لأداء هذه العبادة العظيمة، سائلاً الله تبارك وتعالى دوام الصحة والعافية، وأن يحفظه ونوابه وإخوانه حكّام الإمارات وولي عهده الأمين.. وأن يجعل هذه الأيام، أيام خير وسلام ورحمة على بلادنا الغالية وعلى المسلمين والعائلة الإنسانية جميعاً، مشيداً باهتمام سموهم وحكومة دولة الإمارات بوعي حجاجها وسلامتهم وصحة حجهم، وتوجيهاتها المستمرة لأداء حجاج دولة الإمارات مناسكهم على أفضل الوجوه، وأيسر السبل.
قال الدرعي: إن هذا الملتقى يهدف إلى التعرف على المناسك والخدمات والمحطات، والجاهزية والتهيؤ المناسب، والتزود من المعارف والخبرات، والحصول على إطلالة شاملة على محطات ومسارات هذه الرحلة المباركة، داعياً إلى التزود الإيماني لأداء هذه الفريضة، وإعمار الأوقات بأعمال الطاعات، لتحقيق معاني العبودية المقصودة من المناسك، واغتنام هذه الفرصة، في التقرب إلى الله بالعبادات، والإكثار من الفرائض والنوافل والصدقات والالتزام بالتنظيمات والتعليمات، والتنسيق مع الفرق المسؤولة المشرفة من الأطقم الإدارية والحملات، وتنظيم التفويج، وفق الخطط المرسومة.
وأكد الدكتور عمر الدرعي، أن الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة، بتوجيه من القيادة الرشيدة، تولي شؤون الحج أهمية كبيرة، فما يحظى به حجاج الدولة من العناية والرعاية والاستعدادات والخدمات، قد لا يحصل لأي حجاج دولة أخرى، حرصاً على جودة أجواء هذه الرحلة الإيمانية وإسعاد حجاجنا، مبيناً أن مكتب شؤون حجاج الدولة سيوفر أجود الخدمات وأحسنها، إذ يرافقه فريق شرعي من العلماء، وفريق صحي مكون من الأطباء، وفريق آخر خاص لخدمة الحجاج ومتابعة أمورهم، مشيراً إلى أن الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة تجهز لهذا الموسم منذ شهور عديدة، بالتنسيق مع الجهات الداخلية والخارجية، من أجل أن حجاج الدولة هذه الفريضة على أفضل أكلم الوجوه وأعلى المستويات.
وقدم محمد سعيد النيادي، مدير عام الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف مداخلة، استعرض فيها جهود «الهيئة» وخططها في الارتقاء بموسم الحج، وتذليل كل الصعاب والتحديات بطرق مبتكرة تأخذ في الحسبان توفير أقصى وسائل الراحة لحجاج الدولة وتحقيق السعادة لهم.
وألقت الدكتور ماريا محمد الهطالي، الأمين العام لمجلس الإمارات للإفتاء الشرعي كلمة دعت فيها للاقتداء بهدي النبي، صلى الله عليه وسلم، في هذا الركن العظيم في كل أفعالنا وأقوالنا وتعاملاتنا ابتغاء الأجر والثواب وقبول الطاعات؛ لأن الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة.
وقالت: إنّ لكلّ شعائر الحجّ حِكَماً ينبغي استجلاؤُها، وعِبراً يُتطَلَّبُ استخلاصُها، ودروساً يتعيّنُ تعلُّمُها، أشار الله تعالى إليها إجمالاً في محكم قوله: (وَأَذِّن فِي النّاسِ بِالْحجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ).