سامي عبد الرؤوف (دبي)
يُعد نظام التأمين ضد التعطل عن العمل، منظومة أمان وظيفي نوعية ومبتكرة للعامل دون تحمل صاحب العمل أي أعباء أو تكاليف إضافية، ويعتبر واحداً من المبادرات الرائدة على مستوى العالم، من خلال إيجاد حلول مبتكرة لمشكلة تمويل تغطية الضمان الاجتماعي للعمال، والذي يُعد أحد العوائق التي تتم مناقشتها على المستوى العالمي. ويعكس هذا النظام اهتمام القيادة الرشيدة بتطوير بيئة الأعمال في الدولة، وتعزيز مكانتها وجهة مفضلة للعمل والعيش، وهو ما تؤكده التصنيفات والتقارير الدولية التي تظهر تفضيل الأشخاص من أنحاء العالم للعمل والاستقرار في دولة الإمارات نظراً لما توفره من مزايا كبيرة من ناحية الأمن والأمان والمزايا الوظيفية ومستوى التعليم والصحة وجودة الحياة.
وأكدت وزارة الموارد البشرية والتوطين، أن مهلة التسجيل في نظام التأمين ضد التعطل حتى تاريخ 1 أكتوبر المقبل، ليتم تطبيق غرامات عدم الالتزام بالتسجيل على المشمولين غير المسجلين بعد هذا التاريخ، مشيرة إلى أن النظام يشمل العاملين في القطاع الحكومي الاتحادي والقطاع الخاص من المواطنين والمقيمين على حد سواء. فيما دعا رجال أعمال وقانونيون، إلى الاشتراك في نظام التأمين ضد التعطل والاستفادة من مزاياه، لما يوفره من مظلة أمان وظيفي منخفضة التكلفة تدعم المسار المهني والاستقرار المعيشي للعاملين في الدولة.
جدوى النظام
وتفصيلاً، في البداية وصف خليل الخوري، وكيل الوزارة لشؤون الموارد البشرية، نظام التأمين ضد التعطل، بأنه أحد السياسات الداعمة لسوق العمل، وأحد أدوات الحماية الاجتماعية التي تعكس النظرة الإنسانية التي تتبناها الوزارة بوصفها الجهة المسؤولة عن تنظيم سوق العمل في الدولة.
وقال: «يهدف النظام إلى تأمين دخل مؤقت للمؤمن عليهم لمدة ثلاثة أشهر عند تعطلهم عن العمل، وفقدان وظائفهم (لأسباب غير تأديبية)، مما يحقق توجهات الوزارة في تعزيز تنافسية سوق العمل وجاذبيته للكوادر الإماراتية والكفاءات العالمية».
وأضاف: «كما يؤدي لتعزيز رفاهية القوى العاملة، من خلال بيئة العمل الآمنة والمرنة، وتوفير مظلة حماية اجتماعية للعاملين وأسرهم».
كما يحقق نظام التأمين ضد التعطل عن العمل أهداف الوزارة بريادة سوق العمل الإماراتي عالمياً من خلال تعزيز تنافسية الكوادر الإماراتية وجذب أفضل المواهب العالمية من العمالة الماهرة والحفاظ عليها في سوق العمل بالدولة للوصول إلى اقتصاد معرفي تنافسي، وترسيخ مكانة الدولة كأفضل مكان للعيش في العالم.
ولفت الخوري، إلى أنه انطلاقاً من حرصها على إتاحة فرصة الاستفادة من نظام التأمين ضد التعطل عن العمل أمام أكبر شريحة مستهدفة، مددت وزارة الموارد البشرية والتوطين مهلة التسجيل في نظام التأمين ضد التعطل حتى تاريخ 1 أكتوبر المقبل، ليتم تطبيق غرامات عدم الالتزام بالتسجيل على المشمولين غير المسجلين بعد هذا التاريخ.
وكانت الوزارة قد أطلقت نظام التأمين ضد التعطل في الأول من يناير الماضي، وحددت الأول من شهر يوليو موعداً نهائياً للاشتراك وتطبيق الغرامات على المخالفين، غير أنها قررت تمديد مهلة الاشتراك حرصاً على منح الوقت الكافي لجميع المشمولين بالنظام للالتزام بالتسجيل.
نتائج التطبيق
وحول أبرز النتائج التي تم تحقيقها حتى الآن، أجاب الخوري: «حقق نظام التأمين ضد التعطل نتائج باهرة منذ إطلاقه شهر يناير، حيث اشترك أكثر من 70% من العمال المشمولين في نظام التأمين ضد التعطل».
وأضاف: «تم إصدار أكثر من خمسة ملايين و146 ألف وثيقة تأمين ضد التعطل، 96% منهم من شريحة العمال أصحاب الأجور الأساسية دون 16 ألف درهم، و4% من أصحاب الأجور الأساسية التي تزيد على 16 ألف درهم شهرياً».
كما اختار نحو 87% من المسجلين تسديد القسط على دفعة واحدة سنوياً، كونها تعتبر رسوماً رمزية لا تشكل أي ضغط مادي على المشتركين.
منظومة الحقوق
ولكن ما تأثير نظام التأمين ضد التعطل عن العمل على منظومة حقوق العمالة بدولة الإمارات، المحامي والمستشار القانوني محمد النجار، أكد أن نظام التأمين ضد التعطل عن العمل، يمنح الأمان للموظفين الذين فقدوا وظائفهم إلى أن يلتحقوا بوظائف جديدة بشرط عدم فقدانهم الوظيفة لسبب تأديبي أو الاستقالة.
وأشار إلى أن دولة الإمارات تعتبر إحدى الدول الأكثر اهتماماً بحقوق العمال، وتعتبر التحسين المستمر لحماية حقوقهم من أولوياتها الوطنية، لافتاً إلى أن حكومة دولة الإمارات تواظب على تقييم جميع جوانب العمل في الدولة، ابتداءً من الاستقدام وعملية التوظيف حتى توفير السكن المناسب، وذلك لضمان حقوق جميع العمالة الوافدة، ومعاملتهم باحترام ومساواة، وتمكينهم من الإبلاغ عن النزاعات العمالية وحوادث سوء المعاملة بكل سهولة وموثوقية.
وذكر النجار أن هذا النظام يمتاز بمرونة تتيح للعامل الاتفاق على مزايا إضافية مع مزود خدمة التأمين، ويحد من مخاطر سوق العمل بالنسبة للأفراد، ويزيد من المرونة بالنسبة للشركات للتعامل مع المتغيرات، ويعزز بالتالي مستويات التنافسية، ويدعم ثبات مستويات المعيشة للعائلات حتى في فترات التعطل.
وأشار إلى أن دولة الإمارات عضو بارز في منظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة، وتطبق اللوائح والاتفاقيات الدولية في هذا الشأن بصرامة وشدة دون أي تهاون في حقوق العمال، لذلك تصدر تقارير جميع المؤسسات الحقوقية الدولية إيجابية بالنسبة لملف حقوق العمال في الإمارات.
الدور المطلوب
ولكن ما هو الدور الذي يبغي القيام به من قبل أصحاب العمل والعاملين تجاه نظام التأمين ضد التعطل عن العمل، رجل الأعمال الدكتور محمد النحاس، رئيس مجلس الإدارة، الرئيس التنفيذي لمختبرات «مينا لابز- كلينكال باثولوجي سيرفيز، أكد أن دولة الإمارات تولي أهمية قصوى لصون كرامة الإنسان وإعلاء مكانته، حيث يعزز النظام البيئة التشريعية والقانونية الضامنة لصون حقوق جميع العاملين في الدولة من مواطنين ومقيمين وتوفير أفضل سبل الرعاية لهم على جميع الصعد، الأمر الذي يسهم في تعزيز استقرار وازدهار المجتمع، وهو ما يعد أحد أهم أولويات القيادة الرشيدة.
ودعا، رجال الأعمال إلى تشجيع العاملين في شركاتهم على الاشتراك في نظام التأمين ضد التعطل عن العمل والاستفادة من مزاياه، كما دعا المشمولين بالنظام إلى الإسراع في الاشتراك للتمتع بالمزايا التأمينية التي يوفرها لهم، مشيراً إلى أن التأمين ضد التعطل عن العمل، ما هو إلا نتاج رؤية حكيمة تعي احتياجات المستقبل.
وأكد أن هذا النظام يحقق الأمان الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي للفئات المستفيدة والمنطبق عليها الشروط، مما ينعكس إيجابياً على اقتصاد الدولة وتركيبة العمل وتوفير الدخل المناسب للوفاء بمتطلبات المعيشة والمستلزمات لأساسية، وتوفير فرص العمل المناسبة لهم في المستقبل.
وأشار النحاس، إلى أن التأمين ضد التعطل عن العمل، معمول به في العديد من الدول التي تتبنى منح المواطن إعانة شهرية في حالة التعطل «الإجباري» عن العمل، ودولة الإمارات بفضل القياده الرشيده من آوائل الدول السباقة في صون حقوق جميع العاملين على أرضها وتوفير أفضل سبل الرعايه لهم.
عقوبات وجزاءات التحايل
أكدت وزارة الموارد البشرية والتوطين، أنه في حال ثبوت تقديم المؤمن عليها أي بيانات غير صحيحة حول راتب الاشتراك أو علاقته التعاقدية مع صاحب العمل أو ظروف انتهاء خدمته، يحق لمزود الخدمة استرداد كامل التعويض الذي صرف للمؤمن عليه، من دون الإخلال بخضوع المؤمن عليه لأي جزاءات أو عقوبات وفقاً للتشريعات السارية في الدولة.
وفي حال ثبوت تواطؤ صاحب العمل مع المؤمن عليه للحصول على منافع التأمين ضد التعطل عن العمل، ودون الإخلال باتخاذ الإجراءات اللازمة لفرض العقوبات والجزاءات الواردة بالقوانين والقرارات السارية في الدولة، يتم فرض غرامة إدارية على المنشأة من قبل الوزارة بقيمة 20 ألف درهم في كل حالة.
المشمولون والمستثنون
يشمل النظام، العاملين في القطاع الخاص وموظفي الحكومة الاتحادية من مواطنين ومقيمين، ويُستثنى منه كل من المستثمر (صاحب المنشأة التي يعمل بها)، والعمالة المساعدة، والعاملين بعقد مؤقت، والأحداث دون 18 عاماً، والمواطنون الذين استوفوا شروط الإحالة إلى التقاعد، أو المتقاعد الذي يتلقى معاشاً تقاعدياً والتحق بعمل جديد.
حوكمة النظام
أعلنت وزارة الموارد البشرية والتوطين، أنها فتحت باب تلقي الاقتراحات والأفكار من الجمهور والمختصين لتطوير وتحسين نظام التأمين ضد التعطل عن العمل، وذلك حتى الأول من شهر سبتمبر المقبل عبر موقعها الإلكتروني.
وتنص التشريعات الخاصة بالنظام، على أنه على مزود الخدمة معالجة مطالبات التأمين وفقاً للضوابط الخاصة بوثيقة التأمين، وتشريعات المصرف المركزي السارية، وتقوم وزارة الموارد البشرية والتوطين، بإخطار المصرف المركزي في حال إخلال مزود الخدمة بشروط وضوابط وثيقة التأمين. ويتم تسوية النزاعات الناشئة عن الوثيقة وفقاً للآلية المحددة من قبل المصرف المركزي، وتتولى الوزارة المراجعة الدورية للاتفاقية الأساسية وملحقاتها وقيمة الأقساط التأمينية وقنوات الحصول على الخدمة واتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان التنفيذ الأمثل للنظام. ويتولى مزود الخدمة توفير التقارير الفنية ذات الصلة بإدارة التأمين ضد التعطل عن العمل، واطلاع الوزارة على حركة حساب الأقساط وتسليم المبالغ المستحقة للمؤمن عليه بصورة شهرية.
مبالغ التعويض
أكدت وزارة الموارد البشرية والتوطين، أن نظام التأمين ضد التعطل عن العمل، إلزامياً على المشمولين بالتطبيق، مشيرة إلى أن رسوم الاشتراك والتعويض، ستكون على فئتين، الأولى لمن راتبهم الأساسي 16 ألف درهم وأقل، حيث سيكون القسط التأميني 5 دراهم شهرياً، وقيمة التعويض الشهري لا تزيد على 10 آلاف درهم.
أما الفئة الثانية، فمخصصة للموظفين الذين تتجاوز رواتبهم الأساسية 16 ألف درهم، حيث سيكون القسط التأميني 10 دراهم شهرياً، وقيمة التعويض الشهري لا تزيد على 20 ألف درهم.
ويكون التعويض على أساس شهري بنسبة 60% من راتب الاشتراك وبحد أقصى عشرين ألف درهم شهريا ولمدة ثلاثة أشهر من تاريخ التعطل عن العمل وهي المدة القصوى للتعويض عن كل مطالبة.
8 قنوات للتسجيل
أتاحت وزارة الموارد البشرية والتوطين قنوات تسجيل سهلة وبسيطة في نظام التأمين ضد التعطل عن العمل، حيث يمكن للمشمولين في النظام التسجيل فيه من خلال زيارة الموقع الإلكتروني للمجمع التأميني (www.iloe.ae) وعبر التطبيق الذكي iloe أو أجهزة Kiosk المنتشرة في العديد من المواقع على امتداد الدولة، أو أجهزة الصراف الآلي ومراكز خدمات الأعمال وشركات الصرافة بالإضافة للتطبيقات المصرفية، وقنوات شركات الاتصالات والرسائل النصية.
ويمكن إتمام عملية الاشتراك عبر الموقع الإلكتروني (www.iloe.ae) بأربع خطوات هي الضغط على كلمة «اشترك هنا» للوصول إلى صفحة التسجيل، ومن ثمّ تحديد طبيعة القطاع الذي يعمل لديه المشترك مع إدخال بيانات الهوية الشخصية ورقم الهاتف ورمز التحقق المرسل عبر رسالة نصية هاتفية، واختيار كيفية الاشتراك بالنظام (شهري، ربع سنوي، نصف سنوي أو سنوي)، وأخيراً إدخال البريد الإلكتروني والانتقال إلى صفحة الدفع لاستكمال التسجيل بنجاح.
كما حددت وزارة الموارد البشرية والتوطين، 9 شركات تأمين وطنية توفر وثيقة التأمين ضد التعطل عن العمل، تضم شركة دبي للتأمين وشركة أبوظبي الوطنية للتأمين وشركة العين الأهلية للتأمين وشركة الإمارات للتأمين والشركة الوطنية للتأمينات العامة و«أورينت للتأمين» وشركة أبوظبي الوطنية للتكافل وشركة عمان للتأمين وشركة أورينت يو ان بي تكافل.
شروط الانتفاع
حدد قرار مجلس الوزراء رقم 97 لسنة 2022، 9 شروط لاستحقاق المؤمن عليه الانتفاع من التغطية التأمينية، وتتمثل في ألا تقل مدة الاشتراك عن 12 شهراً متصلة في نظام التأمين ضد التعطل عن عمل، وأن يكون المؤمن عليه ملتزماً بسداد جميع الأقساط التأمينية وفق الدورية المحددة.
كما يجب إثبات المؤمن عليه تعطله عن العمل لسبب غير استقالته، وألا يكون قد فصل من عمله لأسباب تأديبية وفقاً لأحكام التشريعات السارية لتنظيم علاقات العمل في القطاع الخاص والموارد البشرية في الحكومة الاتحادية، بالإضافة إلى تقديم المطالبة خلال 30 يوماً من تاريخ انتهاء علاقة العمل أو الفصل في الشكوى العمالية المحالة للقضاء.
ويمنع أن يكون المؤمن عليه شكوى انقطاع عن عمل قائمة، وألا تكون المطالبة بالتعويض عن طريق الغش أو الاحتيال، أو إذا تبين أن المنشأة التي يعمل بها وهمية. ومن الضروري ألا يكون فقدان العمل نتيجة الإضرابات أو التوقفات العمالية غير السلمية، سواء نشأ عنها ضرر أو لا، وأن يكون المؤمن عليه موجوداً في الدولة بشكل قانوني.
كفاءة التطبيق
شدد المحامي والمستشار القانوني محمد النجار، على أن وزارة الموارد البشرية والتوطين عليها القيام بدور كبير في تطبيق هذا النظام بكفاءة عالية دون إتاحة أي فرصة للتلاعب من قبل بعض المستغلين، على غرار ما يحدث من بعض ضعاف النفوس في برنامج «نافس»، مشيراً إلى أن المرسوم بقانون اتحادي رقم 13 لسنة 2022 بشأن التأمين ضد التعطل عن العمل، يؤكد ألا تقل مدة اشتراك المؤمن عليه عن 12 شهراً متصلة في هذا النظام، وألا تكون المطالبة بالتعويض عن طريق الغش أو الاحتيال.
ووفقاً للقانون، إذا تبين أن المنشأة التي يعمل بها وهمية تطبق على المنشأة والمؤمن عليه العقوبات والجزاءات الواردة في قانون تنظيم علاقات العمل وأي تشريعات أخرى سارية في الدولة، كما يوقف صرف التعويض إذا التحق الموظف بعمل آخر أثناء فترة استحقاق التعويض.
الالتزام بسداد الأقساط
أكد قرار مجلس الوزراء رقم (97) لسنة 2022 بشأن آليات وضوابط تنفيذ نظام التأمين ضد التعطل عن العمل، انه في حال عدم التزام العامل/ الموظف بالاشتراك في نظام التأمين ضد التعطل عن العمل، أو عدم سداد المؤمن عليه الأقساط التأمينية المقررة للاشتراك لمدة 3 أشهر من تاريخ استحقاق القسط، لا يستحق الاستفادة من النظام. ويلتزم في هذه الحالة بالاشتراك/ إعادة الاشتراك عن طريق شراء وثيقة تأمين جديدة يبدأ سريانها من تاريخ الشراء. كما يلتزم بسداد كافة المبالغ المستحقة عليه، إضافة لسداده غرامة تحصل من قبل الوزارة قيمتها 400 درهم، في حال عدم التزام العامل/ الموظف بالاشتراك في النظام، و200 درهم في حال عدم التزام المؤمن عليه بسداد الأقساط التأمينية المقررة لأكثر من 3 أشهر. ويتم تحصيل تلك المبالغ، عن طريق استقطاع من حساب المؤمن عليه المخصص لتسلم أجره والمبين بنظام حماية الأجور أو أي أنظمة أخرى بديلة، أو يستقطع من مكافأة نهاية الخدمة أو أي أنظمة أخرى بديلة.