وائل بدران، مصطفى عبد العظيم (دبي)
في سابقة تاريخية، حقق مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «COP28»، خلال الـ 5 أيام الأولى، قائمة طويلة من الإنجازات والنجاحات غير المسبوقة في تاريخ مؤتمرات «COP» منذ انطلاق دورته الأولى في مدينة برلين الألمانية خلال عام 1995.
إنجازات تاريخية حققها مؤتمر الأطراف «COP28» حتى الآن جعلته يشكل قفزة نوعية في مسيرة العمل المناخي الدولي، وهو ما يتجسد في انتقال العمل المناخي من مرحلة «الأقوال» إلى مرحلة «الأفعال».
ففي أيامه الخمسة الأولى، ساهم”COP28»، تحت رئاسة الإمارات، في ترسيخ التفاؤل ورفع سقف الطموح في العمل المناخي المشترك لإعادة العالم إلى المسار الصحيح، لتفادي تجاوز الارتفاع في حرارة كوكب الأرض مستوى 1.5 درجة مئوية. وحقق المؤتمر الذي انطلقت فعالياته في 30 نوفمبر الماضي، وتستمر حتى 12 ديسمبر الجاري، اختراقات نوعية في منظومة العمل المناخي العالمي، وشهد منذ يومه الأول الإعلان عن العديد من التعهدات والتوافقات والالتزامات العملية التي جسدت قدرة الإمارات على توحيد جهود العالم والانتقال معاً من مرحلة التعهدات إلى مرحلة العمل والإنجاز والتطبيق، لكتابة فصل جديد في مسيرة العمل المناخي، من خلال تعزيز الشراكات البنّاءة لضمان تكاتف الجميع وتضافر جهود المجتمع الدولي وتحويل تحديات تغير المناخ إلى فرص لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة بما يساهم في بناء مستقبل أفضل للأجيال الحالية والقادمة. وتشير الإعلانات والتعهدات التي خرجت عن المؤتمر في أيامه الخمس الأولى إلى نجاح رئاسة COP28، تحقيق الأهداف المرسومة والتي تستند إلى أربع ركائز هي: تسريع تحقيق انتقال منظم ومسؤول وعادل ومنطقي في قطاع الطاقة، وتطوير آليات التمويل المناخي، وحماية البشر والطبيعة وتحسين الحياة وسُبل العيش، واحتواء الجميع بشكل تام.
تفعيل صندوق «الخسائر والأضرار»
مع بدء الساعات الأولى لانطلاق مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «COP28»، صدر قرار عالمي بتفعيل إنشاء صندوق «الخسائر والأضرار» الذي يهدف إلى تعويض الدول والمجتمعات الأكثر تضرراً من تداعيات وآثار التغير المناخي، وهو ما وصف بـ «خطوة تاريخية» في مسيرة العمل المناخي الدولي، لا سيما فيما يتعلق بملفي «التمويل المناخي»، و«العدالة المناخية»، ومن المقرر أن يتم إطلاق الصندوق بشكل فعلي خلال العام المقبل 2024.
وفي أول جولة من التعهدات الدولية التي شهدها اليوم الأول من مؤتمر الأطراف «COP28»، نجح صندوق «الخسائر والأضرار» في جمع مساهمات مالية بقيمة نحو 300 مليون دولار، حيث أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة عن مساهمتها بمبلغ 100 مليون دولار، إضافة إلى 100 مليون دولار من ألمانيا، و75.89 مليون دولار من بريطانيا، و17.5 مليون دولار من الولايات المتحدة الأميركية، و10 ملايين دولار من اليابان.
صندوق للمناخ بـ 30 مليار دولار
خلال أعمال «القمة العالمية للعمل المناخي» التي عُقدت في اليوم الثاني لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «COP28»، أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، إنشاء صندوق بقيمة 30 مليار دولار للحلول المناخية على مستوى العالم، وهو ما يُعد واحداً من أبرز وأهم الإنجازات في مسيرة مؤتمرات الـ «COP» منذ انطلاق دورتها الأولى في ألمانيا خلال عام 1995.
تعهدات أميركية بـ3 مليارات دولار
في إنجاز جديد لمسيرة العمل المناخي الدولي، تعهدت الولايات المتحدة الأميركية خلال مشاركة نائبة الرئيس الأميركي، كاملا هاريس، في مؤتمر الأطراف «COP28» بتقديم 3 مليارات دولار لصندوق المناخ الأخضر الذي يُعد أكبر صندوق دولي مخصص لدعم العمل المناخي في الدول النامية، وقد حصل على تعهدات مالية تزيد قيمتها على 20 مليار دولار، ويُضاف التعهد الأميركي الجديد إلى ملياري دولار سبق أن قدمتهما الولايات المتحدة للصندوق. ويساعد صندوق المناخ الأخضر الدول النامية على الاستثمار في الطاقة النظيفة والحلول القائمة على الطبيعة.
دعم إماراتي للدول المتضررة
في إطار جهود الإمارات لدعم الدول والمجتمعات الأكثر تضرراً من تداعيات تغير المناخ، أعلنت خلال فعاليات مؤتمر الأطراف «COP28» تقديم 735 مليون درهم أو ما يعادل 200 مليون دولار لتعزيز المرونة المناخية لدى الدول الأكثر عُرضةً لتداعيات تغير المناخ والدول منخفضة الدخل.
توقيع إعلان المناخ والصحة
وقعت 123 دولة إعلان «COP28» بشأن المناخ والصحة بهدف حماية صحة البشر من التداعيات المتزايدة لتغير المناخ، ودعم جهود العمل المناخي الرامية للحفاظ على الصحة وتحسينها في جميع أنحاء العالم، وضمان جودة حياة أفضل للبشر، وتحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي المستدام.
توقيع إعلان النظم الغذائية والزراعة
في سابقة هي الأولى من نوعها، وقعت 134 دولة على إعلان «COP28» بشأن الزراعة المستدامة والنظم الغذائية المرنة والعمل المناخي، وقد تم حشد ما يزيد على 2.5 مليار دولار لدعم الأمن الغذائي في إطار مواجهة تغير المناخ، إضافة إلى عقد شراكة جديدة بين دولة الإمارات ومؤسسة «بيل وميليندا غيتس» لدعم الابتكارات في مجال النظم الغذائية.
ويبلغ عدد سكان الدول الموقعة على الإعلان أكثر من 5.7 مليار شخص، وتضم نحو 500 مليون مزارع، وتنتج 70% من الغذاء، ومسؤولة عن 76% من إجمالي انبعاثات النظم الغذائية العالمية، و25% من إجمالي الانبعاثات العالمية.
تعهدات «خيرية وتجارية»
نجح منتدى «COP28» المناخي للأعمال التجارية والخيرية في جمع أكثر من 18 مليار درهم أو ما يعادل 5 مليارات دولار من التمويل المناخي. ويُعد المنتدى منصة عالمية هي الأولى من نوعها، وتسعى إلى إشراك القطاع الخاص والمنظمات الخيرية في العمل المناخي، وقد عُقد المنتدى في المنطقتين الزرقاء والخضراء بحضور أكثر من 1300 من رؤساء الدول والحكومات وقادة الأعمال التجارية والخيرية ورؤساء المنظمات غير الحكومية، بهدف تسريع الانتقال نحو خفض الانبعاثات في القطاعات الصناعية.
صندوق «خفض انبعاثات الميثان»
تعهدت الإمارات خلال فعاليات اليوم الثالث لمؤتمر الأطراف «COP28» بتقديم 100 مليون دولار لصالح صندوق البنك الدولي لدعم شراكة خفض انبعاثات الميثان، وهو ما يمثل خطوة بارزة ومهمة في جهود مواجهة الاحترار العالمي، إذ أن خفض الميثان يُعد أسرع طريقة لخفض معدلات ارتفاع درجات الحرارة في أسرع وقت.
وتعهدت 50 شركة تعمل بقطاع النفط والغاز خلال مشاركتها في «COP28» على خفض انبعاثات الميثان إلى الصفر بحلول عام 2030.
إطلاق «المُسرّع العالمي لخفض الانبعاثات»
شهد مؤتمر الأطراف «COP28» إطلاق «المُسرّع العالمي لخفض الانبعاثات»، لتحقيق انتقال منظم ومسؤول وعادل ومنطقي في قطاع الطاقة، وخفض الانبعاثات العالمية بشكل ملموس.
ويركز المُسرّع على 3 محاور رئيسية، الأول تسريع بناء منظومة الطاقة المستقبلية وتوسيع نطاق الاعتماد عليها، والثاني خفض انبعاثات منظومة الطاقة الحالية بشكل متزامن، والثالث دعم جهود التخفيف بشكل عاجل من خلال خفض انبعاثات غاز الميثان والغازات الدفيئة غير ثاني أكسيد الكربون.
وكانت 116 دولة وقعت على تعهد الإمارات بشأن الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، والتزمت بالعمل على زيادة القدرة الإنتاجية العالمية لمصادر الطاقة المتجددة ثلاث مرات، ومضاعفة معدل تحسين كفاءة الطاقة سنوياً من 2% إلى أكثر من 4% بحلول عام 2030.
إعلان لتطوير آليات التمويل المناخي
أطلقت رئاسة مؤتمر الأطراف «COP28» إعلان «الإمارات بشأن الإطار العالمي للتمويل المناخي» الذي يقدم نهجاً شاملاً وموحداً لزيادة التمويل المناخي بهدف الحد من تداعيات تغير المناخ.
ويستهدف الإعلان ضمان توفير التمويل المناخي بشروط ميسرة وبتكلفة مناسبة للجميع، ويركز على استعادة الثقة بين دول الشمال والجنوب، وضمان قدرة الاستثمارات المناخية على خلق فرص اقتصادية للجميع، وتوسيع نطاق التمويل المناخي.
مبادرة الائتمان الأخضر
ضمن فعاليات مؤتمر الأطراف «COP28»، أطلقت دولة الإمارات العربية المتحدة بالتعاون مع الهند مبادرة «الائتمان الأخضر» بهدف الحفاظ على البيئة من خلال تعزيز فرص الترويج البيئي الطوعي من قبل مختلف المنظمات والأفراد. وتعمل المبادرة على تشجيع الإجراءات البيئية الاستباقية من قبل المتطوعين التي تتجاوز المتطلبات القانونية، مما يجعلها بسيطة ومقبولة عالمياً، وبالتالي تشجع المشاركة على نطاق واسع في تخضير الكوكب. ومن المقرر أن يتم إطلاق منصة على شبكة الإنترنت تضم السياسات والممارسات الصديقة للبيئة.
تحالف أصدقاء العمل المناخي
أطلقت دولة الإمارات العربية المتحدة بالتعاون مع البرازيل تحالف دولي جديد يُعرف بـ«مجموعة أصدقاء العمل المناخي المرتكز على الثقافة» يضم مجموعة من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة.
ويهدف التحالف الدولي إلى حشد الزخم السياسي لدعم الثقافة كركيزة أساسية لإحداث التغيير المنشود في سياسات تغير المناخ، وتطوير المبادرات والحلول وعلاقات التعاون التي تدعم دمج الثقافة في العمل المناخي، وإفساح المجال أمام جميع الدول والمجتمعات لتبادل المعارف والخبرات وأفضل الممارسات.
مبادرات البنك الدولي لدعم العمل المناخي
أطلق البنك الدولي على هامش مشاركته في مؤتمر الأطراف «COP28» بعض المبادرات المهمة التي تدعم العمل المناخي الدولي، يأتي على رأسها مبادرته المتعلقة بتخصيص 45% من تمويله السنوي للمشروعات المرتبطة بالمناخ للسنة المالية التي تبدأ من 1 يوليو 2024 إلى 30 يونيو 2025.
ومن المقرر أن تنفق مجموعة البنك الدولي أكثر من 40 مليار دولار، بزيادة نحو 9 مليارات دولار أكثر مما كان محدداً في برنامجه التمويلي السابق.
كما أعلن البنك الدولي عن خطط طموحة لنمو أسواق الكربون العالمية ذات النزاهة العالية، ووفقاً للإعلان فإنه من المقرر أن تحقق 15 دولة دخلاً من بيع أرصدة الكربون المتولدة عن الحفاظ على غاباتها، وبحلول العام المقبل ستكون هذه البلدان قد أنتجت ما يزيد على 24 مليوناً من تلك الأرصدة، وقد يصل عددها إلى 126 مليوناً بحلول عام 2028.
شراكة مع الأمم المتحدة
على هامش أعمال مؤتمر الأطراف «COP28»، عقدت اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ وهيئة المسرعات المستقلة لدولة الإمارات للتغير المناخي شراكة جديدة لتسريع مبادرات العمل المناخي، وذلك في إطار دعم مستهدفات اتفاق باريس للمناخ.
ومن المقرر أن يشمل التعاون بين الأمم المتحدة وهيئة المسرعات الإماراتية، وهي هيئة مستقلة مختصة في العمل المناخي، 4 مجالات، وهي تمويل العمل المناخي، وبناء القدرات في الأسواق مع التركيز بشكل خاص على فئتي الشباب والنساء، وأسواق الكربون، والابتكارات والتكنولوجيا ويدعم الطرفان جهود تسريع التقدم المحرز نحو تحقيق أهداف العمل المناخي، والسيطرة على متوسط ارتفاع درجة الحرارة العالمية لينحصر عند 1.5 درجة مئوية تقريباً.
مضاعفة القدرة الإنتاجية للطاقة النووية
في تجمع غير مسبوق، أعلن قادة من جميع أنحاء العالم التزامهم بمضاعفة القدرة الإنتاجية للطاقة النووية العالمية ثلاث مرات بحلول عام 2050 وذلك لتحقيق الحياد المناخي، حيث تم إطلاق «إعلان مضاعفة الطاقة النووية ثلاث مرات بحلول عام 2050» من قبل رؤساء تسع دول، مع تأييد 21 دولة لهذا الإعلان من بينها: كندا، جمهورية التشيك، غانا، فنلندا، المجر، اليابان، مولدوفا، منغوليا، المغرب، هولندا، بولندا، جمهورية كوريا، رومانيا، سلوفاكيا، سلوفينيا، أوكرانيا، دولة الإمارات العربية المتحدة، الولايات المتحدة الأميركية، والمملكة المتحدة
«مبادرة التصنيع الأخضر»
شهد المؤتمر إطلاق فخامة ويليام ساموي روتو، رئيس جمهورية كينيا، بحضور عدد من القادة الأفارقة، ومعالي الدكتور سلطان أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة رئيس مؤتمر الأطراف COP28، والدكتور محمود محيي الدين، رائد الأمم المتحدة للمناخ للرئاسة المصرية لمؤتمرCOP27، مبادرة التصنيع الأخضر في أفريقيا، وذلك على هامش فعاليات القمة العالمية للعمل المناخي في COP28.