هي السيدة خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزي بن قصي بن كلاب القرشية، الأسدية، أم المؤمنين، زوج النبي، صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة، وسيدة نساء العالمين في زمانها، وأول من آمن بالنبي، صلى الله عليه وسلم، وصدقه قبل كل أحد، وثبتت جأشه، ومضت به إلى ابن عمها ورقة، ومناقبها جمة.
وهي ممن كمل من النساء، كانت عاقلة، جليلة، دينة، مصونة، كريمة، من أهل الجنة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يثني عليها، ويفضلها على سائر أمهات المؤمنين، وكانت أفضل نساء قريش نسباً، وأعظمهم شرفاً، وأكثرهم مالاً.
وورد في فضلها مجموعة من الأحاديث، منها: ما صح عن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: (أتى جبريل النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله: هذه خديجة قد أتت معها إناء فيه إدام، أو طعام أو شراب، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني، وبشرها ببيت في الجنة من قصد لا صخب فيه، ولا نصب).
وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان النبي، صلى الله عليه وسلم إذا ذكر خديجة أثنى عليها، فأحسن الثناء، قالت: فغرت يوماً، فقلت: ما أكثر ما تذكرها حمراء الشدق، قد أبدلك الله عز وجل بها خيراً منها قال: «ما أبدلني الله عز وجل خيراً منها، قد آمنت بي إذ كفر بي الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله عز وجل ولدها إذ حرمني أولاد النساء».
وكانت رضي الله عنها تحب النبي، صلى الله عليه وسلم حباً شديداً، وتعمل على نيل رضاه والتقرب منه، وكانت سنداً له في دعوته، وتؤانسه في وحشته، وتذلل له المصاعب، فكان الجزاء من جنس العمل، بشارة الله لها ببيت في الجنة من قصد، لا صخب فيه ولا نصب.
توفيت في السابع عشر من رمضان وقد بلغت من العمر خمساً وستين عاماً، وكانت وفاتها قبل الهجرة بأربع سنوات، ونزل رسول الله، صلى الله عليه وسلم في حفرتها، ودفنت بالحجون، لترحل من الدنيا بعدما تركت سيرة عطرة، وحياة حافلة، فرضي الله عنها وأرضاه.