هدى الطنيجي (أبوظبي)
أكدت الدكتورة مريم الواحدي مدير إدارة صحة المجتمع في مركز أبوظبي للصحة العامة، أن استخدام التبغ يُعد السبب الثاني للوفاة في العالم والسبب الرئيس للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، وله أضرار صحية أخرى على الفرد، وخاصة على الرئة والمجاري التنفسية، والتأثير كذلك على عملية النمو العقلي لليافعين والأطفال.
وذكرت أن مركز أبوظبي للصحة العامة ركز هذا العام على مرضين مهمين: «مرض إيفالي» و«مرض رئة الفشار» لما لهما من علاقة مباشرة بتدخين السجائر الإلكترونية التي تنتشر بشكل كبير بين فئات المجتمع، وخاصة بين اليافعين والشباب.
وقالت الدكتورة مريم الواحدي لـ«الاتحاد»: إن المركز يقدم جهوداً كبيرة للحد من تعاطي التبغ بكافة أشكاله، خاصة خلال السنوات الماضية، والحفاظ على صحة وسلامة الأفراد، حيث أطلق المركز برنامج التوعية السنوي لمكافحة التبغ تحت شعار «معاً نحو أبوظبي خالية من التبغ»، والذي يركز هذا العام على زيادة الوعي بالمخاطر الصحية من استخدام السجائر الإلكترونية، كونه لا يعد أقل ضرراً من التدخين التقليدي.
وأضافت: «كما أن السجائر الإلكترونية الرائجة حالياً في المجتمع ليست أقل خطورة من التدخين التقليدي، وأن العديد من مستخدمي السجائر الإلكترونية يحصلون على قدر أكبر من النيكوتين مما قد يحصلون عليه من منتجات التبغ العادية، ويمكن للمستخدمين شراء خراطيش عالية القوة/ أداة إعادة التعبئة، والتي تحتوي على تركيز أعلى من النيكوتين، بالإضافة إلى أن المنكهات التي تميز هذا النوع من التدخين تحفز المدخن من الحصول على كمية أكبر من النيكوتين والمواد الكيميائية السامة، وهذه المنكهات قد تكون آمنة عند استخدامها بالطعام ولكنها ليست آمنة على الجهاز التنفسي.
مرض رئة الفشار
وذكرت الدكتورة مريم الواحدي أن الدراسات أثبتت أن استنشاق هذه المنكهات لها علاقة مباشرة بمرض رئة الفشار، وهو اسم آخر لالتهاب القصيبات المسد وهي حالة نادرة تنتج عن تلف المجاري الهوائية الصغيرة في الرئتين بسبب المنكهات، بالإضافة إلى مرض ايفالي، وهو حالة مرضية خطيرة تتلف فيها رئة الشخص من المواد الموجودة في السجائر الإلكترونية ومنتجاته (وخصوصاً فيتامين (E) الذي يستخدم كمخثر للمحلول الخاص بالسجائر الإلكترونية، وقد انتشر مرض ايفالي مؤخراً بين اليافعين المدخنين للسجائر الإلكترونية في الولايات المتحدة الأميركية.
وأشارت إلى أن تعاطي التبغ يقتل عالمياً شخص واحد كل 4 ثوانٍ، ووفق دراسة أجريت في عدد من جامعات الإمارات العربية المتحدة، أصبح استخدام المدواخ أكثر منتجات التبغ شيوعاً، حيث تمثل 47.5% بين المدخنين اليافعين، يليه 44% من المدخنين للسجائر الإلكترونية، وكشفت الدراسات أن أنظمة التدخين الإلكترونية وتنوع المنكهات المستخدمة في محاليل الخاصة بها والتصاميم المبتكرة لهذه الأجهزة كان لها الأثر الكبير في جذب اليافعين لتعاطي التدخين الإلكتروني، كما وأن استخدام أولياء الأمور للسجائر الإلكترونية له الأثر الكبير في مسألة تقليد الأطفال للآباء وظهور انتشار التدخين في هذه الفئة العمرية اليافعة.
وذكرت أن الأكثر فئات المجتمع استهلاكاً للتبغ هم من فئة الشباب، مؤكدة أهمية دور أولياء الأمور في الحد من التدخين بين أفراد الأسرة، من خلال تقديم التوعية المناسبة، والتأثير والتوجيه والمتابعة المستمرة للأبناء، وبيان المخاطر الصحية، وغيرها التي تخلفها استخدام هذه المواد.
تعاون في المكافحة
وأشارت الدكتورة مريم الواحدي إلى أن هناك تعاوناً بين المركز والجهات والمؤسسات المختلفة في مسألة مكافحة استخدام التبغ بأنواعه عبر تضافر الجهود مع الشركاء الاستراتيجيين لمركز أبوظبي للصحة العامة، والذي له أبعاد كثيرة والأثر الكبير في دعم الحملات المنظمة في هذا الجانب بهدف الوصول بها إلى أكبر عدد من الفئات المستهدفة من أفراد المجتمع.
وأكدت أن مكافحة التبغ تعد من أهم أولويات المركز، والسعي نحو بيئة خالية من التدخين بكل أشكاله هو استراتيجية رئيسة في برنامج مكافحة التبغ الذي أطلقه المركز من أجل تحسين الصحة العامة والحفاظ على الأرواح، حيث يركز البرنامج بشكل خاص هذا العام على العلاقة بين التدخين الإلكتروني والأمراض المرتبطة بالرئة، كونها مواضيع جديدة نسبياً وتستحق المزيد من الاهتمام من أجل تصحيح المفاهيم الخاطئة، وتشجيع أفراد المجتمع كافة للإقلاع عن استخدام التبغ والسجائر الإلكترونية والتمتع بحياة صحية».
توعية الجمهور
أكد مركز أبوظبي للصحة العامة أن التدخين الإلكتروني والذي يعتقد العديد من الناس أنه آمن، مرتبط بشكل وثيق بأمراض مهددة للحياة، مثل مرضي «إيفالي» و«رئة الفشار»، كونها أمراضاً رئوية خطيره مهددة للحياة مرتبطة باستخدام السجائر الإلكترونية.
ويمكن لمرض «الفشار الرئوي» أن يؤدي إلى الوفاة في بعض الحالات، وتكون أعراضه على شكل سعال وصفير وضيق التنفس، وغيرها من مشاكل الجهاز التنفسي. وعلى الرغم من وجود العديد من الأسباب المعروفة لمرض «رئة الفشار»، بما في ذلك التعرض لبعض المواد الكيميائية والتهابات الجهاز التنفسي، إلا أن الأبحاث الحديثة أكدت صلة مباشرة بين التدخين الإلكتروني وحدوث هذا المرض. كما أكد مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) في عام 2019 تفشياً لحالات «ايفالي» مع أعراض، تشمل السعال وضيق التنفس وألم الصدر والحمى والتعب، وأعراضاً رئوية مميته.
وأشار مركز أبوظبي للصحة العامة إلى أن هناك 15 عيادة معتمدة توفر خدمات الإقلاع عن التبغ في الإمارة، ودعا الجمهور للتوجه إليها للحصول على خدماتها عن طريق حجز موعد لمقابلة طبيب مختص لتحديد الإجراءات العلاجية ومتابعة الحالة، هذا ويقوم المركز في كل عام، تزامناً مع اليوم العالمي للامتناع عن التدخين الذي يصادف 31 مايو بإطلاق حملته التوعوية لمكافحة التبغ تحت شعار«معاً نحو أبوظبي خالية من التبغ».
ويهدف برنامج التوعية لمكافحة التبغ السنوي إلى توعية الجمهور بالمخاطر الصحية للتدخين والسجائر الإلكترونية، ومعالجة المفاهيم الخاطئة حول التدخين الإلكتروني بين الشباب وأولياء أمورهم، فضلاً عن الترويج للبدائل الصحية، وتشجيع المدخنين لمنتجات التبغ ومدخني السجائر الإلكترونية على الإقلاع عن التدخين.