نيويورك (الاتحاد)
أكدت دولة الإمارات العربية المتحدة أن إعادة إعمار سوريا ومساعدتها على التعافي والازدهار تساهم في تعزيز الأمن والاستقرار بالمنطقة بأكملها، مشيرةً إلى أهمية التركيز على مشاريع الإنعاش المبكر لإحداث تغيير ملموس على الأرض وتوفير مقومات العيش الكريم للسوريين.
وأكدت الإمارات، في بيان أمام مجلس الأمن الدولي ألقاه السفير محمد أبوشهاب نائب المندوبة الدائمة لدى الأمم المتحدة، أهمية استمرار الحوار وبناء الثقة بين الأطراف السورية، بما يضمن التوصل إلى حل سياسي بقيادة وملكية سورية، باعتباره السبيل الوحيد لإنهاء الأزمة، مشدداً على أهمية استمرار الزخم الدبلوماسي العربي الذي شهدته الأشهر الماضية لدعم إيجاد حل سلمي، بالتنسيق مع الأمم المتحدة، وذلك بعد غياب أي تحركات جدية على هذا المسار لفترةٍ طويلة.
وقال: «نرى أن الدور الذي تضطلع بهِ مجموعة الاتصال العربية بشأن سوريا مهمٌ ويجب دعمه من قبل المجتمع الدولي، خاصة أن جميع هذه المساعي العربية تهدف إلى مساندة وتعزيز المسار الأممي وجهود المبعوث الخاص».
ورحب السفير محمد أبو شهاب، بما ذكره مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا جير بيدرسون حول عقد اجتماعٍ للجنة الدستورية نهاية هذا العام، معبراً عن الأمل أن تتمكن اللجنة من استئناف أعمالها وتجاوز حالة الجمود التي طالت.
وعلى الصعيد الأمني، أعرب السفير محمد أبو شهاب عن قلق الإمارات إزاء تصاعد التوترات في سوريا هذا الشهر واشتعال كافة جبهات القتال، معتبراً أن هذا الأمر يستوجب مواصلة الدعوة إلى خفض التصعيد في كافة المناطق ووقف أعمال العنف، خاصة مع هشاشة الأوضاع واستمرار تنظيم «داعش» الإرهابي في التربص بأي فراغ أمني لإعادة بسط سيطرته على المناطق المحررة.
وجدد أبو شهاب موقف الإمارات الثابت بشأن ضرورة الحفاظ على استقلال سوريا ووحدتِها وسلامة أراضيها، وإحلال الأمن واستدامة الاستقرار فيها.
وفيما يتعلق بالأوضاع الإنسانية، رحبت دولة الإمارات في بيانها الذي ألقاه السفير محمد أبو شهاب باستئناف إيصال المساعدات الإنسانية عبر معبر «باب الهوى» هذا الشهر، معتبراً أن هذه التطورات الهامة والإيجابية تعد نموذجاً على النتائج التي يمكن تحقيقها عبر الحوار البناء والتفاهم المشترك.
وقال: «نقدر في هذا السياق جهود الحكومة السورية ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) وتعاونهما الوطيد خلال الأشهر الماضية للتوصل إلى التفاهم المنشود في وقتٍ تشتد فيه الحاجة إلى هذه المساعدات الإغاثية».
وأضاف: «نتطلع إلى استمرار هذا التعاون والتنسيق، بما يخدم مصالح واحتياجات الشعب السوري الشقيق، الذي نواصل التضامن معه والوقوف إلى جانبه».
وأكد السفير محمد أبو شهاب على أهمية استمرار وصول المساعدات عبر المعبرين الحدوديين الآخرين، وآخرها دخول 6 شاحنات عبر معبر «باب السلامة»، مما يساهم في إدخال أكبر قدرٍ ممكن من المعونة عبر كافة الطرق المتوفرة.
وأشار إلى ضرورة ضمان وصول القوافل عبر الخطوط على نحو منتظم ودون عوائق، وزيادة عددها إلى مستوى يتناسب مع حجم الاحتياجات الهائل على الأرض، خاصة مع موافقة الجانب السوري على فتح معبري «سرمدا وسراقب» حتى فبراير القادم.
وقال: «يتعين على المجتمع الدولي بحث كافة السبل التي يمكن من خلالها وقف الانهيار الاقتصادي في سوريا، والحد من تداعياته المأساوية على الأوضاع الإنسانية والاجتماعية للشعب السوري الشقيق، خاصةً مع انخفاض العملة السورية إلى مستوياتٍ غير مسبوقة».
وأضاف: «نشدد على أن إعادة إعمار سوريا ومساعدتها على التعافي والازدهار ستساهم أيضاً في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة بأكملها وليس فقط في سوريا».
وأردف: «يجب التركيز على مشاريع الإنعاش المبكر والتي تظل السبيل الأمثل لإحداث تغيير ملموس على الأرض، خاصة من حيث إصلاح البنية التحتية، الأمر الذي سيساهم في توفير مقومات العيش الكريم للسوريين وتهيئة الظروف المناسبة للعودة الطوعية والآمنة للاجئين».
وشدد السفير محمد أبو شهاب على ضرورة دعم أنشطة إزالة الألغام في سوريا، كجزء من هذه المشاريع، لحماية المدنيين من مخاطرها.
وفي ختام البيان، أكد السفير محمد أبو شهاب أن «المرحلة الراهنة هي مرحلة حرجة للشعب السوري تقتضي منا أن نضع مصلحتهم فوق أية اعتبارات، بحيث نمهد الطريق نحو وضع حد لمعاناتهم الشديدة وتمكينهم من العيش بأمنٍ، وسلامٍ، وكرامة، أما ترك الملف السوري أسيراً للخلافات الجيوسياسية فلن يصُب في مصلحة أي طرف، بل يُنذر بمزيدٍ من التدهور في الأوضاع الإنسانية والأمنية والاقتصادية التي تطال تداعياتها المنطقة بأكملها، وعلينا كهيئة مسؤولة عن صون السلم والأمن الدوليين تفادي مثل هذه النتيجة».