جمعة النعيمي (أبوظبي)
أكد الدكتور محمد حمد الكويتي، رئيس مجلس الأمن السيبراني لحكومة دولة الإمارات، في حوار مع «الاتحاد»، على هامش المعرض الدولي للأمن الوطني ودرء المخاطر «آيسنار أبوظبي 2024»، أن الأمن السيبراني يعد ركيزة أساسية للأمن الوطني في ظل الثورة التكنولوجية الهائلة التي نشهدها، كما يلعب مجلس الأمن السيبراني دوراً محورياً في حماية دولة الإمارات العربية المتحدة من التهديدات السيبرانية من خلال العمل على تطوير منظومة أمن سيبراني متقدمة وفعالة، وتعزيز التعاون بين مختلف الجهات المعنية، ونشر الوعي حول مخاطر الفضاء الإلكتروني.
وأضاف: أما بالنسبة للذكاء الاصطناعي، فهو يشكل اليوم أهم الأدوات التي من شأنها أن تحدث تحولاً هائلاً في مختلف المجالات، خاصة في الأمن الوطني والتعاون الدولي، فعلى صعيد الأمن الوطني، يمكّن الذكاء الاصطناعي من تحليل كميات هائلة من البيانات بشكل سريع ودقيق، الأمر الذي يساعد على اكتشاف التهديدات الناشئة، مثل الهجمات السيبرانية والأنشطة الإرهابية في مراحلها المبكرة، إضافة إلى تقييم المخاطر، مما يساهم في تحديد نقاط الضعف في البنية التحتية الوطنية، وتحديد أولويات الجهود الوقائية. كما أن الذكاء الاصطناعي يساعد في توجيه الموارد الأمنية نحو التهديدات الأكثر خطورة.
الهجمات السيبرانية
وقال الدكتور محمد حمد الكويتي: من الأمور المهمة للذكاء الاصطناعي أتمتة المهام، حيث إن الذكاء الاصطناعي يمكنه أتمتة العديد من المهام المتكررة، وتحليل تدفقات البيانات من الكاميرات وأجهزة الاستشعار للكشف عن الأنشطة المشبوهة، أي المراقبة الحثيثة، كما أنه يسهل عملية اتخاذ إجراءات سريعة وفعالة للحد من تأثير الهجمات السيبرانية أو الكوارث الطبيعية.
كما يُتيح الذكاء الاصطناعي تبادل المعلومات والخبرات بين الدول بشكل آمن وفعَّال، مما يُساعد على تتبع وتعطيل شبكات الجريمة عبر الحدود، ومكافحة الإرهاب، ومنع التخطيط والتنفيذ للهجمات الإرهابية، وتعزيز الأمن البحري، وحماية الممرات المائية الحيوية من التهديدات.
أما على صعيد التعاون الدولي، فإن الذكاء الاصطناعي يساهم في تطوير منصات تبادل المعلومات عبر إنشاء منصات آمنة لتبادل البيانات الاستخبارية والمعلومات حول التهديدات السيبرانية، إضافة إلى تعزيز التعاون والعمل المشترك على تطوير تقنيات جديدة لمكافحة التهديدات الناشئة، ووضع معايير دولية موحدة لضمان استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول وأخلاقي في مجال الأمن.
وأضاف الكويتي: لا شك أن الذكاء الاصطناعي يقدم للأمن السيبراني خدمات كبرى، ونحن في مجلس الأمن السيبراني لحكومة دولة الإمارات نعمل بشكل حثيث على الاستفادة من ثورة الذكاء الاصطناعي من خلال عدة أمور تتضمن، أولاً: تطوير أنظمة ذكية لتحليل البيانات لتعزيز قدرات الكشف عن التهديدات وتقييم المخاطر، وثانياً: استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لأتمتة المهام، مثل المراقبة والاستجابة للحوادث. ثالثاً: التعاون مع الجهات المختصة لتبادل المعلومات والخبرات وتطوير حلول مشتركة لمكافحة التهديدات السيبرانية.
وتابع الكويتي: كما تعلمون، إن مجلس الأمن السيبراني يشكل الدرع الأمينة والواقية للحياة الرقيمة في دولة الإمارات، ويلعب دوراً محورياً في ظل الثورة التكنولوجية من خلال العديد من الأمور، أهمها: وضع استراتيجية وطنية للأمن السيبراني لتحديد التهديدات والاحتياجات، وتحديد الأولويات وتخصيص الموارد، وتنظيم وتنسيق الجهود الوطنية لضمان التنسيق بين مختلف الجهات المعنية بالأمن السيبراني، وتعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص، ورفع مستوى الوعي من خلال نشر ثقافة الأمن السيبراني بين أفراد المجتمع، وتدريب الكوادر الوطنية على استخدام التكنولوجيا بشكل آمن.
تكاملية الأدوار
وأضاف: إنه لا يمكن لأي جهة أن تنجح بمفردها، ولذا لابد من تكامل الأدوار والتعاون البناء، خاصة في مجال الأمن السيبراني، الذي يشكل عمود أمن البيانات والمعلومات، مؤكداً أن التعاون ضروري من أجل حياة وبيئة رقمية سليمة وآمنة، ونحن، والحمد لله، في مجلس الأمن السيبراني نعمل بلا كلل على تكامل الأدوار مع مختلف الجهات المختصة على مستوى الدولة، من خلال العديد من القضايا والمهام ومن أبرزها: اللجان الوطنية للأمن السيبراني لتعزيز التعاون وتبادل المعلومات، وتنسيق الجهود لمكافحة التهديدات السيبرانية، والشراكة مع القطاع الخاص لتطوير حلول مبتكرة للأمن السيبراني، وتعزيز الاستثمار في مجال الأمن السيبراني، والتعاون مع المؤسسات الأكاديمية ودعم البحوث والتطوير في مجال الأمن السيبراني، والمساهمة في بناء القدرات الوطنية، ونشر الوعي حول مخاطر الفضاء الإلكتروني، وتعزيز ثقافة الأمن السيبراني بين أفراد المجتمع.
النظام البيئي للأمن الوطني
ولفت الكويتي إلى أن مجلس الأمن السيبراني يسعى إلى تسريع التحول في النظام البيئي للأمن الوطني في إطار مؤتمر آيسنار من خلال: اعتماد نهج استباقي والتركيز على منع التهديدات قبل وقوعها، والاستثمار في تقنيات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، وبناء قدرات وطنية قوية وتطوير كوادر بشرية متخصصة في مجال الأمن السيبراني، وتعزيز البحث والتطوير في مجال الأمن السيبراني، وتعزيز التعاون الدولي من خلال تبادل المعلومات والخبرات مع الدول الأخرى، والمشاركة في الجهود الدولية لمكافحة التهديدات السيبرانية.
توصيات للأمن السيبراني
قدم الكويتي، توصيات للأمن السيبراني في إطار المعرض الدولي للأمن الوطني ودرء المخاطر «آيسنار أبوظبي 2024»، والتي تتضمن: الاستمرار في الاستثمار في تقنيات الأمن السيبراني المتقدمة، وتعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص، ونشر الوعي حول مخاطر الفضاء الإلكتروني بين أفراد المجتمع، وتطوير مهارات القوى العاملة في مجال الأمن السيبراني، والمساهمة في الجهود الدولية لوضع معايير وقواعد للأمن السيبراني. وقال رئيس الأمن السيبراني لحكومة دولة الإمارات، في كلمة له: «إننا في مجلس الأمن السيبراني نرى في الإعلام شريكاً حقيقياً في صنع ثقافة الأمن السيبراني».
50 ألف هجمة سيبرانية
قال د. محمد الكويتي: نحن في مجلس الأمن السيبراني، وبفضل تكامل وتعاون الجميع، نتصدر دول العالم في مجال الأمن السيبراني، وحققنا إنجازات عديدة وجوائز ومؤشرات متقدمة، وقد تعاملت دولة الإمارات العربية المتحدة مع الهجمات الإلكترونية بشكل فعال. وقد تصدى المجلس، بالتعاون مع شركائه، إلى أكثر من 50 ألف هجمة سيبرانية يومياً تستهدف القطاعات الاستراتيجية في الدولة. ولفت إلى أن القطاع المصرفي والمالي والصحي والنفط والغاز يأتي على رأس القطاعات الاستراتيجية الأكثر استهدافاً. كما أن جميع الهجمات تم التصدي لها بشكل استباقي وبكفاءة واحترافية عاليتين لتحصين الفضاء الرقمي في الدولة ضد أي هجمات خبيثة.
وأوضح الكويتي أن مجلس الأمن السيبراني يتعامل مع الهجمات السيبرانية وفقاً لمعايير وسياسات أمن المعلومات في الدولة. وأشير هنا إلى أنه في ظل استمرار التحول الرقمي لجميع القطاعات والتطور التكنولوجي المتسارع من المتوقع أن تتزايد الهجمات السيبرانية التي سنواصل بالتعاون مع الشركاء التصدي لها.
الهجمات الإلكترونية الخبيثة
أكد د. محمد الكويتي أن دولة الإمارات لديها بنية تحتية رقمية فائقة التطور ووسائل متقدمة للتصدي للهجمات الإلكترونية الخبيثة التي تستهدف القطاعات والمؤسسات الحكومية، وهو ما جعلها تتصدر المرتبة الخامسة عالمياً في مؤشر الأمن السيبراني الصادر عن الاتحاد الدولي للاتصالات التابع للأمم المتحدة، الذي يرصد التحسن في مستويات الوعي بأهمية الأمن السيبراني في 193 دولة حول العالم.
وتابع: إن دولة الإمارات لديها بنية تحتية قوية للأمن السيبراني، وتعمل على اتّباع أفضل الممارسات العالمية في مجال الأمن السيبراني، ورفع مستوى الوعي عبر نشر ثقافة الأمن السيبراني بين أفراد المجتمع، وتدريب الكوادر الوطنية على استخدام التكنولوجيا بشكل آمن، والتعاون الدولي عبر تبادل المعلومات والخبرات مع الدول الأخرى، والمشاركة في الجهود الدولية لمكافحة التهديدات السيبرانية، مشيراً إلى أن هناك انخفاضاً ملحوظاً في عدد الهجمات الإلكترونية الناجحة.