هالة الخياط (أبوظبي)
حقق المؤتمر العالمي الثاني عشر للتربية البيئية نجاحاً في يومه الثاني، بربطه بين التعليم البيئي والأزمة الثلاثية للكوكب المتمثلة في تغير المناخ، والتلوث وفقدان التنوع البيولوجي.
وأكد المؤتمر الذي شهد خلال يوميه الأول والثاني حوالي 300 جلسة حوارية أن التحديات التي نواجهها متشابكة نتيجة لتغير المناخ وتدهور التنوع البيولوجي والتلوث، والتي يشار إليها باسم الأزمة الثلاثية للكوكب، حيث تؤكد المعلومات العلمية بوضوح تام أن كوكب الأرض يشهد ضغطاً كبيراً بسبب الإنتاج والاستهلاك غير المستدامين.
وفي هذا الإطار، أوضح أحمد باهارون، المدير التنفيذي لقطاع إدارة المعلومات والعلوم والتوعية البيئية في هيئة البيئة - أبوظبي، لـ «الاتحاد» أن المؤتمر من خلال جلساته بحث في أفضل الممارسات والخبرات المتعلقة بدور التربية البيئية في حماية النظم البيئية والموارد الطبيعية، بما في ذلك تدهور التنوع البيولوجي والنظم البيئية الهشة، وتغير المناخ والتلوث، والحفاظ على التربة، ومكافحة التصحر، والتنوع الثقافي.
وبين أن جلسات المؤتمر شهدت طرح مقترحات مبتكرة في التربية البيئية من منظور تحويلي، يحلل بشكل نقدي النموذج الاجتماعي الاقتصادي الفعلي من الأبعاد الأخلاقية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية، وذلك من خلال معالجة القضايا المتعلقة بأنماط الحياة وإنتاج السلع واستهلاكها والبحث عن حلول للمستقبل.
وشهد المؤتمر، خلال اليومين الأول والثاني، جلسات حوارية ركزت على التحديات الملحة التي تواجه التعليم البيئي والتنمية المستدامة على مستوى العالم، ووضعت الأساس للمناقشات الشاملة خلال أيام المؤتمر الخمسة.
وخلال حضورها المؤتمر، قالت الشيخة الدكتورة شما بنت محمد بن خالد آل نهيان، رئيس مجلس إدارة مؤسسات الشيخ محمد بن خالد آل نهيان الثقافية والتعليمية: «بعد نجاح تنظيم دولة الإمارات العربية المتحدة لمؤتمر الأطراف COP28، نعود مع تنظيم واحد من أهم المؤتمرات في مجال التعليم البيئي وهو المؤتمر العالمي الثاني عشر للتربية البيئية 2024 – أبوظبي، والذي يؤكد على أهمية الدور الذي تلعبه الدولة في مجال العمل البيئي العالمي من أجل تحقيق مستقبل أفضل للأجيال القادمة، وحمايتهم من التغيرات البيئية، منطلقين من قناعة أن الأرض ليست مجرد مكان نعيش عليه، بل هي بيتنا الذي نتشارك فيه نحن كبشر مع ملايين الكائنات والأنواع الحية الأخرى».
وأكدت أن تركيز المؤتمر على التربية البيئية للأجيال الناشئة يأتي كونها الأمل الحقيقي في منح الأجيال القادمة الفرصة لإدراك قيمة العمل البيئي والحفاظ على الاستدامة والتنوع البيولوجي من أجل مستقبل البشرية.
وتضمنت الجلسة العامة الأولى كلمات رئيسية لمتحدثين وخبراء محليين ودوليين، أكدت خلالها رزان خليفة المبارك، رئيسة الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة، على دور الحكومات وأنظمة التعليم والمتعلمين في الاستجابة ومواجهة أزمات الكوكب.
وقالت: «ليتمكن العالم من النجاح في التخفيف من آثار أزمة الكوكب الثلاثية، يتعين علينا أن نضاعف جهودنا في مجالي التعليم البيئي والتعليم من أجل التنمية المستدامة».
وأشارت المبارك إلى أن المؤتمر العالمي للتربية البيئية وأعضاءه ضروريان في هذا الصدد، حيث يوفرون الإلهام والمعرفة والحلول العملية اللازمة للتأثير على استجابات الحكومات والأنظمة التعليمية والمعلمين والطلاب على جميع المستويات. وتعد الخبرة والحلول الواقعية ركائز مهمة في استجابتنا الجماعية لهذه الأزمات.
وسلط جاك دانجرموند، رئيس معهد أبحاث النظم البيئية، الضوء على دور العلم والتكنولوجيا في تشكيل أنظمة التعليم والتعلم، وقال في كلمته الرئيسية: «في رحلتنا الحيوية نحو الاستدامة، تؤدي العلوم والتكنولوجيا، وخاصة أنظمة المعلومات الجغرافية، دوراً محورياً في بناء قاعدة من الأدلة التي تساعد في اتخاذ الإجراءات. ولا يمكن إنكار أهمية الجغرافيا وبيان إمكاناتها التحولية في التعامل مع التحديات المعقدة المتعلقة بالاستدامة والقدرة على التكيف مع المناخ».
وبالتوازي مع الجلسات العامة، تضمن اليوم الثاني ورش عمل تعمقت في معالجة التحديات والأهداف والأبعاد والوسائل في سياق التعليم البيئي، وهو ما أدى إلى تعزيز مناقشات أكثر ودية وتفاعلية، فتضمنت بعض ورش العمل البارزة جلسات حول معالجة المسألة الملحة المتمثلة في الحد من النفايات البلاستيكية في البحر الأحمر، وبناء أرضيات المدارس الخضراء وتشجيع مبادرات التعلم في الهواء الطلق والحفاظ على المياه.
وفي الوقت ذاته، خاض الخبراء مناقشات حول الفهم البيئي الشامل وممارسات المعلمين بشأن التوعية البيئية، وهو ما لفت الانتباه إلى الجوانب المتنوعة للتعليم البيئي.
وطرح المؤتمر جانباً يتمثل بممارسات التربية البيئية في التراث العربي والإسلامي، حيث قدم محمود محمد علي، أستاذ الإسلاميات بأكاديمية جيمس ويلنجتون بدبي والباحث بجامعة الأزهر، ورقة بحثية بعنوان «تحول حضاري نموذجي»، مشيراً إلى أن التربية البيئية وإن لم تكن موجودة بنفس هذه الأبحاث والمصطلحات، إلا أن الاهتمام بالبيئة المحيطة قديم قدم الإنسان نفسه، فالإنسان لا ينفك عن الاحتياج إلى بيئته والتفاعل معها.
وأوضح أهم أسس التربية البيئية حسب التوصيات الحديثة واستخرج مفاهيمها من التراث العربي الإسلامي، وأبرز جهود العلماء العرب والمسلمين في هذا المجال وكيف كان لهم السبق فيها.
وأكد الباحث على الدور الرائد لدولة الإمارات في خدمة المناخ والبيئة، وكيف أن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، وضع حجر الأساس لعلوم البيئة والمناخ والاستدامة في العصر الحديث.
المعرض
شهد المعرض المصاحب للمؤتمر العالمي للتربية البيئية مشاركة جامعات من داخل الدولة، عرضت برامجها التعليمية التي تتعلق بالاستدامة والعلوم البيئية والعلوم الكيميائية.
وقالت حنين كنعان، مسؤولة العلاقات العامة والإعلام في جامعة العين، إن الجامعة تشارك في المؤتمر انطلاقاً من اهتمامها بالتنمية المستدامة وبدعم البيئة، تماشياً مع استراتيجية دولة الإمارات، لافتة إلى أن الجامعة حققت العديد من مستهدفات الاستدامة، حيث إنها مصنفة في المرتبة الخامسة على دولة الإمارات في مجالات الاستدامة، وحققت العديد من المراتب المتقدمة في أهداف التنمية المستدامة.
من جانبها، أوضحت حور الأنصاري من جامعة الشارقة، أن الجامعة من خلال مشاركتها في المؤتمر العالمي للتربية سلطت الضوء على المبادرات التي تنفذها في مجال الاستدامة، حيث إنها بدأت منذ ما يقارب العام مبادرة بوقف استخدام الأدوات البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد في كافة تعاملاتها ومطاعمها.
أما حنين أبو فرج الله من جامعة الإمارات فأوضحت أن الجامعة عرضت مشاريع التخرج للطلبة في مجال الاستدامة والحفاظ على البيئة ومواردها الطبيعية.
مؤتمر الشباب
رحب مؤتمر التعليم البيئي للشباب، الذي انعقد ضمن فعاليات المؤتمر العالمي للتربية البيئية، بالحضور بأربع لغات، وهو ما مهد الطريق لتجربة متنوعة وشاملة. واتخذت جلسة «آمال وتوقعات بشأن مؤتمر الشباب للتربية البيئية» شكل حلقة نقاش، مما أدى إلى تعزيز المشاركة النشطة والحوار بين المشاركين بشأن توقعاتهم للمؤتمر. وكان الهدف من جلسة GPT المستمرة للشباب التخلص من بعض الخرافات المرتبطة بالاستدامة وتعزيز المعرفة المستدامة. وتضمن المؤتمر مسابقة حية عبر تطبيق الماراثون البيئي، أوضحت مدى معرفة الطلاب بتغير المناخ، وساهمت في توفير تجارب تعليمية تفاعلية وجذابة.
اليوم الثالث
يبحث المؤتمر في يومه الثالث «الأبعاد والوسائل» التي يمكن من خلالها تنفيذ التعليم البيئي، مع تسليط الضوء على التعاون والقيم والتنوع الثقافي.
أما اليوم الرابع، فيعمل على تلخيص مناقشات الأيام الثلاثة الأولى وتحديد الدروس الأساسية المستفادة وترجمتها إلى إجراءات متفق عليها لتُنَفَّذ بعد انتهاء المؤتمر بحيث تتماشى مع الأهداف المحددة.
ويتضمن اليوم الخامس والأخير من المؤتمر خمس رحلات ميدانية، تدعو المشاركين لاستكشاف المواقع البيئية والتعليمية في أبوظبي، والانتقال من الناحية النظرية إلى التجارب العملية.