أبوظبي (وام)
دشن معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، مجلس الأخوة الإنسانية الذي أطلقه، أمس، مجلس حكماء المسلمين بالتعاون مع وزارة التسامح والتعايش واللجنة العليا للأخوة الإنسانية، وذلك في بيت العائلة الإبراهيمية بأبوظبي.
وقال معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، إن وثيقة أبوظبي للأخوة الإنسانية تعكس رؤية قداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف اللذين يحظيان بدعم قوي من قيادة الدولة الرشيدة.
وأضاف معاليه في مستهل كلمته بافتتاح مجلس الأخوة الإنسانية: «يسعدني أن أكون معكم في بيت العائلة الإبراهيمية الذي يُمثل رمزاً فريداً للتفاهم المتبادَل والتعايش المتناغم والسلام بين مختلف أبناء الديانات وأصحاب النوايا الحسنة، للاحتفال باليوم العالمي للأخوة الإنسانية، ويسعدنا في وزارة التسامح والتعايش أن نتشارك مع مجلس حكماء المسلمين في تنظيم هذا المجلس المهم للأخوة الإنسانية الذي يأتي انطلاقُه متزامناً مع الذكرى الخامسة لصدور وثيقة أبوظبي التاريخية للأخوة الإنسانية في عام 2019 التي كان لدولة الإمارات دور فاعل في تشجيع الأمم المتحدة على إعلان يوم 4 فبراير، تاريخ صدور الوثيقة، يوماً عالميّاً للأخوة الإنسانية».
وقال: «إننا في دولة الإمارات ملتزمون بجعل التسامح والتعايش السلمي والأخوة الإنسانية جزءاً أصيلاً من مجتمعنا، وملتزمون أيضاً بمشاركة هذه القيم مع العالم».
وأوضح معاليه أنَّ التسامح والأخوة الإنسانية في دولة الإمارات هما جسرا الوصل اللذان يربطان سكان الإمارات ببعضهم رغم تنوعهم، فجميعنا نحترم بعضنا البعض لالتزامنا المتبادل بالتسامح والأخوة الإنسانية.
وأضاف معاليه: «إن الأخوة الإنسانية هي الترابط الفعال في إطار الاختلاف البشري، ويكمن في جوهرها فهم إنسانيتنا المشتركة، وإن ما يجمعنا يفوق بكثيرٍ ما يفرقنا، والأخوة الإنسانية تؤكِّد ترابطنا، وتلزمنا بالعمل المشترك لمواجهة القضايا والتحديات العالمية الملحة، أما التسامح فهو قدرة الفرد على قبول تنوع واختلاف الآخر، دون تعريضه للنقد أو للأذى».
قيم الأخوة والتعايش
في كلمته، قال فخامة خوسيه راموس هورتا، رئيس جمهورية تيمور الشرقية الديمقراطية، العضو السابق في لجنة تحكيم جائزة زايد للأخوة الإنسانية: «إنَّه لمن دواعي سروري التواجد في أبوظبي لمشاركتكم الاحتفال باليوم العالمي للأخوة الإنسانية، وتكريم الفائزين بجائزة زايد للأخوة الإنسانية لهذا العام»، معرباً عن تقدير بلاده لما تقوم به دولة الإمارات بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، من جهود كبيرة في نشر قيم الأخوة والتعايش محلياً وإقليمياً، وهو ما جعلها تحظَى بسمعة عالمية كعاصمة للتسامح والإخاء حول العالم، كما أعرب عن تقديره لجهود معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان في ترسيخ قيم التعايش والأخوة محليّاً وعالميّاً.
تمايز الدين والمعتقد
وفي كلمةٍ ألقاها بالنيابة عن فخامة جوكو ويدودو، رئيس جمهورية إندونيسيا، توجه معالي معروف أمين، نائب رئيس جمهورية إندونيسيا، بالتهنئة إلى دولة الإمارات والعالم أجمع بالذكرى الخامسة لوثيقة الأخوة الإنسانية، مؤكداً أن الوثيقة تذكرنا بشكل متواصل بأهمية قيم ومبادئ الأخوة الإنسانية وفي الوقت نفسه تمايز الدين والمعتقد، لافتاً إلى أن الدين الإسلامي بمبادئه الحنيفة يدعو البشرية دائماً إلى تعزيز الأخوة فيما بينهم بغض النظر عن خلفياتهم ومعتقداهم وثقافاتهم.
وثيقة الأخوة الإنسانية
من جانبه، قال فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، رئيس مجلس حكماء المسلمين، في كلمةٍ بعث بها إلى المشاركين في مجلس الأخوة الإنسانية: «نحتفل اليوم بالذكرى الخامسة لميلاد وثيقة الأخوة الإنسانية، وإننا نؤكِّد أن عالمنا اليوم لم يكن في حاجة ماسة لإحياء المبادئ الأخلاقية العليا التي اشتملت عليها هذه الوثيقة، مثل ما هو عليه اليوم وفي مقدمتها، بل أولها: الدعوة الجادة لوقف الحروب والصراعات، مما يضعنا جميعًا أمام مسؤولية كبرى، تحتم علينا ضرورة مواصلة العمل من أجل نشر قيم الأخوة الإنسانية وتعزيزها».
ووجَّه فضيلة الإمام الأكبر الشكر لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، راعي وثيقة الأخوة الإنسانية وداعمها منذ ولادتها ومتعهدها برعاية دائمة كريمة مكنتها من اكتشاف النخب الإنسانيَّة التي تعمل في صمتٍ وإخلاصٍ وتجرُّدٍ وحسبةٍ لله تعالى، احتراماً للضمير الإنساني، وحبّاً للخير ومَن يبذلونه ممَّن لا تسلط الأضواء على الخدمات الإنسانية الراقية التي يقدمونها للإنسانية الفقيرة المعذبة، والمكروبة في شتى بقاع الأرض، بغض النظر عن اختلاف أعراقهم وأديانهم وأذواقهم ومشاربهم.
التضامن والاحترام
في رسالة لقداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية ألقاها بالنيابة عن قداسته نيافة الكاردينال ميغيل أنخيل أيوسو جيكسوت، عميد دائرة الحوار بين الأديان بالفاتيكان، بعث قداسته بالتهنئة لكافة المشاركين في مجلس الأخوة الإنسانية والقائمين على جائزة زايد للأخوة الإنسانية بمناسبة اليوم الدولي للأخوة الإنسانية الذي يصادف الذكرى السنوية الخامسة لتوقيع الأخوة الإنسانية، معرباً عن سعادته برحلة الحوار والتضامن والاحترام المشترك التي بدأت في أبوظبي منذ خمسة أعوام وما زالت تقوم بعملها في نشر التسامح والتعايش وقبول الآخر. كما أشاد قداسته بالجهود المتواصلة والدعم غير المحدود لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر رئيس مجلس حكماء المسلمين، للمبادرات القيمة التي تسعى إلى ترسيخ قيم الأخوة الإنسانية والتكافل الاجتماعي القائمة على مفهوم أن البشر ليسوا فقط متساويين ولكن مترابطين فيما بينهم بشكلٍ وثيقٍ، باعتبارهم أخوة في إطار أسرة إنسانية واحدة، مؤكداً أن تحقيق الأخوة الإنسانية تتطلَّب إدراك أهمية المساواة بين البشر، وتعزيز التسامح والتعايش السلمي.
مشاركة دولية بارزة
تضمنت فعالية مجلس الأخوة الإنسانية، أمس، ثلاث جلسات رئيسية، بمشاركة دولية بارزة، ركَّزت الأولى على قضية الاستدامة من خلال التعاون في رعاية البيئة، وتعزيز روح الأخوة من أجل مستقبل مستدام، وأهمية توحيد الجهود من أجل حياة مستدامة، مع تحقيق توازن بين النمو الاقتصادي وحماية البيئة من خلال جهود تعاونية ومشاركة المواطنين. أما الجلسة الثانية، فركَّزت على دور المرأة في القيادة وأهمية تجاوز الحواجز وبناء مجتمعات شاملة، من خلال تمكين المرأة وتعزيز التوجيه التَّعليمي، وهيكلة برامج الإرشاد الفعَّالة، ووضع إستراتيجيات الاستثمار المالي لتحقيق النمو المهني والاقتصادي. وركزت الجلسة الأخيرة على الشباب، باعتبارهم سفراء للوحدة والتنوع.
روح الإنسانية
من جهته، أكَّد معالي محمد خليفة المبارك، رئيس دائرة الثقافة والسياحة بأبوظبي، رئيس بيت العائلة الإبراهيمية، أنَّه مع ترابط العالم بشكلٍ متزايدٍ، أصبحت هناك ضرورة ملحَّة إلى احتضان روح الإنسانية والعمل الجماعي والتضامن، والحوار، وتقدير أوجه التشابه والاختلاف بين الثقافات والمعتقدات المتنوعة، لافتاً إلى أن بيت العائلة الإبراهيميَّة خلال عامه الأول حقق نجاحاً كبيراً في تأسيس روح جديدة من الأخوة الإنسانية، ليتحوَّل من مجرد مساحة مادية إلى مجتمعٍ مزدهرٍ.
وأضاف معاليه: «إن مجلس الأخوة الإنسانية يُعدُّ أفضل تجسيدٍ لقيم بيت العائلة الإبراهيمية، حيث يُرحب بمجموعة متنوعة من الخبراء للانضمام إلى عقد حوار متساوٍ على أساس الإيمان المشترك من أجل تعزيز التعايش السلمي في جميع أنحاء العالم».