منى الحمودي (أبوظبي)
شهد الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، المحاضرة الثانية التي نظمها مجلس محمد بن زايد لعام 2023 في جامع الشيخ زايد الكبير في أبوظبي، ضمن سلسلة محاضراته الرمضانية، تحت عنوان: «الإنسان والمستقبل والتحديات المعاصرة» التي قدمها معالي الأستاذ د. محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف.
كما حضر المحاضرة معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، ومعالي العلامة عبد الله بن بيه، رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، إلى جانب عدد من الشيوخ وكبار المسؤولين. وتبث المحاضرة اليوم على قناة الإمارات والقنوات التلفزيونية المحلية بجانب «قناة يوتيوب مجلس محمد بن زايد» الساعة 5:30 مساء.
وركزت المحاضرة على 3 محاور رئيسية هي الإنسان والمستقبل، والإنسان والقيم الدينية والأخلاق الحضارية، والقيم الإنسانية وتحدياتها المعاصرة. وفي بداية المحاضرة، أشاد معالي الأستاذ الدكتور محمد الضويني، بالاختيار الموفق لعنوان المحاضرة الذي يدور حول الإنسان والمستقبل والتحديات المعاصرة. كما نقل تحيات فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، رئيس مجلس حكماء المسلمين، ومحبته وتقديره للشعب الإماراتي وقيادته الحكيمة، برئاسة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله.
وأكد أن عنوان المحاضرة يعكس رؤية مُبشرة ووعياً ضرورياً لدى دولة الإمارات، حيث إن التفكير بهذه المنهجية لا يقف عند الماضي وحده ولا الحاضر وحده، إنما ينظر لآفاق المستقبل، استناداً للخيرية التي وصف الله بها الله الأمة المحمدية، وهي خير أمة خرجت للناس، تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتؤمن بالله.
وقال: «من المناسب أن أذكر ما أشار إليه فضيلة الإمام الأكبر، أن نهج استشراف المستقبل ووضع الخطط الاستباقية ليس جديداً على دولة الإمارات، فقد وضع أسس هذا النهج حكيم العرب المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وحمل اللواء من بعده أبناؤه في شتى المجالات كالعلوم والابتكار واستكشاف الفضاء وإرساء قيم المحبة والإخاء والسلام».
وحول علاقة الإنسان المعاصر بالمستقبل، أوضح أن الواقع وما فيه من تحديات يستوجب العمل على مواجهة آثاره، فالعالم المعاصر يمر بتحديات اقتصادية وسياسية واجتماعية، وهذه التحديات لا تتوقف عند مكانٍ بعينه، فما تكاد تسمع بأزمة في ناحية من نواحي الأرض إلا وتظهر آثارها في نواحٍ أخرى، وتأتي التحديات الاقتصادية شديدة الوطأة فهي في مقدمة الأزمات التي تعاني الإنسانية منها، وينطق بآثارها فقر وحرمان وجوع وبطالة وفجوة متزايدة بين المعدمين والمطرفين، وتحرم آثارها القاسية مئات كثيرة من أقل مقومات الحياة.
وأشار إلى أن التحديات الاجتماعية لا تقل عن التحديات الاقتصادية، فالمجتمع الدولي يعاني تفككاً واضطراباً في نواته الصلبة، ألا وهي الأسرة، وباسم الحقوق والحريات خرجت علينا أصوات مُنكرة شرعاً وعقلاً، وراحت تنادي مرة بعلاقات تأباها الفطرة السويةُ، وتتناقض مع ناموس الكون الذي خلق الله فيه كل شيء ذكراً وأنثى، قال تعالى: «ومن كل شيء خلقنا زوجين اثنين لعلَّكم تذكرون».
وذكر أن الإحصاءات الدولية تعكس التحديات السياسية والرغبة في إشعال الحروب، والخلافات، والعبث بالهويات، والخصوصيات.
وتابع: «إذا كانت البشرية تعاني تحديات اقتصادية واجتماعية وسياسية، فإننا لو تأملنا هذه التحديات لأدركنا أنها في الأصل أزمة قيم أخلاقية، وأزمة غياب الروح في مقابل طغيان المادة، فكثير من المختصين في مجالات السياسة والاقتصاد والاجتماعِ والصحة والتصنيعِ، بل والتعليم يحتاجون إلى مقاربة قيمية أخلاقية لتصحيحِ التصورات والممارسات على السواء».
تأثير التحديات
وفيما يتعلق بتأثير التحديات على العلاقة بالمستقبل والحلول المثلى للتعامل معها، بين الأستاذ الدكتور محمد الضويني، أنه في ضوء ما يشهده الواقع من تحديات في مجالات الحياة كافة، أصبح الإنسان يعيش حالة غريبة، يُسميها علماء الصحة النفسية «قلق المستقبل»، وانطلاقاً من عقيدتنا وإيماننا فإن الواجب علينا ألا نخاف من المستقبل، بل إن نخطط له في ضوء تجارب الماضي والحاضر، وأن نتبنى من القيم الإيمانية ما يدفع إلى العمل واكتشاف كنوز الكون، وحسن إدارة موارده.
وقال: «تأملوا كيف عرض القرآن الكريم للإيجابية والتخطيط للمستقبل، لمواجهة ما قد يطرأ من أزمات، فيقص علينا القرآن أن أحد الملوك رأى رؤيا فقال لمن حوله: ﴿إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَات سمَان يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ﴾ وطلب من الملأ أن يفسروا له هذه الرؤيا، فقالوا: ﴿أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ﴾، ولكنَّ سيدنا يوسف عليه السلام قال: ﴿تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ* ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ﴾».
وأضاف: «تأملوا كيف وجه سيدنا رسول الله - صلَّى الله عليه وسلّم - الأمة إلى التخطيط للمستقبل، وبين حق الأجيال المتعاقبة في الموارد، وذلك حين أراد سعد بن أبي وقاصٍ أن يتصدق بماله فظل يفاوضه حتَّى قال له: (إِنَّكَ أَنْ تَدَعَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ)، منوهاً بأن التخطيط للمستقبل ليس شعاراً براقاً، ولا رجماً بالغيب، وإنما هو علم له مناهجه وأسسه وأدواته يستخدم الماضي المدروس والحاضر الملموس لبناء مستقبل أفضل». وتابع: «لا يجوز في عُرف الإسلام الذي أمر بالعلم أن يتخلف المسلمون عن علوم المستقبل، وأن يعيشوا بمعزل عنها، خاصة أنها تتطور يوماً بعد يوم، وتخدمها عقول كبيرة ومؤسسات ضخمة في أنحاء العالم».
ولفت إلى أن بعض الناس يتصورون أو يصورون الدين بأنه معارض للتخطيط العلمي للمستقبل، وكأن العلم مقابلٌ للإيمان، وكأنهما ضدان لا يجتمعان، أو خطان متوازيان لا يلتقيان، ويظن البعض أن التخطيط للمستقبل يتناقض مع التوكل على الله، أو الرضا بالقضاء والقدر، وهذا كله من الخيال والوهم، مؤكداً أن تأمل كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم، تبين له أنهما يرفضان الارتجال والعشوائية، بل من تمام التوكل الأخذ بالأسباب التي بنى الله عليها نظام الكون.
وقال: «ليس من التدين أن نعيش الحياة حاضراً ومستقبلاً بلا خطة ولا منهجٍ ولا نظام، بل إن من التدين أن نخطط لحياتنا، وأن فكرة الدين ذاتها وفي جوهرها قائمة على أساس التخطيط للمستقبل، فالمتدين مجبور أن يأخذ من يومه لغده، ومن دنياه لآخرته، بل إن الجنة ونعيمها مشروع مستقبلي يجب على المؤمنين أن يخططوا له». وأضاف: «إن حياة سيدنا رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم- خير مثال على التخطيط، فقد كان يعد لكل أمر عدته، ويهيئ له أسبابه، آخذاً حذره ومقدراً جميع الاحتمالات، واضعاً ما أمكنه من الاحتياطات، وكان مع هذا أقوى المتوكلين على الله تعالى». ونوه بأن أمر هجرة رسول الله إلى المدينة المنورة، هي أوضح مثال يتجلى فيه التخطيط العلمي والتوكل الإيماني جنباً إلى جنب، فقد أعد عليه الصلاة والسلام، كل ما يستطيع البشر إعداده من الوسائل والاحتياطات، فلقد هيأ الموطن الجديد لاستقباله قبل أن يصل إليه من خلال بيعتي العقبة الأولى والثانية، واطمأن إلى الرفيق الَّذي سيصحبه في رحلته، وأطمأن لسيدنا علي بن أبي طالب «كرم الله وجهه» الذي سيبيت مكانه معرضاً نفسه للأذى، وهيأَ الرواحل الَّتي سيركبها هو وصاحبه ودليله في سفرهم، وتخير المخبأ الذي سيقيم فيه حتى يخف الطلب، وجهز فريق الخدمة الذي سيأتيه بالطعام والمعلومات خلال أيامه تلك. مشيراً إلى أنها خطة محكمة الحلقات، ومتقنة التدبير وكل هذه الأسباب مع توكلٍ كبير وثقة بالله عالية.
وتابع: «إن كان المستقبل قد يحمل للإنسان ما يؤدي به إلى قلق منه، فإنه يحمل من فرص التقارب والتواصل ما يدفع للتفاؤل، ويوجب علينا مواجهة المستقبل بالعلم والتخطيط والقيم الدينية والأخلاق الحضارية».
وأشاد بجهود الإمارات وقيادتها الحكيمة ورؤيتها السديدة في التخطيط للمستقبل، لتقدم بذلك أنموذجاً متقدماً، وفي الوقت نفسه مشرفاً في الوصول للفضاء واستكشاف القمر وكوكب المريخ، والتركيز على الابتكار والتفرد والتحديث والمرونة المؤسسية.
إدارة المستقبل
حول القيم الدينية والأخلاقية التي تحتاجها إدارة المستقبل في ضوء تحديات الواقع، أوضح الأستاذ الدكتور محمد الضويني، أن علاج ما يحمله الواقع من تحديات، ومواجهةَ ما يحمله المستقبل من أخطار يوجب على الإنسانية كلها أن تتبنى مجموعةً من القيم الدينية والأخلاق الحضارية، حيث إن تلك القيم والأخلاق التي يؤمن بها الفرد ويسلك طريقه طبقاً لها، تلعب دوراً بارزاً في ترشيد قراراته وانتقاء اختياراته، وتنظيم سلوكياته، وتحصينه من المغريات والتحديات، فضلاً عن كونها سبباً في إطلاق طاقات الإبداع الخيرية في النفس، وتجيب عن التساؤلات المصيرية التي لم تستطع النظريات ولا الفلسفات أن تجيب عنها.
وأضاف: «على مستوى المجتمع، فإن منظومة القيم تعمل على تماسك المجتمع، وتحديد أهدافه العامة ومُثله العليا، والمحافظة على هويته، مما يحول دون ذوبان هذه المجتمعات في غيرها، وتتأكد الحاجة إلى القيم الدينية والأخلاق الحضارية في ظل هذا الواقع الذي ينظر للدين على أنه مشكلة أو جزء من المشكلة».
وذكر أن في مقدمة القيم الضرورية التي أكد عليها ديننا الإسلامي الحنيف للحاضر والمستقبل، هي قيم المساواة والعدالة، لافتاً إلى أن حضارة الإسلام تعد حضارة تعارف وتواصل، وليست حضارة استعباد أو إقصاء، وأن الناس في عرف حضارة الإسلام، أبناء أب واحد وأم واحدة فهم إخوةٌ متساوون، فقبل 1400 عام، وفي ظل ما كانت تعانيه البشرية من ممارسات تمييز ضد المرأة والعبيد والفقراء والضعفاء، سُمع حينها في ذلك الوقت لأول مرة هذا الإعلان القرآني الذي زلزل واقتلع التمييز من جذوره، بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ، وخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا ونِسَاءً...)، وسُمع هذا النّداءُ أيضاً: - يَا أَيُّهَا النَّاسُ (إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}.
وفي حجة الوداع يعلن النبي صلى الله عليه وسلم (يا أيُّها الناسُ إنَّ ربَّكمْ واحِدٌ ألا لا فضلَ لِعربِيٍّ على عجَمِيٍّ ولا لِعجَمِيٍّ على عربيٍّ ولا لأحمرَ على أسْودَ ولا لأسودَ على أحمرَ إلَّا بالتَّقوَى إنَّ أكرَمكمْ عند اللهِ أتْقاكُمْ). وذكر العديد من المواقف التي تؤكد ذلك، منها قصة امرأة من مصر خلد التاريخ اسمها، والتي أعانها النظام على أمرها ونظر في حاجتها فأنصفها بغير تقليل أو تهميش، وهي (فرتونة) التي كتبت رسالة إلى أمير المؤمنين عمر بن عبدالعزيز، تشتكي فيها سرقة دجاجها بسبب حائط دارها القصير المتهدم، يتسوره اللصوص وليس معها مال لبنائه، فكتب عمر إلى واليه على مصر أيوب بن شرحبيل، يأمره بأن يبني لها الحائط بنفسه، كما أرسل رسالة أخرى إلى (فرتونة) يطمئنها ببناء الحائط لها ويزيل مخاوفها.
وقال: إن هذا سطر واحد سجل عظائمنا الذين نفاخر بهم الدنيا، ونقطة من بحر عظمة حضارتنا،. وأكد أن دولة الإمارات تعد من أولى الدول التي سعت نحو ترسيخ قيم التسامح والتعايش وإعلائها بين المجتمعات والأديان كافة، وهو ما تجلى في إعلانها في تأسيس مجلس حكماء المسلمين عام 2014، بهدف المساهمة في تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة وغير المسلمة وتجنيبها عوامل الصراع والانقسام والتشرذم ونشر قيم التسامح والتعايش الإنساني. بالإضافة لتأسيسها منتدى أبوظبي للسلم والمنتديات العديدة الذي عقدها هذا المنتدى الواعد ونشر خلالها قيم السلام، والمحبة والتواد والتراحم.
قيم كونية إنسانية
حول إمكانية أن تتفق البشرية في جميع الأديان على مجموعة معينة من القيم تُعنى بها البشرية كلها، أوضح معالي الأستاذ الدكتور محمد الضويني، أن هناك مجموعة من القيم الإنسانية تكاد تتفق عليها البشرية، وتراها ضمانةً حقيقة لإنقاذ البشرية مما هي فيه وحماية مستقبلها من أية أزمات محتملة، وهي تلك القيم العامة التي تتعلق بكرامة الإنسان وتربط بين البشر في إطار من الحقوق والحريات، والتراحم، والإخاء، والعدالة، وترسم صورة الحياة المُثلى التي يسعى إليها الأفراد والمجتمعات. وقال: واجب علينا أن نعي تماماً أن القيم العالمية قد تفتقر إلى معايير شرعية، وأن بعض الممارسات المرتكزة إلى قيم تعارض خصوصيتنا العقدية والإيمانية، وهذا لا يعني قطعاً أن الإنسانية يصعب عليها أن تحتكم إلى قيم عالمية بمعايير متفق عليها، لأن القيم الإنسانية من رحم الدين إن أُحسن فهمها وتطبيقها. وأضاف: من هذا المنطلق جاءت جهود الرمزين الدينيين الأبرز في العالم فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، رئيس مجلس حكماء المسلمين، وقداسة البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، اللذين قدما للعالم وثيقة أبوظبي التاريخية للأخوة الإنسانية برعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، فقدما للعالم الوثيقة الأهم في التاريخ الإنساني الحديث، بهدف تعزيز قيم التعارف والتعايش، والتواصل والحوار. وأوضح أن إقرار هذه المبادئ لا يعني أبداً أننا نفرط في عقيدتنا، كما يظن البعض، فالعقيدة ليست مجالاً للمساومات ولا المفاوضات، ولا يعني الاعتداء على الخصوصيات، ولا مسخ الهويات، وإنما ننادي على الإنسانية بالأخوة انطلاقاً من ديننا وعقيدتنا التي نتمسك بها.وأكد أن «الأخوة الإنسانية» لا تفرق بين الشعوب، فليس لشعب حق في الحياة دون شعب، ولا تُفاضل بين الأمم، فليس لأمة حق في الأمن دون أمة، وأن «الأخوة الإنسانية» ليس لديها عدة مكاييل، وإنما تكيل بمكيال واحد، وأنه منهج ليس وليد اليوم، ففي عام 1936 من لندن قلب أوروبا أعلن فضيلة شيخ الأزهر الشيخ محمد مصطفى، رحمه الله، أن العالم آنذاك يحتاج للإخاء الإنساني. وذكر الأستاذ الدكتور محمد الضويني بعض نصوص وثيقة «الأخوة الإنسانية» التي تعد الأهم في تاريخ الحوار بين الأديان والثقافات حتى يهدأ المشككون، ففي مقدمتها تقول الوثيقة (انطلاقاً من الإيمان بالله الذي خلق الناس جميعاً وخلق الكون والخلائق وساوى بينهم برحمته، فإن المؤمن مدعو للتعبير عن هذه الأخوة الإنسانية بالاعتناء بالخليقة وبالكون كله، وبتقديم العون لكل إنسان، لا سيما الضعفاء منهم). كما تقول الوثيقة وتابع: إن هدف الأديان الأول والأهم هو الإيمان بالله وعبادته، وحث جميع البشر على الإيمان بأن هذا الكون يعتمد على إله يحكمه، هو الخالق الذي أوجدنا بحكمة إلهية. ونوه بأن لواقعية الوثيقة دوراً في سرعة اعتمادها من قبل الأمم المتحدة والتي اعتبرت يوم توثيقها يوماً عالمياً للأخوة الإنسانية، كما اعتمدتها دول ومؤسسات تعليمية وأدرجتها في مناهج التعليم.وفي ختام المحاضر، أكد أن الفرصة الآن سانحة لأمتنا لتقوم بواجبها تجاه الإنسانية بما قدمه التراث الإسلامي والعربي من ثروة فكرية وعلمية، استطاعت أن تدير حضارة شهدت لها الدنيا، وهي قادرة أن تعود لأمجادها أمة هادية مؤمنة كما أرادها ربها، معرباً عن أمله بأن يكتب التاريخ عن العرب والمسلمين في سجلاته التي لا يمحوها تغاير العصور أنهم كانوا جديرين بوراثة النبوة، وأنهم قادرون على استخدام قيم الإسلام وأخلاقياته في حل مشكلات وتحديات الإنسانية.
المحاضر
- حصل على الإجازة في الشريعة والقانون من كلية الشريعة والقانون
- حاصل على درجة الماجستير في الفقه المقارن والدكتوراه في الفقه المقارن بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى من جامعة الأزهر
- نال اللقب العلمي لدرجة أستاذ في الفقه المقارن من كلية الشريعة والقانون عام 2017.
- عُين وكيلاً لكلية الشريعة والقانون لشؤون التعليم والطلاب عام 2019 في جامعة الأزهر.
- تقلد منصب أستاذ الفقه المقارن والأمين العام لهيئة كبار العلماء عام 2020.
- عمل رئيساً لأكاديمية الأزهر العالمية لتأهيل وتدريب الأئمة والوعاظ وباحثي الفتوى.
- عمل أستاذاً مشاركاً في أكاديمية السلطان قابوس لعلوم الشرطة في سلطنة عُمان.
- نُشرت للدكتور محمد الضويني العديد من الأبحاث والدراسات المهمة.