دبي (الاتحاد)
أطلق مكتب التطوير الحكومي والمستقبل تقريراً جديداً بعنوان «10 فرص مستقبلية كبرى في بداياتها الصغرى» يقدم تحليلاً للتوجهات المستقبلية العشر الأكثر أهمية خلال السنوات العشر المقبلة والتي تشكل فرصاً تنموية بقيمة تصل إلى ما يقارب 20 تريليون دولار أميركي خلال العقد القادم، والتي توفر للجهات الحكوميّة في دولة الإمارات آفاقاً جديدة يمكن استكشافها واقتناصها من قبل الجهات الحكومية في برامج ومشاريع ومبادرات استباقية تعزز جاهزية دولة الإمارات للمستقبل في مختلف القطاعات الحيوية.
وتم إعداد التقرير بالتعاون بين مكتب التطوير الحكومي والمستقبل ومعهد المستقبل اليوم - أحد أهم المؤسسات العالمية المرموقة التي تعنى باستشراف وتصميم المستقبل- لتعريف القيادات الحكومية وصناع القرار على الفرص الناشئة وأحدث التوجهات العالمية ومساعدتهم على مواكبة المتغيرات المتسارعة.
ويستعرض التقرير 10 فرص عالمية واعدة في مختلف القطاعات بينها الذكاء الاصطناعي التفاعلي، والصحة، والمنظومة المالية الرقمية، والصناعة في الفضاء، والفرص المستدامة، والتنقل، والتعليم، والأمن الغذائي والمائي، والحصانة الرقمية والأمن السيبراني.
وقالت معالي عهود بنت خلفان الرومي، وزيرة دولة للتطوير الحكومي والمستقبل: «يمر عالمنا اليوم بمرحلة تحولات كبرى ومتسارعة تؤثر على الدول والحكومات والمجتمعات ومختلف القطاعات الحيوية فيها، وترسم ملامح خريطة تنموية عالمية مختلفة وواقع اقتصادي جديد. وفي ظل هذه المتغيرات تحتاج الحكومات إلى الاستباقية والجاهزية لاقتناص فرص المستقبل لفتح آفاق واعدة وابتكار نماذج تنموية مستقبلية جديدة أساسها التنوع والمتانة والاستدامة، انسجاماً مع رؤية وتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، وتماشياً مع رؤية (نحن الإمارات 2031)».
وأضافت معالي عهود الرومي: «يستعرض التقرير 10 فرص مستقبلية تنموية كبرى لا تزال في بداياتها الصغرى، ويساهم في رسم توجهات استراتيجية جديدة، وصياغة ملامح مختلفة لمستقبل أفضل. تحلل الدراسة 10 توجهات عالمية ناشئة تشكل فرصاً تنموية بقيمة تصل إلى ما يقارب 20 تريليون دولار أميركي خلال العقد القادم، حيث يمكن أن يحقق الاستثمار الاستباقي فيها قفزات تنموية لدولة الإمارات نحو اقتصاد أقوى وأنشط ومستقبل مستدام».
وعقبت معاليها «يعد التقرير أداة استراتيجية واستباقية مهمة تساعد في بلورة ومأسسة رؤى حكومية طموحة وعملية ومبتكرة ضمن برامج عمل الجهات الحكومية في دولة الإمارات لتعزيز الجهود وضمان الاستباقية والازدهار وتحقيق الجاهزية لما هو في صالح دولة الإمارات وخير أجيال الحاضر والمستقبل».
وأكدت معالي عهود الرومي أن اقتناص فرص المستقبل يتطلب وضع البرامج والمشاريع والسياسات الاستباقية والعملية وهندسة التشريعات المرنة، والتحديث المبتكر للأنظمة الحكومية على نحو متواصل، بالإضافة إلى تمكين مهارات المستقبل، للارتقاء بجاهزية ونضج القطاعات وتمكينها من سرعة الاستجابة للمتغيرات العالمية لضمان تحقيق إنجازات نوعية للدولة.
وتتلخص الفرص التي توفرها التوجهات العالمية الناشئة في 10 مجالات:
الذكاء الاصطناعي التفاعلي
يتم تطوير جيل جديد من وظائف الذكاء الاصطناعي التفاعلي بشكل متزايد من قبل شركات التكنولوجيا في قطاعات متنوِّعة حيث يقوم بالعمل بشكل ذاتي ومستقل في معالجة البيانات، واستخلاص المعلومات القيمة، وتحسين العمليّات، وتعزيز الأداء أو تطوير كفاءات ومهارات جديدة، وجعل عمليَّة صنع القرار أكثر قوة وفاعلية بشكل يشبه إلى حد كبير كيفيَّة تفكير البشر وتفاعلهم وتصرفاتهم.
2.7 تريليون دولار
يقدم دمج تطبيقات الذكاء الاصطناعي في القطاعات دفعة قوية لنمو هذه التطبيقات، ومن المتوقَّع أن ينمو سوق الذكاء الاصطناعيّ عالمياً من حوالي 144 مليار دولار في 2023، ليصل إلى 2.7 تريليون دولار بحلول 2033 مدعوماً بمجموعة متنوِّعة من التطبيقات والصناعات المدعومة بالذكاء الاصطناعي التفاعلي.
تراجع الأمراض المزمنة
تمهِّد تكنولوجيا الهندسة الحيويَّة الطريق أمام إجراء تعديلات جينيَّة دقيقة تتيح تصحيح الجينات الوراثية المسبِّبة للأمراض المزمنة بشكل استباقيّ. وستقوم هذه التدخُّلات المتطوِّرة بمعالجة مجموعة واسعة من الأمراض الوراثيَّة أو الأمراض المزمنة والمستعصية والوقاية الاستباقية منها.
959 مليار دولار
تقود تكنولوجيا التعديل الجيني ومكافحة الشيخوخة سوق المكافحة الاستباقية للأمراض الذي يصل إلى ما يقرب من تريليون دولار بحلول 2033 بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 22% ليصل إلى 959 مليار دولار، بالإضافة إلى توسع التحول الرقمي والأتمتة في الرعاية الصحية والقطاع الطبي.
المنظومة المالية المتقدمة
اتَّبع قطاع الخدمات الماليَّة نهجاً ثابتاً في توظيف الأتمتة والخوارزميّات على مدار السنوات لرفع مستويات الكفاءة وخفض التكاليف. وأدّى تسارع وتيرة معدلات النموّ في التكنولوجيا المتقدمة إلى زيادة تسريع معدَّلات الأتمتة، مما أعطى المؤسَّسات المالية خيارات إضافية جديدة لتعزيز تجربة المتعاملين، والحد من المخاطر، وضمان الامتثال التنظيميّ للتشريعات المالية، واكتشاف وتتبع المخالفات والاحتيالات بشكل ذاتي وسهولة أكبر وفتح المجالات لفرص رقمية جديدة تحول المنظومة المالية إلى منظومة مالية رقمية متقدمة تتمتع بالسرعة والمرونة والكفاءة والذكاء.
1.1 تريليون دولار
أصبح الذكاء الاصطناعيُّ محوراً رئيساً في القطاع المالي، حيث ضاعفت التطوُّرات الأخيرة من قدرته على التعامل مع كميات البيانات غير المنظَّمة، ممّا يفتح آفاقاً لنماذج جديدة في إدارة العمليّات المالية المعقّدة مثل إدارة العلاقات المالية للشركات والمتعاملين. ويتوقع أن تولد هذه الفرص وغيرها فرصاً جديدة في سوق المنظومة المالية الرقمية بما يقارب 1.1 تريليون دولار بحلول 2033، بمعدَّل نموّ سنويّ مركَّب يبلغ 23.1%.
الصناعة في الفضاء
يمكن للقدرات الجديدة المطورة في مجالات اقتصاد الفضاء أن توفر العديد من الفرص فيما يتعلق بإمكانية إنشاء صناعات دقيقة متقدمة في مدارات الفضاء القريب من كوكب الأرض في مجالات الصناعات التي تتطلب درجات عالية من النقاوة ودرجات منخفضة من معدلات التلوث كصناعة أشباه الموصلات من خلال الاستفادة من ظروف الجاذبيَّة ومحيط الفراغ العالي للفضاء حيث تقوم العديد من الشركات بتطوير مصانع فضائية متقدمة لإنتاج هذه النوعية من التكنولوجيا.
2.2 تريليون دولار
من المتوقَّع أن تتجاوز قيمة اقتصاد الصناعة في الفضاء 2.2 تريليون دولار أميركيّ بحلول عام 2033، مقابل 630 مليار دولار أمريكيّ تقريباً للصناعات الفضائية على الأرض في 2023. يتوقع أن تؤدِّي المنافسة العالمية للوصول إلى الفضاء إلى وضع قيود للحد من تقليص متوسِّط النموِّ السنوي لسوق تنمية الفضاء في الفترة الممتدَّة بين 2023 و2028 بنحو 13%، إلا أنه يُتوقَّع أن ترتفع معدَّلات النموِّ بين عام 2028 و2030 لتصل إلى معدَّل نموٍّ سنويّ نسبته 16% بحلول 2033.
البنية التحتية الاستباقية
تقوم الحكومات وشركات التطوير العمراني بالعمل على أبحاث لتطوير طرق جديدة لتحديث أساليب الإنشاءات العمرانية نظراً للمتغيرات المناخية والتقلبات التي يعيشها الأفراد حول العالم بشكل متفاقم، ونظراً لزيادة صعوبة التنبؤ بها، أصبحت هناك حاجة ضرورية إلى توفير الحماية الاستباقية والاستعداد بنماذج جديدة لمرونة التعامل مع هذه المتغيرات. وستفرض هذه الظروف على الجهات ذات العلاقة تبني تكنولوجيات مبتكرة لضمان المرونة في مواجهة التقلبات المناخية وتحويلها إلى فرص ومنتجات جديدة مثل المساكن البحرية العائمة، إضافة إلى استخدام تقنية الخرسانة الذاتيّة التلاحم، ومواد البناء الخضراء.
1.4 تريليون دولار
تساعد التحديات المتزايدة لتغيُّر المناخ على زيادة النموّ المتوقَّع في سوق فرص البنية التحتية المستدامة. ومن المتوقَّع أن ينمو بمعدَّل سنويّ مركَّب قدره 30.4%، حيث ستتمكن الدول والشركات التي تستثمر بشكل استباقي في تكنولوجيا الاستدامة من فتح أسواق جديدة مع إمكانية نقل خبراتها المبتكرة إلى قطاعات البناء التقليدي، والبنية التحتية، أو التطوير العمراني للمجتمعات في الدول الأخرى.
استدامة وتسارع التنقل
يشهد العالم اليوم تزايداً في أعداد الأفراد وكميات البضائع التي يتم نقلها بشكل مباشر وسريع في غضون دقائق عوضاً عن ساعات، نتيجة ظهور نماذج جديدة من وسائل التنقل التي تتيح الحركة بشكل أسرع وأكثر كفاءة واستدامة كالطائرات من دون طيّار والطائرات العمودية الكهربائيَّة. توفِّر قدرات الشحن المتنامية والحلول الجديدة للتنقل الحضري الكثير من الحلول المبتكرة لنماذج جديدة من شبكات سلاسل التوريد التشاركية وفرص جديدة لخطوط سفر قادرة على نقل المزيد من الأفراد والمواد إلى وجهات كانت تعتبر سابقاً أقل ارتياداً.
283 مليار دولار
إن التطوُّرات التي تشهدها قطاعات تكنولوجيا البطاريّات والدفع الكهربائيّ، إضافة إلى التطور التنظيمي لطائرات الركّاب من دون طيار والطائرات الكهربائية العمودية، ستؤدي إلى تحولها إلى فرص تجارية ملموسة في سوق النقل البديل بقيمة قدرها 283 مليار دولار أميركيّ بحلول 2033.
التعليم الجديد
تستدعي التطورات السريعة للتكنولوجيا المتقدمة كالحوسبة الكمية الحاجة إلى تطوير أنظمة جديدة عوضاً عن أنظمة التعليم التقليديَّة الموجودة حالياً لتلبية متطلبات قطاعات المستقبل الناشئة مثل الأمن السيبراني والاقتصاد الرقمي والأمن المائي والغذائي. وتتزايد شعبيَّة برامج الشهادات القصيرة والشهادات المصغرة وخطط التعلُّم المستمر مدى الحياة لتلبية هذه الاحتياجات، كما أصبحت برامج التعليم البديلة والتعليم المستمر أكثر جاذبية عند الجيل الأصغر من الطلاّب وأكثر كفاء للموظفين، وبدأت مستويات الإقبال بالانخفاض على البرامج الجامعيَّة التقليديَّة التي تمتدّ لأربعة أعوام، حيث تتيح نماذج التعليم البديل للطلّاب والموظَّفين إمكانية التكيُّف بشكل مستمر مع المتغيرات في بيئة العمل وتطوير المهارات والمواهب أو التغيير إلى وظائف أفضل والمنافسة عليها.
يُتوقَّع أن يؤدِّي تكامل الواقع الافتراضي والتكنولوجيا التعليمية والتوليدية المتقدمة وانتشار الشهادات المصغَّرة إلى دفع عجلة نموِّ هذا القطاع ليبلغ نحو 380 مليار دولار أميركي بحلول عام 2033، وهو معدَّل نموّ سنويّ مركَّب قويّ يبلغ 23%.
تسبب أزمة المناخ المتفاقمة والتزايد العالمي المستمر لأعداد السكان ارتفاعاً في الاستهلاك الكبير لموارد المياه الطبيعية العذبة على كوكب الأرض. ويقوم الباحثون وشركات القطاع الخاص والحكومات بتطوير مجموعة كبيرة من التكنولوجيات والابتكارات المائية الجديدة لمواجهة التحديات المتعلقة بندرة المياه لرفع مستويات حصادها وتخزينها وإدارتها بشكل أفضل، لكونها المورد الأهم لاستمرار البشرية.
إن التزايد المستمر لتحديات تغيّر المناخ سيؤدي إلى ظهور فرص اقتصادية كبيرة في مجالات تكنولوجيا المياه والبنية التحتية لها نتيجة الحاجة العالمية لتعزيز حصاد المياه والحفاظ عليها وتطوير طرق إدارتها. ويُتوقَّع أن تصل قيمة سوق الفرص الاقتصادية المائية إلى 1.4 تريليون دولار بحلول عام 2033.
من المتوقع أن يحافظ سوق الأمن السيبراني على معدّلات نموّ قوية تبلغ نسبتها 19.7%، على مدى العقد المقبل، ليحقق قيمة سوقيّة تزيد عن 9.2 تريليون دولار أميركي نتيجة الربط بين من شبكات الأمن السيبراني والتطبيقات الصناعية السحابيَّة.
الزراعة الرقمية
يشهد قطاع الزراعة تطورات كبيرة وصلت إلى مستويات تمكّن المحاصيل الزراعيَّة من النمو في أي بيئة تقريباً وبأقل قدر ممكن من الموارد أو التدخل البشري. ويتمّ تعزيز مستويات إنتاجية المحاصيل الزراعية بتسخير مجموعة متنوعة من التكنولوجيا المتقدمة. بدأ المزارعون في تبنّي التكنولوجيا الزراعيّة الدقيقة والأساليب الحديثة كالزراعة العموديّة، للوصول إلى محاصيل أفضل وبشكل أكثر كفاءة من خلال استخدام البيانات والأتمتة. وامتدت التطوُّرات التكنولوجية الحديثة إلى سلاسل التوريد الغذائية، حيث يتم تتبُّع مصادر الأغذية والتدقيق على سلامتها باستخدام التكنولوجيا الحديثة مثل تكنولوجيا البلوكتشين.
وتستعدّ منظومة سوق الزراعة المتطوّرة، المدعومة بالتطوّر التكنولوجي، لتحقيق نموّ سنوي مركَّب نسبته 18.9% على مدى العقد القادم لتصل قيمته عالميّاً لنحو 179 مليار دولار أميركي.