زيد بن ثابت، رضي الله عنه، ورد في فضله أحاديث، منها:«ما ثبت عن أنس، رضي الله عنه، أنه قال: جمع القرآن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم أربعة، كلهم من الأنصار، أبي، ومعاذ بن جبل، وأبو زيد، وزيد بن ثابت»، (صحيح البخاري، 3810)، وكفى بذلك عزاً وفخراً، وعن أنس بن مالك، رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في أمر الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان بن عفان، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأقرؤهم أبي بن كعب، ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح».. هو زيد بن ثابت بن الضحاك بن زيد الأنصاري الخزرجي، الإمام الكبير، شيخ المقرئين، مفتي المدينة، كاتب الوحي رضي الله عنه، وهو والد العالم الجليل خارجة بن زيد أحد الفقهاء السبعة بالمدينة المنورة في عهد التابعين.
وحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقرأ عليه القرآن الكريم، ومناقبه جمة، وتلا عليه: ابن عباس، وأبو عبدالرحمن السلمي، وغير واحد، وكان عمر بن الخطاب يستخلفه على المدينة إذا حج، وكان أحد الأذكياء، فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة أمر زيد بن ثابت أن يتعلم السريانية، قال زيد: فتعلمتها في سبعة عشر يوماً.
وفي خلافة أبي بكر الصديق، رضي الله عنه، استدعى زيداً وقال له: إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك، قد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم فتتبع القرآن، فاجمعه. قال زيد: فكنت أتتبع القرآن، أجمعه من الرقاع، والأكتاف، والعسب، وصدور الرجال.. ولعظيم علمه رضي الله عنه فقد كان معدوداً من أصحاب الفتوى بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال التابعي الجليل مسروق: كان أصحاب الفتوى من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هم: عمر، وعلي، وابن مسعود، وزيد، وأبي، وأبو موسى.
وقال قبيصة بن ذؤيب: كان زيد بن ثابت مترئساً بالمدينة في القضاء والفتوى والقراءة والفرائض في عهد عمر وعثمان وعلي في مقامه بالمدينة، وبعد ذلك خمس سنين حتى ولي معاوية سنة أربعين فكان كذلك أيضاً حتى توفي سنة خمس وأربعين»، (الطبقات الكبرى لابن سعد، 2/ 360).
وقال عبدالله بن عباس رضي الله عنهما: لقد علم المحفوظون من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أن زيد بن ثابت رضي الله عنه من الراسخين في العلم.
وعن سليمان بن يسار قال: ما كان عمر وعثمان يقدمان على زيد أحداً في الفرائض، والفتوى، والقراءة، والقضاء.
وقال الإمام مالك بن أنس: كان إمام الناس عندنا بعد عمر، زيد بن ثابت، وكان إمام الناس عندنا بعد زيد، ابن عمر، ولما مات زيد بن ثابت، قال أبو هريرة، مات حبر الأمة، ولعل الله أن يجعل في ابن عباس منه خلفاً.