منى الحمودي (أبوظبي)
تحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة القائد الأعلى للقوات المسلحة «حفظه الله» ، انطلقت أمس أعمال مؤتمر الدفاع الدولي 2023، المصاحب لمعرضي «آيدكس» و«نافدكس» 2023 في مركز أدنوك للأعمال بأبوظبي، تحت شعار «التأقلم والاستكشاف والتحول: إعادة رسم ملامح جوانب الأمن والمجتمع والتجربة الإنسانية في عصر التحول التكنولوجي» والذي تنظمه مجموعة أدنيك، بالتعاون مع وزارة الدفاع، وبشراكة استراتيجية مع مجلس التوازن، ومشاركة متحدثين بارزين في قطاع الصناعات الدفاعية من مختلف دول العالم، وحضور أكثر من 1800 مشارك من القادة والمسؤولين ممثلي الجهات الدفاعية والأمنية والأكاديمية والشركات في المنطقة والعالم.
وقال معالي محمد بن أحمد البواردي، وزير الدولة لشؤون الدفاع، في كلمته الافتتاحية لأعمال المؤتمر: «نواصل اليوم مسيرة تعاوننا المشترك، من خلال مناقشة مفاهيم التكيف والاستكشاف والتحول، والبحث في إعادة تصور الأمن والمجتمع والتجربة الإنسانية في عصر مضطرب، ويعتبر المؤتمر فرصة لمناقشة جوانب متعددة من التحديات المتعلقة بأثر التقنيات الحديثة على مستقبل البشرية، من خلال أربع جلسات تتناول تلك التحديات، ولكن علينا أن نتذكر أن التحدي الأكبر، يكمن في قدرة البشر على مواجهة مخاطر الطبيعة، وفي مقدمتها آثار التغير المناخي».
وأضاف معاليه: «مما لا شك فيه أننا نحيا اليوم في عصر مليء بالاضطراب نتيجة التطور السريع، والاعتماد المفرط على التكنولوجيا المتقدمة، مثل الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا العصبية والحيوية والواقع الملموس، مما ترك آثاراً على المفاهيم الاجتماعية والاقتصادية، بما فيها تحقيق الأمن، ويتطلب الأمر اتخاذ الإجراءات الكفيلة بمواكبة هذا الواقع، إلى جانب دراسة الكيفية التي يؤدي بها الدمج المتزايد للتقنيات في أماكن العمل إلى تغيير مناهج تنمية المواهب وإدارة رأس المال البشري، وكذلك دراسة التقنيات الناشئة على العمليات العسكرية الحديثة ومستقبل الحروب».
وتابع معاليه: «يتناول المؤتمر موضوع اكتشاف الحدود التالية، بالبحث في غريزة الإنسان لاستكشاف ما وراء الأبعاد الحالية للعالم الأرضي والماديّ، وتوسيع البصمة البشرية في كل من الفضاء والمجال الرقمي، متطلعين إلى أن تخرج هذهِ الجلسات بنتائج ملموسة لصالح الإنسان».
وأشار معاليه إلى أن «السعي لتحقيق الأمن في عصر الاضطراب، يترتب علينا أن نتكيف مع واقع الحال الذي نحيا به، وعلينا أن نُلبي متطلباتِه، ومن جانب آخر، علينا أن نستكشف طبيعة التحديات وأن نبتكر الوسائل والأساليب للاستفادة من التطور التقني لإدارة مسيرة التحول بوعي كامل».
وأكد معاليه أن دولة الإمارات تؤمن بضرورة تضافر الجهود الدولية والإقليمية؛ بهدف إرساء الأمن حتى نتمكن معاً من ترسيخ الاستقرار في دول المنطقة والعالم، وهذا بدوره يتيح المجال لدفع عجلة الاقتصاد الوطنيّ في دولنا، كما يساهم بتحقيق التنمية المحلية والإقليمية والعالمية، منوهاً بأن تحقيق الأمن يأتي في مقدمة أولوياتنا؛ لأنه يفسح المجال أمام مجتمعاتنا للعيش بكرامة وفي بيئة آمنة، ويتيح الفرصة أمام حكوماتنا لبناء علاقات التعاون المثمر بين دولنا، ويساهم بحل النزاعات بالحوار والتفاهم، ما يؤدي إلى تحقيق سلام عالمي، ويدفع بعجلة التقدم والازدهار.
وذكر معاليه أن الأمن لا يتحقق بالقوة والسلاح ولا بالتقنيات الحديثة وحدها، فهو منظومة وطنية متكاملة تنبع من أسلوب الحياة وثقافة المجتمع ومنجزاته القائمة على مجموعة من القيم والمبادئ الإنسانية التي تدعو إلى احترام حقوق المجتمعات الأخرى وثقافاتها، وتهدف لبناء علاقات إنسانية معها.
وقال معاليه: «أدعوكم للتأمل في نموذج التسامح والتعايش السلمي الذي تقدمه الإمارات، فبينما تحتضن جاليات من جميع الشعوب والثقافات، فهي تمنحُهم الفرصة للعيش والعمل على أرضِها بأمنٍ وسلام، كما تسعى الدولةُ إلى بناء جسور التعاون مع دول العالم على أسس الاحترام المتبادل، وبالرغم من ظروف عدم الاستقرار والاضطرابات التي أحاطت بالمنطقة طوال أكثر من خمسين عاماً، استمرت الإمارات بمواجهة التحديات بكفاءة ولم تتوقف عن تحقيق التقدم وتقديم المنجزات؛ لأن قيادتها أرست الأمن، ورسخت السلام بالتعاون مع جيرانها والمجتمع الدولي».
وفي ختام كلمته، توجه معالي محمد بن أحمد البواردي بدعوة الحضور مع افتتاح الدورة السادسة عشرة لمعرض الدفاع الدولي «آيدكس 2023» غداً، للاستفادة من هذه الفرصة للاطلاع على أحدث التقنيات والأسلحة والمعدات التي تُساهم بإرساء الأمن والسلام، وتعزيز فرص التعاون الدفاعي المشترك بين الدول، من خلال ترسيخ مفاهيم الردع. وعبر عن أمله في أن يكون المؤتمر إضافة نوعية في مسيرة التعاون المشترك، لتحقيق التقدم والازدهار للدول.
الحضور
حضر الافتتاح معالي عمر بن سلطان العلماء وزير دولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بُعد، ومعالي سورين بابيكيان، وزير الدفاع في أرمينيا، ومعالي محمد اسرار تارين، وزير الإنتاج الدفاعي في جمهورية باكستان، ومعالي إنوسنت لوغا باشونغوا، وزير الدفاع والخدمة الوطنية في تنزانيا، ومعالي سيخانبايار غورسيد، وزير الدفاع في منغوليا، ومعالي روبرت خانشاتريان، وزير صناعة التكنولوجيا العالية في أرمينيا، وذلك إلى جانب عدد من كبار المسؤولين في جهات حكومية وخاصة محلية ودولية.
كما شهد الافتتاح كل من معالي الفريق ناصر بن علي ناصر الصيخان، وكيل رئيس أمن الدولة للموارد البشرية في المملكة العربية السعودية، واللواء الركن الدكتور مبارك سعيد بن غافان الجابري الوكيل المساعد للإسناد والصناعات الدفاعية في وزارة الدفاع، نائب رئيس اللجنة العليا المنظمة لمعرضي «آيدكس» و«نافدكس»، واللواء الطيار الركن محمد سعيد المغيدي، الأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب، وطارق عبد الرحيم الحوسني الأمين العام لمجلس التوازن، وحميد مطر الظاهري، العضو المنتدب الرئيس التنفيذي لمجموعة أدنيك، إلى جانب عدد من كبار المسؤولين في جهات حكومية وخاصة محلية، وإقليمية ودولية.
استكشاف
تحت شعار «التكيف والاستكشاف والتحول، والبحث في إعادة تصور الأمن والمجتمع والتجربة الإنسانية في عصر مضطرب»، ناقش مؤتمر الدفاع الدولي خلال 4 جلسات، شارك فيها 17 متحدثاً عالمياً بارزاً، التبعات الاقتصادية والاجتماعية ومخاطر الاعتماد للتقنيات الحديثة، وتطوير المواهب وإدارة رأس المال البشري، وتأثير التقنيات على مستقبل العمليات الدفاعية، في ظل أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا الحديثة والتقنيات المتقدمة.
الجلسة الأولى .. الوعد والتبعات
شارك في الجلسة الأولى بعنوان «الوعد والتبعات: الآثار والمخاطر الاجتماعية والاقتصادية للانتشار المطرد في تبني تقنيات جديدة مثل الذكاء الاصطناعي والتقنيات العصبية والعضوية والواقع الممتد»، معالي عمر بن سلطان العلماء، وزير دولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بُعد في دولة الإمارات، وفرانسوا ريجيس بولفيرت، المدير الدولي للتعاون العلمي لمجموعة «نافال»، روي دونلسون، الرئيس التنفيذي لمجموعة «ريثيون» في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والجنرال جون دبليو نيكلسون جونيور، المدير التنفيذي لشركة لوكهيد مارتن في الشرق الأوسط.
وتطرق المشاركون، خلال الجلسة التي أدارها ماثيو كوكران رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لمجلس تسويق خدمات الدفاع، إلى مخاطر الاعتماد واسع النطاق للتقنيات الحديثة، مثل الذكاء الاصطناعي، والتكنولوجيا العصبية والحيوية، والتبعات الاجتماعية والاقتصادية لها، مؤكدين في الوقت ذاته أهمية الاستخدام لهذه التقنيات فهي توفر كفاءات وفرصاً جديدة، لكنها تقدم حالة من عدم اليقين الاجتماعي، وأن والمخاطر والتوترات ستخلق بدورها مهام ومتطلبات ومعضلات جديدة لمجتمعات الدفاع والأمن، مشيرين إلى أن العالم وصل لمرحلة من التطور لم يشهدها من قبل، وهو أمر جيد يتبعه الكثير من التبعات والمخاطر. وأشاروا إلى مساهمة التطور في التكنولوجيا الدفاعية، من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي لتصميم طائرات جديدة وأنظمة أسلحة جديدة وأنظمة مسار، والتي يمكن استخدامها بشكل أكبر للتخطيط.
الجلسة الثانية.. المواكبة
وبعنوان «المواكبة: كيف سيغير التضمين المتزايد للتكنولوجيا المتقدمة في أماكن العمل من مناهج تطوير المواهب وإدارة الموارد البشرية»، ومشاركة فاهاكن خاتشاتوريان، وزير صناعة التكنولوجيا العالية في أرمينيا، والسير توم بيكيت، المدير التنفيذي للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في الشرق الأوسط، جيمس أنتوني، رئيس أكاديمية ربدان، وحسن الحوسني، الرئيس التنفيذي لشركة «بيانات»، إحدى شركات «جي 42»، ناقش المشاركون في الجلسة الثانية من المؤتمر التي أدارتها الدكتورة آنا دولديز، رئيسة قسم الأبحاث في أكاديمية ربدان المساهمة التي يقدمها تزايد اعتماد التقنيات المتقدمة في أماكن العمل على تغيير منهجيات تطوير المواهب وإدارة رأس المال البشري.
وسلط المشاركون الضوء على التحديات التي تواجهها الحكومات في تثقيف جيل المستقبل من الشباب، خاصة في مجال الأمن الدفاعي، بالإضافة للبرامج الأكاديمية والمهنية والمرتبطة بالتكنولوجيا، حيث إنه من المهم في مجال تعليم الدفاع والأمن التفكير في طبيعة النزاعات التي نواجهها؛ لأنها لا يمكن التنبؤ بها، وأحد التحديات هو التفكير في كيفية تغيير التكنولوجيا لبيئة التشغيل بوجود عوامل عدة، مع ضرورة فهم طبيعة الصراعات، مؤكدين أن التكنولوجيا عامل مهم، وهي تغير بيئات العمل وتغير طريقة القتال مع انتشارها بشكل كبير والذي يمثل تحدياً يحتاج إلى تفكير من قوات الأمن لفهم واستغلال التكنولوجيا الجديدة، وآثارها السياسية القياسية، والآثار الأخلاقية والمعنوية، وشرعية التكنولوجيا التي يتم التعامل معها، الأمر الذي يحتاج إلى توفير رأس المال البشري.
الجلسة الثالثة.. التكنولوجيا في الطليعة
ناقش المشاركون في الجلسة الثالثة التي جاءت تحت عنوان «التكنولوجيا في الطليعة: تأثير التكنولوجيا الناشئة على العمليات الحديثة ومستقبل الحروب»، تأثير التقنيات الناشئة على العمليات الحديثة ومستقبل العمليات العسكرية. حيث شارك في الجلسة اللواء الركن الدكتور مبارك سعيد بن غافان الجابري، نائب رئيس اللجنة العليا المنظمة لمعرضي «آيدكس» و«نافدكس»، الوكيل المساعد للإسناد والصناعات الدفاعية في وزارة الدفاع، ويو دونغ جون نائب وزير الدفاع في جمهورية كوريا الجنوبية، بالإضافة إلى نائب الأدميرال براد كوبر، قائد القيادة المركزية للقوات البحرية الأميركية والأسطول الخامس الأميركي والقوات البحرية المشتركة، واللواء (متقاعد) البروفيسور آدم فندلي، أستاذ الممارسة والدفاع والأمن الإقليمي في جامعة جريفيث.
وأكد المشاركون في الجلسة التي أدارها تاتي نوركين، المؤسس والرئيس التنفيذي لمجموعة «أو تي أتش انتلجنس» في الولايات المتحدة الأميركية، على أن القيام بالأدوار والمسؤوليات في الدفاع أصبحت تُدار بطرق مختلفة، وذلك بوجود تكنولوجيا تسمح بتأدية أدوار لم يكن بوسعنا القيام بها من قبل. منوهين بضرورة الاعتراف بالحاجة للتغيير الذي يؤثر على كل الأمور في القطاع الدفاع منها العمليات، والتدريب، والتعليم، وكيفية تنفيذ المهام لتلبية الاحتياجات التشغيلية البسيطة، وكيفية العمل، وكيفية التواصل مع أصحاب المصلحة الآخرين وشركات تكنولوجيا الدفاع والبحث والتطوير.
وأشاروا إلى التخطيط وإعداد السياسات لاستخدام التكنولوجيا التي تأتي مع الفرص والمخاطر، ويجب اغتنام هذه الفرص والتعرف على ما يناسب منظومة العمل في المؤسسة أو الحكومة، ويمكن تحقيق ذلك بشكل تدريجي مع جميع أصحاب المصلحة، من خلال معادلة الدورة الداخلية التي ستحدد متطلبات المستخدم.
الجلسة الرابعة .. الغريزة البشرية
بعنوان «الجبهات التالية: الغريزة البشرية وتجاوز أبعاد العالم الواقعي الحالي»، ناقش المشاركون في الجلسة سعي البشرية المتواصل لاستكشاف ما بعد الآفاق الحالية للعالم المادي وكوكب الأرض، وتعزيز وصول البشرية إلى الفضاء والمجال الرقمي، وذلك بمشاركة سالم بطي القبيسي، المدير العام لوكالة الإمارات للفضاء، ونيكوس باباتساس، الشريك في مجموعة «أي أف أيه».، وآنا كارين روزن، الرئيس التنفيذي لشركة «ساب» في دولة الإمارات، وبالمر لوكي مؤسس ومكتشف شركة «أوكلوس في آر»، بإدارة نوفر رمول، مقدمة تلفزيونية في مؤسسة دبي للإعلام. وأوضح المشاركون أن النظرة العامة للديناميكية بين التكنولوجيا، والفضاء والدفاع، هي أن جيلنا يعيش جيلاً أكثر إثارة للاهتمام حول الفضاء، وكان المصريون والبابليون واليونانيون اعتادوا مراقبة الفضاء، وهذا هو المكان الذي نشأ فيه الجيل الأول من علم الفلك. ثم في الستينيات، كان هناك سباق إلى الفضاء وبين الولايات المتحدة وروسيا، حول من سيحصل على الفضاء الأول ورأينا أخيراً أنهم هبطوا على القمر ثم لدينا الجيل الثاني والجيل الثالث من الفضاء. والذي كان برنامجاً تعاونياً في محطة الفضاء الدولية. وهناك العمليات التي حاولنا فيها الخروج إلى الفضاء، مثل المريخ حيث كنا قادرين على الهبوط في المريخ، مع كل الصعوبات، لافتين إلى أن البشر أرادوا دائماً البحث في الفضاء للحصول على المعلومات من الفضاء.