الجمعة 22 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

4 فبراير.. شاهد على إنسانية الإمارات

4 فبراير.. شاهد على إنسانية الإمارات
4 فبراير 2023 01:38

إبراهيم سليم (أبوظبي) 

أعرب مفكرون وقادة دينيون، عن تقديرهم لدور دولة الإمارات على الصعيد العالمي، وسعيها نحو إحلال السلام على البشرية جمعاء، وأن 4 فبراير سيظل يوماً تاريخياً شاهداً، معترفاً ومخلداً لوثيقة الأخوة الإنسانية والسلام العالمي والعيش المشترك، وسيظل هذا اليوم مدى التاريخ شهادة أمام العالم على قيادة دولة الإمارات للسلام العالمي وإلهاماً عميقاً لكل دعاة التعايش في كل بقاع الأرض. وأجمعوا على أن ثمة مسؤولية جادة ملقاة على عاتق المؤمنين للإسهام في الخروج من التوترات والقلاقل والاضطرابات، والعنصريات وصنّاع الرعب عامة، بغرض تأجيج الصراعات، وأن «وثيقة الأخوة الإنسانية»، جددت هذه الأخوة، وأن البشرية أمة واحدة وكلنا لآدم، وقد حركت مضامين هذه الوثيقة الأمم المتحدة لإعلان يوم 4 فبراير اليوم العالمي للأخوة الإنسانية، وأن الوثيقة تعد ردّاً حكيماً على دعاة التطرف والإرهاب.

مرحلة مهمّة  
بداية، قال الدكتور عزالدين عناية «أستاذ بجامعة روما لاسابيينسا - إيطاليا»: مثّلت «وثيقة أبوظبي للأخوة الإنسانية» مرحلة مهمّة في سياق العلاقات بين الأديان وبين مختلف التقاليد الدينية في عالمنا الراهن، بما رَسمته من خريطة طريق واضحة وبَيّنتْه من أرضية جامعة تنحاز إلى الإعمار والخير والصلاح، وتنبذ التفرقة والتصارع والظلم. فقد أتت الوثيقة في أجواء مميزة يشهدها العالم، تَشي بتراجع الحواجز والحدود بين مختلف مكوّنات العائلة البشرية، جراء آثار العولمة وتغيّر الجغرافيا الدينية للعالم. لكن التحول الأكبر اليوم، في ظل هذا المناخ الإيجابي، وهو ما تشهده لواهيت الأديان من إعادة قراءة للموروث الديني بعيون فاحصة، والكفّ عن إعلاء الحواجز العقدية، والتطلع إلى إرساء رؤى منفتحة على الآخر، تستلهم تجارب دينية حاضنة، وتقوم على أرضية لاهوتية جامعة، تراعي التنوع في الإيمان وتشجّع على الشراكة في الأوطان. وأكد أن هناك يقيناً شائعاً في أوساط المؤمنين، وهو أنّ العائلة المؤمنة الموسّعة في عالمنا الراهن، أضحت مدعوة، أكثر من أي وقت مضى، إلى ترسيخ التماسك بينها، بغرض بلوغ الإيلاف الحضاري، الذي ما عادت تكفي فيه الدعوات العاطفية والنوايا الحسنة، بل العمل معاً على تفعيل المطامح الكبرى من خلال خلق المبادرات المعرفية والعلمية والعملية. إذ ثمة مسؤولية جادة ملقاة على عاتق المؤمنين للإسهام في الخروج من التوترات والقلاقل والاضطرابات، وبالمقابل ثمة وعي يدبّ في أوساط كثيرة للخروج من الاستدراج الذي تستدرجهم إليه الشوفينيات والشعبويات والعنصريات وصنّاع الرعب عامة، بغرض تأجيج الصراعات.
وقال عناية: «فما من شك أن مسيرة وعرة خاضتها الأديان على مدى القرن الفائت، وإلى غاية مطلع قرننا الحالي، في مختلف أصناف الجدل والتعارف والحوار، لكن بالمحصلة تعلّمت منها بيداغوجيا الحوار، وفنّ التعايش، وفلسفة الإيلاف، إلى أن شارفت، مع صدور (وثيقة أبوظبي للأخوة الإنسانية) التي عبّرت عن نضج في الوعي الديني العالمي وعن ترقّ في مراقي الإيلاف، أفقا واعداً تتطلع إليه البشرية. كان إلزاماً فيه التخلي عن عديد الأوهام، وبالمثل الإقرار بعديد الحقائق، والتشبث بعديد اليقينيات، بأننا جميعا، بتنوعاتنا واختلافاتنا، نمتطي سفينة واحدة في هذا العالم، تنشد بلوغ (الأخوة الإنسانية)».

نسيم المحبة والإنسانية
أكد الأب بيشوي فخري أمين، راعي كاتدرائية الأنبا أنطونيوس للأقباط المصريين في أبوظبي، أنه ما أن يأتي علينا يوم الرابع من شهر فبراير من كل عام حتى ينعم العالم بنسيم المحبة الإنسانية، ذلك النسيم الذي انتشر بإلهام تلك الروح النقية، روح المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ليشرق اليوم العالمي للأخوة الإنسانية، والذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة ضمن مبادرة وليدة من أرض دولة الإمارات الحبيبة بالاشتراك مع جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية ومملكة البحرين، داعياً بأن يعم السلام والرحمة والبركة من رب السلام جل اسمه، الأحباء في كل مكان على أرض دولة الإمارات الحبيبة.
وقال الأب بيشوي فخري أمين: وبمناسبة حلول اليوم العالمي للأخوة الإنسانية، نتقدم باسم قداسة البابا تواضروس الثاني وباسم الكنيسة القبطية في الإمارات بخالص التهنئة والشكر القلبي للقيادة الحكيمة لدولة الإمارات الغالية بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وإلى كافة شيوخ وحكام دولة الإمارات الحبيبة، رعاهم الله، وإلى حكومتها السبّاقة والمتفردة دائماً جزيل الشكر على النجاح في إلهام قادة ودول وشعوب العالم للالتفاف حول أسمى المبادئ والقيم الإنسانية، قيم الانفتاح والمحبة وقبول الآخر والتعاطف، وإظهار تلك المحبة لكل البشر على اختلافاتهم المتنوعة، رغبة في عالم متحاب صافي القلب والنية ومجتمع مبدع خلاق بناء نابذ لكل أشكال التمييز بين البشر. وتابع الأب بيشوي: «يُعد اعتماد الأمم المتحدة لهذا اليوم إنجاز تاريخي كبير يضاف إلى نجاحات قيادة الدولة الرشيدة ودبلوماسيتها الحكيمة وإلى نجاح لجنة الأخوة الإنسانية والتي تزامن مؤتمرها التاريخي مع زيارة مشتركة للإمام الأكبر الشيخ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر وقداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية على أرض زايد المحبة والسلام برعاية كريمة من القيادة الرشيدة. كما يُعد هذا اليوم التاريخي أيضاً اعترافاً، بل وتخليداً لوثيقة الأخوة الإنسانية والسلام العالمي والعيش المشترك والتي وقعت في الرابع من شهر فبراير سنة 2019 في أبوظبي بدولة الإمارات الحبيبة سيظل هذا اليوم مدى التاريخ شهادة أمام العالم على قيادة دولة الإمارات للسلام العالمي وإلهاماً عميقاً لكل دعاة التعايش في كل بقاع الأرض». 

دور رائد
أكد القس يوسف فرج الله الكنيسة الإنجيلية - العين، أن اليوم العالمي للأخوة الإنسانية، الذي أقرته وحددته هيئة الأمم المتحدة. وهو أيضاً موعدنا مع جائزة الشيخ زايد للأخوة الإنسانية التي تبلغ مليون دولار أميركي سنوياً، نتذكر كيف بدأ هذا التوجه في 4 فبراير 2019 عندما عقد المؤتمر العالمي للأخوة الإنسانية في أبوظبي بمبادرة فريدة من القيادة الرشيدة لدولة الإمارات العربية المتحدة هزت العالم الإسلامي والمسيحي، حيث قامت بدعوة إلى لقاء فريد عالمي يضم مرجعيات دينية ومؤسسات دولية وإقليمية وكثيراً من العلماء والمفكرين من خلفيات دينية وعقدية وثقافية مختلفة، وتم التأكيد على وحدة الإنسانية وعقد النية والإرادة المشتركة على العمل معاً من أجل توطيد السلام والإخاء والمحبة بين بني البشر.
وتم إعلان وثيقة الأخوة الإنسانية التي وقعها كل من قداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، وفضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف ورئيس مجلس حكماء المسلمين، وقد كان لي عظيم الشرف أنني دعيت لحضور هذا المؤتمر في فبراير 2019، حيث تشرفت بلقاء قداسة البابا وفضيلة الإمام الأكبر، وتمتعت بسماع والمشاركة في حلقات البحث، ورأيت كيف أغنانا الله بهذه القامات الشامخة والشخصيات الحكيمة التي أثرت وتؤثر في عالمنا وإنسانيتنا بصورة فريدة.
وقد حركت هذه الوثيقة الأمم المتحدة لإعلان يوم 4 فبراير اليوم العالمي للأخوة الإنسانية، بارك الله في دولة الإمارات وحكامها بسبب دورهم الرائد في هذه الحركة والمبادرات الأخرى، مثل سن القانون الذي ينظم الزواج المدني، وعمل سجلات الوصايا لغير المسلمين، نصلي لله دائماً، وندعوه أن يبارك دولة الإمارات وحكامها والمسؤولين فيها. 

البنيان الجميل
قال الدكتور يوشار شريف المفتي السابق، والداعية الإسلامي وأستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة أرسطوطاليس قسم العلوم الإسلامية باليونان، والعالم يحتفل بوثيقة أبوظبي التاريخية للأخوة الإنسانية، نؤكد أن الله خلقنا وأرسل لنا رسلاً نقتدي بهم إلى أن أتم دينه ورسله بالذي أرسله رحمة للعالمين، فهو خاتم النبيين، فهو ذلك اللبنة التي بها أتم ذلك البنيان الجميل، به- صلى الله عليه وسلم- أتم مكارم الأخلاق، فتركنا على محجة البيضاء ليلها كنهارها، فهو القائل «لو أدعى به في الإسلام لأجبت»، قاصداً حلف الفضول. وهو القائل الحكمة ضالة المؤمن فحيث وجدها فهو أحق بها. 
ذلك النبي الذي قال في خطبة الوداع: أيها الناس... «كلكم لآدم وآدم من تراب.....، وليس لعربي على عجمي فضل إلا بالتقوى»، وقد جددت هذه الأخوة كلما دعت الضرورة لتجديدها، وجددت في مكة المكرمة وعرفت بـ«وثيقة مكة المكرمة» بالقول، فالحمد لله إن الله أرسل إلى العالم من يجدد للإنسانية هذه المبادئ التي أتى به المعصوم- صلى الله عليه وسلم- وجددت بالقول والفعل تحت رعاية كريمة من دولة الإمارات العربية المتحدة رمز السلام والتسامح والتعايش، ولا يختلف اثنان على أن الإنسانية جميعاً في أمسّ حاجة إلى هذه الروح الآن أكثر من أي وقت مضى، وندعو الله بمناسبة هذا اليوم أن يعلو صوت الأخوة والسلام، ويسود الأمان والاستقرار في كل مكان، وكل عام ونحن بخير، بمناسبة ذكرى «اليوم الدوليّ للأخوّة الإنسانية».

أسرة واحدة
قال الأستاذ الدكتور البروفيسور محمد أبو الفرج صادق المفكر الإسلامي، إن وثيقةُ الأخوّة الإنسانية افتَتَحت اتفاقَها الإنساني العالمي العظيم، بعد مقدمة تُعَدّ من ألطف مقدمات بيانِ أنّ الإنسان أخو الإنسان، وأن البشرية أسرة واحدة، إذا اشتكى منها عضوٌ تَدَاعى له سائرُ الجسد..!، ومن هنا جاءت وثيقة الأخوّة الإنسانية ردّاً حكيماً على هؤلاء الذين يَقْتلون باسم الله، لتقول لهؤلاء الذين غُرِّر بهم: إنّ الدِّين من هؤلاء براء، وإنَّ العيش المشترك هو الدين الحق، تأصيلاً لوصايا القرآن، لافتاً إلى أن الجمعية العامة للأمم المتحدة اتخذت قراراً بالإجماع اعتمادَ هذا التاريخ (4 فبراير) هو (اليوم العالمي للأخوة الإنسانية). وقال: نحن نحتفل بالذكرى الرابعة لتوقيع الوثيقة، وهي ذكرى غالية على قلوب محبي السلام والعيش المشترك -وخاصة أصحاب الفكر المعتدل من المسلمين وغير المسلمين- لنعيش معاً نفحات هذه الذكرى في محطة تاريخية مفصلية في حياة البشرية، حين حضر قداسة البابا فرانسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية وفضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، وذلك في الرابع من فبراير 2019 م في أبوظبي عاصمة التسامح والتعايش المشترك عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة للتوقيع على وثيقة الأخوة الإنسانية، التي تمثّل أقوى إعلانٍ مشتركٍ يدعو إلى السلام بين الأديان كافّة.
وأكد أبوالفرج أن الوثيقة والتي يحتفل العالم بها اليوم تعد حدثاً تاريخيّاً بامتياز، تجاوزَ حدود المكان ليمتد نحو الأزمان من الإمارات إلى العالم، ملخَّصاً بكلمة قداسة فرانسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية أثناء مراسم توقيع الوثيقة: (إمّا أن نبني المستقبل معاً، أو لا مستقبل)!، وكأننا نعيد مجد التاريخ لثقافة زايد في نهجه الحاضر في ضمائرنا ووجداننا الإنساني على أرضٍ تحضن ما يزيد على (200) جنسية بثقافات متعددة ومتنوعة، يعيشون جميعاً بأمنٍ وأمان كأسرة واحدة في مشهد قل نظيره في كوكبنا! وقال أبوالفرج: «تأتي وثيقة الأخوّة الإنسانية لتسجّل محطة مهمة في العلاقة الإنسانية بين أتباع الديانات السماوية»، بعد سلسلة من العهود والمواثيق والاتفاقيات التاريخية، التي تحث على السلام والاحترام المتبادل والتسامح من أجل الازدهار وتأسيس قيم السلم والعدل والحرية. وأشار إلى الخطوات والمبادرات التي انطلقت من الإمارات إلى العالم، وحزمة التشريعات التي تبنتها الدولة وطبقتها فعلياً، حتى جاءت وثيقة الأخوة الإنسانية في 4 فبراير2019، وتلتها وثيقة مكة المكرمة في مايو/2019 لتأسيس صفحة جديدة من قيم التسامح، تحظى بتوقيع قُطبين جليلين، مثل قداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، وفضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، وحضور قادة الأديان والفكر، ليقولوا للتطرف: لا مكان لك بيننا بعد الآن! ولنا شرف شهود التوقيع على هذه الوثيقة.، فهنيئاً للمجتمع الدولي احتفاؤه بهذه المناسبة العظيمة سنويّاً ابتداء من عام (2021م)، ورحم الله الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان -طيّب الله ثراه- نبع الإنسانية والتسامح والمحبة، وعاشت الإمارات حرة كريمة رئيساً وحكومة وشعباً وأرضاً، وكل عام والإنسانية بخير، تنعم بالرخاء والازدهار والاستقرار في ظل قيادتها الرشيدة ممثلة بسيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله.

القواسم والقيم المشتركة
أكد الدكتور التجاني بولعوالي الأستاذ بكلية اللاهوت والدراسات الدينية جامعة لوفان في بلجيكا، أنه على الرغم أن هناك العديد من القواسم والقيم المشتركة التي تجمع بين الناس على اختلاف عقائدهم وأعراقهم ولغاتهم وألوانهم، فإنه عادة ما يتم التركيز على العناصر المُجزّئة لما هو إنساني والمشطّرة للُحمة المجتمع وانسجامه، وتؤدي التيارات الدينية والفكرية المسيسة ووسائل الإعلام المؤدلجة دوراً سلبياً في تعميق الفجوات بين الإنسان وأخيه الإنسان. 
وقال: إن الوجود الإنساني ينبثق في أساسه من قيمة الأخوة ليعود إليها في آخر المطاف، ونقصد بذلك أن الأخوة الإنسانية سابقة على الأخوة الإيمانية، لأن الجميع ينحدر من الأصل الآدمي نفسه، ولا يمكن نكران هذه الأخوة البيولوجية والجينالوجية المشتركة بدعوى الاختلاف العقدي والتمايز اللاهوتي والتباعد الثقافي أو العرقي. أما الأخوة الإيمانية سواء في بعدها التوحيدي العام الذي يشترك فيه المسلمون واليهود والنصارى أو في بعدها القرآني والنبوي الذي يختص به المسلمون وحدهم دون غيرهم، فإن دائرتها أضيق وأخص لارتكازها على مفاهيم الوحدانية والوحي والحقانية والخلاص والآخرة. ويحظى هذا الجانب بالأولوية المطلقة لدى المسلمين، لأن القرآن الكريم يرسخ كون «الدين عند الله الإسلام»، وهذه مسألة إجماع داخلي لا جدال حولها بين المسلمين أنفسهم. ولنا أن نؤمن بذلك كما أمرنا ربنا سبحانه وتعالى، كما يؤمن كل متدين آخر، يهودي أو نصراني أو هندوسي، بكون دينه هو الذي يتضمن الحقيقة المطلقة دون غيره من العقائد، وهو ما يطلق عليه المذهب الحصراني في فلسفة الدين. 
وتابع الدكتور التيجاني، ومع ذلك، فالإسلام يمنح حيزاً لغير المسلمين من أهل الكتاب واللادينيين عبر الجدل الحسن والحوار البناء والعلاقات الجادة، وهذا ما يندرج في دائرة الأخوة الإنسانية في بعدها القرآني أو الكتابي أيضاً، أو في دائرة التعددية الدينية والثقافية بالمفهوم الفلسفي، وكذا القانوني المعاصر. وأعتقد شخصياً أن اعتماد يوم دولي للأخوة الإنسانية يحتفل به كل عام في 4 فبراير مبادرة رائدة، لا سيما في عصرنا الحالي الموبوء بالصراعات والحروب والعنف. ومن شأن هذه المبادرة أن تزحزح وتلفظ ما هو سلبي من السلوكات، وتحل محله قيم التسامح والتعايش والمواطنة والأخوة التي جاء الإسلام لزرعها من جديد في النفوس والمجتمعات وبين الأمم، ومن ثم ربط الإنسان بأصله الآدمي المشترك بغض النظر عن معتقده وعرقه ولغته ولونه.
وأكد أن الأخوة الإنسانية بهذا المفهوم لا تعني تأسيس دين جديد كما قد يزعم البعض، ولا تذويب الإسلام في غيره من التقاليد الكتابية والعلمانية كما قد يؤول آخرون. إن الأخوة الإنسانية هي شكل من أشكال التقريب بين الناس من خلفيات دينية وثقافية وفلسفية متنوعة في مجتمعنا التعددي المعاصر. فما أحوجنا اليوم إلى تعضيد قيمة الإخوة المتأصلة في عقولنا ودواخلنا، لكن يحجبها دخان الصراعات، ومن ثم دعمها لبلورة آليات عملية لإدارة الاختلاف السوسيو- ثقافي وتفادي الصراع الإيديولوجي والعسكري وصناعة السلم المدني والدولي. وهذا ليس غريب عن تاريخ المسلمين، حيث تم تقنين قيم الاختلاف والتنوع والحوار، وتم التعاطي معها ليس كإشكالات وتحديات كما كان يحصل وما زال في أوروبا، بل كسنن كونية وعناصر إغناء وتلاقح.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©