هالة الخياط (أبوظبي)
تواجه الكثير من دول العالم في الوقت الحاضر، وبما فيها دول المنطقة العربية ندرة في موارد المياه نتيجة للتغيرات المناخية، والضغوط المتزايدة على الموارد المائية، بما في ذلك الزيادة السكانية، والنمو الزراعي والاقتصادي وأنماط الاستهلاك غير المستدام.
وينذر عدم التعامل مع ملف المياه بجدية من قبل دول العالم بحصول عجز عالمي بنسبة 40% في إمدادات المياه بحلول 2030 نتيجة للتوسع الحضري، وفق تقرير صادر عن الأمم المتحدة.
ووفقاً للإحصاءات العالمية، فإن 60% من سكان العالم يوجدون في مناطق تعاني نقصاً في موارد المياه العذبة بسبب تجاوز معدل الطلب إجمالي العرض. ومن المتوقع أن ترتفع هذه النسبة في ظل ما نشهده عالمياً من تداعيات التغير المناخي التي تؤثر في أنماط سقوط الأمطار، ما يتسبب في فترات أطول من الجفاف وزيادة حدّة الفيضانات.
ويأتي إطلاق «مبادرة محمد بن زايد للمياه» بتوجيهات من صاحب السمو رئيس الدولة، أمس، تأكيداً على أهمية تسريع تطوير حلول تكنولوجية مبتكرة لمعالجة ندرة المياه، وتعزيز التعاون مع الشركاء والأطراف المعنية في العالم، لتسريع وتيرة الابتكار التكنولوجي للتعامل مع ندرة المياه، والسعي إلى زيادة الاستثمارات للتغلب على هذا التحدي، لما فيه خير الأجيال الحالية والمستقبلية.
وتتعامل دولة الإمارات مع ملف الأمن المائي باعتباره قضية أمن وطني، ومنذ تأكيد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، في عام 2011 بأن المياه تشكل أهمية كبرى تفوق أهمية النفط بالنسبة لدولة الإمارات، بدأت البرامج والاستراتيجيات المائية تتربع على قائمة أولويات الحكومة للتعامل مع هذا الملف، وإيجاد الحلول الاستباقية للتعامل مع ندرة المياه.
وعلى الرغم من أن الإمارات تعتبر واحدة من الدول الأكثر جفافاً وافتقاراً للمياه على مستوى العالم، حيث لا يتعدى معدل الهطول المطري فيها 100 مليمتر سنوياً، إلا أنها في الوقت ذاته تتبوأ مكانة رائدة عالمياً لالتزامها المسؤول بتوفير الحلول المناسبة للتحديات المتعلقة بالحفاظ على المياه وإدارتها وتحقيق الأمن المائي.
وتعتبر جهود الدولة في مواجهة تحدي الأمن المائي، محلياً وعالمياً، من خلال مبادراتها الرائدة في القطاع المائي نموذجاً يحتذى به لتعزيز الأمن المائي في الدول التي تعاني شحاً مائياً.
استراتيجية الأمن المائي
وتعتبر استراتيجية الأمن المائي لدولة الإمارات 2036 التي اعتمدتها في عام 2017 أحد أبرز الجهود التي تسعى إلى ضمان استدامة واستمرارية الوصول إلى المياه خلال الظروف الطبيعية وظروف الطوارئ القصوى. وتتمثل المستهدفات الرئيسة للاستراتيجية في خفض إجمالي الطلب على الموارد المائية بنسبة 21%، وزيادة مؤشر إنتاجية المياه إلى 110 دولارات لكل متر مكعب، وخفض مؤشر ندرة المياه بمقدار 3 درجات، وزيادة نسبة إعادة استخدام المياه المعالجة إلى 95%، وتوفير سعة تخزين لمدة يومي تخزين للحالات العادية في النظام المائي.
وتمثل مخرجات استراتيجية الأمن المائي استدامة مالية لقطاع المياه، مقارنة باستمرار الوضع الاعتيادي، حيث سيتم توفير ما يزيد على 74 مليار درهم، إضافة إلى الأثر الإيجابي على البيئة فيما يتعلق بخفض انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون، وبما يعادل 100 مليون طن في محطات التحلية. ويتم تنفيذ استراتيجية الأمن المائي على 3 برامج رئيسة تشمل برنامج إدارة الطلب على المياه، وبرنامج إدارة الإمداد المائي، وبرنامج الإنتاج والتوزيع للطوارئ، إضافة إلى تنفيذ حملات التوعية والترشيد، واستخدام التقنيات المتقدمة والابتكار وبناء القدرات في مجال المياه.
المياه المحلاة
وتعد الإمارات ثاني أكبر منتج للمياه المحلاة على مستوى العالم، وتسعى إلى استقطاب وتطوير تقنيات صناعة تحلية المياه، لتكون أكثر كفاءة واتساقاً مع استراتيجية الإمارات للطاقة 2050. كما نفذت العديد من المبادرات المهمة في مجال ترشيد استهلاك المياه وضمان استدامتها، ومنها إقرار معايير الأبنية الخضراء الإلزامية التي ساهمت في خفض استهلاك المياه في المباني بنسبة تتجاوز 33%. وحققت دولة الإمارات إنجازات في مجال تنويع مصادر المياه والاعتماد على المصادر غير التقليدية بتحلية مياه البحر، وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة، وجهود الدولة المتواصلة من خلال البرنامج الوطني للاستمطار ومشاريع الدولة في التخزين الاصطناعي، والاسترجاع للمياه في إمارتي أبوظبي والشارقة ودبي.
وتنفذ الجهات المحلية والاتحادية في الدولة برامج وخططاً مستقبلية، للحفاظ على المياه، انسجاماً مع استراتيجية المياه 2036.
الموارد المائية
تركز رؤية إمارة أبوظبي على ضرورة المحافظة على الموارد المائية المختلفة وإدارتها بطريقة فاعلة تضمن أعلى درجات الاستفادة منها والحفاظ عليها. وتعد المراقبة المستمرة لمخزون المياه الجوفية، وإصدار تعليمات جودة مياه الشرب، وتعليمات مياه الصرف الصحي المعالجة، ومقارنتها بالمعايير العالمية الخاضعة لمنظمات عالمية على سبيل المثال المنظمة العالمية للمياه وهيئة البيئة الأميركية، جزءاً من الجهود المستمرة في هذا المجال.