هالة الخياط (أبوظبي)
تعمل شركة الاتحاد للقطارات على تطوير أول استراتيجية تعنى بالحوكمة البيئية والاجتماعية في الشركة، لضمان تحقيق متطلبات التصنيفات الخاصة بهذا المجال، والتزاماً منها بتطبيق أعلى المعايير للمحافظة على البيئة في جميع مراحل تطوير شبكة الاتحاد للقطارات.
ويُعد قطار الاتحاد أول منظومة نقل بري تصل بين مختلف مدن ومناطق الإمارات من الغويفات وحتى الفجيرة، بما يساهم في تطوير منظومة نقل شاملة ومتكاملة تفتح آفاقاً تنموية، وتوفر فرصاً اقتصادية تصل قيمتها إلى 200 مليار درهم.
وأكدت عزة السويدي، مدير إدارة الهندسة في شركة الاتحاد للقطارات، في حوار مع «الاتحاد» أن البرنامج الوطني للسكك الحديدية يرسّخ تفوق الإمارات العالمي في المجال اللوجستي، حيث يربط قطار الاتحاد للبضائع 4 موانئ رئيسية، ويتضمن بناء 7 مراكز لوجستية في الدولة، ويبلغ حجم النقل 60 مليون طن من البضائع في عام 2030 بما يقلل تكاليف النقل إلى 30%، ويوفر 8 مليارات درهم من تكلفة صيانة الطرق، فيما سينقل قطار الركاب 36.5 مليون راكب سنوياً بحلول عام 2030.
وشهد فبراير الماضي تدشين صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، شبكة السكك الحديدية الوطنية الإماراتية، وأعلن عن إطلاق العمليات التشغيلية لقطار البضائع في المركز الرئيسي للتحكم والصيانة في منطقة الفاية بإمارة أبوظبي. وقد حوّل أبناء الإمارات حلم الآباء المؤسسين إلى حقيقة وفقاً للجدول الزمني والتكلفة المعتمدة على يد 28 ألف مختص وعامل خلال 133 مليون ساعة عمل بعد الحصول على 40 ألف موافقة من 180 جهة حكومية.
وأوضحت السويدي بأن هذا الإنجاز المهمّ يعد نقطة انطلاق لفرص اقتصادية واعدة، وإحداث ثورة في قطاعات البنية التحتية والنقل والخدمات اللوجستية، وتعزيز التجارة داخل الدولة.
وتعمل شركة الاتحاد للقطارات على تشغيل شبكة سكك حديدية وطنية إماراتية آمنة ومستدامة وعالية الكفاءة وفعالة من حيث التكلفة، مع توفير حلول مبتكرة للعملاء الحاليين والمحتملين، وتزويدهم بإمكانية الوصول إلى جميع أنحاء دولة الإمارات ومنطقة الخليج العربي.
وبينت السويدي أن الشبكة ستسهم في تعزيز قطاعي النقل والخدمات اللوجستية في دولة الإمارات بشكل كبير، وذلك من خلال ربط الموانئ والمراكز الصناعية والسكانية ونقاط التصنيع والإنتاج، وتوفير خيارات الربط الآمن للنقل بين الإمارات والمنطقة. وستكون الشركات قادرة على استغلال وقتها ومواردها بكفاءة، إلى جانب تمكينها من إعادة توجيه أصولها وتحقيق المزيد من النمو مع شركة الاتحاد للقطارات، وتقليل التكلفة الإجمالية لعملياتها التجارية. ونعمل أيضاً على تحفيز ظهور قطاعات وصناعات جديدة من خلال إنشاء نظام نقل جديد تماماً، باعتبار الشبكة عنصراً مكملاً للبنية التحتية الحالية في البلاد.
وأوضحت السويدي أنه من المتوقع أن تخلق الشبكة فرصاً اقتصادية تصل قيمتها إلى 200 مليار درهم تتضمن توفير 11 مليار درهم في وقت وكلفة السفر والمسافة بين المحطات، وتقليص التكلفة الناتجة عن الحوادث بحوالي 22 مليار درهم، بالإضافة إلى تحقيق فوائد اقتصادية أوسع نطاقاً تبلغ قيمتها 23 مليار درهم وذلك من خلال تسهيل وصول البضائع وتعزيز الإنتاجية، وغيرها. كما نتوقع أن تبلغ الفوائد المقدرة من توفير صيانة الطرق 8 مليار درهم.
بالإضافة إلى ما سبق، تضمن الشبكة أيضاً توفير مجموعة واسعة من المزايا الاجتماعية من خلال ربط المناطق النائية بالمدن وتحسين الاتصال، وتحقيق فوائد اقتصادية أوسع لهذه المناطق، من خلال تمكين المجتمع وتوفير خيارات التنقل الأفضل للأفراد.
وهناك أيضاً قيمة للوقت الذي سيتم توفيره، حيث تقوم بتقليل التأخير على الطرق والذي تتسبب فيه الشاحنات والسيارات والحافلات وسيارات الأجرة. وأوضحت السويدي بأن الاتحاد للقطارات ستوفر مجموعة واسعة من المزايا المتطورة التي تشمل تقديم خدمات أكثر سرعة وأماناً وموثوقية واستدامة وأقل تكلفة مع مراعاة البيئة المحيطة بمسار الشبكة مقارنة بوسائل النقل المستخدمة حالياً في دولة الإمارات. وتتيح شبكة السكك الحديدية الوطنية الإماراتية نقل البضائع بطريقة أكثر استدامة، وتتمتع الشبكة بسعة استيعابية سنوية تصل إلى 60 مليون طن من البضائع بحلول عام 2030. وتعادل كل رحلة قطار ما يصل إلى حمولة 300 شاحنة. كما توفر الشركة مجموعة متنوعة من الحلول اللوجستية للمستثمرين والعملاء بما يشمل قطاعات مواد البناء السائبة والصناعية ومناولة الحاويات.
وعن دور المشروع في الاستفادة من الكفاءات المواطنة، وإكسابهم مهارات مختلفة في مختلف المجالات، أكدت السويدي أن الاتحاد للقطارات تحرص على دعم الكوادر الوطنية وتعزيز حضورها ضمن الأطر العاملة في قطاع السكك الحديدية، بما ينسجم مع التوجهات الحكومية في ترسيخ مساهمة الكوادر الوطنية في مختلف قطاعات العمل.
ويعكس هذا النهج حرصها الدائم على جذب المواهب الإماراتية لتكون جزءاً من كوادرها الوطنية. وتستثمر الاتحاد للقطارات في الكفاءات الإماراتية وفي تطوير مهارات الجيل القادم من المواطنين الإماراتيين ليصبحوا خبراء وقادة في قطاع السكك الحديدية، ويسهموا في تطوير وتشغيل مشروع السكك الحديدية الوطنية الإماراتية.
وفي هذا الإطار، أشارت السويدي إلى أن الشركة أطلقت في 2017 أول دبلوم من نوعه للسكك الحديدية في الدولة، بالتعاون مع «معهد أبوظبي للتعليم والتدريب المهني» (ACTVET)، مدته ثلاث سنوات بهدف دعم الكوادر الوطنية لتحقيق مسيرة مهنية ناجحة في مجال هندسة وإدارة المواصلات. وتمكّن المنتسبون إلى البرنامج من الاختيار بين أربعة تخصصات، هي: كابتن قطار، ومراقب حركة القطارات، وفني صيانة قاطرات وسكك حديدية، وفني أنظمة السكك الحديدية.
وتأكيداً على حرص الاتحاد للقطارات على تأهيل الكوادر الوطنية والاستفادة من المواهب والمهارات الإماراتية، وقّعت الشركة مذكرة تفاهم مع «مركز أبوظبي للتعليم والتدريب التقني»، بهدف تعزيز التقنيات المتقدمة، والتركيز على الطباعة ثلاثية الأبعاد المبتكرة باستخدام مواد معاد تدويرها، والتي تقودها المواهب الإماراتية الشابة من (ACTVET). ويمثّل هذا التعاون الاستراتيجي خطوة رائدة ومهمة في تعزيز الابتكار التكنولوجي، وترسيخ دور شباب الوطن في تحقيق الاستدامة.
وبشأن القيمة البيئية للمشروع وانعكاساته في خفض الانبعاثات الكربونية وتحقيق مستهدفات الحياد المناخي، أفادت السويدي بأن شركة الاتحاد للقطارات تدرس باستمرار وبعناية مختلف العوامل المؤثرة المحتملة في بناء وتشغيل شبكة السكك الحديدية، بما في ذلك القوانين البيئية، ولوائح السلطات المحلية، وعوائق التخطيط، وعوامل الصحة العامة وذلك لضمان تحقيق أعلى جودة للمرافق، والحفاظ على الكفاءة، وانسيابية حركة السير.
وأشارت إلى أن الشركة وضعت مجموعة شاملة من المعايير والإرشادات لضمان التزام جميع المقاولين بمستوى موحد ومتسق ومقبول من الأداء البيئي لحماية البيئة المحيطة بسكة الحديد من واقع حرصها على أن تفي قاطراتها بالمعايير الدولية لمستويات الانبعاثات من المحركات، وبلا شك سيكون لذلك أثر ملموس في تقليل التأثير البيئي من خلال مراقبة انبعاثات العادم وخفضها، فضلاً عن التحكم في مستويات أكسيد النيتروجين وأكسيد الكبريت والمركبات العضوية المتطايرة والجسيمات ومستويات أول أكسيد الكربون، وبالتالي تقليل التلوث.
ولفتت إلى أن الشركة تعمل على الاستفادة من حلول النقل المبتكرة، والتعاون مع شركات التكنولوجيا الرائدة التي توفّر حلولاً صديقة للبيئة، وستواصل الشركة متابعة التقنيات الحديثة الأخرى وتجربتها والتركيز على التقنيات التي تجمع بين الموثوقية والاستدامة وسرعة الوصول إلى الأسواق والارتقاء بقدراتها التنافسية، بما يتماشى مع التزامنا بخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في قطاع النقل البري في الدولة بـ 21% بحلول عام 2050، إضافة إلى خفض 8 أطنان مترية من ثاني أكسيد الكربون سنوياً بحلول عام 2050 وما يصل إلى 300 شاحنة عن الطريق لكل رحلة قطار.