شروق عوض (دبي)
أكد مختصون في مجالات البيئة والاستدامة والاقتصاد، أن إعلان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، بشأن تخصيص 2023 ليكون عاماً للاستدامة في الإمارات، يأتي سعياً لتعزيز وتسريع وتيرة التنمية المستدامة محلياً، مستنداً إلى نجاحات محلية حققتها الدولة بشأن في الحفاظ على البيئة واستدامة مواردها خلال السنوات الماضية، وحلول ابتكارية ساهمت في نشرها في العديد من المجالات والقطاعات المرتبطة بالبيئة؛ أهمها جهود تحول الطاقة ومواجهة التغير المناخي، مشيرين إلى أن مسيرة الإمارات وضعت الاستدامة وصداقة البيئة وحمايتها، والعمل على مواجهة التحديات العالمية، وبالأخص تغير المناخ، في قلب اهتمامها، وحراكها للنمو الاقتصادي.
وقالت فاطمة الحنطوبي، خبير بيئة واستدامة، إن 2023 سيكون عاماً للاستدامة، يأتي عقب سنوات ماضية من إعلان دولة الإمارات عن خريطة وتوجه جديد يؤسس لمسار بيئي متكامل يستهدف تحقيق نظام اقتصادي مستدام يشمل القطاعات كافة، ويعزز من تنوع الاقتصاد الوطني، حيث أعلنت في العام 2021 عن المبادرة الاستراتيجية للسعي نحو تحقيق الحياد المناخي بحلول 2050.
وأشارت الحنطوبي إلى أن المبادرة التي من دورها إيجاد حالة من التكامل بين آليات العمل في كل القطاعات لضمان تعزيز وتسريع النمو الاقتصادي وفق معايير تستهدف في المقام الأول حماية البيئة والعمل من أجل المناخ وضمان مستقبل أفضل للأجيال الحالية والمقبلة، لذا تتجه الأنظار نحو استضافة الدولة الدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP28) خلال العام الجاري 2023، متوقعة أن تشهد باقة واسعة من المبادرات الجديدة المستندة إلى الحلول الابتكارية والقرارات الداعمة لتحقيق الاستدامة بوتيرة أسرع وأكثر فعالية.
وأضافت: «ما يزيد من أهمية إعلان دولة الإمارات 2023 سيكون عاماً للاستدامة، أنها مبادرة محلية متخصصة في الاستدامة، وستفرز العديد من المبادرات النوعية الجديدة التي تجسد الوجه الحضاري لدولة الإمارات»، لافتة إلى أن الإعلان يستند إلى مسيرة دولة الإمارات في مختلف القطاعات البيئية، وتحديداً قطاع العمل من أجل المناخ، وتحول الطاقة محلياً وعالمياً برز خلالها نموذج الإمارات على مدار 3 عقود متواصلة بدأت بتوقيعها على بروتوكول مونتريال الخاص بالمواد المسببة لتآكل طبقة الأوزون في عام 1989.
جهود العمل البيئي
من جانبه، قال إبراهيم علي، رئيس مجلس إدارة جمعية أصدقاء البيئة، إن الإعلان يدعم جهود العمل البيئي أولاً والعمل المناخي ثانياً في الدولة، كما يؤكد بقوة الدور الذي تلعبه الدولة في الاستناد إلى الحلول الابتكارية المستدامة في مجال المحافظة على البيئة المحلية، حيث قدمت دولة الإمارات للعالم نموذجاً رائداً في تبني حلول الطاقة المتجددة والنظيفة والتوسع في استخدامها محلياً والمساهمة في نشرها عالمياً لتصب في نهاية المطاف في المحافظة على البيئة من تداعيات تغير المناخ العالمي، حيث يمثل العام 2006 نقطة فارقة في مسيرة عمل الإمارات من أجل البيئة والمناخ، حيث شهد إطلاق شركة أبوظبي لطاقة المستقبل «مصدر» كنموذج إماراتي عالمي لقطاع الطاقة النظيفة والتنمية المستدامة والتطوير العمراني المستدام.
وأضاف: على مدار الأعوام الماضية حققت الدولة إنجازاتٍ ملموسة في تحول الطاقة الذي يصب بشكل مباشر في تعزيز المحافظة على البيئة عبر منظومة العمل المناخي، حيث تم التوسع في نشر واستخدام حلول الطاقة المتجددة على المستوى المحلي، لترتفع القدرة الإنتاجية من 10 ميجاوات في 2009 إلى 2400 ميجاوات حالياً، وبدخول المشاريعِ الجاري تطويرها حيّزَ التشغيل الفعلي، ستساهم في إضافة 6000 ميجاوات جديدة بحلول 2030، كما تم إطلاق مشروع (براكة) للطاقة النووية والذي دخلت المحطة الأولى حيز التشغيل، ومن المتوقع مع الانتهاء الكامل منه أن يوفر ما يصل إلى 25% من الاحتياجات المحلية من الطاقة الكهربائية، ما ساهم في تعزيز مكانة دولة الإمارات ودورها العالمي في العمل المناخي عبر دعم تحول الطاقة وتعزيز نشر واستخدام حلول الطاقة المتجددة، الإعلان في عام 2009 عن استضافة العاصمة أبوظبي للمقر الدائم للوكالة الدولية للطاقة المتجددة «آيرينا». مؤكداً أن الإعلان سيحقق رؤية دولة الإمارات 2030، والمبادرة الاستراتيجية لتحقيق الحياد المناخي بحلول 2050.
وأشار إبراهيم علي إلى أن الجمعية تدعم توجهات الدولة ورؤيتها ومبادرتها الاستراتيجية بشأن الحياد المناخي عن طريق نشر ثقافة العمل التطوعي والبيئي في المجتمع المدني، وترشيد الطاقة من الكهرباء والمياه وحتى الغذاء من خلال إطلاق العديد من المبادرات البيئية، وغيرها الكثير من الجهود.
الاستدامة سر النجاح
أكد إبراهيم البحر، خبير اقتصادي، أنّ إعلان الدولة يعكس رؤيتها بأن الاستدامة سر النجاح والتقدم والركيزة الأساسية في إيجاد حلول عملية فعّالة للاستدامة البيئة والمحافظة عليها من أزمة تغير المناخ العالمية، من خلال تحفيز كافة المؤسسات والجهات المحلية على إطلاق مبادرات خلاقة خاصة بالمحافظة على البيئة وضمان استدامة مواردها، لتحقيق الفوائد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية الناتجة عن مواجهة التغير المناخي وإيجاد حلول ناجعة لحماية الكوكب والبيئة والبشرية من تداعياته.
وأكد البحر، أنّ الإعلان يعد نموذجاً رائداً على المستويين الإقليمي والعالمي في مواجهة التحدي الأكثر خطورة وتهديداً للبيئة والمتمثل بتغير المناخ، ويعتمد على ضمان تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي وحماية البيئة والحفاظ على مواردها وتنوعها البيولوجي بشكل يساهم في خفض مسببات التغير المناخي ويعزز قدرات التكيف مع تداعياته.
ولفت البحر إلى أن الاستدامة البيئية تشكّل إحدى الأولويات الاستراتيجية لخطط التطوير والتنمية في دولة الإمارات وذلك من خلال ترشيد الموارد وتنفيذ المشاريع والأفكار المبتكرة التي تقدم حلولاً عملية ناجعة للتحديات البيئية التي يتشارك العالم في مواجهتها كتغير المناخ، مؤكداً أن المبادرات الجديدة التي ستطلق خلال العام الجاري 2023 بشأن الاستدامة والمواكبة لاستضافة دولة الإمارات لـ (COP28)، لم تأت من فراغ وإنما جاءت نتيجة حتمية لسبق الإمارات في تنفيذ العديد من المبادرات على أرضها والمتعلقة أيضاً بتحقيق أهداف التنمية المستدامة والمحافظة على البيئة المحلية من آثار أزمة تغير المناخ العالمي، كالاحتباس الحراري، وإيجاد الحلول الناجعة للجم هذه الآثار وتوظيفها على أرض الواقع وتحويلها إلى فرص على مدار العام الجاري، مستفيدة من مكانتها كواحدة من أقل الدول في العالم من حيث تداعيات تغير المناخ.