إبراهيم سليم (أبوظبي)
اختتمت، أمس، أعمال المؤتمر الدولي «تعزيز أنظمة الرقابة للحد من مخاطر الغش الغذائي»، الذي نظمته هيئة الزراعة والسلامة الغذائية أبوظبي، والذي يُعقد لأول مرة على مستوى المنطقة، وشاركت فيه منظمات دولية وإقليمية، من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، وغيرها، وناقش أفضل الممارسات والتطورات العالمية في مجال مكافحة الغش الغذائي، وذلك في إطار جهود الهيئة الدؤوبة لتعزيز سلامة الغذاء.
ودعا المؤتمر الذي عقد تحت شعار «معاً لمكافحة الغش في الغذاء» إلى تطوير منظومة لاستكشاف ورصد وتحليل المعلومات وتقييم التهديدات الناشئة في مجالات الغش الغذائي على المستوى الوطني والإقليمي والدولي، وضرورة استمرار الجهود لتطوير وتحسين المنظومة الرقابية والاستفادة المثلى من الذكاء الاصطناعي في مكافحة ممارسات الغش في الغذاء في مراحل السلسلة الغذائية كافة، وتنفيذ برامج مسحية موجهة تستهدف الأغذية الأكثر عرضة للغش في الغذاء، ودعم تلك البرامج بالفحوص المخبرية المناسبة.
وأكدت الدكتورة مريم حارب السويدي، نائب المدير العام للشؤون التشغيلية في هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية، في كلمتها الختامية، أن المؤتمر جاء مثمراً ومهماً بشأن تعزيز أنظمة الرقابة للحد من مخاطر الغش الغذائي، مثمنة جهود الخبراء المتحدثين والمشاركين، والذين ساهموا في إثراء المناقشات وتبادل الأفكار والخبرات وأفضل الممارسات للحد من تعرض السلسلة الغذائية للغش الغذائي.
ولفتت إلى أنه خلال اليومين تم بحث مختلف الجوانب المتعلقة بالغش الغذائي، وتُطُرِّق إلى تأثير الغش الغذائي على ثقة المستهلك والصحة العامة وتجارة الأغذية العالمية، وكيف يؤدي إلى خسائر اقتصادية، سواء للمستهلكين أو أصحاب العلاقة في سلسة التوريد.
وأوضحت، أن المؤتمر بيَّن تأثير التعقيد المتزايد للنظم الغذائية والتجارة العالمية للأغذية على سلاسل الإمداد الغذائية وجعلها أكثر عرضة لممارسات الغش الغذائي، وذلك من خلال الأمثلة التي استعرضها بعض المتحدثين عن كيفية حماية سلاسل الإمداد الغذائية من الممارسات المتعمدة التي تشكل خطراً على الصحة العامة، وتعطل الممارسات العادلة في تجارة الأغذية.
وقالت السويدي، إنه تم التطرق خلال المؤتمر إلى الدروس المستفادة من حادثة غش لحوم الأبقار بخلطها بلحوم الخيول التي حدثت في الاتحاد الأوروبي عام 2013 وكيف أثارت اهتمام المجتمع والمصنعين والسلطات المختصة بالتهديدات الناجمة عن الغش في الغذاء وتأثيره في ثقة المستهلكين من حيث فعالية برامج الرقابة الرسمية وسلامة المنتجات الغذائية، وكيف أدى التأثير واسع النطاق لتلك الحادثة إلى زيادة الوعي وفهم طبيعة سلاسل الإمداد المعقدة وقابلية تعرضها للغش الغذائي والخسائر الاقتصادية التي يمكن أن يتسبب بها الغش الغذائي.
كما تم التأكيد خلال المؤتمر على أهمية بناء قدرات المفتشين وتمكينهم من اكتساب المهارات المطلوبة لإجراء التحقيق في حالات الغش الغذائي المشتبه بها؛ لكونها تتطلب مهارات مختلفة عن المستخدمة في إجراءات التفتيش الروتينية.
وأكدت أن جميع التجارب والخبرات المقدمة خلال المؤتمر تشكل قيمة مضافة لهيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية ولكافة الحضور، خصوصاً لجهود ومبادرات الهيئة الحالية والمستقبلية لمكافحة الغش الغذائي.
وأكدت أن التحديات لا تنتهي باختتام المؤتمر، إذ تُعُرِّف على ما يشكله الغش الغذائي من تهديد مستمر ومتغير، يتطور باستمرار مع استغلال المجرمين للتكنولوجيا ونقاط الضعف في سلسلة التوريد، ما يتطلب نهجاً تعاونياً مع الأطراف كافة لمكافحته، وذلك من خلال تعزيز الشراكات والتعاون بين الهيئات والسلطات المعنية كافة، وبناء وتعزيز قدرات الجميع في رصد ومكافحة ممارسات الغش في الأغذية.
وقالت نائب المدير العام للشؤون التشغيلية في هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية، إنه يمكن إيجاز المخرجات الرئيسية أو التوصيات التي تمت خلال المؤتمر، والتي ستعزز جهود وخطط الهيئة لتطوير المنظومة الرقابية لرصد ومكافحة الغش في السلسلة الغذائية، والتي تشمل التالي: تطوير وتعزيز التشريعات الغذائية لمكافحة ممارسات الغش الغذائي باعتباره خطراً محتملاً يتطلب من مسؤولي المنشآت الغذائية أن يكون لديهم أنظمة لتحديد وتسجيل جميع المخاطر المحتملة للغش في الغذاء في كل مرحلة من مراحل السلسلة الغذائية، ووضع خطط وإجراءات التحكم بها.
وكذلك حماية متداولي الأغذية والأشخاص الذين يبلغون عن ممارسات الغش الغذائي من تعرضهم للمساءلة، وتنفيذ برامج مسحية موجهة تستهدف الأغذية الأكثر عرضة للغش في الغذاء، ودعم تلك البرامج بالفحوص المخبرية المناسبة.
كما أوصى المؤتمر بتطوير طرق فحص مخبري جديدة للكشف عن الغش في الغذاء لتعزيز الإجراءات الاستباقية، وكذلك الحاجة إلى تعزيز التعاون والتنسيق بين جميع السلطات المختصة من خلال إنشاء آليات وأنظمة منسقة للتواصل لتسهيل تبادل المعلومات وتعزيز منظومة الرقابة للكشف عن ممارسات الغش الغذائي في السلسلة الغذائية والحد منها ومكافحتها.
ودعت التوصيات إلى الحاجة إلى زيادة الوعي بممارسات الغش الغذائي والآثار المترتبة عليه، سواء على المستهلكين أو قطاع الغذاء من خلال بناء الشراكات والتعاون مع أصحاب العلاقة والأوساط الأكاديمية للحد من المخاطر الناجمة عن الغش في الغذاء.
وكذلك تطوير منظومة لاستكشاف ورصد وتحليل المعلومات وتقييم التهديدات الناشئة في مجالات الغش الغذائي على المستوى الوطني والإقليمي والدولي، حيث تشكل تلك المنظومة إحدى الاستراتيجيات الرئيسية لحماية السلسلة الغذائية من ممارسات الغش الغذائي، وتمكين السلطات المختصة من اتخاذ تدابير وقائية فعالة، وفي الوقت المناسب، والحاجة إلى تدريب وبناء قدرات مفتشي الأغذية على أساليب وإجراءات التحقيق في حالات الاشتباه بالغش الغذائي.
وأكدت السويدي ضرورة استمرار الجهود لتطوير وتحسين المنظومة الرقابية بشكل متكامل، وتعزيز الابتكار والاستفادة المثلى من الذكاء الاصطناعي في مكافحة ممارسات الغش في الغذاء في مراحل السلسلة الغذائية كافة.
ردع ممارسات الغش في قطاع العسل
ناقشت ورقة العمل المقدمة من الاتحاد الأوروبي للدكتور غيسلان ماريشال، من وحدة مكافحة الاحتيال الغذائي بالاتحاد الأوروبي- دي جي سانتي، المفوضية الأوروبية، بروكسل، بلجيكا، جهود الاتحاد الأوروبي لردع ممارسات الغش في قطاع العسل، وكشف الغش بعسل النحل، والذي بدأ العمل به منذ 2013، واتخاذ إجراءات خاصة بمكافحة الغش الغذائي الإلكترونية من الخلية وحتى العسل، وأنه في العامين الأخيرين طُوِّرت أدوات فحص الغش حتى استخدام الماء في غش العسل، وهناك تنوع في طرق الغش لهذا المنتج، وهناك شروط خاصة بجودته وألا يكون مغشوشاً أو مخلوطاً، أو استخدام السكر وأمور أخرى، ولفت إلى أنه في فرنسا يتم استيراد نحو 72 طناً سنوياً، وهناك تجارة إلكترونية، وسعر العسل الرخيص بدولار سببه إضافة السكر، والذي يكتشف بالمختبرات وهو غش للمستهلكين، ولا بد أن يكون صافياً، أما سعر الكيلو الأصلي 4 دولارات، وهو ما يعادل 4 أضعاف.
وأشار إلى أهمية اكتشاف من هو الغاش للعسل المنتج أم المصدر أم المستورد.. ولا بد من اختبار ذلك قبل الشراء.
وقال إنه يجري إعدام مئات الأطنان من الأغذية المغشوشة سنوياً لعدم مطابقتها للمعايير، واستخدام العديد من أنواع الغش والتزوير، وأنه حُدِّدَت طرق خاصة بكل دولة للتأكد من خلوها من الغش أو الأمور الضارة، ومدى صلاحيتها قبل دخولها للبلاد.. وأكد ضرورة تحمل الشركات المستوردة مسؤوليتها لحماية المستهلكين، مبيناً أنه يتم التعامل وتبادل المعلومات مع 42 دولة، لمكافحة والحد من الغش، كما تمت مطالبة بعض الدول بمخاطبة دول منتجة للعسل للتحقيق في المنتجات والتحقق منها، خاصة أنه يؤثر في الصحة العامة.
تزايد الغش عبر الإنترنت
تحدث روبرت فيليبس، كبير المتخصصين في الصحة البيئية- هيئة سلامة الأغذية في دبلن، إيرلندا، حول مكافحة الغش عبر الإنترنت أو التجارة الرقمية، والتي تتوسع بشكل كبير، وتنوع في التجارة، نحتاج إلى تدابير للحد من الغش، ولا بد من تحديد الأشخاص والشركات والمؤسسات التي تمارس التجارة على الإنترنت.
وقال «نحتاج إلى قاعدة بيانات تمكن من إصدار التشريعات اللازمة لمراقبة الغذاء.. هناك ملايين من المنتجات يُرَوَّج لها عبر الإنترنت، ولا بد من متابعة مستمرة لمراقبة الأنشطة التي تتم عبر الإنترنت، ومعرفة مكان وجودها لتطبيق القوانين، وأيضاً لدفع الضرائب».
قوانين
قال روبرت فيليبس، إن الشركات على الإنترنت ليست على دراية كاملة بالقوانين، وانتشار الغش التجاري والغذائي، يؤثر في الصحة العامة للمستهلكين، لذا لا بد من إيجاد طرق وتدابير جديدة لمراقبة ومحاسبة المتورطين، وغلق المنصات سيئة السمعة، لافتاً إلى وجود قوانين رادعة في الاتحاد الأوروبي، وهناك التزام من الدول الأوروبية، كما يُتَحَقَّق من المواد كلها التي تُعْرَض، واُكْتُشِفَت مواد تباع تؤدي إلى الوفاة، ومنها ما يستخدم في صناعة المتفجرات.
ودعا إلى إيجاد قوانين موحدة لمواجهة التحديات والتغلب على الانتهاكات والحد من الغش الغذائي عبر الإنترنت، نحتاج إلى قوانين تطبق بالدول كلها، ووضع ضوابط على وسائل التواصل الاجتماعي، ومراقبة الأسواق والإبلاغ عن أي غش غذائي.
وقال، إن هناك تحديات عالمية، ونحتاج إلى تعاون مشترك لتبادل المعلومات والخبرات ومحاسبة المنتهكين للأخلاق والقوانين.