الجمعة 22 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

منظومة إماراتية رائدة في تشخيص وعلاج السرطان

منظومة إماراتية رائدة في تشخيص وعلاج السرطان
4 فبراير 2023 01:38

منى الحمودي (أبوظبي) 

يتحد العالم في الرابع من نوفمبر في كل عام لمكافحة مرض السرطان، والسعي لتوعية الأفراد والحكومات بأهمية إنقاذ الملايين من الوفيات بالوقاية المبكرة والتوعية المستمرة.
ويهدف «اليوم العالمي للسرطان» إلى تعزيز الوعي بالسرطان كقضية من قضايا الصحة العامة وتقوية الإجراءات نحو تحسين الوصول إلى الرعاية الأمثل والفحص والكشف المبكر والعلاج والرعاية التلطيفية.
ويأتي شعار حملة عام 2023 «سد فجوة الرعاية الصحية.. للتركيز على توحيد الأصوات واتخاذ الإجراءات»، حيث تدور الحملة حول فهم أوجه عدم المساواة في رعاية مرضى السرطان واتخاذ الإجراءات اللازمة لإحراز التقدم اللازم لمعالجتها، والتركيز على دراسة العوامل الاجتماعية والاقتصادية التي تؤدي إلى تفاوتات الوقاية من السرطان والإصابة به والبقاء على قيد الحياة، بالإضافة إلى الدعوة لزيادة العمل لتحسين الوعي بالسرطان، والوقاية من السرطان، ودعم التقدم في التشخيص والعلاج، ومعالجة أوجه القصور في النظم الصحية.
وتعد قضية وجود فجوة في الرعاية الصحية لعلاج السرطان حول العالم، واحدة من القضايا الرئيسية، مع الاعتقاد الجوهري بأن الجميع يستحق رعاية مثلى لمرض السرطان، وذلك عبر فترة مدتها ثلاث سنوات لجذب الانتباه، حيث تم اختيار شعار اليوم العالمي للسرطان 2022-2024 هو «سد فجوة الرعاية». وكان التركيز في عام 2022 على «إدراك المشكلة». وفي هذا العام 2023، يكون الشعار «توحيد أصواتنا واتخاذ الإجراءات»، وسيتبعه 2024: «معاً، نتحدى من هم في السلطة»، وبذلك تختتم الحملة التي استمرت ثلاث سنوات.

السبب الرئيس الثاني للوفاة
بحسب منظمة الصحة العالمية، يعتبر السرطان السبب الرئيس الثاني للوفاة في جميع أنحاء العالم، ويمثل ما يقرب من 1 من كل 6 وفيات على مستوى العالم. وفي إقليم شرق المتوسط، يتسبب السرطان في نحو أكثر من 450 ألف حالة وفاة كل عام، وعلى مدى السنوات الخمس الماضية، كان هناك نحو 1.6 مليون حالة سرطان، مما يجعله عبئاً مستمراً يفرض ضغوطاً جسدية وعاطفية ومالية هائلة على الأفراد والأسر والمجتمعات.
ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، فإن مرض السرطان هو أحد الأسباب الرئيسة للوفاة في العالم، وتشير الإحصاءات إلى أنه أزهق أرواح 10 ملايين شخص تقريباً في عام 2020، أو ما يعادل وفاة واحدة تقريباً من كل 6 وفيات. وتشمل أكثر حالات السرطان شيوعاً سرطان الثدي والرئة والقولون والمستقيم وسرطان البروستاتا. ويتم تشخيص ما يقرب من 734 شخصاً بالسرطان كل عام، وفي عام 2040 من المتوقع أن يكون عدد الأشخاص الذين يتم تشخيصهم أعلى بحوالي 50%. كما يتم تشخيص معظم حالات السرطان في مرحلة متأخرة عندما تكون العلاجات أقل فعالية، ما يؤدي إلى نتائج سيئة للمرضى. 
وتشير التقديرات إلى أنه بحلول عام 2030 سيكون للإقليم أعلى زيادة في عبء السرطان بين جميع أقاليم منظمة الصحة العالمية الستة. وعلى الرغم من التطورات الإيجابية التي حدثت في بعض بلدان الإقليم، ظلت الوقاية من السرطان ومكافحته في بلدان الإقليم في مرحلة مبكرة من التطور، مع توجه استراتيجي محدود.

ما هو السرطان؟
أوضح الدكتور حسان جعفر، استشاري طب الأورام في مدينة برجيل الطبية، أن السرطان عبارة عن ورم يصيب أعضاء الجسم ويُغير في تكوين الخلايا ويجعلها تنقسم بشكل غير طبيعي وعشوائي وسريع فتنتج خلايا مشوهة، والأورام هي نوعين، حميدة وغير حميدة «سرطانية»، ويتم التمييز بينها عادةً بأخذ عينة وفحص الأنسجة. وأن معظم الأورام الحميدة لا تتحول إلى أورام خبيثة، ومعظم الأورام مثل الأكياس الدهنية وتكيسات الثدي تبقى على حالها، ولا تحتاج إلى أكثر من متابعة دورية، وبعض الأحيان لا تحتاج إلى متابعة بصورة مفصلة.
وأشار إلى أن سرطان الرئة والبروستاتا وسرطان القولون والمستقيم والمعدة وسرطان الكبد هي أكثر أنواع السرطانات شيوعاً لدى الرجال، في حين أن سرطان الثدي وسرطان القولون والمستقيم والرئة وعنق الرحم والغدة الدرقية هي الأكثر شيوعاً بين النساء. منوهاً بأن العديد من أنواع السرطان تُظهِر علامات وأعراضاً مبكرة، مثل، سرطانات الثدي وعنق الرحم والقولون والمستقيم والجلد والفم وبعض سرطانات الأطفال، والتشخيص المبكر يعمل على تسهل العلاج وتحسين النتائج، كما أن فحص الأشخاص يمكن أن يكشف عن علامات الإصابة بالسرطان حتى إن لم تظهر أي علامات أو أعراض للسرطان، مثل سرطان الأمعاء والثدي وعنق الرحم والقولون والمستقيم (القولون) والرئة.
وأوضح، أن علاج مرض السرطان يعتمد على عوامل عدة، منها نوع السرطان، ومرحلته، والحالة الصحية للمريض، ويتم وضع خطة مفصلة للمريض على حسب حالته الصحية، إما عن طريق الجراحة، أو العلاج الكيماوي الإشعاعي، أو علاج هرموني، أو تلطيفي. مشدداً على أهمية الفحص المبكر الذي قد يُغني المريض عن العلاج الكيماوي والإشعاعي أحياناً، وزيادة نسبة الشفاء. مثلاً سرطان الثدي تزيد نسبة شفائه على 90% مع الاكتشاف المبكر.

ريادة الإمارات 
من جانبه، أكد البروفيسور حميد الشامسي، رئيس جمعية الإمارات للأورام، أن الجهات الصحية في دولة الإمارات تدرك أهمية علاج مرض السرطان في مراحله الأولى ونشر التوعية حول المرض لتقليل أعداد الوفيات. ويأتي السرطان في مقدمة اهتمامات القطاع الصحي، والذي ركز على استخدام أحدث التقنيات القائمة على الذكاء الاصطناعي، للتعامل مع أمراض الأورام السرطانية، استناداً إلى أحدث نماذج برامج الرعاية الصحية والبحوث العلمية لاكتشاف الإصابات وتشخيصها وتقديم العلاج اللازم لها، أو تقليل مخاطر المرض.
وقال: «يجتمع العالم في 4 فبراير لمكافحة السرطان والتوعية بأهمية الوقاية منه، والكشف عنه وعلاجه، باعتباره أحد الأسباب الرئيسية للوفاة في القرن الحادي والعشرين، وتعد دولة الإمارات من الدول الرائدة والمتقدمة في علاج السرطان من خلال المنظومة الصحية المتطورة التي تمتلكها». 
وأضاف «ترسخ دولة الإمارات مكانتها وجهةً عالميةً للرعاية الصحية المتقدمة من خلال تصميم منظومة متكاملة للتشخيص والعلاج الدوائي والوقاية وفقاً للحالة الصحية لكل مريض، والذي يتحقق بوجود بنية تحتية في البحوث والتقنيات المتميزة لإدارة المنظومة الصحية».
وأشار إلى أن العمل على التطوير والتقييم وضمان توفر أحدث العلاجات للتصدي للأورام السرطانية، يعتبر الأمر الذي تتميز به دولة الإمارات، حيث إنها تسخر الخدمات والدراسات كافة للرعاية الصحية القائمة على البيانات، وتطوير الجهود البحثية حول الأورام، وتعزيز السبل العلاجية لتقليل المخاطر المرتبطة بهذا المرض.
ولفت إلى أن تشخيص الفرد بمرض السرطان يمثل نقطة تحول كبيرة في حياته ولمن حوله، لذلك تسعى المنشآت الصحية لتوفير العلاج المتخصص على أيدي أمهر الأطباء من أصحاب الخبرات في كل مرحلة من مراحل المرض، لضمان حصول المريض على الرعاية المناسبة وفق أعلى المعايير والمستويات.
وقال «في دراسة حول وضع السرطان في دولة الإمارات لتحديد التحديات والحلول، وبعد تقييم كامل، وُجد تطور ملحوظ في قطاعات عدة مهمة في مجال السرطان، منها زيادة الأبحاث الطبية المنشورة من الدولة، وتأسيس برامج عدة لزراعة النخاع في الدولة، وتسريع تسجيل الأدوية الحديثة في دولة الإمارات وفي أحيان كثيرة من أولى الدول في العالم، وزيادة ثقة المجتمع في العلاج في داخل الدولة، وزيادة الإقبال على الفحص المبكر للسرطان».

وأضاف «هناك عوامل كثيرة ساهمت في جعل قطاع علاج السرطان في الإمارات من أقوى القطاعات، وهي توافر مستشفيات عالمية بخبرات على مستوى عالمي، ومنها خبرات إماراتية حاصلة على شهادات عليا من جامعات مرموقة في مجال السرطان والأورام، وسهولة الوصول للمتخصصين بمواعيد متقاربة، وتوافر أدوية حديثة غير متوافرة في بلدان عديدة، ووجود أجهزة متطورة كالروبوتات وأجهزة الإشعاع المتطورة».
وتابع «تستقبل الدولة العديد من مرضى السرطان للعلاج في مختلف المنشآت الصحية التابعة لها، وهم مرضى من دول الخليج والمغرب العربي ودول أفريقية كثيرة يقومون بتلقي العلاج في الدولة لثقتهم في القطاع الصحي، والذي نفخر بتطوره بدعم من دولتنا والجهات الصحية المختصة في الدولة، ويتلقى المرضى أنواعاً عدة من العلاجات، أبرزها الجراحات المعقدة للأمراض السرطانية، وزراعة النخاع لمرضى السرطان، والعلاجات المناعية والموجهة والتي لا تتوافر في الكثير من الدول».

إحصائيات 
لفت البروفيسور حميد الشامسي، إلى أن السرطان مازال ثالث مسبب للوفيات في الدولة، وفي سنة 2019 تم تسجيل 4633 حالة سرطان بمعدل 12 إصابة يومياً، وكان الثدي والغدة الدرقية والقولون والمستقيم والجلد وسرطان الدم في الصدارة، وصُنفت السرطانات بين جميع حالات السرطان الجديدة في كلا الجنسين. بينما القولون والمستقيم والجلد والبروستاتا وسرطان الدم وسرطان الغدد الليمفاوية اللاهودجكينية من أكثر السرطانات مرتبةً بين الذكور. أما سرطان الثدي، والغدة الدرقية، والقولون والمستقيم، الرحم والمبيض، أعلى السرطانات مرتبة بين النساء. وكانت الإصابة بسرطان الدم، والدماغ والجهاز العصبي المركزي، والأنسجة الضامة والرخوة، وسرطان الغدد الليمفاوية غير الهودجكينية، والعظام والمفاصل، هي الأكثر الشائعة عند الأطفال من ذكور وإناث. وبلغ عدد الوفيات الناجمة عن السرطان 1181 (629 في الذكور، 552 في الإناث) وتمثل %13.11 من إجمالي حالات الوفاة.

آخر التطورات
لفت البروفيسور حميد الشامسي إلى أن استخدام الذكاء الاصطناعي في تشخيص مرض السرطان في الدولة، مثل أمراض سرطان الثدي وسرطان الرئة وسرطانات القولون هي أحدث التطورات وأهمها، بالإضافة لفحوص الكشف عن السرطان عن طريق الدم والتي تتوافر في الدولة، وتكاد تكون هي الطريقة الأمثل للكشف عن السرطان في المستقبل القريب وتغني عن الأشعة والمناظير، ما يؤدي لزيادة الإقبال عن الفحص المبكر للسرطان، وزيادة الكشف عن السرطانات في مراحل مبكرة.

الفحص المبكر
حول أهم التحديات التي تواجه قطاع السرطان في الدولة، أكد  البروفيسور حميد الشامسي، الحاجة الماسة لزيادة الوعي بالفحص المبكر للسرطان، حيث ما زال الكثير يخشون ويرفضون هذه الفحوص على الرغم من أهميتها، حيث إن الفحص المبكر يعزز من فرص التشخيص للمرض في مراحل مبكرة، ويزيد من فرص الشفاء التام إلى نسب تصل لـ %95 من الحالات. 

زراعة النخاع 
مئات المرضى كانوا يسافرون لتلقي زراعة النخاع خارج الدولة لعدم توافرها في السابق، ولكن خلال السنتين الماضيتين شهدنا تطوراً كبيراً في هذا المجال عن طريق تأسيس برامج لزراعة النخاع في أبوظبي ودبي، وقامت هذه البرامج بزراعة النخاع لعشرات المرضى في داخل الدولة وبنسب نجاح عالية ومتوافقة مع النسب العالمية، وبذلك وفرت هذه البرامج ملايين الدراهم على قطاع الصحة في الدولة، وتقليل الحاجة لسفر المرضى لخارج الدولة لتلقي الزراعة. وأيضا استقبلنا العديد من المرضى من دول أخرى والذين أيضاً استفادوا من هذه البرامج لزراعة النخاع.

توصيات الدراسة
أشار البروفيسور حميد الشامسي، إلى أن من أهم التوصيات التي خرجت بها الدراسة هي أهمية تأسيس جهة لمتابعة جودة علاج مرضى السرطان في الدولة، حيث إن هناك أكثر من 30 مستشفى ومركزاً لعلاج السرطان، وهناك تباين كبير بين الخبرات بين هذه المراكز، وهناك حاجة ملحة لتكوين جهة تقوم بتقييم جودة العلاج لتحقيق أفضل نتائج لعلاج مرضى السرطان في الدولة، والتوصية بزيادة دعم الأبحاث الطبية والتي تبحث في أسباب زيادة نسب السرطان عالمياً، خصوصاً بين الشباب في الدولة حتى نستطيع التحكم في هذه الأسباب وتقليل نسب الإصابة في هذه الفئة العمرية المهمة من المجتمع.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©