طارق عبد الرحيم الحوسني
تشهد العلاقات التاريخية بين دولة الإمارات العربية المتحدة والجمهورية التركية نمواً ملموساً على الصعد كافة، وذلك في ضوء الاهتمام الكبير لقيادة البلدين الصديقين على تعزيز أواصر هذه العلاقات ودفعها لآفاق أوسع وأشمل، والتي من شأنها أن تسهم في تحقيق المصالح المشتركة والإسهام بفعالية في تحقيق التنمية والازدهار وضمان أمن واستقرار المنطقة والعالم.
ولعلّ أبلغ دليل على الزخم الكبير الذي تشهده هذه العلاقات هو الزيارات الرسمية المتبادلة لقيادتي البلدين والتي كانت آخرها الزيارة التي قام بها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، لتركيا في شهر يونيو الماضي. وترحيب دولة الإمارات العربية المتحدة بفخامة رجب طيب أردوغان رئيس الجمهورية التركية الصديقة إبان زيارته للدولة.
ومن المؤكد أن هذه الزيارة ستنعكس إيجاباً على التعاون الاستراتيجي بين البلدين في مختلف المجالات، وبوجه خاص التعاون القائم بين البلدين في مجال الصناعات الدفاعية والأمنية، والذي يزداد قوة يوماً بعد يوم من خلال تبادل الخبرات والمعارف في تكنولوجيا التصنيع والتطوير المشترك وتكامل الأنظمة.
وقد ظهر ذلك جلياً من خلال الاتفاقيات الموقعة بين هيئات وشركات التصنيع الدفاعي في كلا البلدين، إذ تم بالأمس توقيع مذكرة تفاهم بشأن التعاون الإستراتيجي في مجال الصناعات الدفاعية بين مجلس التوازن في دولة الإمارات ووكالة الصناعات الدفاعية في جمهورية تركيا، وفي فبراير الماضي، وقَّع مجلس التوازن، وشركة روكيتسان ميسايلز اندستريز للتصنيع الدفاعي في تركيا، مذكرة تفاهم على هامش فعاليات معرض «آيدكس 2023» بغرض التطوير المشترك لأنظمة وتقنيات الصواريخ المتقدمة. كما شهد المعرض توقيع المجلس خطابي نوايا مع كل من شركتي «توالكوم» و«أندار» التركيتين للدفاع والتكنولوجيا، وذلك لتعزيز التعاون الدفاعي المشترك. كما وقعت شركة إنترناشونال جولدن جروب الإماراتية مذكرة للتعاون مع شركة الصناعات الإلكترونية الجوية التركية «هافلسان» في مجال أجهزة المحاكاة والأجهزة غير المأهولة.
أعقب ذلك التوقيع في شهر مارس على اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين دولة الإمارات العربية المتحدة والجمهورية التركية بحضور ومباركة قيادتي البلدين، ليعلنا بذلك بداية حقبة جديدة من التعاون الثنائي الذي يسهم في تحفيز التبادل التجاري وزيادة التدفقات الاستثمارية، وخلق الفرص المشتركة في القطاعات ذات الأولوية، ومن بينها قطاع الصناعات الدفاعية والأمنية.
وشهد العام الماضي التوقيع على خطاب نوايا بشأن التعاون في الصناعات الدفاعية بين مجلس التوازن وهيئة الصناعات الدفاعية التركية. وفي العام نفسه، تم التوقيع على مذكرة تفاهم بين مجلس التوازن وشركة «تي آر تيست» التركية للتعاون في مجالات الاختبار والاعتماد. كما وقع مجلس الإمارات للشركات الدفاعية مذكرة تعاون مع رابطة مصنعي أنظمة الدفاع والطيران بتركيا.
وانطلاقاً من مهامه المتمثلة في إدارة عمليات الاستحواذ والموازنة للقوات المسلحة وشرطة أبوظبي والأجهزة الأمنية في دولة الإمارات، واستدامة التكنولوجيا وتسريع النمو في منظومة القطاع وتطوير المحتوى المحلي والقيمة الوطنية المضافة، سيواصل مجلس التوازن التعاون مع الهيئات والمؤسسات التركية العاملة في مجال صناعات وتكنولوجيا الدفاع، وتتويج هذا التعاون بمزيد من الشراكات وصولاً لأهدافنا المشتركة في دعم النهضة الصناعية والتكنولوجية وتلبية لطموحات قيادتي البلدين.
وفي هذا الإطار، نحرص في مجلس التوازن على المشاركة تحت مظلة الجناح الوطني لدولة الإمارات في الفعاليات الدفاعية كافة التي تقام بتركيا، ومن بينها المعرض الدولي لصناعة الدفاع (IDEF) بإسطنبول والذي يعد رابع أكبر معرض دفاعي في العالم من حيث عدد العارضين وكذلك معرض ساها إكسبو (Saha Expo) للدفاع والطيران والذي تشرفنا بالمشاركة على هامش دورته الأخيرة في ورشة عمل ضمت عدداً من المسؤولين الأتراك والإماراتيين لمناقشة فرص التعاون الإقليمي في مجال الصناعات الدفاعية المتطورة وخرجنا منها بتوصيات عديدة ستنعكس بلا شك على التعاون المستقبلي بيننا في هذا القطاع الحيوي والواعد.
ومن واقع الرغبة القوية للبلدين في الارتقاء بالعلاقات بينهما ووصولها لمرحلة الشراكة الاستراتيجية الشاملة، فقد تم أمس إعلان اتفاق مشترك لإنشاء «لجنة إستراتيجية عليا» بين دولة الإمارات وتركيا، وعليه نستطيع القول إن المستقبل يحمل الكثير من البشريات لمكونات القطاع الصناعي والتكنولوجي في كل من دولة الإمارات العربية المتحدة والجمهورية التركية وأننا جميعاً، كل في موقعه، على أتم الاستعداد للإسهام بفعالية في تحقيق تلك التطلعات نحو المستقبل.
الأمين العام لمجلس التوازن