دبي (الاتحاد)
نفذت القيادة العامة لشرطة دبي عملية أمنية مُحكمة استهدفت عصابة دولية تضم قراصنة إلكترونيين «هاكرز» مُحترفين، ومُحتالين مُتمرسين، يستهدفون الشركات الكبرى في دول عدة من خلال اختراق المراسلات بين رؤسائها ومديريها عبر البريد الإلكتروني، وإصدار أوامر تحويل أموال بأسمائهم إلى حسابات بنكية خارج الدول التي توجد فيها هذه الشركات.
وتمكنت شرطة دبي من خلال فريقها المتخصص في مكافحة الجرائم الإلكترونية في الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية من تعقب تحويلات مالية نفذتها العصابة على مرحلتين لمبالغ تقدر قيمتها بـ 36 مليون دولار، وذلك رغم الحذر البالغ من قبل أعضائها، الذين يعملون بأسلوب مُتطور يعتمد على تحويل الأموال من حساب لآخر ليصعب تعقبها إلى أن يتمكنوا من سحبها.
وألقى فريق عمل متابعة القضية القبض على 43 متهماً من جنسيات مختلفة خلال العملية التي أطلق عليها اسم «مونوبولي». وحددت هوية زعيم العصابة المتواجد خارج الدولة و20 متهماً آخرين. وأصدرت أمر ملاحقة دولية بشأنهم «نشرة حمراء»، لتسهم شرطة دبي بذلك في تفكيك إحدى أخطر العصابات المتخصصة في القرصنة والاحتيال على مستوى العالم، وتُسهم في رد مبالغ مالية كبيرة إلى الشركات التي تعرضت للاحتيال.
وحول تفاصيل عملية «مونوبولي»، أوضحت شرطة دبي أنها بدأت عندما تقدم محامي شركة في إحدى الدول الآسيوية ببلاغ إلى شرطة دبي عبر منصة E-Crime الإلكترونية يفيد بأن عصابة دولية تمكنت من اختراق البريد الإلكتروني للمدير التنفيذي للشركة، واطلعت على مراسلاته مع مرؤوسيه وأطراف أخرى، ثم انتحلت صفته، وخاطبت مدير الحسابات باسمه، وطلبت من الأخير تحويل مبلغ يعادل 19 مليون دولار إلى حساب بأحد البنوك في إمارة دبي على اعتبار أن المبلغ سيُصرف لفرع الشركة.
وأفادت شرطة دبي بأن إدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية، وإدارة مكافحة جرائم غسل الأموال، باشرتا على الفور بتعقب مسار تحويل الأموال، ومتابعة تحركات أعضاء العصابة، حيث اكتشفتا أن الحساب الرئيسي الذي ُحولت إليه الأموال يخص شخصاً قام بفتحه عام 2018 ثم غادر الدولة بعد ذلك.
وبينت شرطة دبي أن فريق العمل اكتشف أيضاً أن العصابة تستخدم أسلوباً بالغ الاحترافية في التضليل، من خلال إعادة تحويل الأموال بين حسابات عدة، ليتولى أفرادها سحبها وإيداعها بخزائن شركات متخصصة في حفظ ونقل الأموال، ثم يغادر عدد منهم الدولة بعد ذلك، فيما يظل آخرون يتولون سحب الأموال وإعادة إيداعها.
وأشارت شرطة دبي إلى أن العصابة، وأثناء متابعة فريق العمل للقضية، اخترقت المراسلات الإلكترونية لشركة ثانية خارج الدولة، وتمكنت من الاستيلاء على مبلغ يقارب 17 مليون دولار، وتحويله بالطريقة ذاتها لتحويلات الشركة الأولى، لإيداعه في خزائن حفظ الأموال، وهذه أساليب تتبعها العصابات الإجرامية لغسل الأموال من خلال إجراء التحويلات المالية المتعددة بقصد إخفاء مصدر الأموال.
وضمن كمين مُحكم، تمكنت شرطة دبي من إلقاء القبض على الـ 43 متهماً متورطاً في تحويل أموال الشركتين، إلى جانب ضبط سيارات فارهة ولوحات فنية باهظة الثمن.
وأكدت شرطة دبي أن القراصنة المُحترفين بهذه العصابة يحددون ضحاياهم بدقة بالغة، ويدرسون أنشطتهم الإلكترونية، مُستهدفين بشكل أساسي قيادات الشركات الكبرى ورجال الأعمال والأشخاص بالغي الثراء، لكنها، رغم مكرهم، كانت لهم بالمرصاد من خلال نخبة من أفضل ضباط وخبراء مكافحة الجرائم الإلكترونية المُسلحين بأحدث التقنيات في هذا المجال.
أثنت شرطة دبي على التعاون الدولي بين الأجهزة الشرطية والأمنية، خصوصاً بين فريق عمل القضية وعدد من الدول الصديقة في فرنسا وهونغ كونغ وسنغافورة، وعدد من ضباط الارتباط في عدد من الدول، والذي نتج عنه إسقاط وتفكيك العصابة، مؤكدة أن توحيد الجهود الدولية، وتعزيز شبكات الاتصال بين أجهزة إنفاذ القانون في العالم، هو السبيل الوحيد لمكافحة الجرائم المُنظمة العابرة للحدود.