هالة الخياط (أبوظبي)
واصلت الإمارات خلال عام 2023 حضورها الإنساني على صعيد إغاثة المتضررين من الكوارث الطبيعية والأزمات، وكان للاستجابة الإماراتية العاجلة تجاه الدول التي تعرضت للكوارث الطبيعية خلال العام أثر طيب في حياة الملايين من الشعوب، وأسهمت في التخفيف من معاناتهم.
وتمتلك الدولة تجربة فريدة في مجال العمل الإغاثي والإنساني، قائمة على استمرارية التأثير، من خلال استبدال عمليات الإغاثة النمطية بتنفيذ مشروعات تنموية تصب في مصلحة شعوب الدول المستفيدة، كبناء المساكن والمستشفيات، ومحطات الكهرباء، وحفر الآبار، وهو ما وفّر استدامة توافر الموارد الأساسية والمساهمة في تحسين الظروف المعيشية في الدول المستهدفة. وتتميز مواقف الدولة بدعم قضايا التنمية والتعاون الإنساني على مستوى العالم، ما أكسبها مكانة بين أفضل عشر دول مانحة على مستوى العالم.
ونجحت الدولة بتعميق مفهوم العمل الخيري وتحويله إلى سمة مجتمعية، حيث أولته أهمية قصوى، باعتباره قيمة إنسانية قائمة على العطاء والبذل، وتجلى هذا التوجه بوضوح خلال حملات التبرع والمبادرات التي توجه بها الدولة لإغاثة المنكوبين والمعوزين في دول العالم، ومنها حملة «جسور الخير» التي تم تخصيص ريعها لإغاثة منكوبي زلزال سوريا وتركيا فبراير الماضي، وحملة «تراحم من أجل غزة» التي يخصص ريعها لإغاثة الأطفال والنساء والعائلات والفئات المتضررة من الحرب في قطاع غزة.
وتمتلك الإمارات سجلاً إنسانياً حافلاً في العمل الخيري، أرسى دعائمه الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، «طيب الله ثراه»، وواصل السير على نهجه صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، عبر مد أيادي الدولة البيضاء، لتشمل المعوزين وغير القادرين حول العالم دون تفرقة، باعتبار الجميع أخوة في الإنسانية.
وبرزت خلال عام 2023 جهود الدولة الإنسانية في إغاثة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة من خلال عملية «الفارس الشهم 3»، والتي تمكنت حتى يوم 21 ديسمبر من تسيير جسر جوي بلغ 119 طائرة، إضافة إلى سفينة شحن، من أجل تخفيف معاناة المدنيين في القطاع، والذين يواجهون ظروفاً استثنائية حرجة، وخاصة النساء والأطفال.
وتأتي «الفارس الشهم 3» تنفيذاً لتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، لدعم الأشقاء الفلسطينيين في قطاع غزة، وفي إطارها يواصل الجسر الإماراتي نقل المستلزمات الطبية والمساعدات الغذائية والإغاثية العاجلة للأشقاء الفلسطينيين. كما شهد العام، تضافر جهود الدولة من خلال عملية «الفارس الشهم 2»، حيث كانت الإمارات من أوائل الدول التي سارعت إلى تقديم الدعم والمساعدات الإنسانية لتركيا وسوريا لمواجهة آثار الزلزال الذي ضرب البلدين فبراير الماضي، وقدمت الإمارات ما يزيد على 150 مليون دولار لدعم المتضررين من الشعبين السوري والتركي.
وتعد عملية «الفارس الشهم 2» من أنجح العمليات التي نفذتها المؤسسات الوطنية، حيث أنقذت عشرات الأشخاص تحت الأنقاض، وعالجت 14 ألف شخص، وقدمت مساعدات بلغت 16 ألف طن عن طريق جسر جوي وبحري تضمن 260 رحلة جوية، حملت 7 آلاف طن مساعدات عاجلة من الخيام والأغذية والأدوية، و9 آلاف طن عن طريق 4 سفن شحن، لنقل مواد الإغاثة وإعادة الإعمار بالمناطق المتضررة.
وتشكل المساعدات الخارجية أحد أهم الأعمدة للسياسة الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة منذ تأسيسها، حيث حرصت على تقديم مساعدات سخية إلى الحكومات والشعوب النامية والمحتاجة، وإغاثة المتضررين من الكوارث، ونجدة الملهوفين والضحايا في مناطق الصراعات والأزمات.
وأكدت القيادة الرشيدة أن المساعدات الإنسانية الخارجية جزء لا يتجزأ من مسيرة الإمارات والتزاماتها الأخلاقية تجاه الشعوب، ولا تربط مساعداتها الإنسانية الخارجية بدين أو عرق أو لون أو ثقافة.
وتجسد الجهود التي تبذلها الإمارات في المجتمع الدولي نهجها المتوازن والمسؤول في التعامل مع القضايا العالمية. حيث تواصل نهجها في دعم الشعوب المتضررة من الأزمات والكوارث دون تمييز وتعمل مع الشركاء الدوليين لبناء قدرات الحكومات والشعوب حول العالم.
عمل مؤسسي
لا تزال الإمارات من أكبر الدول المانحة للمساعدات الخارجية قياساً إلى دخلها القومي. فالعمل الإغاثي والإنساني في دولة الإمارات يكتسب تميزه وريادته من عدة سمات، أبرزها أنه عمل مؤسسي يقوم على النهوض به العديد من الجهات الرسمية والأهلية والتي يفوق عددها الـ 43 مؤسسة وهيئة، حيث لا يقتصر على تقديم المساعدات المادية، وإنما يمتد أيضاً إلى التحرك لمناطق الأزمات الإنسانية والتفاعل المباشر مع مشكلاتها.
وخلال العام افتتحت هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، المنطقة الخضراء في المخيم الإماراتي الأردني بمريجيب الفهود، بحضور الشيخة شما بنت سلطان بن خليفة آل نهيان الرئيسة والمديرة التنفيذية لهيئة المسرعات المستقلة لدولة الإمارات للتغير المناخي، وحمود عبد الله الجنيبي الأمين العام المكلف للهلال الأحمر، ومحمد يوسف الفهيم نائب الأمين العام للخدمات المساندة، وخميس جمعة عبيد النعيمي قائد فريق الإغاثة الإماراتي في الأردن، وعدد من المسؤولين والمتطوعين في الهيئة.
وتضمنت المنطقة الخضراء في المخيم عدداً من الوحدات السكنية البيئية صممت بمواصفات صديقة للبيئة، وصنعت بالكامل داخل دولة الإمارات من سعف النخيل ومن مواد معادة للتدوير بدعم من بنك أبوظبي الأول الشريك الاستراتيجي للهيئة، وتم نقلها إلى الأردن عبر الشريك اللوجستي شركة أرامكس.