إبراهيم سليم (أبوظبي)
أكد علماء ومفكرون ورجال دين، أن الإمارات أهدت البشرية خارطة التعايش والسلام عبر وثيقة الأخوة الإنسانية التي تم توقيعها في أبوظبي في 4 فبراير 2019، مشيرين إلى أن هذه الوثيقة غيّرت وجه العالم وعززت العلاقة بين الشرق والغرب، كما أسهمت في التقريب بين اتباع الحضارات المختلفة.
وقالوا في الذكرى الرابعة لهذه الوثيقة التي تعد دستوراً للتقارب بين الأديان، إنها دفعت العالم إلى مزيد من التعايش والأخوة والسلام، وإن هذه الوثيقة انبثق عنها العديد من المبادرات الطيبة، كاليوم الدولي للأخوة الإنسانية، وغيرها من المبادرات.
في البداية، أكد الدكتور مونسنيور يوأنس لحظي جيد، السكرتير الشخصي السابق لقداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، رئيس مؤسسة الأخوة الإنسانية «تحل السنة الرابعة لتوقيع وثيقة الأخوة الإنسانية التي نحتفل بها في هذه الأيام، هي ذكرى طيبة لتذكر هذا الحدث التاريخي الذي غيّر خارطة العلاقة بين الشرق والغرب، وغيّر خريطة العلاقة في الحوار الديني بين العالم الإسلامي والعالم المسيحي».
وتابع لحظي: «في هذه الذكرى، نشكر ونحيي ونقدِّر شجاعة قداسة البابا فرنسيس، وفضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف، وقيادة دولة الإمارات العربية المتحدة، على هذا الحدث، وهذه الشجاعة التي أثرت في العالم، والتي دفعت العالم إلى مزيد من التعايش والأخوة السلام».
وأضاف: «من وثيقة الأخوة الإنسانية، وثيقة أبوظبي، ولدت العديد من المبادرات الطيبة، نذكر منها على سبيل المثال، اللجنة العليا للأخوة الإنسانية، واليوم العالمي للأخوة الإنسانية الذي اعترفت به الأمم المتحدة، ويحتفل به العالم أجمع في ذكرى توقيع هذه الوثيقة، وأيضاً جميع المؤسسات والدول التي تبنّت هذه الوثيقة، وبصفة خاصة مؤسسة الأخوة الإنسانية المصرية، التي تسعى لتحويل هذه الوثيقة إلى أعمال خير ملموسة إلى جميع المحتاجين لنشر الثقافة الأخوة والتعايش والسلام».
عاصمة التسامح
وقال السكرتير الشخص السابق للبابا: «نحتفل بالعام الرابع لتوقيع وثيقة الأخوة الإنسانية التي تم توقيعها في أبوظبي، عاصمة التسامح، يوم 4 فبراير 2019، لنتذكر معاً شجاعة رجال قرروا أن يفتحوا للبشرية درباً جديداً وأن يطووا عقوداً من التناحر والعداوة، رجالاً قرروا أن يشعلوا نور الأخوة القادر وحده على دحر عتمة التعصب والظلامية. كما أنها فرصة لتذكر كلمات قداسة البابا فرنسيس التي لن ينساها التاريخ، على أرض أبوظبي: (إنَّ الله ولكونه خالق كلِّ شيء وخالق الجميع، يريد أن نعيش كإخوة وأخوات، وأن نقيم في البيت المشترك الذي منحنا هو إياه. هنا تتأسّس الأخوّة، عند جذور بشريّتنا المشتركة، مثل دعوة ماثلة في مخطّط الله للخلق. إنها الدعوة التي تخبرنا بأننا جميعاً نملك الكرامة عينها وبأنّه لا يمكن لأحد أن يكون سيّداً للآخرين أو عبداً لهم... ليس هناك من بديل آخر: إمّا نبني المستقبل معاً وإلّا فلن يكون هناك مستقبل. لا يمكن للأديان، بشكل خاص، أن تتخلّى عن الواجب الملحّ في بناء جسور بين الشعوب والثقافات. لقد حان الوقت للأديان أن تبذل ذاتها بشكل فعّال، وبشجاعة وإقدام، ومن دون تظاهر، كي تساعد العائلة البشريّة على إنضاج القدرةِ على المصالحة، ورؤيةٍ ملؤها الرجاء، واتّخاذ مسارات سلام ملموسة)».
وتابع: «لنتذكر كلمات فضيلة الإمام الأكبر، شيخ الأزهر: (أقول لشباب العالم في الغرب والشرق: إن المستقبل يبتسم لكم، وعليكم أن تتسلحوا بالأخلاق وبالعلم والمعرفة، وعليكم أن تجعلوا من هذه الوثيقة دستور مبادئ لحياتكم، اجعلوا منها ضماناً لمستقبل خال من الصراع والآلام، اجعلوا منها ميثاقاً بانياً للخير هادماً للشر، اجعلوا منها نهاية للكراهية.. علموا أبناءكم هذه الوثيقة فهي امتداد لوثيقة المدينة المنورة، ولموعظة الجبل، وهي حارسة للمشتركات الإنسانية والمبادئ الأخلاقية)».
وأضاف: «لنتذكر شجاعة شيوخ دولة الإمارات العربية المتحدة، حفظهم الله، والذين نظموا واستقبلوا قداسة البابا فرنسيس في أول زيارة في التاريخ إلى الإمارات العربية المتحدة، وتحديداً في شبه الجزيرة العربية، وأثبتوا للجميع أن الأخوة والتعايش والتسامح هي القيم التي يختارها الأقوياء والذين ارتوا من مبادئ المؤسس الشيخ زايد، طيب الله ثراه، فعرفوا أن ما من طريق لإطفاء حرائق الكراهية والتعصب والإرهاب سوى الحوار واللقاء والاحترام المتبادل والتعايش والتسامح. حفظ الله لنا أبطال وثيقة الأخوة الإنسانية وجميع الذين يهتدون بها وينشروا مبادئها بين الناس، وفي هذا اليوم، نشكر ونقدر دولة الإمارات التي تحوّلت إلى عاصمة الأخوة الإنسانية والتسامح للعالم أجمع، وكل الأشخاص، وكل الهيئات التي تعمل من أجل نشر ثقافة الأخوة والتعايش بين البشر، وندعو الله أن يوفق الجميع لخير الإنسانية، وكل عام وأنتم بخير».
شاهد ومثال
من جانبه، أكد الدكتور يوسف حميتو، أستاذ مشارك بجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية: «وثيقة الأخوة الإنسانية مثال للتعايش بين أصحاب الأديان، إذ تحل الذكرى السنوية الرابعة لتوقيع وثيقة الأخوة الإنسانية، هذه الوثيقة التي احتضنتها دولة الإمارات العربية المتحدة، لتكون شاهدة ومثالاً ونموذجاً يحتذى به للعالم كله في سبيل التعايش بين الأديان وبين الإنسان». وقال حميتو: «إن هذه الوثيقة جسَّدت الرؤية والرواية الصحيحة لمبادئ الدين ودوره في تحقيق السلم العالمي ضمن رؤية موحدة وضمن رؤية متبصرة لما ينبغي أن يكون عليه وجه العالم، وبالتالي، فإن احتضان الإمارات العربية المتحدة لهذه الوثيقة، ليس شيئاً عادياً، وليس شيئاً اعتباطياً، إنما يأتي تتويجاً لمسار طويل من الجهود والمبادرات التي قدمتها دولة الإمارات العربية المتحدة والتي أنتجت مجموعة من الوثائق التي كانت بمثابة إسهام من البلاد العربية والبلاد الإسلامية في تعزيز ثقافة حقوق الإنسان وثقافة السلم والتعايش».
تعزيز القيم
أكد فضيلة الشيخ الدكتور عبدالله برج، أمين عام المجلس الإسلامي جنوب السودان: «إننا في دولة جنوب السودان قد استفدنا بما تضمنته وثيقة الأخوة الإنسانية، ونشكر جهود الإمارات في تعزيز التسامح، وتمر هذه الأيام الذكرى الرابعة لتوقيع وثيقة الأخوة الإنسانية في أبوظبي، عاصمة التسامح، ووقعها فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف وقداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، وهذه الوثيقة قد استفدنا منها في جنوب السودان، لأنها تعزز قيم الإنسانية والأخوة الإنسانية والتعاون والبناء المشترك، وعليه نحن نتقدم بالشكر الجزيل لحكومة دولة الإمارات العربية المتحدة برعايتها ولسعيها ليعم السلام العالم، لتوقيع هذه الاتفاقية التي يحتفل بها العالم كيوم عالمي للأخوة الإنسانية، وكذلك نشكر المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة لدوره المهم، ونحن في جنوب السودان استفدنا منها كثيراً جداً، فنحن نشكر الله ونعمل على تعزيز القيم المشتركة والأخوة الإنسانية وكل عام والعالم بخير».
رسالة سلام
أكد فضيلة الشيخ إبراهيم الخليل البخاري، أمين عام جماعة مسلمي كيرالا، رئيس جامعة معدن الثقافة الإسلامية بالهند، أن الاحتفال بهذا اليوم العالمي للأخوة الإنسانية يحمل رسالة السلام والمحبة والأخوة الإنسانية للعالم بأسره، وأن المجتمع الدولي بحاجة ماسة إلى تعزيز التسامح والتعايش السلمي والحوار بين الأديان في مجتمعاتنا، وهذه مناسبة نتأمل فيها أهمية التفاهم والاحترام المتبادل بين الثقافات والأديان، في وقت يتطلب تضامناً كبيراً لتشجيع الحوار والانسجام بين الأديان.
وعبر عن اعتقاده بأن الطريق إلى المستقبل يبدأ بالإيمان بالأخوة الإنسانية. وهناك حاجة ملحة إلى تعزيز المبادرات الرامية إلى مكافحة التطرف بأشكاله كافة ومعالجة خطاب الكراهية من خلال تعزيز ثقافة السلام والتعايش ورفض العنف، لأن عالمنا المعاصر يمر بتحديات شائكة عديدة أكثر مما شهدتها العقود المنصرمة عبر تاريخه الطويل، وتتفاقم هذه التحديات وتزداد شراستها وحدتها يوماً بعد يوم، وتنتشر ويلاتها في كل بقعة من بقاع العالم، وآثارها الناتجة ربما تؤدي ـ لا قدر الله ـ إلى عواقب وخيمة فوق ما نتخيل بعقولنا وأذهاننا، وربما تؤدي إلى استئصال هويته وفنائه من الوجود بالكامل.
وقال: «إن إنسان اليوم رغم تقدمه ورقيه علمياً واقتصادياً إلا أنه أصبح فريسة الغرور والتكبر، والغطرسة والخيلاء، وإن مظاهر السلوكيات والأخلاقيات الراقية التي كانت تسود في المجتمعات، والشعوب أصبحت تغيب شيئاً فشيئاً، وبدأت تتسع الفجوات في العلاقات والروابط التي كانت يربطها بين إنسان وآخر وبين دولة وأخرى، سواء كانت سائدة في أسرة صغيرة أو مجموعة عالمية، يقول سبحانه: (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس)».
وتابع فضيلته: «إنه، وفي ضوء انتشار هذه الظاهرة السيئة في المجتمعات والشعوب بشكل كبير، تزداد أهمية الاحتفال باليوم العالمي للأخوة الإنسانية، ودولة الإمارات العربية المتحدة تتصدر العالم في بذل ما في وسعها من الجهود الجادة لكبحها والحد من تفشيها من خلال إطلاق مبادرات وتنظيم مؤتمرات لتوعية المجتمع، وتحذيرهم من خطوراتها السيئة وآثارها السلبية، ولتوحيد صفوف بني البشر للحفاظ على هويتهم وتمكين بقائهم على وجه الأرض».
وقال: «اكتسبت وثيقة الأخوة الإنسانية شهرة واسعة في أنها تضع إطار عمل لدستور عالمي جديد، يرسم خارطة طريق للبشرية، وتصف الوثيقة واقع المجتمع البشري، وتحدد أهم المشاكل التي يتعايش معها، وتقترح طرقاً لحلها». وقال فضيلته «عملاً بروح هذا اليوم، دعونا نعمل معاً بروح التضامن لبناء عالم أفضل في إطار ثقافات متعددة، ولكن إنسانية واحدة».
ميثاق عظيم
أكد الدكتور جمال السفرتي، رئيس قسم الدراسات الإسلامية في جامعة بدر في ألبانيا: «نحن الآن والعالم نعيش في رحاب وثيقة أبوظبي التاريخية التي تتناول الأخوة الإنسانية، والأخوة الإنسانية ميثاق عظيم دأب عليه الأنبياء من لدن سيدنا آدم، عليه السلام، إلى سيدنا محمد، عليه الصلاة والسلام، ومن تبعهم بإحسان، ثم توالى على هذا المنهج وعلى حمل هذه الرسالة علماء ومفكرون ومصلحون من المنابت والمشارب كافة». وأضاف: «تعرّضت هذه الرسالة، رسالة الأخوة الإنسانية عبر الزمان إلى هزات، هنا وهنا، لأسباب عدة، فكان لا بد أن يتصدّر بعض النبلاء لإعادتها إلى رسالتها الحقيقية، وطريقها القويم في خدمة الإنسانية، فكان ما كان الاجتماع، فضيلة شيخ الأزهر، وقداسة بابا الفاتيكان، وبعض المتخصصين من منابت شتى ومشارب شتى، فتنادوا لإعادة هذه الرسالة إلى طريقها الصحيح، والإمساك بدفتها لتصويب حرقتها واتجاهها بعد أن اختطفت، وحاول البعض أن ينحوا بها باتجاه آخر، وكان النظر إلى هذه الأخوة الإنسانية إلى هذا الميثاق على أنه حق أبلج واضح».
وتابع فضيلته: «ولكن لا بد للحق من قوة تحميه، نعم هنالك النبلاء، والمفكرون، والعلماء، والشرفاء، ولكن لا بد من قوة تحميهم، دولة ترعاهم تيسر لهم أمورهم، فكان من فضل الله عز وجل أن هيأ لهذا البرنامج ولغيره من برامج الخير دولة الإمارات العربية المتحدة بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، الذي قدم كل التسهيلات للمتخصصين الذين يقومون على هذا الشأن، قدم لهم كل التسهيلات وكل الرعاية من دون أي توجيه، خذوا راحتكم، تفكروا، خططوا، أعدوا، ضعوا النقاط التي تريدون، ونحن نيسر لكم ما يساعدكم على نشر هذه الوثيقة، وعلى بقاء هذا الميثاق العظيم، ميثاق الأخوة الإنسانية، لذلك كانت وثيقة أبوظبي، منارة خير، ومنارة هداية، أسأل الله عز وجل أن تستمر إلى الأجيال القادمة، وأن يحفظ ربي سبحانه وتعالى هذه الدولة، قيادة وحكومة وشعباً».
محمد المستاوي: البشرية في أمس الحاجة إلى تفعيل بنود الوثيقة
أكد فضيلة الشيخ محمد صلاح الدين المستاوي، خطيب المركب الإسلامي البحيرة في تونس، والخبير بمجمع الفقه الإسلامي الدولي بجدة، أنه بمناسبة اليوم العالمي للأخوة الإنسانية، وذكرى إصدار وثيقة الأخوة الإنسانية في الرابع من شهر فبراير سنة 2019 في أبوظبي عاصمة التسامح، وبرعاية منها ومن قيادتها، فإن «وثيقة أبوظبي للأخوة الإنسانية» التي يحتفل بها العالم في الرابع من فبراير، واللقاء الذي جمع فضيلة الشيخ أحمد الطيب، شيخ الأزهر، وقداسة البابا فرنسيس، هو الحدث الذي سيخلده التاريخ، وكنت شاهداً على هذا اللقاء والتوقيع، لأنه يطوي صفحة من صفحات التاريخ التي شهدت أحداثاً وصراعات وحروباً، ذهب ضحيتها أعداد كبير ة من الأنفس البشرية.
وأشار إلى أنه لم تكن الدوافع لهذه الحروب والصراعات، دوافع دينية، إذ حاشا للأديان المنزلة من عند الله، والتي بلغها رسل الله عليهم الصلاة والسلام، أن تدعو إلى سفك الدماء، بل على العكس من ذلك، لم تختلف هذه الرسالات في دعوتها إلى العيش في أمن وسلام بين جميع الناس مهما اختلفت أديانهم ومذاهبهم استجابة لنداء الله في آخر الكتب المنزلة (القرآن الكريم) مذكرة بالأصل الواحد (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا).
وأضاف «كان لا بد لهذا النداء أن يجد من يسعى إلى التوعية بأهميته من الجانبين الإسلامي والمسيحي، وهيأت الأقدار للقيام بهذه المهمة قائدين روحيين جليلين يحظيان بالاحترام والتقدير، ولهما المواقف المشرفة في تكريس الأخوة الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها في هذه المرحلة التي تمر بها البشرية، والتي تتسم بالاضطراب بسبب تنامي تيارات التطرف والتعصب والتمييز العنصري التي تؤججها أطراف من الجانبين بعيدة كل البعد عن روح وجوهر الرسالات السماوية التي هي الأمن والسلام والتسامح والتعايش بين كل بني الإنسان.
وقد جاءت وثيقة الأخوة الإنسانية ثمرة لجهود كبيرة بذلها المخلصون في الحقب الماضية، وخاتمة هذه الجهود التتويج وإصدار وثيقة تاريخية هي الأولى من نوعها، متضمنة ثوابت الأخوة الإنسانية وما تقتضيها من تعاون وتكامل وتمسك بها من طرف المؤمنين، ولا يخفى ما في ذلك من عوامل الإلزام والالتزام المعنوي والروحي عند ما يتولى الإمضاء عليها من طرف القيادتين الدينيتين (شيخ الأزهر وبابا الكنيسة الكاثوليكية)، ويكون شرف الاحتضان والرعاية لهذه الوثيقة دولة الإمارات والتي شهدت إمضاء هذه الوثيقة في الرابع من شهر فبراير 2019 والتي كانت وراء هذه المبادرة الرائدة التي لقيت الترحيب من طرف الجميع، وتبنتها المنظمات الدولية، وعلى رأسها منظمة الأمم المتحدة، وبقية المنظمات المختصة». وأضاف «لم يقتصر الأمر عند حد إصدار هذه الوثيقة التاريخية، بل تواصل من خلال هيئات تأسست متكونة من شخصيات من الطرفين الإسلامي والمسيحي لإدخال مضامين هذه الوثيقة حيز التنفيذ وذلك بتعميق الوعي بها على مختلف الصُعد الدينية والتربوية والثقافية والإعلامية وكل الجهات الفاعلة، وتفعيل مضامين وثيقة الأخوة الإنسانية لتصبح ممارسة وتصرفاً يلتزم به الجميع (كل الفئات من دون استثناء)».
نور الدين الطويل: مجهودات جليلة للإمارات في ترسيخ الأخوة الإنسانية
أكد فضيلة الشيخ نور الدين الطويل، إمام المسلمين في بلجيكا، أن رحلة الأخوة الإنسانية في الإمارات، بدأت مبكراً، ومعروف سلفاً جهودها وسمعتها، ويأتي الاحتفال بتلك المناسبة بعد قرار أممي يعلن يوم 4 فبراير، يوماً دولياً للأخوة الإنسانية، تقديراً وتخليداً لوثيقة الأخوة الإنسانية التي وقعها فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، وقداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، على أرض دولة الإمارات العربية المتحدة عام 2019م برعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله.
وفي إطار احتفالات دولة الإمارات بتلك المناسبة، نهنئ دولة الإمارات العربية المتحدة على ما تقدمه من مجهودات جليلة في ترسيخ قيم الأخوة الإنسانية في العالم، ومنذ توقيع الوثيقة وإقرارها أممياً والاحتفال بها عالمياً، مرّت الأخوة الإنسانية برحلة حافلة بدروس إماراتية ملهمة للعالم، تبرز قيم التسامح، ونشر السلام، وتعزيز ثقافة الحوار، واحترام الأديان، وتترجم الإمارات قيمة الأخوة الإنسانية، وأهمية التعامل الدولي قولاً وفعلاً في مبادرات إنسانية رائدة.
وأكد أن قيم الأخوة الإنسانية التي تضمنتها الوثيقة، هي نهج وسياسة إماراتية، فمنذ تأسيسها قدمت الإمارات مساعدات خارجية غير مشروطة على الصعيد العالمي لدعم النمو الاقتصادي في الدول النامية، وتوفير الخدمات الاجتماعية الأساسية للمجتمعات المحلية التي تحتاج ظروفها المعيشية إلى الحد من الفقر، وتعزيز السلام والازدهار، مع اهتمام خاص بالنساء والأطفال أثناء الكوارث الطبيعية وفي مناطق الصراع.
وقال «تمكنت الإمارات من بلورة تلك الجهود عبر مبادرات ملهمة في السنوات الأخيرة، حققت فيها سوابق عالمية عديدة، وكانت سبّاقة عالمياً في الإعلان عن مبادرات عديدة، ووضعت الأطر القانونية والسياسات والإجراءات التي تضمن لرعايا مئتي دولة يعيشون على أراضيها من جميع الديانات ممارسة شعائرهم الدينية بكل يسر وسلاسة، وبناء وتشغيل دور العبادة الخاصة بهم، مثل المعابد والكنائس، وغيرها، وكنّا نتعرض لانتقادات من السياسيين الأوروبيين والصحافيين، حيث كانوا يقولون: أنتم تطالبون ببناء المساجد عندنا في أوروبا، وفي بعض الدول الإسلامية تمنع بناء المعابد والكنائس، فكنّا دائماً نأخذ دولة الإمارات العربية المتحدة مثالاً للتسامح، والتعايش والتآخي بين البشر».
قال الدكتور محمد البشاري، الأمين العام للمجلس العالمي للمجتمعات المسلمة: «إن دولة الإمارات العربية المتحدة، أنموذج التسامح، وأنموذج العيش المشترك، حيث يعيش بين أكنافها أكثر من 200 جنسية متعددة الأعراق، متعددة الديانات، متعددة الثقافات، نحن بحاجة اليوم أن نقدم للعالم حلولاً وأملاً للأبناء والشباب التائه، إما بين فكر متطرف ديني أو فكر انحلالي، نحن بحاجة اليوم أن نعطي بصيص أمل لكل هذه الشعوب التي تريد أن تعيش في سلم وأمن وسلام».
وقال إن الأمم المتحدة تحتفل يوم 4 فبراير باليوم الدولي للأخوة الإنسانية، هذا اليوم الذي شهد في العام 2019 توقيع وثيقة تاريخية تسمى بـ «وثيقة الأخوة الإنسانية» من أجل السلام العالمي والعيش المشترك، والتي وقّع عليها قداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، وفضيلة الشيخ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر.