الجمعة 22 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

زايد الخير.. مسيرة استثنائية في خدمة الإنسانية

زايد الخير.. مسيرة استثنائية في خدمة الإنسانية
11 ابريل 2023 02:43

أحمد مراد، أحمد شعبان (القاهرة)

مثّل عهد الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، مسيرة استثنائية من العطاء، سجلها تاريخ العمل الإنساني بحروف من نور، سواء على المستويين الإقليمي أو الدولي.
وأطلق الوالد المؤسس خلال العقود الثلاثة الأولى من عمر الدولة، مئات المبادرات الإغاثية والمساعدات الإنسانية التي حملتها أيادي الخير الإماراتية إلى مشارق الأرض ومغاربها.
ونجحت مبادرات الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الإنسانية في تلبية الاحتياجات المعيشية والتنموية لملايين البشر حول العالم، وخففت من تداعيات الكوارث الطبيعية التي ضربت بعض الدول، وأنقذت مئات الآلاف من آثار الفقر والمرض والجوع.
في أعقاب الإعلان عن قيام دولة الإمارات العربية المتحدة في الثاني من ديسمبر عام 1971، وضع الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، حجر الأساس لجهود الدولة في مجالات العمل الإنساني، وسجل التاريخ في هذا الشأن مواقف إنسانية خالدة، ففي عهده انتشرت أيادي الخير الإماراتية لتقديم المساعدات الإنسانية لمختلف دول العالم النامية والفقيرة.
ومن أجل إضفاء الطابع المؤسسي والتنظيمي على المساعدات الإنسانية الإماراتية، أسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، في عام 1973 صندوق أبوظبي للتنمية الاقتصادية العربية بهدف تمويل مشروعات التنمية في البلدان العربية المحتاجة برأسمال 1.5 مليار دولار، وفيما بعد توسع نشاط الصندوق، وتبنى مشروعات في أفريقيا وآسيا، بعدما رفع رأسماله ليصل إلى 4.4 مليار دولار.
وبتوجيهات الوالد المؤسس، قدم صندوق أبوظبي للتنمية بين عامي 1974 و1975 العديد من الهبات والقروض الميسرة التي توزعت على أكثر من 50 مشروعاً إنسانياً وتنموياً، منها 31 مشروعاً في العالم العربي، و10 مشروعات في أفريقيا، و9 مشروعات في آسيا.
وعلى الصعيد العربي، وجّه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بتقديم مساعدات عاجلة بملايين الدولارات لتخفيف آثار الفيضانات والسيول التي ضربت اليمن في فترة التسعينيات من القرن الماضي.

وأسهم الوالد المؤسس في بناء عدد من المدن السكنية في مصر، إضافة إلى استصلاح عشرات الآلاف من الأراضي الزراعية، وتقديم الدعم المادي للمراكز والمستشفيات الطبية، وبعد حرب أكتوبر عام 1973 ساهم في إعادة إعمار مدن قناة السويس.
وفي المغرب، تحمل الكثير من المشروعات العملاقة اسم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، أبرزها مؤسسة الشيخ زايد العلاجية، والمركز الخاص برعاية الطفولة، والعديد من الوحدات السكنية المتكاملة. كما وجّه صندوق أبوظبي للتنمية في عام 1976 لتقديم قرض بقيمة 40 مليون درهم لوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف بالمغرب.
كما وجّه الوالد المؤسس، طيب الله ثراه، بتنفيذ مشروع ضاحية الشيخ زايد في القدس الذي تكلف نحو 15 مليون درهم، إلى جانب مشاريع أخرى منها إعمار مخيم جنين الذي تكلف إنشاؤه نحو 100 مليون درهم، وبناء مدينة الشيخ زايد في غزة بتكلفة بلغت نحو 220 مليون درهم، فضلاً عن العديد من المستشفيات والمدارس والمراكز الصحية ومراكز أصحاب الهمم التي انتشرت في القرى والمخيمات والمدن الفلسطينية في غزة والضفة الغربية.
وفي السودان، تبرع الوالد المؤسس بإنشاء كلية الطب ومستشفى ناصر بمدينة ود مدني السودانية، وقدم ملايين الدولارات لمشاريع مياه الشرب في السودان، كما قدم صندوق أبوظبي بتوجيهات من الشيخ زايد قرضاً بقيمة 5.16 مليون درهم لمشروع التنمية الريفية في منطقة دارفور بغرب السودان.
تأثير كبير
تبرع الوالد المؤسس في عام 1990 بمبلغ 5.77 مليون دولار لمركز كارتر بهدف دعم برنامجه في القارة الأفريقية لاستئصال مرض دودة غينيا أو الديدان الدراكونية، وكان لهذا التبرع التأثير الكبير في المجتمع الدولي الذي كان حينذاك يفتقر إلى مثل هذه المبادرات.
وبحسب بعض التقديرات، فإن قيمة المساعدات التنموية والإنسانية التي تم توجيهها خلال عهد الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في الفترة من عام 1971 حتى 2004 بلغت ما يقارب نحو 90.5 مليار درهم، وتخطى عدد الدول التي استفادت من هذه المساعدات حاجز الـ117 دولة تنتمي لأقاليم العالم وقاراته كافة.

خطوة مهمة
تأسست في عهد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان، طيب الله ثراه، المؤسسات والمنظمات الخيرية والإنسانية، أبرزها مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية، وهيئة الهلال الأحمر الإماراتي، وهيئة آل مكتوم الخيرية، وجمعية الشارقة الخيرية، وجمعية دار البر، وجمعية دبي الخيرية، وغيرها من الجمعيات التي قدمت العديد من المساعدات الإنسانية والخيرية للكثير من دول العالم.
وفي إطار مبادرات الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الإنسانية، تأسس الهلال الأحمر الإماراتي في عام 1983 كهيئة إنسانية تطوعية رئيسية، وهو ما شكل خطوة مهمة وجوهرية في مجال المساعدات الخارجية، وتتمثل أهدافه في تعزيز العمل الإنساني محلياً وإقليمياً وعالمياً، وتقديم المساعدات الإنسانية المختلفة للفئات الفقيرة والمحتاجة وضحايا الحوادث والكوارث، وتقديم الإغاثة والإسعافات الأولية، وحماية المدنيين، وإيواء المشردين ومن تقطعت بهم السبل أثناء الحروب والصراعات.
وفي السياق نفسه، جاء تدشين مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية في عام 1992، وهي واحدة من أذرع العمل الإنساني للدولة، حيث تشارك بفاعلية كبيرة في إغاثة المناطق المنكوبة بسبب الكوارث الطبيعية، وإنشاء ودعم المستشفيات والمستوصفات ودور التأهيل الصحي وجمعيات الإسعاف الوطني، ودعم دور رعاية الأيتام ورعاية الأطفال ومراكز المسنين وذوي الاحتياجات الخاصة.
أيادٍ بيضاء
ثمَّن رئيس مجلس علماء باكستان، الشيخ طاهر أشرفي، جهود دولة الإمارات في العمل الإنساني والخيري على مستوى العالم، والذي برز بصورة كبيرة من خلال المساعدات الإنسانية والإغاثية التي قدمتها الإمارات إلى دولة باكستان للحد من الآثار الكارثية للفيضانات التي اجتاحت باكستان في سبتمبر من العام الماضي، وأدت إلى مقتل أكثر من 1300 شخص. 
وأوضح الشيخ أشرفي لـ «الاتحاد» أن ما تقوم به دولة الإمارات من أعمال الخير والإنسانية يمثل أبرز سمات دولة الإمارات وقيادتها التي تسير على نهج الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي أسس هذا النهج في الإمارات وورثه لأبنائه، حتى أطُلق عليه لقب «زايد الخير»، فارتبط اسمه بالعمل الإنساني والخيري، ليس في الإمارات فقط بل في العالم كله.
وقال: «نحن نرى هذا العمل الإنساني والبر وفعل الخير وثمراته في كل ما تقوم به وتقدمه المؤسسات والهيئات الخيرية الإماراتية في جميع أنحاء العالم، فأيادي الشيخ زايد البيضاء منتشرة في كل مكان».
وخلال الأعوام القليلة الماضية، بذلت دولة الإمارات العربية المتحدة جهوداً حثيثة للحد من آثار وتداعيات الكوارث الطبيعية، أبرزها كارثة الفيضانات التي تعرضت لها باكستان والسودان في أغسطس 2022، وكارثة الزلزال التي ضربت سوريا وتركيا في فبراير 2023.

يوم زايد
ويقول السفير بركات الفرا، سفير فلسطين السابق لدى القاهرة، إن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ترك إرثاً إنسانياً عظيماً لا يزال محفوراً في ذاكرة العديد من شعوب العالم، إقليمياً ودولياً، حيث أطلق المئات من المبادرات والحملات الإنسانية من أجل التخفيف من معاناة شعوب العالم، ما عزز من مكانة دولة الإمارات إقليمياً ودولياً، وجعلها أحد أهم صروح العمل الإنساني.
وأكد الدبلوماسي الفلسطيني لـ «الاتحاد» أن يوم زايد للعمل الإنساني يُعد مناسبة مهمة للاحتفاء بالعطاء الإنساني غير المحدود للشيخ زايد الذي رسخ مبادئ وقيم العمل الإنساني في دولة الإمارات، وتحول فيما بعد إلى أسلوب حياة وسلوك حضاري تتناقله الأجيال الإماراتية المتعاقبة.
وقال الفرا: «الشيخ زايد صاحب أيادٍ بيضاء، ما زالت تأثيراتها الطيبة باقية حتى اليوم، حيث قدم مساعدات إنسانية وتنموية لغالبية الدول النامية والفقيرة على الصعيدين الإقليمي والدولي، وتنوعت أوجه الدعم التي قدمها لهذه الدول، سواء كانت دعماً مالياً مباشراً أو دعماً تنموياً عبر تنفيذ مشروعات تنموية وعقارية وبنية تحتية، ومن خلال الاحتفاء بيوم زايد للعمل الإنساني تستمر مسيرة الإمارات الرائدة في العمل الإنساني».
بناء جسور المحبة بين شعوب العالم
اعتبر السفير السيد شلبي، مساعد وزير الخارجية المصري، يوم زايد للعمل الإنساني تكريماً لمسيرة استثنائية ورائدة في خدمة الإنسانية، وبناء جسور المحبة والتعاون والتلاقي بين شعوب العالم المختلفة، وترسيخاً وتكريساً لنهج إنساني أرساه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، منذ الإعلان عن قيام دولة الإمارات العربية المتحدة في الثاني من ديسمبر عام 1971.
وقال الدبلوماسي المصري لـ«الاتحاد»: لقد كان الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، عوناً للأشقاء والأصدقاء، عبر تقديم مساعدات إنسانية غير مشروطة لمختلف دول العالم، وبالأخص الدول النامية والفقيرة، بهدف توفير الخدمات الاجتماعية والحياتية الأساسية، والحد من معدلات الفقر والبطالة، والقضاء على الجوع، ودعم الأطفال والنساء، وتقديم المساعدات الإغاثية في حالات التعرض للكوارث الطبيعية.
ولا تزال مبادرات وحملات الإمارات الإنسانية مستمرة، وبلغ إجمالي المساعدات الخارجية التي قدمتها الدولة خلال الخمسين عاماً الماضية 320 مليار درهم، ووصل عدد الدول التي استفادت من المشاريع والبرامج الإنسانية التي قدمتها المؤسسات الإماراتية المانحة منذ تأسيس الدولة في العام 1971 وحتى العام 2014 إلى أكثر من 178 دولة حول العالم، وتضم الإمارات أكثر من 80 مؤسسة إنسانية عالمية. ووصلت قيمة المساعدات الخارجية التي قدمتها دولة الإمارات خلال الفترة بين عامي 2010 و2021 إلى 206 مليارات و34 مليون درهم.

بصمات 
ثمَّن الدكتور صلاح الدين الجعفراوي، رئيس مجلس أمناء مؤسسة مشوار التنموية، ريادة دولة الإمارات في العمل الخيري والإنساني، مؤكداً أن كلمة «زايد» أصبحت أيقونة للعمل الخيري على مستوى العالم، وأن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان تميز بروح وهمة عالية جددت العمل الخيري والإنساني، وجددت قلوب السائرين في هذا الطريق، منذ أن بدأ ينشر الخير في كل بقاع العالم.
وقال الجعفراوي في تصريح لـ «الاتحاد»: «لقد زرت أكثر من 75 دولة، وفي كل دولة رأيت بصمات الشيخ زايد في عمله الخيري، حتى أصبح محبوباً من كل الشعوب»، مشيراً إلى أن معظم دول العالم تذكر مآثر وأعمال الشيخ زايد الخيرية والإنسانية التي ما زالت آثارها الطيبة باقية حتى يومنا هذا.
وقال الجعفراوي: «إن الشيخ زايد، طيب الله ثراه، أحدث طفرة في عمل الخير والعمل الإنساني في هذا العالم، وعلى الرغم من رحيله منذ سنوات، إلا أن ذكراه العطرة موجودة في كل وقت، جزاه الله عنا وعن البشرية خير الجزاء».
وشدد على أن الإمارات عطاء متجدد لا يتوقف بكل هيئاتها ومؤسساتها الخيرية والإنسانية، فهي إمارات الخير.
وأضاف: «الشعب الإماراتي تربى على العمل الخيري والإنساني، وكان الإخلاص في عملهم، فأصبحت أعمالهم الخيرية والإنسانية نبراساً لكل من يريد أن يعمل في المجال الإنساني»، مؤكداً أن ما تقدمه الإمارات للعالم من أعمال إنسانية وخيرية تستهدف الإنسانية جمعاء. 
مواجهة كورونا
مع تفشي أزمة جائحة كورونا (كوفيد 19) في جميع دول العالم خلال العام 2020، كانت الإمارات من أوائل الدول الداعمة للمبادرات الإنسانية خلال الجائحة، حيث شكلت المساعدات التي قدمتها الإمارات 80% من حجم الاستجابة الدولية للدول المتضررة.
وبلغ إجمالي عدد المساعدات الطبية، والأجهزة التنفسية، وأجهزة الفحص، ومعدات الحماية الشخصية، والإمدادات التي قدمتها الإمارات إلى 135 دولة حول العالم منذ بدء الجائحة في العام 2020 وحتى يوليو من العام 2021 نحو 2250 طناً. كما بلغ إجمالي رحلات المساعدات الطبية المرسلة جواً 196 رحلة، بالإضافة إلى إنشاء 6 مستشفيات ميدانية في السودان، وغينيا، وكوناكري، ومورتانيا، وسيراليون، ولبنان، والأردن، وجهزت عيادة متنقلة في تركمانستان، وأرسلت مساعدات إلى 117 دولة من مخازن المنظمات الدولية الموجودة في المدينة العالمية للخدمات الإنسانية بدبي، فضلاً عن تبرع الإمارات بـ10 ملايين دولار أميركي كمساعدات عينية إلى منظمة الصحة العالمية.
وفيما يتعلق بعملية إنتاج اللقاحات المضادة لفيروس كورونا، دعمت الإمارات بكل طاقاتها وإمكاناتها الجهود الدولية لتسريع عملية إنتاج اللقاحات والتوزيع العادل لها، وأطلقت في هذا الصدد مبادرة «ائتلاف الأمل» في 25 نوفمبر من العام 2020 من أجل الاستعداد لتسهيل ودعم توزيع 6 مليارات جرعة من التطعيمات حول العالم، مع رفع هذه القدرة إلى 18 مليار جرعة في نهاية العام 2021.

دعم سوريا وتركيا
أشاد اللواء ممدوح شعبان، مدير عام جمعية الأورمان الخيرية في مصر، بالمساعدات الإنسانية التي تقدمها الإمارات لدول العالم كافة، خاصة خلال الكوارث الطبيعية، مشيراً للمساعدات الإنسانية والإغاثية التي بادرت بها الإمارات في الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا، حيث كانت الإمارات من أوائل الدول التي أرسلت طائرات تحمل مساعدات عاجلة للدولتين.
وأوضح مدير الأورمان لـ «الاتحاد» أن الإمارات تنظر إلى العمل الخيري والإنساني في العالم بنظرة إنسانية لمساعدة الإنسان الأكثر احتياجاً، دون النظر إلى الجنس أو الدين أو اللون.
وأكد أن الشعب الإماراتي مُحب للخير والعمل الإنساني، وأنه ورث هذا الحب من المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي أسس عمل الخير، فسمي بـ «زايد الخير»، وسارت على نهجه القيادة الرشيدة في الدولة. 
ولفت شعبان إلى أن جميع الأعمال الخيرية والإنسانية التي تقوم بها الإمارات، تستهدف التمكين الاقتصادي للأسر الأولى بالرعاية، وتوزيع الأغذية، خاصة في رمضان، وتقديم مساعدات مميزة لها تأثير في واقع معيشة فئات غير القادرين، لإدخال البسمة والسرور على الأسر الفقيرة والمتعففة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©