دينا جوني (دبي)
أكد المشاركون في الجلسة النقاشية «الاستدامة في إدارة المشاريع»، والتي عقدت في اليوم الختامي لمنتدى دبي العالمي لإدارة المشاريع، في دورته الثامنة، برعاية سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، رئيس المجلس التنفيذي لإمارة دبي، أن دولة الإمارات العربية المتحدة، تولي اهتماماً كبيراً بموضوع الاستدامة والمحافظة على البيئة، عملياً وتشريعياً، وكذلك وفق مبادرات قيادية تُرجمت واقعياً بإعلان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، عام 2023 عاماً للاستدامة.
جاء ذلك خلال الجلسة النقاشية التي حضرها معالي سعيد محمد الطاير، العضو المنتدب، الرئيس التنفيذي لهيئة كهرباء ومياه دبي، والمهندس شريف العلماء، وكيل وزارة الطاقة والبنية التحتية، ومارغا هوك، مؤلفة كتاب «تحول بقيمة تريليون دولار»، وقدمتها الإعلامية شيرين متولي. وأكد معالي سعيد محمد الطاير أن دبي لديها استراتيجية وخارطة طريق واضحة للوصول إلى 100% من القدرة الإنتاجية للطاقة من مصادر الطاقة النظيفة بحلول عام 2050.
وأوضح الطاير أن جميع المشاريع التي تنفذها الهيئة تسهم في دعم الاستدامة بشكل كبير، مشيراً إلى أن القدرة الإنتاجية لمجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية، أكبر مجمع للطاقة الشمسية في موقع واحد على مستوى العالم، ستصل إلى 5000 ميجاوات بتقنية الألواح الشمسية الكهروضوئية وتقنيات الطاقة الشمسية المركزة على مراحل حتى عام 2030، باستثمارات تصل إلى 50 مليار درهم. وسيسهم المجمع عند اكتماله في خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمقدار 6.5 مليون طن سنوياً.
وأوضح معاليه، أن هيئة كهرباء ومياه دبي تنفذ مشروع المحطة الكهرومائية في حتا بتقنية الطاقة المائية المخزنة بقدرة إنتاجية ستصل إلى 250 ميجاوات وسعة تخزينية 1.500 ميجاوات ساعة وعمر افتراضي يصل إلى 80 عاماً، وتعد الأولى من نوعها في منطقة الخليج العربي. وتبلغ قيمة الاستثمارات الرأسمالية للمحطة نحو مليار و420 مليون درهم وسيتم تشغيلها في عام 2024.
وأشار معالي الطاير إلى أن هيئة كهرباء ومياه دبي أسست شركة «الاتحاد لخدمات الطاقة» (اتحاد إسكو) بهدف تعزيز كفاءة الطاقة في دبي (اتحاد إسكو)، وقد نجحت الشركة حتى الآن في إعادة تأهيل 7792 مبنى قائماً في دبي.
أولوية استراتيجية
أفاد المهندس شريف العلماء، وكيل وزارة الطاقة والبنية التحتية، بأن القيادة الرشيدة لدولة الإمارات وضعت الاستدامة ضمن الأولويات الخمس لحكومة الإمارات في عام 2023، وأن الدولة تقوم بتخطيط المشاريع وتصميمها وتنفيذها وتشغيلها بهدف تقليل الأثر البيئي الضار إلى أقصى حد، مشيراً إلى أنه من أهم المشاريع المستدامة في دولة الإمارات العربية المتحدة، أكبر محطة للطاقة الشمسية في العالم سيتم تشغيلها قريباً في أبوظبي، ويزيد من قدرة الطاقة الشمسية إلى ما يقارب 3.2 جيجاوات، ويقلل من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بأكثر من 2.4 طن متري سنوياً، ويُخطط مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية، وهو أكبر مجمع للطاقة الشمسية في موقع واحد في العالم، لتوليد 5000 ميجاوات بحلول عام 2030. وقال: «من بين المشاريع الكبيرة التي تحقق الاستدامة، استراتيجية الإمارات للهيدروجين، حيث من المتوقع أن ننتج 14 إلى 22 طناً مترياً سنوياً بحلول عام 2050، وأن الخطة تستهدف 25% من أسواق الهيدروجين الرئيسية، بالإضافة محطة (براكة) للطاقة النووية في إمارة أبوظبي، وهي تقود عملية إزالة الكربون بشكل سريع لقطاع الطاقة في دولة الإمارات العربية المتحدة، وتأمين إمدادات الطاقة في الدولة على خلفية ارتفاع أسعار الطاقة، وتعزيز أهداف الاستدامة لدولة الإمارات العربية المتحدة، فيما ستساعد الدولة على تحقيق أهداف الحياد المناخي بحلول 2050». وأضاف العلماء: «في ظل الانعقاد المقرر للدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف في دولة الإمارات العربية المتحدة في عام 2023، ستتجه الأنظار إلى محطة براكة لتوضيح كيف تكمل الطاقة النووية مصادر الطاقة المتجددة كجزء من التحول إلى الطاقة النظيفة، وتتطلع مؤسسة الإمارات للطاقة النووية الآن إلى ما هو أبعد من محطة براكة إلى مجالات البحث والتطوير، والهيدروجين النظيف والمفاعلات النووية المتقدمة لدفع عملية إزالة الكربون ومعالجة تغير المناخ».
3 مشاريع قيد الدراسة لإنتاج الهيدروجين
أعلن شريف العلماء وكيل وزارة الطاقة والبنية التحتية لشؤون الطاقة لـ«الاتحاد» عن إطلاق السوق المحلية لتجارة الكهرباء في الإمارات خلال العام الجاري، وتحديث استراتيجية الطاقة 2050 وإعادة إطلاقها قبيل استضافة مؤتمر الدول الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ «كوب 28»، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن هنالك ثلاثة مشاريع لإنتاج الهيدروجين قيد الدراسة، بالإضافة إلى المشاريع الاستراتيجية السبعة الموجودة حالياً.
وشرح العلماء على هامش منتدى دبي العالمي لإدارة المشاريع الذي تنظمه هيئة الطرق المواصلات واختتمت فعالياته أمس، أن المرحلة الأولى من السوق المحلية للكهرباء، ستقتصر على تبادل الفائض منها بين الهيئات الحكومية الأربعة في الدولة المعنية بالكهرباء والماء، على أن يتم في المرحلة الثانية من المشروع الربط مع المصانع، لكي يتم تشغيلها من مصادر مختلفة للطاقة في الدولة. وقال إن الهدف هو تعزيز التنافسية وتخفيض أسعار الكهرباء وكفاءة إنتاج الطاقة من الجهات المختلفة، وبالتالي سيتمكن القطاع الخاص من اختيار مصدر الطاقة الذي يناسبه. وشرح أن سوق الكهرباء ليس بالأمر الجديد، وهو مطبّق في دول أوروبية، ويعطي أصحاب المنازل إمكانية شراء الكهرباء من مصادر متعددة.
وبالنسبة للربط مع دول الخليج، قال إن الإمارات تقوم بتبادل وتجارة الطاقة مع دول مجاورة من خلال هيئة الربط الخليجي، لافتاً إلى أن الهدف هو التوسّع في شبكة الربط، الذي يتم حالياً مع جمهورية العراق، على أن يكون يمتد التعاون إلى دول أخرى في المستقبل.
وعن الاستعدادات أو المبادرات قبل استضافة «كوب 28»، قال العلماء إن الوزارة تعمل على تحديث استراتيجية الطاقة لدولة الإمارات 2050، وسيتم إطلاقها مرة أخرى قبل «كوب 28». وقال إن الاستراتيجية أطلقت عام 2017 وهي مبنية على توليد 50% من الطاقة من مصادر متعددة من الطاقة النظيفة. وقال إن الوزارة تقوم حالياً بدراسة تقليل نسبة مساهمة طاقة الوقود الأحفوري، مع توجّه كبير لزيادة مصادر الطاقة المتجددة واستخدام تكنولوجيا تخزين الطاقة في البطاريات.
وقال في تصريحاته إن وزارة الطاقة والبنية التحتية مسؤولة عن أكثر من 2500 مبنى حكومي منها المستشفيات والمدارس والمباني الحكومية والمساجد. وقد تبيّن بعد إجراء دراسة عن كفاءة استهلاك الكهرباء والماء، أن هناك 442 من المباني هي الأكثر استهلاكاً. وستطلق الوزارة قريباً مشروع إعادة تأهيل هذه المباني لتقليل الاستهلاك بنسبة تتراوح بين 20 و50 في المئة.
6 آلاف منزل على الطاقة الشمسية في دبي
أعلن سعيد الطاير العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لهيئة كهرباء ومياه دبي لـ«الاتحاد» أن هناك 6000 منزل يعتمد على الطاقة الشمسية في الامارة، منها حوالي 3000 منزل في مشاريع إسكان المواطنين. كما صرّح في لقاء على هامش منتدى دبي العالمي لإدارة المشاريع، أن عدد السيارات الكهربائية في الإمارة بلغ نحو 12000 سيارة، يمكن شحنها عبر 630 نقطة موزعة على 350 محطة شحن في العديد من المواقع في الإمارة. وأكد أن الهيئة تستهدف زيادة عدد محطات الشحن إلى 1000 محطة بحلول عام 2030، بما يدعم توجهات التنمية المستدامة والتنقل الأخضر.
وقال إن تلك المبادرات تسهم في دفع مزيد من الأفراد إلى التوجّه نحو استبدال السيارات العالمة على الوقود بالسيارات التي تعمل على الطاقة الكهربائية، بما يساعد على تخفيض انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون. وأشار الطاير إلى أن الهيئة تتجه لإعادة تأهيل 30 ألف مبنى من أصل 100 ألف، لافتاً إلى أن إمكانية تحقيق هذا المشروع ونجاحه مرتفعة لأسباب عدة أهمها الخبرات المتوفرة اليوم والشركات المتخصصة في هذا المجال التي تعطي المستثمر دراسة جدوى تتعلق بنتائج الاتثمار في رفع كفاءة استهلاك الكهرباء والماء في المبنى، والتي تمكّنه من تعويض استثماره خلال ثلاث سنوات. وأشار أن هناك 30 شركة متخصصة في هذا المجال موجودة اليوم في دبي. ولفت إلى أن هيئة مياه وكهرباء دبي تعمل على إشراك سكان الإمارة في عملية إنتاج الطاقة النظيفة عبر إتاحة تركيب ألواح كهروضوئية لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية لأصحاب المنازل والمباني، وربطها مع شبكة الكهرباء، مشيراً إلى أن الهيئة أعلنت سابقاً أن الهدف هو تثبيت ألواح الطاقة الشمسية على جميع مباني الإمارة بحلول عام 2030.