أبوظبي (الاتحاد)
أطلق سمو الشيخ ذياب بن محمد بن زايد آل نهيان، عضو المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، رئيس مجلس الإمارات للتنمية المتوازنة، مشروع تطوير منطقة «قدفع»، التابعة لإمارة الفجيرة، ليكون أول مشاريع «قرى الإمارات» التي يأتي ضمن استراتيجية مجلس الإمارات للتنمية المتوازنة، وجهوده الهادفة إلى تطوير المناطق البعيدة في الدولة عبر نموذج تنموي مستدام.
وأكد سمو الشيخ ذياب بن محمد بن زايد آل نهيان، أن «توفير سبل الحياة الكريمة للمواطنين في مختلف مناطق الدولة، يعد أولوية لدى قيادة دولة الإمارات لضمان الاستقرار الاجتماعي والارتقاء بمستويات المعيشة وجودة الحياة».
وقال سموه إن «مشروع قرى الإمارات هدفه بناء نموذج جديد في تطوير القرى تنموياً وسياحياً».. معرباً عن شكره لصاحب السمو الشيخ حمد بن محمد الشرقي، عضو المجلس الأعلى حاكم الفجيرة، لدعمه الكبير في بدء العمل في أول قرية.
وأضاف سمو الشيخ ذياب بن محمد بن زايد آل نهيان «فخور بتعاون الجميع لإنجاح مشروع قرى الإمارات.. وهدفنا أن يكون أبناء هذه القرى جزءاً من عملية التطوير».
وأكد سمو الشيخ ذياب بن محمد بن زايد آل نهيان أن المشروع يشكّل خطوة نوعية في سبيل تحقيق الرؤية التي صاغتها القيادة الرشيدة لخلق نموذج تنموي مستدام، يناسب المناطق البعيدة في الدولة، ويستفيد من الطاقات البشرية والإمكانات الطبيعية لكل منطقة.
ويأتي مشروع تطوير منطقة «قدفع» ضمن استراتيجية مجلس الإمارات للتنمية المتوازنة 2022 - 2026 والرامية إلى تحقيق النمو المستدام في المناطق البعيدة في الدولة من خلال منهجية مبتكرة تدعم خلق الاقتصادات المصغرة.
من جانبه، قال معالي الدكتور سلطان الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، نائب رئيس مجلس الإمارات للتنمية المتوازنة «تمثل مشاريع قرى الإمارات نموذجاً تنموياً متميزاً يتماشى مع رؤية القيادة، ويعتمد على الشراكة الفاعلة بين القطاع الحكومي ممثلاً في مجلس الإمارات للتنمية المتوازنة، والقطاع الخاص والقطاع المجتمعي. ويمثل هذا المشروع الرائد نموذجاً للتنمية الاقتصادية والاجتماعية المتوازنة والمستدامة».
وأشار معاليه إلى أن المشروع يستهدف تنمية المقومات السياحية، والتعريف بالإمكانات المميزة التي تحظى بها القرى، وإطلاق مشاريع تنموية للشباب بالتعاون مع مجموعة من الشركاء الاستراتيجيين.
«قدفع».. نموذج للبناء
تهدف خطة تطوير منطقة «قدفع» إلى جذب 100 ألف سائح سنوياً من خلال تنمية المقومات السياحية والتعريف بالإمكانات المميزة التي تحظى بها المنطقة عبر وسائل الإعلام لتعزيز موقعها وجهة سياحية، كما تعمل الخطة على إطلاق 50 مشروعاً تنموياً لشباب المنطقة، فضلاً عن تدريب 200 شاب وشابة في مختلف المجالات والقطاعات، بالتعاون مع مجموعة كبيرة من الشركاء الاستراتيجيين من القطاعين العام والخاص.
آلية عمل ترتكز على 5 مسارات
تعتمد آلية العمل في المشروع على خمسة مسارات، تتضمن تطوير مشاريع تنموية، وتنسيق وتجميل القرية، والتوعية بالبعد التاريخي والأثري للمنطقة، بوصفها جزءاً مهماً من تاريخ الإمارات، كما تشمل المسارات التنموية إطلاق مشاريع لاستيعاب طاقات الشباب، والبدء في حملة إعلامية تسلط الضوء على أهم المرافق والمقومات التي تمتلكها المنطقة، بما يعزز وجودها على خريطة السياحة الداخلية في الدولة.
مشاريع داعمة للشباب
تولي المسارات التنموية لخطة تطوير «قدفع» أهمية كبيرة للشباب عبر تقديم كل سبل الدعم لهم وتمكينهم من إطلاق طاقاتهم ورفع نسبة مشاركتهم في مختلف مسارات التنمية، ويشمل هذا المسار إنشاء المساحات التجارية وسوق محلي للمزارعين، وتطوير طرق مبتكرة لتسويق المنتجات الزراعية لأهالي المنطقة في جميع إمارات الدولة ومدنها. ويهدف المسار إلى توفير الدعم اللازم لتنشيط الأعمال التجارية، وخلق الفرص المناسبة للأهالي في مختلف القطاعات الاقتصادية والسياحية. وعلاوة على ذلك، سيتم خلق فرص استثمارية للقطاع الخاص كونه شريكاً أساسياً في مسيرة تنمية وتطوير المنطقة، لاسيما في القطاع السياحي الذي يحظى بإمكانات واعدة من شأنها أن تجعل من «قدفع» مركزاً من مراكز السياحة الداخلية الرائدة في الدولة. وتعتمد الخطة على تمكين الشباب على الحرفة الزراعية في إطار تحقيق الاستفادة الأمثل من الإمكانات الكبيرة للقطاع الزراعي في منطقة «قدفع»، حيث يسعى المشروع إلى ربطهم بالشركات والجهات المعنية بهدف مساعدتهم على تطوير أعمالهم. ويشمل المسار دعم أصحاب المزارع ودعم القطاع الخاص لإنشاء مصانع للتمور والتين، بما يسهم في خلق وظائف جديدة لأهالي المنطقة، ويعزز التعاون مع شركات التقنية والمتخصصة في الدولة لتدريب شباب المنطقة، وتوفير فرص العمل عن بُعد لهم.
تطوير مشاريع تنموية
يقوم مسار تطوير المشاريع التنموية على إنشاء طرق جديدة للمشاة ومسارات للدراجات الهوائية بين المزارع وربطها مع الواجهة البحرية، إضافة إلى تطوير الشوارع المؤدية إلى الواجهة البحرية، وإنشاء مواقف للسيارات. ويتضمن المسار أيضاً إنشاء مجلس لأهالي المنطقة وإنشاء ساحة مركزية مجتمعية وتجارية، فضلاً عن بناء ممرات للمشاة.
تنسيق القرية
وفي مسار تنسيق القرية، سيتم بناء مدخل سياحي ووضع لوحات إرشادية في المناطق كافة، علاوة على تجديد الجدران الجانبية وتوحيدها لخلق مظهر جذاب وهوية سياحية تعكس الإمكانات الطبيعية الفريدة للمنطقة وتبرزها مركزاً سياحياً. ويشمل المسار تطوير الواجهة البحرية بطول 2 كيلو متر وتشجيرها وتظليلها لتكون المركز السياحي والتجاري للمنطقة اعتماداً على ما تحظى به من مقومات طبيعية وبيئية لكونها تمتد على ساحل بحر العرب، وهو ما يوفر للرواد تجربة رائعة وسط مناظر طبيعية خلابة.
التعريف بالبعد التاريخي والأثري للمنطقة
يعتمد هذا المسار على التعريف بالأماكن التاريخية والمواقع الأثرية التي تنتشر في المنطقة والتعريف بها كجزء مهم من تاريخ دولة الإمارات، وتشمل هذه العملية تجهيز المواقع الأثرية في قرية «قدفع» لاستقبال الجمهور وتطويرها، بما يتلاءم مع طبيعة المنطقة، وبما يعزز من جاذبيتها السياحية والتاريخية.
5 مسارات تطويرية
تشمل: إطلاق مشاريع تجارية واقتصادية للشباب.. تطوير مشاريع تنموية في المنطقة.. تنسيق القرية وتجميلها لدعم حضورها على الخريطة السياحية للدولة.. التعريف بالبعد التاريخي والأثري للمنطقة بوصفها جزءاً مهماً من تاريخ الإمارات.. إطلاق حملة إعلامية لإلقاء الضوء على أبرز معالم المنطقة.
حملة إعلامية لتشجيع السياحة الداخلية
ستطلق حملة إعلامية للتعريف بالإمكانات الكبيرة للمنطقة وتشجيع السياحة الداخلية إليها عبر تطوير هوية مرئية للمشروع، وإبراز جماليات «قدفع» وما تضمه من مواقع تاريخية وأثرية ومناظر طبيعية رائعة.
وتعنى الخطة التطويرية - بجانب المسارات الخمسة السابقة، بتوفير مختلف الاحتياجات الخدمية للمنطقة من حيث البنية التحتية والمرافق المجتمعية والترفيهية، حيث سيستمر تطوير البنية التحتية العامة ضمن المنطقة السكنية والزراعية، إضافة إلى تعمير المساجد وإنشاء المراكز الصحية والحدائق العامة والمساحات الخضراء.
جذور تاريخية ومستقبل واعد
تعد «قدفع» جزءاً مهماً من العمق التاريخي لدولة الإمارات، إذ يعود تاريخ القرية إلى عصر «وادي سوق» المقدر تاريخه بأكثر من 2000 عام قبل الميلاد، فيما تضم «قدفع» العديد من المواقع التاريخية والقطع الأثرية التي تعود إلى العصور القديمة مثل العصر الجيري والبرونزي والحديدي.
كما تمتلك العديد من المقومات الاقتصادية التي تعزز مكانتها على خريطة المناطق والقرى الاقتصادية في دولة الإمارات، حيث تضم محطة لتوليد الطاقة الكهربائية شيدتها الدولة بتكلفة 10 مليارات درهم لتوفير الطاقة لنحو 380 ألف منزل.
الزراعة.. مهنة تتوارثها الأجيال
تشتهر قرية قدفع بالزراعة، وتعد أحد النشاطات الرئيسة فيها، حيث تتميز بخصوبة أرضها ويتوارث سكانها هذه المهنة عبر الأجيال، فيما تنتشر بين وديانها المزارع الخضراء العامرة بالأشجار المعمرة، كما تشتهر قدفع بأشجار النخيل وزراعة الحبوب والمحاصيل الزراعية التي تلبي احتياجات الاستهلاك في السوق المحلية.
وسيدعم مشروع قرى الإمارات قدفع بهذا القطاع الحيوي، لتطوير إنتاج محلي مستدام ممكّن بالتكنولوجيا، وتكريس التقنيات الذكية في إنتاج الغذاء، وتوظيف تقنيات زراعية متطورة في تحويل النشاط الزراعي الموسمي في قدفع إلى نشاط مستدام، يدعم خطط الاكتفاء الذاتي من الاحتياجات الغذائية، واستدامة الموارد المحلية للدولة لكونه أحد الأولويات الاستراتيجية للإمارات.
كما شيدت دولة الإمارات في وقت سابق أكبر محطة لتوليد الطاقة المائية، وأكبر محطة لتحلية مياه البحر وتخزينها في منطقة قدفع، ما يوفّر 100 مليون جالون من المياه الصالحة للشرب يومياً.
يذكر أن «مشروع قرى الإمارات» شهد توقيع اتفاقيات مع سبعة شركاء رئيسيين للمساهمة الاجتماعية في دعم المشروع ضمن أجندة الاجتماعات السنوية لحكومة دولة الإمارات في دورتها الأخيرة، وتأتي المساهمات التي تتجاوز قيمتها 200 مليون درهم في إطار إشراك جميع القطاعات الحكومية والخاصة في تطوير الخدمات والمرافق في القرى، وبما يسهم في جعلها وجهات سياحية وثقافية وتراثية توظف الطاقات البشرية والإمكانات الطبيعية لكل منطقة.