جمعة النعيمي (أبوظبي)
أكد عدد من الخبراء أهمية دور المعلومات الجغرافية المكانية في مواجهة التحديات التي يشهدها العالم، وخاصة مع نقص المعلومات والبيانات والمعرفة وعلى وجه التحديد المعلومات الجغرافية المكانية للدول، لافتين إلى أن الافتقار إلى الوعي وعدم الاعتراف بمدى أهمية الإطار العالمي ستعيق إتاحة المعلومات الجغرافية المكانية للبلدان لإنتاج إحصاءات محددة جغرافياً مما يؤثر على اتخاذ قرارات فعالة على المستويين الوطني والعالمي.
وأشاروا إلى أن غياب السياسات والاستراتيجيات الوطنية المتعلقة بالمعلومات الجغرافية المكانية يؤدي إلى ضعف النظم الإحصائية والجغرافية المكانية الوطنية، مع زيادة التحديات في بناء أو استكمال البنى التحتية الجغرافية المكانية، ونقص الموارد البشرية الماهرة والضرورية لقيادة تنفيذ الإطار العالمي، وضعف آليات التعاون والتنسيق بين مختلف المنظمات الإحصائية والجغرافية المكانية وطنياً وإقليمياً.
ودعا الخبراء في لقاءات مع «الاتحاد» إلى وضع استراتيجية عربية تستشرف مستقبل المعلومات الجغرافية المكانية مؤكدين أن التصنيف المكاني للبيانات يعتبر أمراً أساسياً في أجندة التنمية العربية، لكونه يوفر للمكاتب الإحصائية الوطنية بعداً جغرافياً إضافياً، ومصدر معلومات رئيساً لربط المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية بالموقع وقياس التقدم المحرز على المستويين من دون الوطني والمحلي، إذ يقدر الفريق المعني بالمعلومات الجغرافية المكانية وبمؤشرات أهداف التنمية، أن نحو 20% من هذه المؤشرات يمكن قياسها بالاستخدام المباشر للبيانات الجغرافية المكانية أو بتكاملها مع البيانات الأخرى.
بناء القدرات والمهارات
وفي البداية، قال رامي زعتري رئيس وحدة الاتصال ونشر الإحصاءات في شعبة الإحصاء في الإسكوا، ضمن اللجنة العربية لخبراء الأمم المتحدة لإدارة المعلومات الجغرافية المكانية: تتضمن الموارد الداعمة لتنفيذ الإطار العالمي، أموراً مهمة، ومنها، أنه يتعين أن يكون هناك خبرة في تصميم وتطوير وصيانة قواعد البيانات الإحصائية والجغرافية المكانية، وخدمات استشارية وتعاون فني بشأن استخدام المعلومات الجغرافية المكانية لدعم متابعة وتحقيق مؤشرات التنمية المستدامة، وتوفير الدعم الفني لإطلاق المبادرات وإجراء برامج للتدريب وبناء القدرات والمهارات للمنظمات والأفراد المشاركين في وضع الإطار الوطني، وعمل منتديات للحوار بين الدول الأعضاء والأمم المتحدة والمنظمات الدولية والخبراء.
وأشار الزعتري إلى هناك نماذج للترتيبات المؤسسية، حيث يخضع إنتاج البيانات الإحصائية والبيانات الجغرافية المكانية في معظم البلدان لعدد من الوكالات أو المنظمات الدولية المختلفة، مشيراً إلى أن معوقات الانفصال ترجع إلى عملية التكامل، حيث تؤدي إلى بيانات جغرافية إحصائية غير صالحة للاستخدام لافتقارها للمعايير المشتركة. كما لوحظت تجارب ناجحة في بعض بلدان العالم، حيث تجتمع مكاتب الإحصاء ووكالات رسم الخرائط تحت سقف واحد، ويمكن إنشاء وحدة للمعلومات الجغرافية المكانية داخل مكتب الإحصاء الوطني كخطوة أولية لبناء القدرات الداخلية وإقامة الشراكات.
وأكد الدكتور عبدالله رشيد العبيد، نائب رئيس الجمعية الدولية للمساحة التصويرية والاستشعار عن بُعد، الأهمية الخاصة بالمساحة التصويرية والاستشعار عن بعد وعلوم المعلومات المكانية والتي تحتوي على مساهمات علمية مختارة، كما أن الأرشيف الدولي للمساحة التصويرية والاستشعار عن بُعد وعلوم المعلومات المكانية يتضمن جميع الإجراءات والعروض العلمية والتقنية لجميع المؤتمرات والندوات وورش العمل المنظمة من قبل الجمعية، حيث إن الأرشيف الدولي تمت فهرسته على موقع الجمعية للعلوم والدلائل الأخرى ذات الصلة. كما وتعتبر مجلة ISPRS الجمعية الدولية للمساحة التصويرية والاستشعار عن بُعد هي المنشور الرسمي للجمعية.
وقال نائب رئيس الجمعية الدولية للمساحة التصويرية والاستشعار عن بُعد ISPRS: نسعى إلى نشر ثقافة المعلومات الجغرافية المكانية في كل أنحاء العالم، وتشجيع الشباب العربي للاستفادة من الإمكانيات التي تتيحها الجمعية الدولية في مجال المؤتمرات والبحث والنشر العلمي.
نظم المعلومات الجغرافية
من جهته، قال سهيل العبد، مدير تطوير الأعمال الدولية في شركة ESRI الأميركية إن الهدف هو التنسيق بين كل الدول العربية في كيفية التعاطي مع البيانات الجغرافية المكانية والتي تعبر في غاية الأهمية، لإدارة الدول ومواجهة التحديات. نقوم في شركة ESRI الأميركية بتوفير التكنولوجيا التي تحتاجها دول العالم لإدارة نظم المعلومات الجغرافية، لافتاً إلى أن دول المنطقة العربية تعرضت لتحديات كبيرة كالزلازل التي تعرضت لها سوريا ومعها تركيا، وهنا يبرز دور نظم المعلومات الجغرافية في كيفية المساهمة في حل مثل هذه المشكلة، موضحاً أن نظم المعلومات الجغرافية تتيح لك معرفة مكان وموقع الدمار الذي وقع وحل بالبيوت وكيفية إنقاذ السكان والخدمات المتاحة والمتوفرة، وذلك لكونها تساعد الدول على إدارة المنظومة الخاصة بها.
وأضاف أن نظم المعلومات الجغرافية تتيح المعطيات للحكومات وتتيح الموارد التي تحتاجها الدول. وأضاف أن دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية تعتبران من الدول الرائدة في إدارة نظم المعلومات الجغرافية وعلى الدول الأعضاء الاستفادة من تجارب وخبرات بعضها بعضاً لاستشراف مستقبل مزدهر للأجيال القادمة.
البيانات الرقمية
ويرى بيتر بارسلو ممثل (الآيزو) أن المقاييس مهمة جداً في جمع البيانات والقياسات والنقاط والمحتوى، وذلك لكونه يسهم في تخزين ومعالجة البيانات الرقمية وكيفية جعلها مستدامة ومتاحة للجميع، وخاصة في ما يتعلق بالمعلومات الجغرافية المكانية، لما لذلك من عظيم الفائدة في حال تم تبادل الخبرات والمعلومات والتجارب بين جميع دول العالم.
التكامل بين الشعوب العربية
بدوره، قال المهندس طلال بن ربيع الشافعي من المملكة العربية السعودية: نأمل استكمال التكامل بين الشعوب العربية في مجال البيانات والمعلومات الجغرافية المكانية، لافتاً إلى أن فرق العمل تتبنى العمل وفق الفريق الأول وذلك في إطار إدارة المعلومات الجيومكانية، كما خلص العمل إلى تسريع العمل وتسهيل آلية تبادل المعلومات والاستفادة من خبرة خبراء الأمم المتحدة في هذا المجال، ومن هنا لا بد من الاستفادة من البنية التحتية الجيوديسية وتبادل البيانات الإحصائية وفق أهداف التنمية المستدامة.
تمكين المرأة العربية
قال المهندس أحمد محمد كامل من جمهورية مصر العربية: إن تمكين المرأة العربية في المجال الجغرافي الجيومكاني يترجم مدى تقدم الدول العربية في مجال إسهامات المرأة في هذا الإطار، وكذلك مشاركة القطاع الخاص بالتعاون مع الهيئات الوطنية في انتهاء أو إنجاز الإطار العام للأطلس الخاص بالمعلومات الجيومكانية، لافتا إلى تجربة مصر في تكامل البيانات الإحصائية والبيانات الجيومكانية، إضافة إلى تجربة الرقم العقاري الموحد.
منصات إلكترونية موحدة
دعت المهندسة سحر محمد نائب مدير مركز نظم المعلومات الجغرافية في الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بمصر إلى ضرورة تعزيز دور المرأة العربية في المجال الجيومكاني، وزيادة التنسيق والتعاون بحيث تكون هناك منصة تواصل للمرأة العربية من خلال موقع للجنة العربية لإدارة المعلومات الجغرافية المكانية وذلك لرفع القدرات وتعزيز التعاون بين النساء في هذا المجال. كما دعت إلى المزيد من الاجتماعات وورش العمل والتنسيق بين الدول الأعضاء للتوصل إلى عمل منصات إلكترونية موحدة في المجال الجيومكاني.