لمياء الهرمودي (الشارقة)
أكدت «مجموعة بيئة» التابعة لحكومة الشارقة، أنها تسعى إلى دعم ومواصلة تنفيذ برامج أعمال الاستدامة الاستراتيجية لدولة الإمارات وحملتها الوطنية لتحقيق الحياد المناخي، وبما يتماشى مع أهداف الأجندة الوطنية لرؤية الإمارات وصولاً لبيئة مستدامة والمحافظة على الموارد المائية والتنمية الخضراء وتعزيز مكانة الدولة كمركز رائد للاستدامة، وكجهة تقود قاطرة المنطقة بالأفكار المبتكرة والمسؤولة تجاه مقومات الحياة الآمنة والمستدامة.
وفي حوار مع «الاتحاد»، قال خالد الحريمل الرئيس التنفيذي لـ«مجموعة بيئة»: أثبتت المجموعة مكانتها كجهة رائدة في مجال إدارة النفايات، حيث سعت إلى تنويع أعمالها لتشمل مجالات جديدة، مثل الطاقة النظيفة والاستشارات البيئية والتكنولوجيا ووسائل النقل الصديقة للبيئة، بالإضافة إلى العديد من التقنيات المبتكرة والفريدة في إطار جهودها الرامية إلى زيادة الوعي ومشاركة الأفراد والمؤسسات في بناء مستقبل مستدام.
وإدراكاً منها لمدى أهمية مصادر الطاقة المتجددة، أطلقت مؤخراً، محطة متطورة لتحويل النفايات إلى طاقة كمصدر غير مستغل ذي إمكانية عالية في الشرق الأوسط وليحل مشكلة تراكم النفايات الإقليمية وتوليد كميات كبيرة من الطاقة المتجددة، بالإضافة إلى محطة ثانية لتحويل النفايات إلى هيدروجين والتي تُعتبر أيضاً الأولى من نوعها على المستويين المحلي والإقليمي.
رؤية الإمارات
وأشار إلى أنه في منتصف 2022، دشنت المجموعة «محطة الشارقة لتحويل النفايات إلى طاقة» بالتعاون مع شركة أبوظبي لطاقة المستقبل «مصدر»، إحدى الشركات العالمية الرائدة في مجال الطاقة المتجددة، وتعمل هذه المحطة على معالجة النفايات غير القابلة لإعادة التدوير لإنتاج الطاقة النظيفة.
وأضاف الرئيس التنفيذي لمجموعة بيئة: كما نسعى إلى تحقيق رؤية الإمارات لتحويل النفايات بالكامل بعيداً عن المكبات، والعمل على تمكين الشارقة لتكون أول مدينة بالشرق الأوسط تنجز هذا الهدف، ومن هذا المنطلق، فإن هذه المحطة تُعتبر الأولى من نوعها في الدولة والمنطقة وتسهم في توليد 30 ميجاواط من الطاقة منخفضة الكربون، تكفي لتشغيل 28 ألف منزل في الشارقة من خلال شبكة هيئة كهرباء ومياه وغاز الشارقة.
وقال: تقع هذه المحطة التي تمتد على مساحة 80 ألف متر مربع ضمن مُجمع بيئة لإدارة النفايات لتسهيل نقل النفايات غير القابلة لإعادة التدوير، حيث بإمكانها معالجة أكثر من 300 ألف طن منها، وإزاحة ما يقرب من 450 ألف طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وترشيد ما يصل إلى 45 مليون مكعب من الغاز الطبيعي سنوياً، في حين تتمتع بميزات عالية للسلامة والأمن السيبراني لضمان تشغيل آمن للأفراد وخلال اتصالها بشبكة الكهرباء المحلية.
استخلاص المواد
وأضاف الحريمل: ستعمل «محطة الشارقة لتحويل النفايات إلى هيدروجين» التي تُعتبر بدورها الأولى من نوعها في دولة الإمارات والمنطقة، على تحويل النفايات الخشبية والبلاستيكية غير القابلة لإعادة التدوير إلى خلايا هيدروجين أخضر لاستخدامه وقوداً ضمن مركبات النقل البري وخصوصاً تلك التابعة لمجموعة بيئة.
وأضاف: تأتي تلك الخطوة في إطار الخبرة الكبيرة التي تتمتع بها مجموعة بيئة في مجال إدارة النفايات واستخلاص المواد وإعادة تدويرها، والتي تتكامل مع خبرات شريكين آخرين، هما «تشينوك ساينسيز» المتخصصة في تحويل النفايات إلى طاقة باستخدام تقنية «روديكس» المُسجلة باسمها، والتي ترتكز على عمليتي تحويل الغازات «التغويز» والتحلل الحراري، و«إير ووتر» اليابانية التي طورت تقنيات عالمية ومبتكرة لتنقية الهيدروجين وتحسينه.
وستتضمن المحطة موزعاً لتزويد العديد من المركبات بالهيدروجين الأخضر، وللوصول إلى تلك المرحلة الاستباقية والمتطورة، كما سوف تقوم «إير ووتر» المتخصصة بإنتاج خلايا وقود الهيدروجين، وذلك اعتماداً على تقنياتها المتطورة لتنقية الهيدروجين.
ويُشار في هذا الصدد، إلى أن الغاز المُستخرج عبر «روديكس»، سوف يُضخ عبر أنابيب إلى نظام تنقية الهيدروجين وذلك لإنتاج هيدروجين لخلايا الوقود من نوع «PEM»، والتي تتوافق مع معايير آيزو 14687 أو SAEJ2719.
عاصمة الاستدامة
وأكد الرئيس التنفيذي لمجموعة بيئة، أن مجموعة بيئة تحرص على تعزيز مكانة إمارة الشارقة لتكون عاصمة الاستدامة في الشرق الأوسط، وتبذل المجموعة جهوداً كبيرة لتحقيق هذا الهدف وترسيخ مكانة الإمارة محلياً وعالمياً لتكون نموذجاً يُحتذى في قطاع استدامة المدن.
كما تسعى المجموعة إلى طرح حلول جديدة ومتكاملة في مجال تحويل النفايات بالكامل بعيداً عن المكبات، وذلك من خلال تطبيق أفضل الممارسات بالمنطقة لاستخراج المواد القيّمة من مختلف أنواعها، وبالتالي دعم الاقتصاد الدائري وترسيخه بما ينعكس إيجابياً على البيئة ويعزز التدفقات المالية. وتأتي هذه الجهود انسجاماً مع المستهدفات الوطنية الخاصة بالاستدامة مع تقليل الانبعاثات الضارة، وتحويل النفايات بالكامل بعيداً عن المكبات، بما يعزز ويخدم الاقتصاد الدائري.
وأضاف: من هذا المنطلق، فإن مُجمّع بيئة لإدارة النفايات المتكامل التابع لشركة «بيئة لإعادة التدوير» والذي يضم في الوقت الحالي 10 مرافق متخصصة لمعالجة النفايات واستعادة المواد قد ساهم لغاية الآن، في تحويل ما نسبته 76% منها بعيداً عن المكبّات بإمارة الشارقة، وهي النسبة الأعلى من نوعها على مستوى منطقة الشرق الأوسط، على أن ترتفع إلى 100% بعد التشغيل الكامل لمحطة الشارقة لتحويل النفايات إلى طاقة.
فرصة مهمة
قال خالد الحريمل: تنسجم خطوات مجموعة بيئة مع جهود دولة الإمارات التي تعتبر أن العمل المناخي التدريجي والحلول المناخية المبتكرة يشكل فرصاً مهمة للنمو الاقتصادي، فقد كانت الإمارات أول دولة في المنطقة تصادق وتوقّع على اتفاقية باريس للمناخ، وأول دولة تلتزم بخفض الانبعاثات في القطاعات الاقتصادية.
وأصبحت الإمارات أول دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعلن عن مبادرة استراتيجية لتحقيق الحياد المناخي من شأنها أن تعزز النمو الاقتصادي وتخلق فرص عمل وتوسع الصناعات، بما يتماشى بشكل وثيق مع أهداف التنمية طويلة الأجل، وأدى الاستثمار المبكر في تنويع مزيج الطاقة في الدولة إلى ترسيخ ريادتها في ما يتعلق بالنظيفة منها، وانعكس ذلك من خلال تنفيذ مشاريع عدة في مجالات الطاقة المتجددة والنووية والهيدروجينية.
رؤية واضحة
كانت الإمارات أعلنت خلال مشاركتها بمؤتمر الأمم المتحدة للمناخ «COP26»، الذي أقيم في جلاسكو عن استراتيجيتها للحياد المناخي بحلول 2050، لتكون بذلك الأولى في الشرق الأوسط التي ترسم خطة طريق لتحقيق هذا الهدف الطموح وتتصّدر المشهد البيئي بالمنطقة عبر الإنجازات النوعية والمتميزة.
وفي ضوء تلك الرؤية الواضحة، تخطط الدولة لتصدير الهيدروجين الأخضر عبر تسخير أحدث التقنيات لإنتاج خلايا وقود الهيدروجين، وهو ما تسعى إليه مجموعة بيئة لأن تكون جزءاً مهماً من هذه الاستراتيجية الطموحة.
وحول التطلعات والخطط المستقبلية، أكد الرئيس التنفيذي لمجموعة بيئة: لا شك أن مجموعة بيئة تخطط عبر «شركة الإمارات لتحويل النفايات إلى طاقة»، المشروع المشترك مع شركة أبوظبي لطاقة المستقبل لإنشاء المزيد من المحطات في جميع أنحاء دولة الإمارات والشرق الأوسط، والعمل على استكشاف سبل التعاون مع الهيئات الدولية والمحلية، بما في ذلك وزارة التغير المناخي والبيئة في الإمارات وغيرها من الكيانات الحكومية والخاصة والصروح التعليمية والمنظمات الاجتماعية.
كما تسعى إلى توحيد مشاريعها العالمية المشتركة وأعمالها المتنامية في مختلف القطاعات والدول «بما في ذلك المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية»، بالإضافة إلى مواصلة جهودها من أجل تحقيق أهداف المبادرة الاستراتيجية للحياد المناخي ومعالجة أحد أهم التحديات التي تواجه العديد من المدن في المنطقة، والمتمثل في الحد من النفايات وإدارتها على نحو مستدام.