نيويورك (الاتحاد)
أكدت دولة الإمارات، أن ما يحدث في غزة وبقية الأرض الفلسطينية المحتلة لا يمكن السكوت عنه أو القبول باستمراره، ولابد من وقف فوري لإطلاق النار في القطاع، وضمان إدخال المساعدات الإنسانية من دون عوائق، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، مشددة على ضرورة إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود عام1967 وفقاً لقرارات الشرعية الدولية.
وقالت الإمارات، أمس، بصفتها رئيس المجموعة العربية لشهر مايو، في بيان أمام مجلس الأمن بشأن حماية المدنيين في النزاعات المسلحة، ألقاه السفير محمد أبوشهاب، المندوب الدائم لبعثة الدولة لدى الأمم المتحدة: «إن الالتزام بقواعد حماية المدنيين في كل حالة من حالات النزاع المسلح هو أمرٌ غير قابل للتفاوض، ويشمل ذلك قطاع غزة الذي يتعرض فيهْ المدنيون الفلسطينيون لاستهدافٍ متعمد وممنهج».
وأضاف أبو شهاب: «لقد قَتل العدوان الإسرائيلي أكثر من 35000 فلسطيني، وجَرح أكثر من 78000 آخرين، كما شرَّد أكثر من 75% من سكان القطاع، ودمَّر أكثر من نصف المباني، بما فيها 360 ألف وحدة سكنية».
وتابع: «إلا أن هذه الأرقام لا تصوّر الحجم الفعلي لهذه المأساة، فوراء كل رقمٍ هناك أرواح سرقت، وأشخاص هجّروا، وعائلات أبيدت ومحيت بالكامل من السجلات المدنية».
وأكد أبو شهاب أن أعداد الضحايا لم تكن لترتفع لهذه المستويات المفزعة لو التزمت إسرائيل بأحكام القانون الدولي الإنساني وتحملت مسؤولياتها كقوة قائمة بالاحتلال بموجب اتفاقية جنيف الرابعة، ولو استجابت للأوامر الصادرة عن محكمة العدل الدولية في القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضدها بشأن اتفاقية منع الإبادة بدلاً من تجاهلها الصارخ لهذه الأوامر.
وأضاف: «إن الوضع المروّع في غزة اليوم هو نتيجة مباشرة للهجمات الإسرائيلية ضد المدنيين والبنية التحتية المدنية، وللقيود الخانقة المفروضة على إدخال المساعدات الإنسانية والإمدادات التجارية»، مشيراً إلى أن الوضع الحالي تسبب في ارتفاع غير مسبوق في مستويات انعدام الأمن الغذائي وعرَّض أكثر من نصف مليون فلسطيني للمجاعة مع استمرار إسرائيل في استخدام التجويع كسلاحِ حرب.
ولفت أبو شهاب إلى أن ما يزيد الوضع بشاعةً استهداف العاملين في المجال الإنساني، ليصبح القطاع أكثر الأماكن خطورة على وجه الأرض لهؤلاء الأبطال الذين يخاطرون بحياتهم لإغاثة المحتاجين.
وتابع، إن هذهِ الاعتداءات وصلت مرحلة خطيرة للغاية، حيث طالت قوافل المساعدات ومقرات المنظمات الإنسانية بما فيها مقر الأونروا في القدس الشرقية المحتلة، مضيفاً أن مثل هذه الهجمات المتكررة تشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وتتطلب تحقيقاً فورياً وشفافاً لمحاسبة المسؤولين عنها.
وقال: «تزداد الشواغل مع تصعيد إسرائيل الأخير والخطير في رفح وقيامها بإغلاق المعبر على الجانب الفلسطيني والسيطرة عليه بالقوة ومن دون حق، متجاهلةً التزاماتها وفقاً للقانون الدولي، إذ أصبح مخزون الوقود على وشك النفاد، الأمر الذي سيتسبب في شلل حركة المساعدات الإنسانية وسيعطل بشكلٍ شبه كامل الخدمات الأساسية في القطاع، ما اضطرار الأونروا إلى تعليق عمليات توزيع المواد الغذائية في رفح بسبب شح الموارد والحالة الأمنية يوضح مدى تدهور الأوضاع».
وقال أبو شهاب: «بعد 25 عاماً على اعتماد قرار حماية المدنيين في النزاعات المسلحة، يشكل الأطفال والنساء غالبية الضحايا في غزة، بل إن أعداد الأطفال الذين قتلوا في هذه الحرب يفوق إجمالي عدد الأطفال الذين قتلوا على مدى أربعة أعوام في جميع النزاعات حول العالم، أما من نجى منهم فيعاني أسوأ الظروف، حيث أصبح أطفال غزة أكثر جيل تعرض لبتر الأطراف في التاريخ».
وأضاف: «كما تواجه النساء في غزة، خاصةً الحوامل والمرضعات، مخاطر جسيمة، في ظل غياب شبه تام لأبسط مقومات الحياة مثل الغذاء والمياه والرعاية الصحية».
وحسب اليونيسيف، يعاني 90% من أطفال غزة دون سن الخامسة من مرضٍ أو أكثر، فيما يعاني 16% من الأطفال دون سن الثانية من الهُزال والتقزُّم، وهذا إلى جانب الصدمات النفسية وتأثيرها المدمر عليهم وعلى ذويهم والمجتمع بأكمله.
وطالب أبو شهاب بضرورة إجراء تحقيق دولي مستقل وفوري في التقارير المفزعة حول اكتشاف مقابر جماعية، وتقديم الجُناة إلى العدالة، حتى لا يفلت أحدٌ من العقاب.
وأردف، لقد طالت الانتهاكات الإسرائيلية كافة أرجاء الأرض الفلسطينية المحتلة، ففي الضفة الغربية، قتلت القوات الإسرائيلية والمستوطنين منذ أكتوبر الماضي 480 فلسطينياً، من بينهم 116 طفلاً، وتم جرح 5.040، أغلبهم بالرصاص الحي، وشرد نحو 1950 فلسطينياً، جراء هدم المنازل وعنف المستوطنين، مشيراً إلى أن ما يحدث في غزة وبقية الأرض الفلسطينية المحتلة لا يمكن السكوت عنه أو القبول باستمراره.
كما أكد أبو شهاب إدانة المجموعة العربية الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي السورية وتطالب بمنع تكرارها، وبالمثل فيما يتعلق بالعدوان الإسرائيلي المستمر على القرى المدنية الآمنة في جنوب لبنان والذي يشكل انتهاكاً للقانون الدولي، بما يشمل القانون الدولي الإنساني، حيث أدى لمقتل أكثر من 80 مدنياً، وتهجير أكثر من 93 ألف لبناني، فضلاً عن قصف الجنوب اللبناني مراراً بالفوسفور الأبيض المحرم دولياً.
وفي سياق مخرجات الدورة العادية الـ33 للقمة العربية التي عقدت في مملكة البحرين يوم 16 مايو، تطالب المجموعة العربية.
أولاً، بضرورة تحقيق وقف فوري لإطلاق النار في غزة، ووقف قوات الاحتلال الإسرائيلية لعملياتها العسكرية في القطاع وانسحابها منه، بما يشمل معبر رفح، مشيدة بجهود مصر وقطر للتوصل لهدنةٍ إنسانية لتخفيف المأساة في غزة، ووقف التصعيد واستهداف وتهجير المدنيين، وإطلاق سراح الأسرى والمحتجزين.
ثانياً، ضمان إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة من دون عوائق، وفتح جميع المعابر بشكلٍ كامل، وتسهيل دخول الإمدادات التجارية للوفاء باحتياجات سكان القطاع.
ثالثاً، السماح لوكالة الأونروا وسائر المنظمات الإنسانية بالعمل بحرية ومن دون أي تقييد لولاياتها، خاصة في ظل العوائق المستمرة من الجانب الإسرائيلي، ودعم جهود المنسق الخاص سيغريد كاغ وتسهيل عملها.
ورابعاً، اتخاذ تدابير فعالة للمساءلة عن الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، ولا سيما جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية.