أحمد مراد (القاهرة)
يقود صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، الذي تولى مسؤولية قيادة البلاد خلفاً للأمير الراحل الشيخ نواف الأحمد، مرحلة جديدة من البناء، وتعزيز المكتسبات للأهل والأشقاء في دولة الكويت، لتستمر معها العلاقات الإماراتية الكويتية في ازدهارها وتميزها في شتى المجالات، وتستمر مسيرة النهضة والتنمية الشاملة في دولة الكويت الشقيقة.
تُصنف دولة الكويت بأنها واحدة من أبرز الدول المحورية والمؤثرة في منطقة الشرق الأوسط، وتحظى بمكانة إقليمية ودولية مرموقة في ظل مساعيها الدائمة على تنويع وتوسيع دائرة علاقاتها الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية مع غالبية دول العالم ومنظمات المجتمع الدولي.
وتتبنى دولة الكويت سياسة خارجية متزنة ومتوازنة عبر آليات دبلوماسية نشطة وفاعلة، ما جعلها شريكاً استراتيجياً مهماً للعديد من القوى الإقليمية والعالمية، وتقيم معها علاقات شاملة على أساس التفاهمات والمصالح المشتركة والاحترام المتبادل، إضافة إلى بعثاتها الدبلوماسية المنتشرة حول العالم، واستضافتها سفارات وقنصليات غالبية دول العالم.
ركيزة للتضامن الخليجي
أوضح المحلل السياسي البحريني، سعد راشد، أن دولة الكويت تُعد إحدى ركائز العمل الخليجي المشترك، وهو ما يتجسد في العديد من المبادرات والجهود التي تبنتها طوال الـ40 عاماً الماضية بهدف تعزيز وترسيخ مسيرة التضامن والشراكة والتعاون بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية.
وذكر راشد في تصريح لـ «الاتحاد»، أن أمير الكويت الراحل، الشيخ جابر الأحمد الصباح، شارك بقوة مع الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراهما» في الدعوة إلى تأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وعرض التصور الكويتي لاستراتيجية خليجية مشتركة للتعاون في جميع المجالات، خلال مؤتمر القمة العربي الـ11 الذي عُقد في نوفمبر 1980، وفي العام التالي، خرج مجلس التعاون الخليجي إلى النور، وتم اختيار الكويتي عبدالله يعقوب بشارة ليكون أول أمين عام للمجلس الخليجي.
وعلى مدى العقود الأربعة الماضية، احتضنت دولة الكويت 7 قمم لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، وجاءت هذه القمم في أعوام: 1984 و1991 و1997 و2003 و2009 و2013 و2017، وصدر عنها العديد من القرارات التاريخية، أبرزها إنشاء القيادة العسكرية الموحدة، وإقرار الاستراتيجية الدفاعية، والمصادقة على إجراءات تسهيل تنقل المواطنين، وانسياب السلع وحركة التبادل التجاري بين الدول الأعضاء، وتذليل العقبات في طريق السوق الخليجية المشتركة، وبلورة سياسة خارجية موحدة وفاعلة.
وشغل 3 كويتيين منصب الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، وهو ما يجعل الكويت أكثر الدول الخليجية احتفاظاً بهذا الموقع، وهم: عبدالله بن يعقوب بشارة الذي تولى المنصب، خلال الفترة من مايو 1981 وحتى مارس 1993، والدكتور نايف فلاح مبارك الحجرف الذي تولى المنصب في الفترة، من فبراير 2020 وحتى يناير 2023، والدبلوماسي الكويتي، جاسم محمد البديوي، الذي تولى المنصب، اعتباراً من 1 فبراير 2023.
ولفت المحلل السياسي البحريني إلى اهتمام الكويت بتعزيز الأمن والسلم في منطقة الشرق الأوسط والعالم، إضافة إلى مساعيها الدائمة للحفاظ على سيادة دول المنطقة، وتكثيف التعاون الإقليمي والدولي من أجل مواجهة التحديات التي تواجه مختلف مناطق العالم.
شريك استراتيجي
شدد خبير العلاقات الدولية، وأستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، الدكتور أيمن الرقب، على أهمية الدور الذي تلعبه دولة الكويت، بقيادة صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح على مسرح الأحداث الإقليمية والدولية من منطلق المكانة الرائدة والمرموقة التي تحظى بها في مختلف الأوساط العالمية، موضحاً أن الكويت تُعد شريكاً استراتيجياً مهماً للعديد من القوى الكبرى ومنظمات المجتمع الدولي.
وذكر الرقب في تصريح لـ «الاتحاد»، أن الكويت تُعد واحدة من الدول النشطة والفاعلة داخل أروقة هيئة الأمم المتحدة منذ انضمامها للمنظمة الدولية في 11 مايو 1963، وحققت العديد من النجاحات في مسيرة العمل الدولي، لا سيما خلال عضويتها في مجلس الأمن على مدى عامي 2018 و2019.
ويظهر الدور المحوري الذي تلعبه الكويت في مسيرة العمل الإقليمي والدولي في العديد من القمم المهمة التي نجحت في استضافتها، من بينها القمة العربية الاقتصادية الأولى، خلال يناير 2009 وخلالها، وطرحت أول مبادرة تنموية عربية متمثلة في إنشاء صندوق لدعم وتمويل المشاريع التنموية الصغيرة والمتوسطة في الدول العربية برأسمال قدره مليار دولار، وساهمت الكويت فيه بحصة قدرها 500 مليون دولار.
وفي السياق ذاته، استضافت الكويت في أكتوبر 2012 منتدى حوار التعاون الآسيوي الأول، وأعلنت فيه عن تبرع بـ 300 مليون دولار لمصلحة برنامج تمويل مشاريع إنمائية في الدول الآسيوية غير العربية.
وفي نوفمبر 2013 استضافت القمة العربية الأفريقية الثالثة بمشاركة رؤساء وممثلي نحو 60 دولة عربية وأفريقية، وخلالها أعلنت تقديم قروض ميسرة للدول الأفريقية بمبلغ مليار دولار على مدى 5 سنوات.
دور إنساني
ثمن الخبير الفلسطيني في شؤون العلاقات الدولية مواقف دولة الكويت الداعمة للعمل الإنساني في مختلف أقاليم العالم عبر قوافلها وحملاتها الإنسانية التي لم تنقطع ولم تتوقف لحظة واحدة، ولم ترتبط بأي اعتبارات تتعلق بالعرق والجنس والدين واللغة، وهو ما جعلها تحظى بشعبية كبيرة في مختلف الأوساط الإقليمية والدولية. واختارت الأمم المتحدة، خلال سبتمبر 2014 دولة الكويت لتكون مركزاً للعمل الإنساني، ومنحت الأمير الراحل، الشيخ صباح الأحمد، لقب «قائد العمل الإنساني»، وذلك تقديراً للجهود التي تبذلها الكويت في تعزيز مسيرة العمل الإنساني والخيري والإغاثي على المستويين الإقليمي والدولي، عبر إطلاق مئات المبادرات الإنسانية لإغاثة ملايين الفقراء والمتضررين في غالبية دول العالم.
وحرصت الكويت، خلال العقد الأخير، على احتضان العديد من المؤتمرات الدولية للمانحين بهدف دعم الأوضاع الإنسانية في مختلف دول العالم، وحظيت سوريا بنصيب كبير من هذه المؤتمرات، ففي يناير 2013 استضافت الكويت أول مؤتمر لدعم الوضع الإنساني في سوريا، وخلاله تبرعت بمبلغ 300 مليون دولار، وفي يناير من العام التالي استضافت مؤتمر آخر ارتفعت فيه قيمة التبرعات الكويتية للسوريين إلى 500 مليون دولار. كما استضافت الكويت مؤتمراً ثالثاً في مارس 2015 تبرعت فيه بمبلغ 500 مليون دولار للوضع الإنساني في سوريا، وفي فبراير 2016 أعلنت الكويت في مؤتمر المانحين الرابع الذي أقيم في لندن عن تقديم تبرع بمبلغ 300 مليون دولار على مدى ثلاثة أعوام. وحرصت الكويت أيضاً على دعم الوضع الإنساني في العراق، وقد قدمت مساعدات إنسانية للعراق بقيمة 176 مليون دولار، خلال مؤتمر المانحين، لدعم العراق الذي عُقد في يوليو 2016. كما تعهدت بتقديم ملياري دولار لإعادة إعمار المدن العراقية المحررة من تنظيم داعش الإرهابي، وذلك خلال استضافتها مؤتمراً دولياً في فبراير 2018، وشاركت فيه نحو 70 منظمة إنسانية، فضلاً عن ممثلين عن 70 دولة، ووصلت قيمة التعهدات الدولية في هذا المؤتمر إلى 30 مليار دولار.
وأشاد خبير العلاقات الدولية بحرص دولة الكويت على دعم القضية الفلسطينية باعتبارها القضية العربية الأولى والمحورية، وعلى مدى عقود عديدة ظلت سنداً ومناصراً لحقوق الفلسطينيين في حياة إنسانية كريمة. وأشار إلى اهتمام الكويت بدعم ورعاية الأوضاع الإنسانية في فلسطين، وقد سبق أن تبرعت بملايين الدولارات لمصلحة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا»، وفي هذا الإطار وقعت في أواخر 2012 اتفاقية مع البنك الدولي تساهم بموجبها بنحو 50 مليون دولار، لدعم البرنامج الفلسطيني للإصلاح والتنمية الذي يشرف عليه البنك الدولي.
«سمعة طيبة»
اعتبر الباحث والمحلل اللبناني، علي خليفة، أن دولة الكويت إحدى أبرز الدول المحورية والمؤثرة في منطقة الشرق الأوسط بحكم كونها لاعباً وسطياً ومحايداً يعمل على تقريب وجهات النظر بين مختلف الأطراف، لا سيما في حالات النزاعات والصراعات، سواء الإقليمية أو الدولية، وهو ما أكسبها «سمعة طيبة» في مختلف المحافل.
وذكر خليفة لـ«الاتحاد»، أن هناك العديد من العوامل ساهمت في تنامي الدور المحوري والمؤثر لدولة الكويت، من بينها الاستقرار الداخلي الذي تتمتع به، والمكانة المرموقة التي تحظى بها في الوسط الخليجي والعربي، وحجم العلاقات الدبلوماسية المتميزة التي تقيمها مع مختلف دول العالم، إضافة إلى ثقلها الاقتصادي، ودورها المستقل، ومواقفها المحايدة تجاه مختلف النزاعات والصراعات.
وقال: «إن حرص دولة الكويت على موقفها الحيادي، وتمسكها بالقوانين والأعراف والمواثيق الدولية، واحترامها سيادة الدول، وعدم تدخلها في الشؤون الداخلية للدول، كلها عوامل ساعدتها على لعب دور الوساطة في الكثير من الخلافات والصراعات الإقليمية والدولية».
وسبق أن نجحت الوساطة الكويتية في إنهاء الكثير من النزاعات والصراعات الإقليمية والدولية، من بينها إنهاء الصراع العسكري بين شطري اليمن الشمالي والجنوبي، وتوقيع اتفاق سلام في عام 1972، وإنهاء الخلاف بين سلطنة عُمان وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في عام 1980، وتوقيع اتفاق خاص بإعلان المبادئ ساهم في تخفيف التوتر بين الدولتين، وبعدها اتفق البلدان على إقامة علاقات دبلوماسية بينهما في نوفمبر 1984.
كما نجحت الوساطة الكويتية في إنهاء النزاع بين باكستان وإقليم البنغال في عام 1971، وإنهاء الخلاف بين تركيا وبلغاريا الذي اشتعل في الفترة بين عامي 1986 و1989. وأشار الباحث اللبناني إلى أن دبلوماسية الوساطة التي تبنتها دولة الكويت شكلت «قيمة مضافة» لمكانتها المتميزة وواقعها السياسي، وهو ما جعلها دولة صديقة لغالبية دول العالم، مشدداً على اهتمام الكويت بإحلال السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط في ظل ما يحيط بالمنطقة من تحديات ومخاطر عديدة تستهدف زعزعة استقرارها.