دبي (الاتحاد)
أعلن مركز محمد بن راشد لإعداد القادة عن انطلاق ورش العمل التدريبية لمنتسبي برنامج قيادات دبي الاقتصادية، الذي دشنه سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي لإمارة دبي، بهدف تأهيل جيل جديد من الكوادر الوطنية لقيادة قطاعات دبي الحيوية، وتزويدهم بأحدث التوجهات والخبرات الاقتصادية والقيادية العالمية.
تستهدف ورش العمل التدريبية، التي يتم تنظيمها بالتعاون مع شركاء محليين وعالميين من القطاعين الحكومي والخاص، إكساب المنتسبين لبرنامج قيادات دبي الاقتصادية البالغ عددهم 28 منتسباً، مهارات حيوية تؤهلهم لقيادة قطاعات اقتصادية مستقبلية، وبما يدعم مستهدفات أجندة دبي الاقتصادية D 33 في مضاعفة النمو الاقتصادي لإمارة دبي خلال العقد المقبل، وترسيخ موقعها ضمن أفضل 3 مدن اقتصادية حول العالم.
وتركز ورش العمل، التي تستمر لمدة 5 أيام ويشرف عليها نخبة من المسؤولين وقادة القطاعات والخبراء العالميين، على تعزيز المهارات القيادية للمنتسبين إلى البرنامج، بما يسهم في تنفيذ الخطط الطموحة لإمارة دبي، إضافة إلى إطلاع المشاركين في البرنامج على التوجهات الاقتصادية المستقبلية وأفضل الممارسات في تنمية واستدامة تطوير المجالات الاقتصادية.
عناصر مترابطة
شهد اليومان الأول والثاني من ورش العمل التدريبية تنظيم عدد من الجلسات حول السياسات والحوكمة الاقتصادية وإدارة الأزمات الاقتصادية وفن التفاوض لتعريف المشاركين في برنامج قيادات دبي الاقتصادية على مجموعة من الأدوات التي تساعد في الإدارة الناجحة للمفاوضات.
تجربة شركة «كريم»
استعرض أشيش جاين، المدير التنفيذي للشؤون المالية في شركة «كريم»، خلال الجلسة، تجربة «كريم» الناجحة، وأكد أنها مرتبطة بشكل وثيق بالازدهار الذي تشهده مدينة دبي من خلال توفيرها بيئة استثمارية مثالية للشركات الناشئة، لافتاً إلى أن فكرة تطبيق «كريم» انبثقت من رغبة المؤسسين في تبسيط وتحسين الحياة اليومية من خلال التكنولوجيا، حيث تم تطوير خدمة النقل في عام 2012، استجابة لحاجة لمسها المؤسسون في الأسواق المحلية.
ومنذ عام 2012، قامت شركة «كريم» ببناء منصة رائدة للخدمات المتعددة في الشرق الأوسط من خلال توفير باقة مميزة من خدمات النقل وتوصيل الطعام والبقالة وتحويل الأموال وغير ذلك عبر تطبيق موحّد. وقامت بتوفير أكثر من 2.5 مليون فرصة عمل لكباتنها، وتبسيط حياة 50 مليون عميل. كما ساهمت في نمو وازدهار أفضل المواهب في المنطقة، ودعم العديد من الشركات الناشئة في توسيع نطاق أعمالهم. وتوجد شركة «كريم» حالياً في أكثر من 70 مدينة في 10 دول من المغرب إلى باكستان.
وسلط جاين الضوء، خلال مشاركته، على مشاريع الشركة الحالية والمستقبلية، بالإضافة إلى استحواذ شركة «أوبر» عليها في عام 2019، حيث تناول الجوانب المهمة والدروس المستفادة من صفقات الدمج والاستحواذ، ومنها صفقة أوبر-كريم التي شارك فيها، حيث تطرق إلى السياق الذي أدى إلى عقد الصفقة وأهم التحديات التي واجهتها وأسباب نجاحها.
وناقش، خلال الجلسة، أبرز توجهات عمليات الدمج والاستحواذ في منطقة الشرق الأوسط، والتي تشهد تزايداً مؤخراً. كما تطرق إلى فنون عقد الصفقات، مركزاً على أهمية تطوير رؤية واضحة لأهداف الشركة قبل التوجه إلى طاولة المفاوضات، والسعي لتوازن مصالح المتفاوضين معاً لتحقيق أفضل النتائج، والتحلي بالمرونة لتفادي التحديات.
وتحدث المدير التنفيذي للشؤون المالية في شركة «كريم» عن وجهات النظر المتعددة التي قد تحدث في عملية التفاوض لصفقات الدمج والاستحواذ من منطقة إلى أخرى، متناولاً بالشرح أهم المبادئ التي تؤدي إلى عقد صفقات تجارية ناجحة، مختتماً بالحديث عما يمكن للحكومات أن تتبناه لتعزيز الابتكار وريادة الأعمال من خلال الحوكمة الاقتصادية.
الحوكمة الاقتصادية
وتحدث الدكتور نيفيل بولت، مفكر رائد في مجال السياسات والحوكمة الاقتصادية، عن مفهوم السياسات والحوكمة الاقتصادية في سياق المفاوضات. وقال: «يمكن تعريف السياسات والحوكمة الاقتصادية بأنها عملية تشكيل وتغيير الخطابات الأبرز في المجتمعات على المدى الطويل»، مؤكداً إمكانية خضوع السياسات والحوكمة الاقتصادية لقياس التأثير. وركز بولت، خلال الورشة، على 3 عناصر مترابطة تشكل جوهر السياسات والحوكمة الاقتصادية وتعمل معاً في دورة مستمرة تؤثر عناصرها في بعضها بعضاً وهي: تشكيل الذاكرة، وسرد القصة، وتطوير الهوية.
مهارات التفاوض
وتطرق جوناثان باول، الدبلوماسي البريطاني الذي عمل كبيراً لموظفي رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، في جلسته إلى المراحل الأساسية للتفاوض التي تشمل مرحلة الاستعداد الذي يؤدي إلى بدء المفاوضات، ومرحلة التعامل معها، وأخيراً مرحلة الاتفاق وإنهاء المفاوضات، مشيراً إلى أن امتلاك القادة لمهارات فن التفاوض يعد أداة قوية تحقق النجاح في القيادة والنتائج المرجوة ويساهم في بناء علاقات قوية مع فريق العمل.
وناقش باول أبرز الأمور التي ينبغي التركيز عليها أو تجنبها أثناء الاستعداد لبدء المفاوضات، وأهمية تحديد النقاط الأساسية التي لا يشملها فن التفاوض لتجنب التحديات، وضرورة وضع خطة لمسار المفاوضات ومراجعتها باستمرار، كما ركز على الأهمية البالغة لبناء الثقة بين أطراف المفاوضات وأثرها في تغيير مسار المفاوضات، بالإضافة إلى دور الوسطاء.
واختتم باول الجلسة بتعريف المشاركين في البرنامج على مجموعة من الأدوات التي تساعد في تخطي تحديات التفاوض، ومنها ما يعرف بالغموض البنّاء، الذي يتيح تجنب طرح بنود محددة قد يتسبب التركيز عليها في خلق التحديات، ومن الأدوات التي ذكرها أيضاً الاتفاق على إجراءات تساهم في حل بعض القضايا التي تعجز المفاوضات عن تقديم حل نهائي لها، بالإضافة إلى توسيع دائرة الخيارات المطروحة لتسهيل تقديم التنازلات من قبل أطراف المفاوضات بدلاً من التركيز على مطالب محددة لا يمكن تحقيقها.
كيفية بناء الثقة
واستضافت ورش العمل التدريبية رولف ماير، وزير سابق في جنوب أفريقيا، حيث استعرض تجربته الشخصية وذكر 3 عوامل رئيسية لنجاح المفاوضات وهي الشمولية وعدم ترك أي أطراف على الهامش، وتعلم كيفية بناء الثقة بين أطراف المفاوضات، وتحمل مسؤولية عملية المفاوضات والمبادرة لإنجاحها.
وأشار ماير إلى أن دبي ودولة الإمارات حظيتا بقيادات ملهمة ساهمت في ترسيخ ريادتهما الاقتصادية عالمياً، مثلما ساهم مانديلا في تحول جنوب أفريقيا، مؤكداً أن سمات العطاء والكرم التي عُرف بها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، والفكر الريادي الذي يتحلى به صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، هي من أهم سمات القائد الناجح.
وأشاد ماير بالرؤية المستقبلية التي تنتهجها قيادة دولة الإمارات وساهمت في تقدمها، داعياً المشاركين في البرنامج إلى الاستفادة من الفرص والمزايا التي تتيحها دولة الإمارات.
تدريبات عملية
في جلسة تفاعلية قدمها سامح بدير، أستاذ علوم القيادة وفن التفاوض في المعهد الدولي للتطوير الإداري (IMD)، خضع المشاركون لتدريبات عملية حول إدارة الأزمات الاقتصادية.
وقال بدير إن إدارة الأزمات الاقتصادية وقيادة الفريق وفن التفاوض تقوم على الحوار، وبناء العلاقات، مركزاً من خلال حديثه على أهمية تحقيق التوازن بين أسلوب القيادة الجريء (الذي يجمع بين الذكاء والثقة) وأسلوب القيادة الهادئ (الذي يجمع بين التعاطف والتواضع)، مشيراً إلى أن دبي وقيادتها تشكل مثالاً حياً على الإدارة الناجحة للأزمات الاقتصادية في المنطقة والعالم خلال العقود الماضية.
وتعرف المشاركون، خلال الجلسة، على أهمية إرسال الإشارات المناسبة للطرف الثاني في المفاوضات، مثل دقة المواعيد والثقة في تقديم العروض وغيرها، بالإضافة إلى أهمية تفعيل وساطة أطراف خارجية تساهم في تعزيز مصداقية المفاوضات.
كما ركز سامح بدير، على استراتيجيات خلق القيمة في سياق عقد الصفقات، حيث سلط الضوء على عدد من النقاط التي ينبغي تجنبها خلال مفاوضات عقد الصفقات، ومنها عدم الخلط بين المشاعر ومنطق الأعمال، أو الخضوع لقبول العروض قبل أوانها.
وسلطت جلسته الضوء على أهمية بناء العلاقات وتطويرها كعامل أساسي لنجاح المفاوضات، واستكشف المشاركون أساسيات تطوير رأس المال الاجتماعي، الذي اعتبره بدير سمة أساسية يتمتع بها المفاوض المتميز.
وخضع المشاركون، خلال الجلسة، لسلسلة من التدريبات التفاعلية حول كيفية اختيار أساليب المفاوضات التكتيكية بناء على عوامل محددة منها ما يعرف باسم (BATNA) أو أفضل بديل للاتفاقية التي يتم التفاوض بشأنها، وعروض تعزيز القيمة، وتوظيف سلطة الجهة المسؤولة عن اتخاذ القرار، كما تعرف المشاركون على كيفية إدارة التنازلات التي قد يتطلب الأمر تقديمها خلال المفاوضات.
ونفذ المشاركون في البرنامج تدريباً عملياً لإجراء المفاوضات التجارية تبعه نقاش موسع لأبرز نقاط القوة والضعف.
كما تشهد ورش العمل التدريبية تنظيم عدد من الجلسات يتحدث خلالها عيسى كاظم، محافظ مركز دبي المالي العالمي، وجويل نزالي، عضو مجلس إدارة عدد من الشركات العالمية، وماثيو أغاروالا، مدير مشروع اقتصاد الثروات الذي ينفذه معهد بينيت للسياسة العامة في جامعة كامبريدج، وجورج غلينوس، أحد أبرز الاقتصاديين في أفريقيا والمدير المؤسس لشركة إيكونومتريكس، ودارون أسيموغلو، أستاذ في معهد ماساسوشيتس للتكنولوجيا وثالث خبراء الاقتصاد الأكثر ذكراً في العالم، حول مهارات التفاوض على إعادة هيكلة الديون، وتحليل التكاليف والفوائد، ونمو الإنتاجية.
يشارك في ورش العمل التدريبية منتسبو «برنامج قيادات دبي الاقتصادية» وهم: علي بن زايد الفلاسي، حسن محمد النهدي، فاطمة عبدالله الشيبة، محمد سليمان السويدي، راشد عتيق المري، أسماء هادي التاجر، محمد فهد لوتاه، بسمة سيف الشامسي، ماجد سعيد عبد الغفار، عبدالله راشد دعفوس المهيري، راشد محمد علي عبد الرحمن، أحمد وليد الصوالحي، هدى سبيل عبدالله، عالية السيد محمد الهاشمي، علي محمد القاسم، د.عبدالله محمد الغافري، أسماء عبدالله الحوسني، محمد حسين بالشالات، محمد خالد القاسم، سهيل نور الله حسن، مبارك راشد الدوسري، ميرة علي الشامسي، سالم سيف الشامسي، صنعاء علي محمد، عمار علي جبر، محمد أحمد الهاشمي، عمر عبد العزيز محمد، راشد سلطان الفجير.
أفضل الخبرات
يستهدف «برنامج قيادات دبي الاقتصادية»، الذي يشرف عليه «مركز محمد بن راشد لإعداد القادة»، إعداد كوادر وطنية من القطاعين العام والخاص، مؤهلة بأفضل الخبرات الاقتصادية والقيادية العالمية والمعارف مع التركيز على مهارات قطاعات اقتصادية مستقبلية.
يستمر البرنامج لمدة 9 أشهر، حيث يخضع منتسبو البرنامج لتدريبات عملية تستهدف صناعة قادة يمتلكون فكراً ريادياً ومهارات إدارية لابتكار حلول رائدة تستطيع ترجمة الخطط الاستراتيجية إلى مشاريع قائمة على أرض الواقع. كما يتضمّن البرنامج لقاءات وخلوات تجمع بين منتسبي البرنامج وشخصيات اقتصادية عالمية، حيث يوفر البرنامج منصة للحوار تتيح للقيادات الشابة الاستفادة من خبرات وتجارب ودروس نجاح هذه النماذج.
تعمل منظومة برنامج قيادات دبي الاقتصادية على تطوير 8 كفاءات اقتصادية و8 كفاءات قيادية من خلال تقديم منهجية علمية وعملية مدروسة لكفاءات وقدرات القيادات المطلوبة للمرحلة القادمة من مسيرة نمو وازدهار إمارة دبي اقتصادياً ومواكبة المتغيرات العالمية.