هالة الخياط (أبوظبي)
أكد خبراء في مجال المياه أن الأمطار والسيول الناتجة عنها، تعد مصدراً رئيساً لتغذية خزانات المياه الجوفية في المناطق الجافة، كما هو الحال في الإمارات.
وأشاروا إلى أن الأمطار التي سجلتها الدولة خلال اليومين الماضيين، تبشر بموسم زراعي ذي مردود جيد على المزارعين، وهي سبب في زيادة كمية المخزون الجوفي، وتحسين نوعية المياه الجوفية، مع الأخذ بعين الاعتبار فترة وشدة الهطول المطري.
وأكدوا أهمية السدود والحواجز المائية في تعزيز الاستفادة من مياه الأمطار المتجمعة في البحيرات خلف السدود، ودعم التغذية الجوفية وزيادة معدلاتها، واستخدامها في ري المناطق الزراعية، ما سيسهم في تعزيز الأمن الغذائي.
وشهدت الدولة الثلاثاء الماضي حدثاً استثنائياً في التاريخ المناخي لدولة الإمارات منذ بداية تسجيل البيانات المناخية، حيث تم تسجيل أكبر كميات أمطار وكانت في منطقة «خطم الشكلة» بالعين، حيث بلغت 254.8 ملم في أقل من 24 ساعة وفقاً للمركز الوطني للأرصاد، الذي سجلت محطاته على مستوى الدولة كميات غزيرة من الأمطار في مناطق عديدة.
وأوضح المركز أن هطول الأمطار بهذه الغزارة يمثل حدثاً استثنائياً يسهم في زيادة المتوسط السنوي للأمطار في الإمارات، وكذلك في تعزيز مخزون المياه الجوفية بالدولة بشكل عام.
احتياطيات المياه الجوفية
وأوضح الدكتور ربيع رستم، أستاذ مشارك في هندسة المياه والبيئة بجامعة هيريوت وات دبي، أن الهطول المطري الذي شهدته الدولة خلال اليومين الماضيين، والذي يعتبر الأعلى خلال الأعوام الـ75الماضية، يلعب دوراً حاسماً في إعادة شحن احتياطيات المياه الجوفية، والتي تعد بمثابة المصدر الرئيس للمياه العذبة للبلاد.
وأكد أن هطول الأمطار بشكل عام يسهم في تجديد المياه الجوفية من خلال التسرب إلى التربة، والترشيح إلى طبقات المياه الجوفية تحت سطح الأرض. وتعد هذه العملية حيوية للحفاظ على مستويات المياه الجوفية وضمان إمدادات مستدامة من المياه العذبة لمختلف الاستخدامات، بما في ذلك مياه الشرب والزراعة والصناعة وصحة النظام البيئي. وبين أنه نظراً لندرة موارد المياه السطحية في دولة الإمارات العربية المتحدة، فإن المياه الجوفية تشكل شريان الحياة للأنشطة الزراعية، والتي تعتبر ضرورية للأمن الغذائي والتنويع الاقتصادي، ولذلك فإن التغذية الكافية من الأمطار تعتبر أمراً بالغ الأهمية لاستدامة الإنتاج الزراعي والحفاظ على الاكتفاء الذاتي للبلاد من الإمدادات الغذائية. وقال رستم إن المياه الجوفية تدعم النظم البيئية الصحراوية، بما في ذلك الواحات والوديان والنباتات والحيوانات الفريدة التي تتكيف مع الظروف القاحلة. وتضمن إعادة التغذية الناجمة عن هطول الأمطار استمرارية هذه الموائل التي ليست ذات أهمية بيئية فحسب، بل ذات قيمة ثقافية واقتصادية أيضاً.
ويرى رستم أنه في مواجهة الطلب المتزايد على المياه والتحديات التي يفرضها تغير المناخ، يعد الاستخدام الأمثل لهطول الأمطار لتغذية المياه الجوفية أمراً ضرورياً لتحقيق الأمن المائي والتنمية المستدامة في دولة الإمارات العربية المتحدة. ويتطلب ذلك تنفيذ تدابير لتعزيز حصاد مياه الأمطار، وتشجيع ممارسات الحفاظ على المياه، واعتماد تقنيات الري الفعالة لتقليل فقدان المياه.
وقال: «إن إدراك أهمية هطول الأمطار في الحفاظ على موارد المياه الجوفية، يؤكد الحاجة إلى نهج متكامل لإدارة المياه لضمان مرونة إمدادات المياه واستدامتها على المدى الطويل في البلاد».
وأكد رستم أن تعامل الجهات المعنية مع الأمطار الأخيرة، أظهر كفاءة الدولة في الاستعداد والاستجابة الفعالة في التعامل مع الأمطار الغزيرة، وذلك من خلال البنية التحتية المتقدمة وتدابير الطوارئ السريعة للتخفيف من الفيضانات وضمان السلامة العامة. وقال: «هذا ما يؤكد نهج الدولة وقيادتها الاستباقي ومرونة البلاد وقدرتها على إدارة الظواهر الجوية الاستثنائية بكفاءة قل نظيرها».
سدود التغذية
من جانبه، أكد الدكتور رياض الدباغ، خبير بيئي، أن إعادة تغذية طبقات المياه الجوفية الضحلة، تعتمد بشكل أساسي على نشاط الهطول المطري والجريان السطحي، ومن خلال سدود التغذية يمكن الاستفادة من الكميات الكبيرة من الأمطار التي هطلت خلال اليومين الماضيين والتي تساوي كميات الهطول المطري لموسم ممتد على مدار أشهر في بعض الدول.
وقال الدباغ: «هنا تكمن أهمية السدود المائية في الدولة بتوفير مورد مائي دائم ومستمر من خلال تجميع مياه الأمطار، حيث تلجأ مؤسّسات الدولة إلى استخدام مياه السدود في ري المحاصيل الزراعية، بينما تساعد السدود في زيادة مخزون المياه الجوفية وحماية الطرق والمنشآت والوقاية من الفيضانات». وقال إن الدولة أولت اهتماماً كبيراً ببناء السدود على مر التاريخ، وكان لمؤسس الدولة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الدور الرئيس في بناء السدود، ووصل عدد السدود في الإمارات في الوقت الحالي إلى أكثر من 150 سداً في مختلف إمارات الدولة، وبقدرة تخزينية تفوق الـ 130 مليون متر مكعب، مما يسهم في تعزيز عملية التنمية والاستدامة والأمن الغذائي واحتياطيات المياه الجوفية وتوليد الطاقة. وأكد الدباغ أهمية هطول الأمطار في تجديد مخزون واحتياطيات المياه الجوفية. وأوضح أن موارد المياه العذبة المحدودة في البلاد والاعتماد الكبير على المياه الجوفية، يتطلبان إدارة دقيقة، واستخدام كل قطرة من مياه الأمطار بحكمة لدعم الاحتياجات البشرية والنظم البيئية.