وائل بدران (دبي)
أكد ساميويل وربيرغ، المتحدث الإقليمي باسم وزارة الخارجية الأميركية، أن الإمارات تقدم مثالاً قيادياً في مجال العمل المناخي، وهذا واضح من خلال جهودها المستمرة والملموسة، مشيراً إلى أن استضافة الإمارات لمؤتمرات مناخية مهمة، تظهر التزاماً قوياً بمكافحة التأثيرات السلبية للوقود الأحفوري وتعزيز جهود التخفيف من تغير المناخ. وقال وربيرغ في حوار خاص مع «الاتحاد»: إن التعاون الوثيق بين الإمارات والشركاء الدوليين، بما في ذلك الدول المنتجة للنفط والغاز، يعكس روح العزم والتفاني لتحقيق أهداف الحد من الانبعاثات وتعزيز التحول نحو اقتصاد الطاقة الجديد، مضيفاً: مع بدء COP28، نحن متفائلون بأن هذا التعاون سيؤدي إلى تقدم ملموس، ونتطلع قُدماً إلى نتائج إيجابية تعود بالفائدة على الجميع، وتدعم انتقالاً عادلاً ومتسارعاً نحو اقتصاد الطاقة المستدامة الذي يحتاجه العالم.
وذكر أنه فيما يخص التعاون بين الولايات المتحدة ودولة الإمارات العربية المتحدة، يمكن القول إن العلاقات الثنائية بين البلدين قد شهدت تطوراً ملحوظاً في مجال الطاقة النظيفة والتكنولوجيا المستدامة، وهذا التعاون يمثل نموذجاً للشراكات العالية الجودة التي تدعم الانتقال إلى الطاقة النظيفة، ويسهم في خلق فرص اقتصادية وتقليل تأثيرات التغير المناخي.
وقال وربيرغ: إن الإمارات والولايات المتحدة عملتا معاً تحت رؤية مشتركة لتسريع الاستثمار في التقنيات النظيفة الجديدة في كلا البلدين وحول العالم، وهو ما يسهم في ضمان أمن الطاقة النظيفة للأجيال القادمة، ويُعد هذا التعاون خطوة مهمة نحو تحقيق الهدف العالمي للحد من الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية.
وتابع: مشاريع الإمارات الاستراتيجية في مجال الطاقة النظيفة تسهم بشكل فعال في هذا الهدف، ومن المتوقع أن يتم تسليط الضوء على هذه المشاريع خلال المؤتمر، لافتاً إلى أن الشراكة الاستراتيجية التي تم توقيعها بين الإمارات والولايات المتحدة لاستثمار 100 مليار دولار لتنفيذ مشروعات طاقة نظيفة بقدرة 100 جيجاواط في الإمارات والولايات المتحدة وأجزاء أخرى من العالم بحلول عام 2035، تعتبر خطوة كبيرة نحو تعزيز أمن الطاقة ودعم التكنولوجيا النظيفة.
ولفت إلى أنه من الأمثلة البارزة على هذا التعاون، استثمار شركة مصدر الإماراتية في مشاريع الطاقة المتجددة في الولايات المتحدة، والذي يشمل امتلاك حصة في محفظة من مشاريع الطاقة النظيفة بقدرة 1.6 جيجاواط، وهذه المشاريع تشمل مزارع رياح ومشاريع طاقة شمسية وتخزين بطاريات، وهو ما يسهم في خلق وظائف في قطاع الطاقة النظيفة بالولايات المتحدة، ويدعم جهود الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
ونوّه وربيرغ، في حواره مع «الاتحاد» على هامش فاعليات COP28، تعمل الإمارات والولايات المتحدة معاً على مبادرات مثل «بعثة الابتكار الزراعي من أجل المناخ (AIM for Climate)، وهي مبادرة مشتركة تضم أكثر من 500 شريك، بما في ذلك 50 دولة، وتهدف إلى تعزيز الأساليب المستدامة لإنتاج الغذاء».
وقال وربيرغ: إن الجهود المشتركة بين الإمارات والولايات المتحدة تبرز كنموذج للتعاون الدولي في مجال الطاقة النظيفة والابتكار، وتلعب دوراً حاسماً في تسريع الانتقال إلى اقتصاد عالمي منخفض الكربون، وهذه الشراكة ليست فقط مفيدة للبلدين، بل تسهم في تعزيز الجهود العالمية لمكافحة التغير المناخي وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وشدد على أن تحقيق الالتزامات المناخية والوصول إلى أهداف الحد من الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية وتسريع خفض الانبعاثات يتطلب مواجهة تحديات معقدة ومتعددة الأبعاد.
واعتبر أن تعزيز التعاون الدولي يمثل تحدياً رئيساً، حيث أن التنسيق الفعّال بين الدول ضروري لتحقيق الأهداف العالمية، فعلى سبيل المثال، الشراكة الاستراتيجية بين الإمارات والولايات المتحدة، والتي تركز على حلول الطاقة المتجددة والتكنولوجيات النظيفة، تعتبر خطوة إيجابية، لكنها تحتاج إلى توسيع نطاق التعاون ليشمل المزيد من الدول والأطراف الفاعلة.
وأضاف: يبرز تحدي تنويع مصادر الطاقة كعامل حاسم في الحد من الاعتماد على الوقود الأحفوري وتبني الطاقة المتجددة، ويستلزم هذا جهودًا كبيرة في مجال الاستثمار والتطوير التكنولوجي لإنشاء بنى تحتية تدعم الطاقة المتجددة وتحقيق أمن الطاقة المستدام.
وذكر أن التحدي الرئيس الآخر هو الابتكار وتطوير التكنولوجيا، إذ أن تسريع تطوير التكنولوجيات الجديدة للطاقة المتجددة وتحسين كفاءة الطاقة يعد أساسياً لتحقيق التحول الطاقي الضروري، ويتطلب هذا تحفيز الابتكار والاستثمار في البحث والتطوير.
وقال: من المهم التأكيد على أن هذه التحديات تتطلب نهجاً شمولياً ومتكاملاً يشمل السياسات الحكومية، الاستثمارات الخاصة، والتعاون الدولي، بينما تتخذ الإمارات والولايات المتحدة خطوات مهمة نحو هذه الأهداف، يظل الحاجة إلى تضافر الجهود على المستوى العالمي أمراً حاسماً لتحقيق التقدم المنشود في مجال المناخ.
وأفاد وربيرغ بأنه في إطار مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين (COP28)، تسعى الولايات المتحدة إلى تعميق التعاون مع دولة الإمارات والأطراف الأخرى لتعزيز الجهود المبذولة في مكافحة تغير المناخ، وهذا التعاون يرتكز على تحقيق تقدم ملموس في عدة مجالات رئيسية، منها تسريع وتيرة خفض الانبعاثات الكربونية للحد من الاحتباس الحراري وصولاً إلى الهدف المنشود وهو عدم تجاوز ارتفاع درجة حرارة الكوكب عن 1.5 درجة مئوية. إلى جانب ذلك، قال وربيرغ: تشمل الخطط تعزيز القدرات على التكيف مع التغيرات المناخية، خصوصاً في الدول النامية والمناطق الأكثر تضرراً، مع التركيز على تطوير وتطبيق سياسات وبرامج فعالة في هذا المجال، كما يحتل التمويل المناخي مرتبة مهمة في أجندة الولايات المتحدة، حيث تهدف إلى تسهيل توفير التمويل اللازم للمبادرات المناخية، ودعم التقنيات النظيفة والابتكارات في هذا المجال.
وذكر أن الولايات المتحدة تسلط الضوء على أهمية معالجة الخسائر والأضرار الناجمة عن التغير المناخي، وتعزيز التعاون الدولي في هذا السياق، لضمان تحقيق تقدم ملموس وفعال في مسار العمل المناخي العالمي، وتعمل الولايات المتحدة بشكل وثيق مع الإمارات والأطراف الأخرى لتحقيق هذه الأهداف، مدفوعة بالتزام قوي تجاه مستقبل الطاقة النظيفة والأمن المناخي على المستوى العالمي.
وفي ضوء ما قد يتمخض عنه مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين (COP28)، قال: يمكن النظر إلى قدرة المجتمع الدولي، بما في ذلك الولايات المتحدة ودولة الإمارات، على تطوير استراتيجية شاملة وملزمة لمكافحة تغير المناخ بفعالية من خلال عدة زوايا.
وشدد ساميويل وربيرغ، على أن الجهود المتضافرة والتزام الدول المختلفة تشير إلى وجود إرادة سياسية متزايدة لمواجهة التحديات المناخية، وهذا التعاون الدولي يُعد ركيزة أساسية لتحقيق تقدم ملموس في مجال العمل المناخي.
وأضاف: يُسلط التركيز المتزايد على الابتكار التكنولوجي وتطوير الطاقة النظيفة الضوء على الدور الحاسم الذي يمكن أن تلعبه الحلول التقنية في تسريع وتيرة الانتقال إلى اقتصاد منخفض الكربون، فالاستثمارات الكبيرة في هذا القطاع، بما في ذلك الشراكات بين الدول المتقدمة والنامية، تعتبر مؤشراً إيجابياً على الطريق نحو تحقيق أهداف المناخ.
ونوّه إلى أن هناك تركيز دولي على أهمية تمويل المناخ وتوفير الدعم اللازم للدول الأكثر تضررًا من تغير المناخ.
وقال وربيرغ لـ«الاتحاد»: يبقى التحدي الأكبر هو ترجمة الالتزامات والوعود إلى إجراءات فعلية ومستدامة. الحاجة ماسة إلى آليات تنفيذ قوية وشفافة تضمن تحقيق الأهداف المناخية بشكل فعال ومنصف.
وأضاف وربيرغ في ختام الحوار: يمكن القول إن مؤتمر COP28 والمؤتمرات السابقة تضع الأساس لاستراتيجية عالمية أكثر شمولية لمكافحة تغير المناخ، لكن الجهد المستمر والتعاون الدولي سيظلان حاسمين لتحقيق التأثير المنشود على المدى الطويل.