أبوظبي (وام)
عُقد الاجتماع الخامس عشر للجنة الحوار الاستراتيجي الإماراتي - الفرنسي في باريس، برئاسة كل من معالي خلدون خليفة المبارك رئيس جهاز الشؤون التنفيذية، وآن ماري ديسكوتيس الأمينة العامة للوزارة الفرنسية لأوروبا والشؤون الخارجية، أمس الأول.
وجسّد الاجتماع متانة العلاقات الثنائية واستعداد البلدين لمواصلة تعزيز التعاون في جميع المجالات، استناداً للتوجيهات التي حددها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وفخامة إيمانويل ماكرون، رئيس الجمهورية الفرنسية في لقاءاتهما الأخيرة.
وضم الجانب الإماراتي معالي سارة عوض عيسى مسلم وزيرة دولة للتعليم المبكر، ومعالي أحمد بن علي محمد الصايغ وزير دولة، ومعالي الدكتور أنور بن محمد قرقاش المستشار الدبلوماسي لصاحب السمو رئيس الدولة، كما ضم الوفد سفراء البلدين، وعدداً من رؤساء الدوائر والمديرين العامين للمؤسسات الرئيسة التي تمثل القطاعات الحيوية من البلدين.
رحّب الطرفان بالنتائج التي أسفر عنها اجتماع القيادتين في باريس في الحادي عشر من مايو 2023، بعد أقل من عام على زيارة الدولة التي قام بها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، إلى فرنسا.
ويتطلع الجانبان إلى زيارة الرئيس الفرنسي ماكرون إلى دولة الإمارات لحضور الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف «COP28».
وأشار الجانبان الفرنسي والإماراتي إلى التعاون المستمر بينهما وإلى أهمية مواصلة تنفيذ الشراكات الاستثمارية الاستراتيجية الموقعة بين البلدين في ديسمبر 2021.
ورحب الطرفان بالتعاون المتنامي بين شركة الاتحاد للقطارات والشركات الفرنسية المماثلة.. وأشادا بنجاح الاجتماع الافتتاحي لمجلس الأعمال الإماراتي - الفرنسي الذي انعقد برئاسة مشتركة بين معالي الدكتور سلطان بن أحمد الجابر وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة وباتريك بويانيه رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة توتال للطاقات.
ويعد الاجتماع الذي انعقد في أبوظبي في يناير 2023 خطوة مهمة نحو تعزيز التعاون الاقتصادي بين الإمارات وفرنسا، كما تعكس مشاركة معالي الوزير برونو لومير، وزير الاقتصاد والمالية والسيادة الصناعية والرقمية في هذا الاجتماع مدى التزام فرنسا بتعزيز شراكتها الاقتصادية مع دولة الإمارات، وإدراكها الأهمية الاستراتيجية للمنطقة، ودور الإمارات كمركز اقتصادي مهم في الشرق الأوسط.
وفي قطاع الطاقة، يواصل الجانبان الإماراتي والفرنسي العمل وفقاً لاتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة للطاقة والتي تهدف إلى توسيع آفاق التعاون الثنائي في قطاع الطاقة على أساس مبادئ المساواة والمنفعة المتبادلة للقطاعين العام والخاص في البلدين.
كما يناقش الجانبان شراكة لتمويل التحول في قطاع الطاقة، على أن يتم الإعلان عنها خلال مؤتمر الأطراف (COP28).
وجدد الجانب الفرنسي دعمه دولة الإمارات في رئاستها مؤتمر الأطراف COP28، معرباً عن أمله في نجاح المؤتمر.
وأكد الجانبان ضرورة تكثيف جهود المجتمع الدولي للحفاظ على إمكانية تحقيق هدف اتفاق باريس في تفادي تجاوز الارتفاع في درجة حرارة الأرض مستوى 1.5 درجة مئوية، وهذا من خلال اتخاذ إجراءات مناخية طموحة وزيادة المساهمات الوطنية المحددة تماشيًا مع هذا الهدف، وتقليل انبعاثات الطاقة واستهلاكها، وتسريع التحول نحو أنظمة الطاقة النظيفة، مع ضمان أمن الطاقة وتوفرها وإمكانية الحصول عليها بتكلفة معقولة.
ولفت الجانبان إلى أهمية إحراز تقدم ملموس في زيادة تمويل العمل المناخي، وتعزيز قدرات الدول على التكيف مع تغير المناخ، ومعالجة الخسائر والأضرار، مع التأكيد على وجوب التزام جميع الأطراف بتحقيق النتائج المنشودة من مؤتمر الأطراف COP28.
وشارك في اجتماع الحوار الاستراتيجي من الجانب الإماراتي كل من هند مانع العتيبة، سفيرة الدولة لدى الجمهورية الفرنسية، والسفير حمد الكعبي الممثل الدائم لدولة الإمارات العربية المتحدة لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وسعود الحوسني، وكيل دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي، وإبراهيم القاسم نائب المدير العام لوكالة الإمارات للفضاء، والدكتور راشد السويدي المدير التنفيذي لقطاع القوى العاملة الصحية في دائرة الصحة - أبوظبي.
دور الطاقة النووية السلمية
اتفق الطرفان على تسليط الضوء على دور الطاقة النووية السلمية بوصفها ركيزة أساسية لتوليد الكهرباء منخفضة الكربون، وشددا على ضرورة إصلاح المؤسسات المالية الدولية وحشد المزيد من الموارد للتحول المناخي في البلدان النامية وتحسينها ومناقشة مسألة عدم المساواة.. وستكون قمة الميثاق المالي العالمي الجديد التي ستعقد في باريس يومي 22 و23 يونيو، علامة بارزة في هذا الشأن.
ورحب الجانبان بالتعاون الوثيق بين المؤسسات المالية المختصة في كلا البلدين، مثل مؤسسة Paris Europlace، وسوق أبوظبي العالمي للمساهمة في نجاح مؤتمر الأطراف COP28.
وهنأ الجانب الفرنسي دولة الإمارات العربية المتحدة على التقدم الذي حققته في برنامجها للطاقة النووية ببدء العمليات التجارية لثلاث محطات من محطات براكة للطاقة النووية.
ورحب الطرفان بالتقدم المحرز في التعاون المؤسسي لدعم البرنامج النووي الإماراتي بما في ذلك إبرام عدة مذكرات تفاهم وبرامج في مجال البحث والتطوير وبناء القدرات.
ويتضمن أيضاً التعاون الصناعي في القطاع النووي تقديم الدعم المستمر في مجالات الصيانة والخدمات الهندسية، إلى جانب التعاون بين منظومات الإمداد الإماراتية والفرنسية، من خلال مبادرة «إي فيوجن».
وأكد ممثلو الجانبين الإماراتي والفرنسي التزامهم الدائم بالمشاريع المشتركة، مثل متحف اللوفر أبوظبي الذي احتفل بالذكرى السنوية الخامسة لتأسيسه في نوفمبر 2022، وجامعة السوربون أبوظبي. وناقش الطرفان البرامج الجديدة للتعاون المشترك في قطاع المتاحف وقطاع الصناعات الثقافية والإبداعية، وتم تنفيذ مبادرات مهمة بالأخص في قطاع الموسيقى من خلال التعاون مع فيلهارموني باريس.
وأشاد الجانبان بالتعاون الجديد في المواقع الأثرية الإماراتية بدعم من متحف اللوفر في باريس.
وتتم حالياً مناقشة مقترح تعاون ثقافي حول دعم مشروع تجديد جراند تريانون في قصر فرساي، أحد مواقع التراث العالمي لـ«اليونسكو».
علاقات قوية
احتفاءً بالعلاقات المتينة التي تجمع دولة الإمارات العربية المتحدة والجمهورية الفرنسية في قطاع التعليم العالي، وقّع الطرفان إعلاناً مشتركاً للقطاع خلال زيارة رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة إلى فرنسا في يوليو 2022.. ويتم النظر في إبرام اتفاق حكومي بين الطرفين لتعزيز التعاون في هذا المجال.
وأشاد الجانبان بافتتاح برامج ومبانٍ جديدة للجامعات الفرنسية في دولة الإمارات، ويتطلعان إلى افتتاح مدرسة روبيكا الدولية لتصميم الألعاب والرسوم المتحركة في أبوظبي في سبتمبر 2023.
وأثنى الطرفان على الإقبال المتزايد على فرص التعليم الفرنسي في دولة الإمارات بعد افتتاح مدارس فرنسية جديدة وإنشاء الرابطة الفرنسية في الشارقة، فضلاً عن استمرار العمل على برنامج تعليم اللغة الفرنسية في المدارس الحكومية في الإمارات.
وتناول الجانبان الشراكة بين معهد الباستور ومركز أبوظبي للصحة العامة في مجالات الصحة العامة والابتكار والبحث العلمي ومكافحة الأمراض المعدية والناشئة.
وتمت مناقشة الخطوات التالية للشراكة، وتحديداً برنامج الأمراض المعدية في باريس، مع توفير فرص تعليمية وتدريبية تشمل برامج ما بعد الدراسات العليا في معهد الباستور باريس وتبادل المعرفة من خلال دورات إقليمية في أبوظبي.
كما تمت الإشادة بالشراكة العلمية في علم القلب التي بدأها مركز آيكان بالتعاون مع عدة مؤسسات رئيسة في دولة الإمارات العربية المتحدة، بالإضافة إلى برنامج الإقامة الطبية طويل الأمد الذي يسمح كل عام بتدريب 18 طبيباً إماراتياً في فرنسا، والتدريب المهني الذي بدأ حديثا في مجال التمريض.
وبحثا الرئيسان المشاركان إمكانية توسيع نطاق التعاون في مجالات أخرى شملت العلوم والتكنولوجيا، والذكاء الاصطناعي، والأمن الغذائي، والمجال النووي، وحقوق الملكية الفكرية، ومكافحة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب، والأمن السيبراني، والتكنولوجيا المالية.
وأبدى الطرفان اهتماماً مشتركاً بأهمية تعزيز التعاون في مهمات استكشاف الفضاء، والرحلات البشرية إلى الفضاء، واستخدام بيانات الفضاء لمواجهة تحديات التغير المناخي.
التزام مستمر
ناقش الجانبان عدداً من القضايا الدولية والإقليمية، وأعربا عن التزامهما المستمر بدعم السلام والاستقرار والازدهار في المنطقة، مؤكدين أهمية الحوار ومد الجسور لتحقيق الأمن والسلام الإقليمي من خلال منصات مختلفة، من بينها مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة.
وأكد الطرفان حرصهما على تعميق الشراكة الإماراتية - الفرنسية من خلال التنسيق والتعاون الوثيق بين البلدين في مجلس الأمن الدولي خلال فترة انتخاب دولة الإمارات العربية المتحدة عضواً في المجلس، وأعرب الجانب الفرنسي عن دعمه للرئاسة الإماراتية لمجلس الأمن في شهر يونيو الجاري، وترؤس الإمارات لجنة مكافحة الإرهاب في العام الحالي 2023.
وأكد الجانبان الالتزام بالعمل المشترك ودفع التقدم في الملفات ذات الأولوية المشتركة، مثل جدول أعمال «التغير المناخي» و«السلام والأمن» وأجندة «المرأة والسلام والأمن».
كما اتفق الجانبان على تعزيز دور الأمم المتحدة في ترسيخ النظام المتعدد الأطراف، ومنع نشوب الصراعات وإيجاد الحلول السلمية، ونشر السلام، وضمان استمراره، والتصدي للتهديد المتزايد لخطاب الكراهية والتعصب والعنصرية، ونبذ جميع أشكال التطرف لخطورتها في تغذية النزاعات، ولكونها عقبات تحول من دون تحقيق السلام.
وأكد المسؤولون الإماراتيون والفرنسيون في ختام الحوار الاستراتيجي أهمية الالتزام المشترك بتعزيز العلاقات بين البلدين في مختلف المجالات.