هالة الخياط (أبوظبي)
أكد مؤتمر إدارة الأزمات والطوارئ – أبوظبي 2023، الذي اختتمت أعماله أمس تحت رعاية سمو الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، نائب حاكم إمارة أبوظبي مستشار الأمن الوطني، أهمية التخطيط لعمليات التصدي لحالات الطوارئ لكونها الأساس في زيادة قدرة المؤسسات على الصمود، وتعزيز التعاون والتناغم بين كافة أطراف منظومة الطوارئ والأزمات، ولا سيما المجتمع المدني. وأشار المؤتمر ضمن توصياته في ختام أعماله إلى أن التعليم والتدريب يعد ركيزة أساسية للارتقاء بأداء مؤسسات الطوارئ والأزمات، وتطوير معايير دولية كفؤة لحوكمة إدارة الطوارئ والأزمات لتسترشد بها الدول الساعية لتطوير قدراتها الوطنية. وخلال الجلسة الختامية للمؤتمر عرض حمد سيف الكعبي مدير إدارة حوادث المواد الخطرة في الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث، التوصيات والتي أكدت على استمرار التنسيق والتكامل بين الدول والمنظمات الداعمة لمؤسسات الطوارئ والأزمات المحلية، وإرساء الثقة في ضرورة تبادل المعلومات والخبرات بين المنظمات الدولية، ودول أقاليم العالم المختلفة. وأكدت التوصيات أهمية مواجهة الجيل الجديد من المخاطر المدفوعة بالظروف الاقتصادية من خلال الاعتماد على دراسات وبحوث لرفع الاستعداد لهذه النوع من المخاطر، إلى جانب رفع المستوى الثقافي لأفراد المجتمع لعكس وعيه وتعزيز مناعة المجتمع ضد الأخطار.
ولفتت التوصيات إلى أهمية بلورة نهج واضح لاستشراف المستقبل لتحديد المخاطر والأزمات وتقييمها، ووضع سيناريوهات مختلفة للتعامل معها، وبناء مستقبل أكثر استدامة للأجيال القادمة يدعو لتعزيز جهود العمل المناخي الدولي، وتوظيف التكنولوجيا والتطبيقات الحديثة للذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة في منظومة إدارة الطوارئ الوطنية، والاستثمار في المرونة والتكيف المناخي في المدن لتقليل الأثر الاقتصادي للأزمات المستقبلية الناجمة عن تغير المناخ.
واقترحت القمة ضمن توصياتها بإدخال المساقات المتعقلة بالمنطق والفلسفة والعلوم الإنسانية الأخرى في إعداد جيل المستقبل بمجال إدارة الطوارئ والأزمات.
وخلال الجلسة الرئيسة في القمة أمس، أكدت الشيخة شما بنت سلطان بن خليفة آل نهيان، الرئيس والمدير التنفيذي للمسرعات المستقبلة لدولة الإمارات للتغير المناخي أن الكثير تغير نتيجة لـ COVID-19، حيث نفذت العديد من المنظمات سياسات العمل عن بعد أو الهجين، وهو تطور لم يؤثر فقط على طريقة عملنا، ولكن أيضًا على الطريقة التي نعيش بها. كما أن الجائحة جعلت من الاستثمار في أبحاث اللقاحات ثورة في المجال الطبي، بينما توسعت جهود الإغاثة في حالات الكوارث، وتطورت تقنيات الاختبار الفيروسي.
وقالت إنه «من المهم أن ندرك أن مسؤولية بناء المرونة والتكيف مع عوامل التغير المناخي لا تقع على عاتق دولة أو أمة واحدة، ولكن تقع علينا جميعًا بصفتنا مشرفين على كوكبنا، ومن أجل تحقيق ذلك على المستوى العالمي، يجب أن نبدأ أولاً بمدننا ومجتمعاتنا وسياساتنا، إلى جانب التخفيف من حدة المناخ».
وأشارت سمو الشيخة شما إلى أنه وفقًا للمنتدى الاقتصادي العالمي، من المتوقع أن تصل تكلفة التكيف في البلدان النامية إلى 300 مليار دولار سنويًا بحلول عام 2030. في المقابل، بلغت تدفقات تمويل التكيف العالمي 46 مليار دولار فقط في عام 2020، ذهب منها 28.6 مليار دولار فقط إلى البلدان النامية، مما ترك فجوة كبيرة. وختمت الشيخة شما بنت سلطان بن خليفة آل نهيان كلمتها الرئيسة في القمة بقولها «أشجع الجميع على التفكير فيما يتجاوز الأدوات المتاحة لنا اليوم، حيث نبتكر ونعبئ طريقًا لغد أكثر استدامة ومرونة».
المخاطر العابرة للحدود
وفي تصريحات لـ «الاتحاد» أكد خبراء محليون ودوليون مشاركون في القمة أهمية الالتفات إلى المخاطر العابرة للحدود، والتي تتسم بسمات يمكن العمل على الحد من تداعياتها، إلى جانب العمل على إعداد المجتمع باعتباره شريكاً رئيساً في نجاح إدارة الطوارئ والأزمات، وخلق الثقة بين المؤسسات الحكومية وأفراد المجتمع لدى التعامل مع الأزمات.
وأشار حمد سيف الكعبي مدير إدارة حوادث المواد الخطرة في الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث، إلى أهمية التعامل الحذر مع المخاطر العابرة للحدود والتي تتسم بسمات يمكن العمل على الحد من تداعياتها من خلال توحيد الجهود الوطنية والدولية، لافتاً إلى أن المخاطر العابرة للحدود تمثل تهديداً حقيقياً وخطيراً يؤثر على المجتمعات وسلامتها واستقرارها.
وأكد الكعبي أهمية توظيف التكنولوجيا الحديثة بشكل يلائم المخاطر العابرة للحدود، ووضع الاستراتيجيات المناسبة، وتوظيف الطاقات الصحيحة والاستثمار الصحي والسليم لمواجهة هذا النوع من المخاطر.
من جانبه، أكد دكتور عدنان علوان لواء ركن متقاعد وخبير في إدارة الطوارئ وإعداد القادة والاستراتيجيات من المملكة الأردنية الهاشمية على أهمية القمة لوضعها منصة للانطلاق للعالمية وإيجاد الأفكار لمواجهة الأزمات في المستقبل ووضع الحلول لها، والخروج بمعطيات تعمم على المستوى العالمي.
وقال إن الأزمات الحديثة تغيرت بمفهومها ويجب أن تدار بطريقة مختلفة. ولفت علوان إلى أن هناك علاقة وثيقة بين الإعلام الحكومي في إدارة الأزمات والثقة المتبادلة من الجمهور، وخاصة مع وجود منصات التواصل الاجتماعي. وأشار إلى أن العالم يواجه الأزمات العابرة للحدود، ما يتطلب التنسيق على أعلى المستويات، وتجاوز النزاعات السياسية، والتنسيق بين الدول في مجال الإنذار المبكر للإبلاغ عن هذه الأزمات وتبادل المعلومات، والعمل يدا بيد للحفاظ على السلم المجتمعي.
جاهزية
جمعت القمة قادة وأكاديميين وعلماء متخصصين في مجال الطوارئ والأزمات والكوارث حول العالم، بهدف رفع جاهزية منظومة الطوارئ والأزمات، وتوحيد الجهود العالمية في القطاع، وتسليط الضوء على مستقبل إدارة الطوارئ والأزمات في ظل التهديدات والمخاطر المتنامية حول العالم.
كما تناقش القمة آليات ومستقبل إدارة الطوارئ والأزمات والكوارث في العالم، وتعزيز الشراكات والتعاون الدولي وتبادل الخبرات في مجال الطوارئ والأزمات والكوارث ومناقشة أبرز التحديات والتوجهات العالمية، إضافة إلى ترسيخ أهمية استشراف وتنبؤ المخاطر المقبلة والتطورات بهدف تعزيز الاستجابة العالمية للأزمات والطوارئ العابرة للحدود.
دور الإمارات الريادي
أشاد دكتور علوان بدور الإمارات الريادي في إدارة الأزمات العالمية ووضع الحلول لها، إلى جانب وضع الحلول المستقبلية ودعمها بالأفكار والموارد المالية. من جانبها، أشارت دكتورة ريهام باهي استاذ العلاقات الدولية في جامعة القاهرة، إلى أهمية مرونة المجتمع لمواجهة الأزمات والتعافي منها، وأهمية حقوق الإنسان في مواجهة الأزمات من دون التعدي على حقوق الإنسان كحقه في الحياة والصحة وحرية الحركة والتنقل التي كان عليها قيود كبيرة.
وأكدت باهي على أهمية تعديل سلوك الأفراد في المجتمع، ودور الدولة والحكومات في تعديل سلوك الأفراد من خلال توجيه رسائل اجتماعية تتحدث عن أهمية تعديل السلوك من الأفراد والعمل الجماعي والتشاركية.
وأكدت أهمية المبادرات المجتمعية في تعديل السلوك لدى الأفراد وفي التعامل الإيجابي مع الطوارئ والأزمات.