الأحد 24 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

الطاقة في الإمارات.. تنوع واستدامة

الطاقة في الإمارات.. تنوع واستدامة
2 ديسمبر 2023 02:48

سيد الحجار (أبوظبي)

شهد قطاع الطاقة في الإمارات، تطورات متنوعة على مدى 5 عقود، وحقق قفزات تاريخية منذ عام 1971، مع توالي إطلاق العديد من المبادرات لتنويع مصادر الطاقة، ما عزز مكانة الدولة الرائدة عالمياً بالقطاع. 
وتشمل مصادر الطاقة اليوم العديد من المصادر بجانب النفط والغاز، مع توسع الدولة في مشاريع الطاقة المتجددة، والنووية، وطاقة الرياح، فضلاً عن الاهتمام باستكشاف أنواع جديدة من الوقود الخالي من الكربون مثل الهيدروجين، والاستثمار في تقنيات التقاط الكربون، بجانب التركيز على إنتاج النفط والغاز بأقل قدر ممكن من الانبعاثات.
وكان لقطاع الطاقة دور مهم ورئيس في مسيرة التنمية المستدامة والشاملة التي شهدتها دولة الإمارات على مدى 5 عقود. ومنذ اكتشاف النفط قبل أكثر من نصف قرن، وتأسيس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، شركة بترول أبوظبي الوطنية «أدنوك» عام 1971، تسهم الإمارات بدور بارز في تحقيق وضمان أمن الطاقة واستقرار السوق العالمي للنفط. 
وجاء إعلان 2023 عاماً للاستدامة في دولة الإمارات، ليشكل تتويجاً لمسيرة الدولة في مجال الاستدامة وتنويع مصادر الطاقة، ونشر حلول الطاقة النظيفة عالمياً، ما يدعم الجهود العالمية لمواجهة تحديات المناخ وتقليص الانبعاثات الكربونية، لاسيما مع استضافة الدولة مقر الوكالة الدولية للطاقة المتجددة «آيرينا»، فضلاً عن استضافتها أكبر حدث دولي في مجال العمل المناخي، وهو مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «كوب 28».

النفط والغاز
وبدأت مسيرة الإمارات في قطاع الطاقة مبكراً، حيث تم اكتشاف النفط في الدولة عام 1958 في حقل باب، وجرى تطوير الحقل بالكامل في عام 1960 وعُرف باسم مربان 3، ثم تم تأسيس شركة بترول أبوظبي الوطنية «أدنوك» عام 1971.
وشهد اجتماع مجلس إدارة «أدنوك» نهاية عام 2022، إعلان أدنوك زيادة احتياطيات دولة الإمارات الغنية من الموارد الهيدروكربونية، بمقدار 2 مليار برميل نفط، وتريليون قدم مكعبة قياسية من الغاز، لتصل الاحتياطيات إلى 113 مليار برميل نفط، و290 تريليون قدم مكعبة قياسية من الغاز الطبيعي، ما يعزز مكانتها في المركز السادس عالمياً ضمن قائمة الدول التي تمتلك أعلى احتياطيات نفطية، والمركز السابع ضمن قائمة الدول التي تمتلك أكبر احتياطيات للغاز الطبيعي، ما يسهم في ترسيخ مكانتها مورداً عالمياً موثوقاً للطاقة.
وأعلنت «أدنوك» بداية العام الحالي استراتيجية جديدة طموحة لدفع التقدم في جهود الحد من انبعاثات عملياتها على مستوى العالم، حيث خصصت 55 مليار درهم إماراتي (15 مليار دولار) لتطوير مجموعة من المشاريع عبر سلسلة القيمة لعملياتها المتنوعة بحلول عام 2030، وستشمل هذه المشاريع تنفيذ استثمارات في الطاقة الكهربائية النظيفة، والتقاط الكربون وتخزينه، وزيادة الاعتماد على الكهرباء لتشغيل عملياتها، وتحسين كفاءة الطاقة، وتطوير تدابير جديدة تُعزز من جهود الشركة في مجال الحد من عمليات حرق الغاز.
واعتمد اجتماع اللجنة التنفيذية لمجلس إدارة «أدنوك» منتصف العام الحالي، خطة «أدنوك» لتسريع جهود الحدّ من الانبعاثات للإسهام في تحقيق هدفها للحياد المناخي بحلول عام 2045 بدلاً عن عام 2050 المعلن سابقاً، وتحقيق انبعاثات صفرية لغاز الميثان بحلول عام 2030.

طاقة الرياح
وجاء تدشين برنامج الإمارات لطاقة الرياح خلال شهر أكتوبر الماضي، في جزيرة صير بني ياس في أبوظبي، ليؤكد حرص القيادة الرشيدة وإيمانها الراسخ بأهمية الاعتماد على مصادر الطاقة البديلة، وذلك منذ إطلاق أوَّل مشروع من نوعه في دولة الإمارات ومنطقة الخليج من خلال إنشاء محطة توليد الطاقة بواسطة الرياح في جزيرة صير بني ياس عام 2004.
ويعتمد برنامج الإمارات لطاقة الرياح، والذي كُلِّفَت شركة «مصدر» بتطويره بقدرة إنتاجية تبلغ 103.5 ميجاواط، على أحدث التقنيات المتطورة والمبتكَرة التي تتناسب مع سرعة الرياح المنخفضة، وقد تمَّ تطويره وفقاً لأحدث الابتكارات في علوم المواد والتحريك الهوائي. ويسهم المشروع في إضافة إمدادات مشاريع طاقة الرياح بتكلفة مناسبة إلى شبكة الكهرباء المحلية، ما يُعزِّز مزيج الطاقة الوطني ويدعم جهود انتقال وتحوُّل الطاقة، ويمهِّد الطريق نحو المزيد من المشاريع الواعدة.
ويوفِّر برنامجُ الإمارات لطاقة الرياح الكهرباءَ لأكثر من 23 ألف منزل، ويسهم في تفادي انبعاث 120 ألف طن من غاز ثاني أكسيد الكربون، أي ما يعادل إزاحة 26 ألف سيارة من الطرقات سنوياً.
البرنامج أُقيم في 4 مواقع تشمل جزيرة صير بني ياس في أبوظبي، حيث تحتوي على محطة رياح بقدرة 45 ميجاواط، ومحطة طاقة شمسية بقدرة 14 ميجاواط (عند الذروة)، لتوسيع نطاق مرافق طاقة الرياح والطاقة الشمسية الموجودة في الجزيرة، وتتوزَّع محطات طاقة الرياح الأخرى في كلٍّ من جزيرة دلما في أبوظبي بقدرة 27 ميجاواط، وبمنطقة السلع في أبوظبي بقدرة 27 ميجاواط، وبمنطقة الحلاه في إمارة الفجيرة بقدرة 4.5 ميجاواط.
ويسهم البرنامج في إضافة محطات طاقة الرياح على مستوى المرافق، ضمن مزيج الطاقة في دولة الإمارات، بعد تشغيل العديد من محطات الطاقة الشمسية والنووية، وتحويل النفايات إلى طاقة وإسهامها في تزويد الشبكة المحلية بالطاقة النظيفة. 

الطاقة الشمسية 
وجاء تدشين محطة الظفرة للطاقة الشمسية الكهروضوئية مؤخراً، والتي تبلغ قدرتها الإنتاجية 2 جيجاواط، وتعد أكبر محطة طاقة شمسية في موقع واحد على مستوى العالم، ليؤكد نجاح الإمارات في خططها لتنويع مصادر الطاقة، وخلق مزيج متنوع ومرن يساهم في خفض الانبعاثات ودعم المساعي العالمية لتحفيز العمل المناخي الفاعل.
وتقع محطة الظفرة للطاقة الشمسية التي أنشئت من مرحلة واحدة، على بعد 35 كيلومتراً من مدينة أبوظبي، وتساهم في تزويد حوالي 200 ألف منزل بالكهرباء وتفادي إطلاق 2.4 مليون طن من الانبعاثات الكربونية سنوياً.
وشيّد المشروع في موقع يمتد على مساحة 20 كيلومتراً مربعاً، وساهم في توفير 4500 فرصة عمل خلال مرحلة الإنشاء.
وتضم المحطة قرابة 4 ملايين لوح شمسي ثنائي الوجه، وهي تقنية مبتكرة تتيح إنتاج طاقة كهربائية بكفاءة أكبر عبر التقاط الإشعاع الشمسي بواسطة وجهي الألواح الشمسية الأمامي والخلفي.
وأنشأ مشروع محطة الظفرة شركة أبوظبي لطاقة المستقبل «مصدر» إلى جانب شركة أبوظبي الوطنية للطاقة (طاقة)، وشركة «اي دي إف رينوبلز»، وشركة «جينكو باور»، بالتعاون مع شركة مياه وكهرباء الإمارات.
وحقق هذا المشروع الضخم، الذي يضاف إلى سلسلة إنجازات الدولة في مجال الطاقة المتجددة، رقماً قياسياً عالمياً من حيث سعر التكلفة عند إتمام صفقة تمويل المشروع، ما يعكس التزام دولة الإمارات الراسخ بالحد من الانبعاثات الكربونية على مستوى الدولة والعالم.
وأصبحت الإمارات في أقل من 15 عاماً من الدول الرائدة عالمياً في مجال الطاقة الشمسية، حيث تحتل المرتبة الثانية عالمياً من حيث نصيب الفرد من استهلاك الطاقة الشمسية.
كما تشمل محفظة المشروعات الرائدة للدولة في مجال الطاقة الشمسية، «مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية»، الذي يهدف إلى إنتاج 5000 ميجاواط بحلول عام 2030، فضلاً عن محطة «نور أبوظبي»، ومحطة «شمس».

محطات براكة
أعلنت الهيئة الاتحادية للرقابة النووية مؤخراً، إصدار رخصة تشغيل الوحدة الرابعة لمحطة براكة للطاقة النووية لصالح شركة نواة للطاقة، والتي تتولى بدورها مسؤولية تشغيل المحطة الواقعة في منطقة الظفرة بإمارة أبوظبي، ليمثل لحظة تاريخية لدولة الإمارات في تحقيق رؤيتها التي بدأت قبل 15 عاماً في تطوير أول برنامج للطاقة النووية السلمية في المنطقة.
ويعد نجاح البرنامج وقدرة دولة الإمارات على إنجازه خلال فترة زمنية قياسية، مع الالتزام بأفضل المعايير الدولية للسلامة والأمن النوويين وحظر الانتشار النووي، جعل من الدولة نموذجاً يحتذى به للعديد من الدول التي تعتزم بناء برامج للطاقة النووية.
وسيلعب برنامج الإمارات للطاقة النووية السلمية دوراً رئيسياً في توفير 25% من الطاقة النظيفة، ومن ثم دعم جهود حكومة دولة الإمارات لتحقيق أهدافها فيما يتعلق بالحياد المناخي لعام 2050.

تأسيس مصدر
تسهم «مصدر» منذ تأسيسها في عام 2006، بدور رائد في دعم تطوير قطاع الطاقة النظيفة.
وتنشط «مصدر» في أكثر من 40 دولة، وتستثمر في محفظة مشاريع طاقة متجددة تتجاوز قدرتها الإنتاجية 20 جيجاواط. وتستهدف الشركة تعزيز قدرتها الإنتاجية لتصل إلى 100 جيجاواط من الطاقة المتجدِّدة بحلول عام 2030.

73 مشروعاً للطاقة في 52 دولة 
ساهمت الإمارات بدور بارز في نشر مشاريع الطاقة المتجددة في الدول النامية، وتعزيز الجهود الدولية لمواجهة تحديات التغير المناخي، والعمل على خفض الانبعاثات الكربونية للحفاظ على البيئة واستدامة الموارد الطبيعية، حيث موَّل صندوق أبوظبي للتنمية 73 مشروعاً استراتيجياً في قطاع الطاقة المتجددة بقيمة 4.5 مليار درهم، استفادت منها 52 دولة حول العالم.
وساهمت مشاريع الطاقة المتجددة التي مولها الصندوق في تنمية القطاعات الاقتصادية الرئيسية للدول الشريكة، وتوفير الطاقة الكهربائية بشكل مستدام، لتستفيد منها آلاف القرى والمناطق الريفية، الأمر الذي انعكس بشكل مباشر على دفع عجلة النمو الاقتصادي، وتحسين جودة حياة السكان، والحد من تداعيات التغير المناخي، إضافة إلى توفير العديد من فرص العمل لمواطني الدول المستفيدة.
وأطلق الصندوق في عام 2013 مبادرة لدعم مشاريع الطاقة المتجددة في الدول النامية بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة المتجددة «آيرينا» بقيمة بلغت 350 مليون دولار، لدعم الدول الأعضاء في آيرينا، حيث موّل الصندوق ضمن المبادرة 26 مشروعاً بسعة 265 ميجاواط، استفادت منها 21 دولة خلال 7 دورات تمويلية تم تنفيذها، كما ساهمت المبادرة في توفير ما يقارب 88 ألف فرصة عمل، وبلغ إجمالي المستفيدين من المبادرة 4.5 مليون نسمة، وذلك حتى يناير من العام الحالي.
وفي عام 2013 أطلقت وزارة الخارجية مبادرة صندوق الشراكة بين دولة الإمارات ودول جزر المحيط الهادئ، لتنفيذ مشاريع الطاقة في دول الباسفيك بتمويل من صندوق أبوظبي للتنمية، وبقيمة 50 مليون دولار.
وأنهى الصندوق في عام 2016 تمويل 11 مشروعاً من مشاريع الطاقة المتجددة في دول جزر المحيط الهادئ.
ونتيجة لنجاح مبادرة مشاريع الطاقة المتجددة في جزر المحيط الهادئ، أطلقت وزارة الخارجية في عام 2017 مبادرة صندوق الشراكة بين الإمارات ودول جزر البحر الكاريبي للطاقة المتجددة، حيث مول الصندوق المبادرة بقيمة 50 مليون دولار، استفادت منها 16 جزيرة.
وفي إطار الشراكة الاستراتيجية بين صندوق أبوظبي للتنمية والوكالة الدوليّة للطاقة المتجددة «آيرينا»، تم إطلاق منصة «ETAF» العالمية الهادفة إلى تسريع نشر مشاريع وحلول الطاقة المتجددة في الدول النامية، حيث قدم الصندوق تمويلاً بقيمة 400 مليون دولار، كأول مؤسسة تنموية تساهم في دعم أهداف المنصة المتمثل في تأمين التمويل والخبرات اللازمة واستقطاب الفرص الاستثمارية الجديدة لتطوير مشاريع الطاقة المتجددة، إلى جانب توفير الحلول المبتكرة والأدوات التمويلية الملائمة والداعمة لانتشار مشاريع الطاقة المتجددة في الدول النامية.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©