أبوظبي (وام)
تبذل دولة الإمارات العربية المتحدة جهوداً كبيرة للمحافظة على الطبيعة، من خلال الاعتماد على البحث العلمي والابتكار والتكنولوجيا، لإيجاد حلول مبتكرة تسهم في رسم مستقبل يستند إلى العلم والابتكار في الدولة.
وتعدّ «جمعية الإمارات للطبيعة، بالتعاون مع الصندوق العالمي للطبيعة» واحدة من المؤسسات التي تنشط في هذا السياق؛ إذ تسعى لاستكشاف واستخدام حلول الطبيعة والمناخ القادرة على تحقيق تأثير نوعي طويل الأجل، وتصميم وتنفيذ مشاريع الحفاظ على الطبيعة التي تستند إلى العلم باستخدام البيانات والخطط والاستراتيجيات الموجهة لحماية الموائل والأنواع المعرضة للخطر، بما يتماشى مع أفضل الممارسات.
وقالت ليلى مصطفى عبداللطيف، المديرة العامة للجمعية: إن المشاريع التي تنفذها جمعية الإمارات للطبيعة تمرّ بمرحلة تجريبية أولية لتقييم وتأكيد جدواها وأثرها قبل توسيع نطاقها لزيادة فوائدها للمجتمع ككل، وهو نهج يسمح بقياس وإثبات تأثير هذه المشاريع للشركاء والمستثمرين وأصحاب المصلحة الرئيسيين، الذين يعد دعمهم وتمويلهم أمراً بالغ الأهمية في تنفيذ مشاريع المحافظة على الطبيعة، وكذلك تقديم الحلول المبتكرة لزيادة الجدوى التجارية وتوسيع نطاقها، بالإضافة إلى استكشاف حلول مبتكرة للمشاكل المحلية.
استعادة النظم البيئية
وأضافت أن الجمعية تتبنى منهج العمل الميداني القائم على الابتكار، ومن ذلك استخدام العديد من التقنيات العلمية لأول مرة في الدولة أثناء تنفيذ مشروع الحلول القائمة على الطبيعة، الذي يهدف إلى استعادة النظم البيئية الساحلية بالتركيز على تقنية تعزيز تخزين الكربون الأزرق، والذي يحقق العديد من الفوائد للناس والتنوع البيولوجي، مشيرة إلى أنه تمّ من خلال مسوحات حساب الكربون الأزرق تحليل أكثر من 250 عينة تربة في مواقع توضيحية في أبوظبي وأم القيوين، لتقييم كمية الكربون المخزنة في الموائل الساحلية، مثل أشجار القرم ومروج الأعشاب البحرية والمستنقعات المالحة، بالإضافة إلى معدل عزل الكربون.
وأوضحت «عبداللطيف»، أن هذه البيانات تساعد على فهم قدرة النظم البيئية البحرية والساحلية في الدولة على التخفيف من حدة المناخ، وتقدم المعلومات اللازمة لوضع المخططات على مستوى الإمارة لتنفيذ مبادئ الاقتصاد الأزرق المستدام لدعم التنمية الاقتصادية الشاملة.
200 جهاز فيديو
وأشارت إلى تركيب 200 جهاز فيديو لتنفيذ مسوحات عن بعد تحت الماء باستخدام طائرات من دون طيار في 7 موائل؛ وذلك بهدف دراسة الحيوانات البحرية الضخمة مثل أسماك القرش والشفنين والسلاحف، بالاعتماد على طريقة آمنة وغير مؤذية للكائنات الحية، ومن ثمّ تقييم صحة النظام البيئي وكفاءة المناطق البحرية المحمية من أجل دعم مصايد الأسماك ومجموعات الحياة البرية، مشيرة إلى جمع ما يقرب من 200 ساعة من اللقطات التي تم تحليلها بالتعاون مع طلاب الجامعات لتسريع الحصول على النتائج وفي الوقت ذاته، تدريب وتثقيف الطلبة على تحليل البيانات والعلوم المتعلقة بالحفاظ على الطبيعة.
بناء مجتمع مدني نشط
أكدت ليلى عبد اللطيف أن التعاون مع المجتمعات المحلية والشباب أمر ضروري في بناء مجتمع مدني نشط في الدولة يقدّر الصلة الحيوية بين الطبيعة والإنسانية ويضع المشاركة في التحول الأخضر بالدولة في متناول الجميع، مشيرة إلى استغلال جمعية الإمارات للطبيعة قوة التكنولوجيا الرقمية لإنشاء برنامج العضوية السنوي «قادة التغيير»، الذي يمكّن الأفراد في جميع أنحاء الإمارات من إحداث تغيير حقيقي على أرض الواقع، من خلال التدريبات وجلسات التفكير والرحلات الميدانية الشيقة في الطبيعة، والتي تسهم في تحقيق أهداف الاستدامة الوطنية والعالمية. ولفتت إلى أن منصة قادة التغيير المبتكرة توفر للأعضاء إمكانية الوصول إلى أكثر من 100 فعالية مؤثرة سنوياً تقام في الغالب خلال عطلات نهاية الأسبوع، وتسمح لهم بتتبع وقياس تأثير جهود المحافظة على الطبيعة بأنفسهم، بالإضافة إلى تشجيع الشباب في الدولة على المشاركة في هذه الأنشطة العلمية.
مستقبل حيادي المناخ
وأردفت «عبداللطيف»، أن الجمعية ستعرض «تحالف الإمارات للعمل المناخي» في «COP28» كدراسة حالة في دفع الزخم نحو مستقبل حيادي المناخ، وكنموذج يمكن تكراره بسهولة في جميع أنحاء العالم لتوسيع نطاق العمل المناخي.
وأضافت: «يُعد الأمن الغذائي مجالاً آخر يمكن تطبيق العلم والابتكار فيه لتحقيق التأثير النوعي، وهناك الكثير من الاهتمام بالاستثمار في تكنولوجيا صناعة الغذاء؛ لأن العمل مع المجتمعات الزراعية الصغيرة في المناطق الريفية يمكن أن يعزز الأمن الغذائي، مع تعزيز تدابير التكيف مع المناخ في الوقت نفسه وبناء المرونة ضد تغيره، ونحن نتعاون في إطار مشروع الحلول القائمة على الطبيعة، مع الشركاء والمجتمعات المحلية في تجربة إنتاج أغذية جديدة مثل النباتات الملحية، وهي نباتات صغيرة تتكيف جيداً مع بيئاتنا الساحلية عالية الملوحة وآمنة للاستهلاك البشري والحيواني، بالإضافة إلى شجرة المورينجا التي تعتبر شجرة مهمة في المنطقة، كما نختبر جدوى حصاد البذور والزيوت من هذه النباتات وتقييم احتمالات الطلب المحلي على هذه الأنواع من المنتجات الغذائية في المستقبل».