عبدالله أبو ضيف (القاهرة)
الحيتان مدهشة في أحجامها الضخمة وذكائها الاجتماعي، وطريقة حياتها المميزة عن بقية الكائنات البحرية، لكن الاندهاش الأكبر يأتي من كونها تؤدي دوراً محورياً في تقليل نسبة ثاني أكسيد الكربون في الهواء ومواجهة الاحتباس الحراري بوتيرة تتخطى الوسائل الأخرى كافة.
وتعود أهمية الحيتان في حفظ التوازن البيئي إلى الواجهة في الآونة الأخيرة، تزامناً مع زيادة حدة التغيرات المناخية، ولجوء دول العالم لزيادة معدل التشجير للحد من خطر زيادة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الجو وللتقليل من آثار الاحترار، إلا أن دراسات حديثة أشارت إلى أن الحيتان تعد الاستثمار الحقيقي في مجال مواجهة التغيرات المناخية.
توازن بيئي
عكفت دراسة صادرة عن جامعة Alaska Southeast الأميركية على تحليل دور الحيتان في الحفاظ على توازن نسبة الكربون في الكوكب، بعد أن توصل العلماء في وقت سابق إلى أن المحيطات هي أكبر خزانات للكربون على الأرض، وراقبوا بشكل حثيث سلوك الحيتان التي يتخطى عمرها 100 عام، ويصل وزنها أحياناً إلى 150 طناً، وتبيّن أن بإمكانها تخزين أكثر من خمس الكربون على الأرض، ولا يتوقف عملها بعد موتها بل تغرق في أعماق المحيطات مع مخزون كبير من ثاني أكسيد الكربون لا يمكن لأي شجرة أن تحبس 3% من كمية الكربون التي يحبسها الحوت الواحد والمقدرة بنحو 33 طناً من ثاني أكسيد الكربون.
أما الآلية التي ينتهجها الحوت في إنتاج الأكسجين فهي كونه يتغذى على العوالق النباتية ويستفيد من العناصر الغذائية الموجودة بها ليعيد إنتاجها في صورة أكسجين بعد أن يلتهم نحو 3500 كيلو جرام من تلك العوالق في اليوم الواحد.
وينتج الحوت كمية كبيرة من الفضلات التي تتغذى عليها تلك العوالق مرة أخرى وتستفيد منها في عمليات التمثيل الضوئي ليستمر امتصاص ثاني أكسيد الكربون وإنتاج الأكسجين في عملية بيئية متوازنة، وتسهم تلك العملية في إنتاج 50% من الأكسجين الموجود في الغلاف الجوي لكوكب الأرض وتحبس 37 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون ولمزيد من التوضيح قارنها العلماء في الدراسة بمساحة 4 غابات من غابات الأمازون العملاقة.
ضرورة اقتصادية
لم يعد الاهتمام بالحيتان رفاهية علمية فقط، وإنما امتد الأمر إلى صندوق النقد الدولي الذي طالب بإيجاد آليات مالية للاستثمار في إعادة أعداد الحيتان كما كانت في السابق بعد أن قضى الصيد التجاري على ما يقرب من 80% من أعدادها.
وحسب دراسة صادرة عن صندوق النقد، فإن الحوت متوسط الحجم يمكن أن يكون ذا فائدة اقتصادية تزيد قيمتها على مليوني دولار، ويمكن للحوت الكبير أن تصل فائدته المادية إلى تريليون دولار، فيما يتعلق بحبس الكربون داخل جسمه طوال 100 عام خلال حياته وحتى بعد وفاته.