سعيد أحمد (أم القيوين)
اكتشاف دير مسيحي تاريخي في جزيرة السينية بأم القيوين، يبين عراقة وحضارة قبائل المنطقة، وتعايشهم مع بعض في فترة تاريخية ما بين القرنين السادس والثامن الميلاديين، حيث أسهم اكتشافه في فهم تاريخ المنطقة قديماً، ويعتبر تاريخاً غنياً بأمثلة من التسامح الديني وقبول التنوع البشري والثقافي، ويعد الدير دليلاً آخر على وجود الطوائف المسيحية التي عاشت جنباً إلى جنب مع المجتمع الإسلامي بساحل الإمارات قديماً.
وتضم جزيرة السينية عدداً من أهم المواقع الأثرية والسياحية في الإمارة، والتي تعد بمثابة سجل حي لمختلف المجتمعات الدينية والمجتمعات المتعددة الثقافات التي استقرت في الجزيرة على مدى القرون الماضية، حيث لعبت الجزيرة دوراً مركزياً في تاريخ إمارة أم القيوين ودولة الإمارات ككل منذ ما يقارب 2000 عام.
وكان دعم صاحب السمو الشيخ سعود بن راشد المعلا عضو المجلس الأعلى حاكم أم القيوين، توجيهاته الحثيثة، أسهمت في تعزيز الموروث الثقافي بالإمارة من خلال دراسة وحفظ تاريخ وآثار الإمارة، حيث إن معرفة الأمم لماضيها يمكنها من فهم حاضرها وصياغة مستقبلها ومستقبل أجيالها المقبلة.
واستمرت عمليات البحث والتنقيب الأثري بجزيرة السينية لمدة موسمين متتالين من قبل الفريق المحلي بدائرة السياحة والآثار، بمشاركة عدد من المؤسسات كجامعة الإمارات ومعهد دراسة العالم القديم بجامعة نيويورك، والبعثة الإيطالية، وبدعم من وزارة الثقافة والشباب والمركز الدولي لدراسة صون وترميم الممتلكات الثقافية «ايكروم».
ويتكون الدير المسيحي التاريخي بجزيرة السينية من مجموعة من المباني المجتمعية وكنيسة، وقاعة طعام وصهاريج محاطة بغرف معزولة للرهبان، وتم بناء الدير من صخور الشاطئ المحلية، وغطت الجدران والأرضيات بالجص الجيري، ويشير الفخار والزجاج المستخرج من الموقع إلى أن سكان الدير، كانت لهم روابط تجارية دولية امتدت من العراق إلى الهند.
ويشير التأريخ بالكربون المشع لعينات الفحم ودراسة الفخار المستخرج من الموقع إلى ازدهار الدير خلال الفترة من أواخر القرن السادس إلى منتصف القرن الثامن الميلادي، مما جعل المجتمع الرهباني المسيحي في جزيرة السنية شاهداً على ظهور الإسلام في القرن السابع الميلادي.
يعد دير السينية ثاني دير تم العثور عليه في دولة الإمارات من بعد اكتشاف الموقع الأثري لكنيسة ودير صير بني ياس في أبوظبي في أوائل التسعينيات، وقد تم العثور حتى الآن على ستة أديرة قديمة على طول شواطئ الخليج العربي، حيث يوجد خمسة منها في دول مجلس التعاون الخليجي.
وتؤكد المصادر التاريخية أن العديد من قبائل شرق الجزيرة العربية، كانت تتبع الديانة المسيحية في يوم من الأيام قبل ظهور الإسلام، ويبدو الآن واضحاً بشكل متزايد أن مجتمعاً عربياً مزدهراً متعدد الأديان ظهر خلال العصر الذهبي الإسلامي الأول.
وتواصل دائرة السياحة والآثار بأم القيوين، أعمال التنقيب الاثري في موقع الدير بجزيرة السينية، لإبراز ملامح المجتمع المسيحي، الذي عاش آنذاك بالمنطقة.