هالة الخياط (أبوظبي)
في واحد من أكبر الجهود العالمية لإعادة تأهيل الشعاب المرجانية، نجحت هيئة البيئة أبوظبي بالتصدي لتأثيرات التغيّر المناخي على الشعاب المرجانية من خلال مشروع لإعادة تأهيل المرجان في أبوظبي، والذي تمكن من زراعة 312,025 قطعة مرجانية في 4 مواقع مختلفة تغطي نحو 71.8 هكتاراً.
وأوضح حمد أبوبكر الجيلاني مساعد عالم المساكن البحرية في قطاع للتنوع البيولوجي البري والبحري في هيئة البيئة - أبوظبي، أن المشروع يعتبر أكبر جهد لإعادة تأهيل الشعاب المرجانية في المنطقة على الإطلاق، وواحداً من أكبر الجهود في العالم.
وأفاد الجيلاني بأن إمارة أبوظبي تحتوي على 34 نوعاً مختلفاً من الشعاب المرجانية الصلبة موزعة على عدة مواقع، بما في ذلك رأس غناضة وبوطينة والسعديات والنوف، وفي عام 2017، فقدت إمارة أبوظبي أكثر من 73% من شعابها بسبب ظاهرة الابيضاض الجماعي للشعاب المرجانية.
وأشار الجيلاني إلى أن المشروع الذي أطلقه سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، ممثل الحاكم في منطقة الظفرة ورئيس مجلس إدارة هيئة البيئة - أبوظبي، في يونيو 2021 لإعادة تأهيل الشعاب المرجانية في المنطقة، جاء لزيادة مرونة الشعاب المرجانية في أبوظبي في مواجهة تغير المناخ عبر زيادة مساحة الشعاب الإجمالية من خلال استزراع أكثر من مليون قطعة من الشعاب المرجانية.
وما يميّز الشعاب المرجانية في الخليج العربي عن الأنواع الأخرى من الشعاب، بأنه رغم الظروف البيئية القاسية للشعاب في الخليج العربي، إلا أنها قادرة على التكيف، وتوفير موائل لمجموعة متنوعة من الأنواع البحرية في المنطقة. وتمتاز بأنها مرنة للغاية، ما يمكنها من التكيف مع أعلى درجات الحرارة في العالم بطريقة غير عادية.
وبشأن تفاصيل برنامج استزراع مليون قطعة مرجانية، أفاد الجيلاني بأن البرنامج ينفذ عن طريق اختيار قطع المرجان الأكثر تحملاً للحرارة، والتي نجت من موجات الحرارة المتتالية.
من خلال حصاد أجزاء صغيرة مرنة من مختلف أنواع الشعاب المرجانية في الإمارة، ونقلها إلى المشتل ومراقبة نموها حتى يمكن إعادة نقلها مرة أخرى إلى الشعاب المرجانية المتدهورة لتأسيسها وزيادة قدرتها على التكيف مع تغير المناخ.
وأوضح الجيلاني، أنه من خلال برنامج إعادة التأهيل، ستساعد مشاتل الشعاب المرجانية على تقليل التأثير السلبي للضغوط الطبيعية على الشعاب بسبب تغير المناخ وارتفاع درجات الحرارة في قاع البحر. ونتيجة لذلك، سيزيد المشروع أيضاً المساحة الإجمالية للشعاب، وإعادة تأهيل المناطق المتضررة للحفاظ على التراث العظيم والقيمة الاقتصادية والعلمية لهذه الشعاب المرجانية.
وينقسم المشروع لمرحلتين، وفقاً للجيلاني، حيث تتضمن المرحلة الأولى من المشروع، التي يتم تنفيذها على مدى 3 سنوات، اختيار مواقع للحضانة بما يضمن بيئة نمو محمية، وتقييم منطقة مصدر المرجان ومنطقة الحضانة، وفقاً لمعايير جودة المياه والأعماق ودرجات الحرارة، وإنشاء عدد من المشاتل تحت الماء لرعاية ونمو الشعاب المرجانية بسعة تصل إلى مليون قطعة من المرجان.
فيما المرحلة الثانية، تتضمن حصاد مخزون حضانة الشعاب المرجانية، ونقل الحصاد إلى المواقع لإعادة تأهيلها وزراعة القطع المنتجة في المناطق المتضررة لاستعادة النظام المرجاني المتكامل. أما المرحلة الثالثة فسيتم الاستكمال والانتهاء من حصاد مخزون الحضانة وترميم المواقع، من خلال زراعة قطع الشعاب المرجانية في المناطق المتدهورة.
ومنذ عام 2005، تنفذ هيئة البيئة برنامجاً لرصد ومراقبة حالة الشعب المرجانية من خلال إجراء مسح موسمي يتضمن جمع بيانات من 10 محطات، مع إضافة موقعين آخرين للمسح في عام 2021، ليشمل المزيد من أنواع الشعاب المرجانية، منتشرة بمواقع مختلفة من إمارة أبوظبي.
وعن الأهمية العالمية للشعاب، فهي تدعم ما يصل إلى 800 نوع مختلف من المرجان الصلب، وتعتبر موطناً لـ 25٪ من جميع أنواع الحياة البحرية. وتنمو الشعاب المرجانية على مدى آلاف السنين بفضل الملايين من البوليبات (الزوائد) المرجانية الضئيلة التي تفرز هياكل خارجية مكوّنة من كربونات الكالسيوم لتشكيل غطاء من المرجان الصلب تمثّل اللبنات الأساسية للشعاب.
انخفاض مطرد
وبحسب تقرير «حالة الشعاب المرجانية في العالم: 2020»، كان هناك انخفاض مطرد في الغطاء المرجاني الصلب منذ عام 2010. وقد سُجِّلت أسوأ الآثار في جنوب آسيا، وأستراليا، والمحيط الهادئ، وشرق آسيا، وغرب المحيط الهندي، والخليج العربي، وخليج عُمان. ومنذ عام 2010، زاد مقدار الطحالب في الشعاب المرجانية في العالم بنحو 20% ، وهو ما يعكس الانخفاض في حجم المرجان الصلب خلال هذه الفترة.
ويشير تقرير «توقعات 2020 لابيضاض المرجان في المستقبل» الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة أن أحداث الابيضاض العالمية قد تصبح القاعدة خلال العقود القادمة بسبب تغير المناخ.
وتشير تقديرات التقرير إلى أنه ما لم نخفض انبعاثات الكربون بسرعة، فإن جميع الشعاب المرجانية في العالم سوف تبيض بحلول نهاية القرن، وبحلول عام 2034، من المتوقع حدوث ابيضاض حاد سنوياً، وعند هذه النقطة، يصبح التعافي غير ممكن، ما لم تتمكن الشعاب المرجانية من التكيف مع درجات الحرارة المرتفعة.
سحب ممطرة
يرجع الفضل إلى المحيطات في تشكّل معظم السحب الممطرة في العالم، حيث إن تبخر مياه المحيطات، وخاصة في المناطق الاستوائية، يؤدي إلى ظهور غالبية السحب الممطرة، الأمر الذي يؤثر على توزيع المناطق الرطبة والجافة على الكرة الأرضية.
كما تساهم المحيطات في تكوين العواصف الشديدة، حيث تخلق الكمية الهائلة من الطاقة الشمسية التي تلتقطها المحيطات أقوى العواصف المدمرة في العالم، وغيرها من الظواهر المناخية المتطرفة أبرزها الأعاصير المدارية وشبه المدارية.