أبوظبي (الاتحاد)
نظم مركز تريندز للبحوث والاستشارات ندوة علمية سياسية بالتعاون مع السفارة الصينية لدى دولة الإمارات في مقر المركز، بحضور معالي الدكتور ليانغ يانشون، عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني أمين لجنة الحزب الشيوعي الصيني لمنطقة نينغشيا ذاتية الحكم لقومية هوي، وتشانغ ييمينغ غو سفير جمهورية الصين الشعبية لدى الدولة، والدكتور محمد عبدالله العلي، الرئيس التنفيذي لـ«تريندز» وجمع من الباحثين والإعلاميين.
وأكد خبراء وأكاديميون شاركوا في الندوة، أن الصين تقف في الجانب الصحيح من التاريخ، ، وتسعى إلى التنمية الذاتية والمحافظة على سلام وتنمية العالم.
وأضافوا، أن التحديث الصيني النمطي يبعث على ثقة دول العالم بتحقيق التنمية المستدامة التي تحتاج إليها دول العالم الآن، فالطريق الصيني يشجع جميع الدول النامية عامة والعرب خاصة، ويدل على أنّ بإمكان أي دولة أن تحقق التنمية.
العلاقات الثنائية
وبدأت أعمال الندوة بكلمة ترحيبية للدكتور محمد عبدالله العلي، الرئيس التنفيذي لتريندز الذي أشار إلى أن هذه الفعالية العلمية المهمة تمثل ثاني تجربة للتعاون مع الأصدقاء في جمهورية الصين الشعبية خلال شهرين فقط، وهو ما يجسد حرص المركز البالغ على تعزيز التعاون البحثي والمعرفي مع الأصدقاء في الصين.. مضيفًا: «نعمل بجد على دفع هذا التعاون إلى آفاق أرحب في المستقبل بما يخدم أهدافنا البحثية في تعزيز علاقات التعاون والصداقة بين الشعوب وخدمة قضايا الأمن والسلام والازدهار العالمي».
وأوضح، أن تجربة الصين التنموية تشكل نموذجًا رائدًا للعالم في التنمية الاقتصادية نظرًا إلى النتائج التي حققتها على أرض الواقع، وأضاف قائلًا: إن هذه المؤشرات كفيلة وحدها بأن تجعل الباحثين والمهتمين بقضايا التنمية يتوقفون كثيراً عند هذه التجربة التنموية الرائدة لمحاولة فهم أبعادها واستخلاص الدروس المستفادة منها».
أما على مستوى العلاقات الخليجية- الصينية، فأشار الرئيس التنفيذي لـ«تريندز» إلى أنه يلحظ بوضوح تناميًا ملحوظًا في هذه العلاقات على الصُّعد كافة، ورغبة مشتركة في تطويرها ودفعها إلى آفاق أرحب، حيث أصبحت الصين أكبر شريك تجاري للدول الخليجية.
عقب ذلك، انطلقت أعمال الندوة بكلمة لتشانغ ييمينغ غو، سفير جمهورية الصين الشعبية لدى دولة الإمارات الذي قال، إن الصين ماضية بنجاح ونهضة تنموية شاملة للشعب الصيني.
من جانبه، أوضح معالي الدكتور ليانغ يانشون، عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني أمين لجنة الحزب الشيوعي الصيني لمنطقة نينغشيا ذاتية الحكم لقومية هوي، أن المؤتمر الوطني الصيني ال 20 للحزب الشيوعي الصيني استخلص الإنجازات المتحَقَّقة خلال العقد الماضي، فمثلًا إجمالي الناتج المحلي الصيني في العام الماضي، 120 مليار يوان صيني أي ما يعادل 18 تريليون دولار أميركي.
كما قال، إن الصين نجحت في القضاء على الفقر المدقع في العقد الماضي، ورفعت متوسط دخل الفرد في الصين بمتوسط نمو 5.1%، وفي مجال البناء السياسي بكين تطبق الديمقراطية الشعبية بكامل عملياتها مع ضمان تمتع كل المواطنين بحقوقهم كاملة.
وأكد أنه في مجال البيئة، هناك إنجازات استثنائية، وضرب مثالًا على ذلك وفقًا لإحصائيات العقد الماضي، بالأشجار الجديدة التي تمت زراعتها في الصين وتعادل ربع الأشجار الجديدة في العالم أجمع.
وحول التحديث الصيني أشار إلى أن طريق التنمية السلمية يتطور بخطى ثابتة في توسيع انفتاح الصين على العالم الخارجي على مستوى عالٍ، لتبادل الخبرات وتعزيز بناء مجتمع ذي مصير مشترك للبشرية، وتحقيق المنفعة المتبادلة والنتائج المربحة للجميع مع دول العالم.
كيف يرى العسكريون والدبلوماسيون الأوروبيون؟
عقب ذلك بدأت أعمال الجلسة الأولى في الندوة بعنوان:« المحور الأول: الصين: التفوق قبل التنافس – والتفاعلات الإقليمية في الشرق الأوسط»، التي بدأت بكلمة للواء الدكتور سيد غنيم، أستاذ زائر في الأكاديمية العسكرية الملكية في بروكسل ورئيس معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع، الذي قال في كلمته إنه سينقل للحضور كيف يرى العسكريون والدبلوماسيون الأوروبيون، الصين في جلساتهم التي حضر العديد منها، بصفته محاضرًا في مؤسسات عدة في أوروبا، مشيرًا إلى أن القادة في القارة العجوز يُجمعون على أن الصين مستقرة آمنة ذات حكم قوي رصين، ودولة واحدة مزدهرة، ذات استراتيجيات واضحة تحركها دبلوماسية مرنة.
وأضاف، أنَّ لدى الصين العديد من الاستراتيجيات التي ساعدت في تحقيق التنمية منها: استراتيجية الأمن الصيني 2015، والاستراتيجية العسكرية 2015، ووثيقة سياسة الصين تجاه الدول العربية 2016 المترجمة إلى اللغة العربية، وهي الوثيقة الوحيدة من نوعها في العالم، موضحًا أن تحرك الصين يعزز حضورها العالمي عبر استراتيجيات محددة وواضحة تتضمن 4 مبادرات، هي: الحزام والطريق، والأمن العالمي، والتنمية العالمية، والحضارة العالمية.
وقال: «الصين واجهت 3 تحديات تتمثّل في القطبية العالمية، وعولمة الاقتصاد، إضافة إلى عدم ديمقراطية العلاقات الدولية، غير أن الرئيس الصيني شي جين بينغ، حوّل هذه التحديات إلى فرص».
وتوقفت الجلسة الثانية عند «مستقبل النموذج التنموي الصيني» التي أكد فيها الدكتور محمد عفيفي أن الحديث عن الاقتصاد الصيني هو حديث عنوانه الإعجاب بمنجزات هذه التجربة الدولية الفريدة من نوعها، وهو أيضًا حديث يملؤه التفاؤل بقدرة الدول -مهما كانت ظروفها- على الخروج من ضيق التخلف الاقتصادي إلى رحابة النمو المستدام والتنمية المستقلة.
كما نوه بأنه للوقوف سريعًا على منجزات التجربة الصينية في التنمية، يمكننا أن نشير إلى أربعة مؤشرات تنموية رئيسية، هي: استمرار ازدهار الإنفاق الحكومي على التعليم، حيث يبلغ نحو 11% من جملة الإنفاق الحكومي خلال السنوات القليلة الماضية، إضافة إلى أنّ الصادرات السلعية والخدمية قفزت من نحو 7 مليارات دولار في 1977 إلى نحو 3.5 تريليون دولار في 2021، كما أن متوسط معدل النمو الاقتصادي السنوي ناهز 10% ومتوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي ناهز نحو 8.2% سنويًّا خلال العقود الأربعة الماضية. (وصل النمو في سنة 1970 نحو 20%، كما أن الاحتياطيات الصينية في مواجهة العالم زادت من نحو 4.4 مليار دولار في 1977 لتصل إلى نحو 3.4 ترليون دولار في 2021.
التنمية أداة لمعالجة مشكلات المنطقة
أما الجلسة الثالثة بعنوان: «الفرص التي يتيحها النموذج الصيني للمنطقة» فذكرت فيها نجلاء الزرعوني، الزميل غير المقيم في مركز تريندز للبحوث والاستشارات، أن النموذج الصيني التنموي في منطقة الشرق الأوسط يقوم على تأكيد أنّ التنمية أداة لمعالجة مشكلات المنطقة، وتطبيق نموذج تنموي يحتذى به، والتركيز على الشراكات المنطقية لا التحالفات.
كما قالت، إن الصين انخرطت بشكل كبير في شؤون الشرق الأوسط خلال السنوات الأخيرة، من خلال تحقيق تنسيق متوازن مع دول المنطقة في حين أن مشاركتها الاقتصادية موضع ترحيب من قبل الأطراف الإقليمية الكبرى.
مستقبل العلاقات الصينية-الخليجية الطموح
في الجلسة الثالثة، تحدث محمد خلفان الصوافي، كاتب وباحث متخصص في العلاقات الدولية، حول «مستقبل التعاون الخليجي الصيني» قائلًا، إن مستقبل العلاقات الصينية-الخليجية الطموح مبني على 5 نقاط رئيسة. النقطة الأولى: هي الإرادة السياسية بين الجانبين وهذا عامل مهم، وأقصد بذلك رغبة القيادات في التعاون المشترك لاستقرار المنطقة، أما النقطة الثانية: فهي وجود علاقات قوية بين المصالح المشتركة، خصوصًا في الجوانب الاقتصادية والتجارية والاستثمار كذلك، النقطة الثالثة المتصلة بالنظرة المشتركة حول النظام الدولي القائمة على استقرار المجتمعات. وكذلك التركيز على التنمية والحوار والتفاوض لحلّ الأزمات.
وأضاف، أن النقطة الرابعة تتعلق باشتراك الصين مع دول مجلس التعاون الخليجي في وجود استراتيجيات بعيدة المدى، ففي الرؤية مثلًا هناك رؤية 2030 ورؤية 2050 في الصين «الطريق والحزام» وهذا يعزز تقارب وجهات النظر وزيادة التعاون المشترك، واختتم حديثه بالنقطة الخامسة التي تتعلق بطبيعة أن العلاقات الصينية–الخليجية أساسها الضخامة وطول المدى، وهذا ما يساعد على استمرار العلاقات بشكل أوسع.
فكرة التحديث الصيني
وكان مدير الجلسة محمد الظهوري، رئيس قسم الدراسات الاستراتيجية في مركز تريندز للبحوث والاستشارات، قد أكد في بدايتها أن موضوع هذه الندوة بالغ الأهمية، لأنه يناقش تجربة تنموية رائدة، استطاعت في عقود قليلة أن تنقل دولة كبيرة حجمًا وسكانًا مثل الصين من دولة نامية تعاني انتشار الفقر والأزمات إلى ثاني أكبر اقتصاد في العالم، مضيفًا أن الصين تسعى بخطى حثيثة لتبوأ مكانة الاقتصاد الأكبر في العالم، بعد نجاحها في انتشال مئات الملايين من مواطنيها من الفقر المدقع.